كتاب مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج (اسم الجزء: 2)

وَإِلَّا

فَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا فَلِلْبَائِعِ الْفَسْخُ بِالْفَلَسِ، أَوْ مُوسِرًا وَمَالُهُ بِالْبَلَدِ أَوْ بِمَسَافَةٍ قَرِيبَةٍ حُجِرَ عَلَيْهِ فِي أَمْوَالِهِ حَتَّى يُسَلِّمَ، فَإِنْ كَانَ بِمَسَافَةِ الْقَصْرِ لَمْ يُكَلَّفْ الْبَائِعُ الصَّبْرَ إلَى إحْضَارِهِ، وَالْأَصَحُّ أَنَّ لَهُ الْفَسْخَ فَإِنْ صَبَرَ فَالْحَجْرُ كَمَا ذَكَرْنَا، وَلِلْبَائِعِ حَبْسُ مَبِيعِهِ حَتَّى يَقْبِضَ ثَمَنَهُ إنْ خَافَ فَوْتَهُ بِلَا خِلَافٍ، وَإِنَّمَا الْأَقْوَالُ إذَا لَمْ يَخَفْ فَوْتَهُ وَتَنَازَعَا فِي مُجَرَّدِ الِابْتِدَاءِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQمَجَازًا (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُحْضِرْ الثَّمَنَ.

(فَإِنْ كَانَ) الْمُشْتَرِي (مُعْسِرًا) بِالثَّمَنِ فَهُوَ مُفْلِسٌ (فَلِلْبَائِعِ الْفَسْخُ بِالْفَلَسِ) وَأَخْذُ الْمَبِيعِ لِمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهِ، وَحِينَئِذٍ فَيُشْتَرَطُ فِيهِ حَجْرُ الْقَاضِي وَإِنْ اقْتَضَتْ عِبَارَةُ الْمُصَنِّفُ كَالرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا أَنَّهُ يَسْتَقِلُّ بِذَلِكَ مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ عَلَى حَجْرِ الْحَاكِمِ. وَفِي افْتِقَارِ الرُّجُوعِ بَعْدَ الْحَجْرِ إلَى إذْنِ الْحَاكِمِ وَجْهَانِ: أَشْهَرُهُمَا كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ أَنَّهُ لَا يَفْتَقِرُ (أَوْ مُوسِرًا وَمَالُهُ بِالْبَلَدِ، أَوْ بِمَسَافَةٍ قَرِيبَةٍ) وَهُوَ دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ (حُجِرَ عَلَيْهِ فِي) الْمَبِيعِ وَفِي جَمِيعِ (أَمْوَالِهِ) وَإِنْ كَانَتْ وَافِيَةً بِدَيْنِهِ (حَتَّى يُسَلِّمَ) الثَّمَنَ لِئَلَّا يَتَصَرَّفَ فِي ذَلِكَ بِمَا يُبْطِلُ حَقَّ الْبَائِعِ، وَهَذَا يُسَمَّى بِالْحَجْرِ الْغَرِيبِ. قَالَ السُّبْكِيُّ: وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ حَجْرِ الْفَلَسِ حَيْثُ اُعْتُبِرَ فِيهِ نَقْصُ مَالِهِ مَعَ الْمَبِيعِ عَنْ الْوَفَاءِ أَنَّ الْمُفْلِسَ سَلَّطَهُ الْبَائِعُ عَلَى الْمَبِيعِ بِاخْتِيَارِهِ وَرَضِيَ بِذِمَّتِهِ بِخِلَافِهِ هُنَا، هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ مَحْجُورًا عَلَيْهِ بِفَلَسٍ، وَإِلَّا لَمْ يُحْجَرْ عَلَيْهِ أَيْضًا هَذَا الْحَجْرَ لِعَدَمِ فَائِدَتِهِ؛ لِأَنَّ حَجْرَ الْفَلَسِ يُتَمَكَّنُ فِيهِ مِنْ الرُّجُوعِ مِنْ عَيْنِ مَالِهِ بِشَرْطِهِ الْآتِي، وَهَذَا الْحَجْرُ يُخَالِفُهُ فِي ذَلِكَ، وَفِي كَوْنِهِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى ضِيقِ الْمَالِ كَمَا مَرَّ، وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى فَكِّ الْقَاضِي، بَلْ يَنْفَكُّ بِمُجَرَّدِ التَّسْلِيمِ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْإِمَامُ وَتَبِعَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَإِنْ خَالَفَ فِي ذَلِكَ الْإِسْنَوِيُّ وَجَعَلَهُ كَحَجْرِ الْفَلَسِ (فَإِنْ كَانَ) مَالُهُ (بِمَسَافَةِ الْقَصْرِ) فَأَكْثَرَ (لَمْ يُكَلَّفْ الْبَائِعُ الصَّبْرَ إلَى إحْضَارِهِ) لِتَضَرُّرِهِ بِذَلِكَ (وَالْأَصَحُّ أَنَّ لَهُ الْفَسْخَ) وَلَا يَحْتَاجُ هُنَا إلَى حَجْرٍ خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ لِتَعَذُّرِ تَحْصِيلِ الثَّمَنِ كَالْإِفْلَاسِ بِهِ. وَالثَّانِي لَيْسَ لَهُ الْفَسْخُ بَلْ يُبَاعُ الْمَبِيعُ وَيُؤَدَّى حَقُّهُ مِنْ الثَّمَنِ كَسَائِرِ الدُّيُونِ (فَإِنْ صَبَرَ) الْبَائِعُ إلَى إحْضَارِ الْمَالِ (فَالْحَجْرُ) يُضْرَبُ عَلَى الْمُشْتَرِي (كَمَا ذَكَرْنَا) فِي الْمَبِيعِ وَفِي جَمِيعِ أَمْوَالِهِ حَتَّى يُسَلِّمَ الثَّمَنَ لِمَا مَرَّ (وَلِلْبَائِعِ حَبْسُ مَبِيعِهِ حَتَّى يَقْبِضَ ثَمَنَهُ) كُلَّهُ الْحَالَّ أَصَالَةً (إنْ خَافَ فَوْتَهُ بِلَا خِلَافٍ) وَكَذَا لِلْمُشْتَرِي حَبْسُ الثَّمَنِ الْمَذْكُورِ إنْ خَافَ فَوْتَ الْمَبِيعِ بِلَا خِلَافٍ (وَإِنَّمَا الْأَقْوَالُ) السَّابِقَةُ (إذَا لَمْ يَخَفْ) أَيْ الْبَائِعُ (فَوْتَهُ) أَيْ الثَّمَنِ وَكَذَا الْمُشْتَرِي فَوْتَ الْمَبِيعِ (وَتَنَازَعَا فِي مُجَرَّدِ الِابْتِدَاءِ) بِالتَّسْلِيمِ؛ لِأَنَّ الْإِجْبَارَ عِنْدَ خَوْفِ الْفَوَاتِ بِالْهَرَبِ أَوْ

الصفحة 473