كتاب مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج (اسم الجزء: 2)

وَإِتْبَاعُهَا بِنَارٍ.

وَلَوْ اخْتَلَطَ مُسْلِمُونَ بِكَفَّارٍ وَجَبَ غُسْلُ الْجَمِيعِ وَالصَّلَاةُ، فَإِنْ شَاءَ صَلَّى عَلَى الْجَمِيع بِقَصْدِ الْمُسْلِمِينَ وَهُوَ الْأَفْضَلُ وَالْمَنْصُوصُ، أَوْ عَلَى وَاحِدٍ فَوَاحِدٍ نَاوِيًا الصَّلَاةَ عَلَيْهِ إنْ كَانَ مُسْلِمًا، وَيَقُولُ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ إنْ كَانَ مُسْلِمًا.

وَيُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الصَّلَاةِ تَقَدُّمُ غُسْلِهِ، وَتُكْرَهُ قَبْلَ تَكْفِينِهِ، فَلَوْ مَاتَ بِهَدْمٍ وَنَحْوِهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQيَقُولُ: اسْتَغْفِرُوا لَهُ غَفَرَ اللَّهُ لَكُمْ فَقَالَ: لَا غَفَرَ اللَّهُ لَكَ رَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ فِي سُنَنِهِ (وَ) يُكْرَهُ (إتْبَاعُهَا) بِسُكُونِ الْمُثَنَّاةِ الْفَوْقِيَّةِ (بِنَارٍ) فِي مِجْمَرَةٍ أَوْ غَيْرِهَا لِمَا فِيهِ مِنْ التَّفَاؤُلِ الْقَبِيحِ، وَلِخَبَرِ أَبِي دَاوُد «لَا تَتَّبِعْ الْجِنَازَةَ بِصَوْتٍ وَلَا نَارٍ» (1) وَقَالَ الشَّيْخُ نَصْرٌ: لَا يَجُوزُ أَنْ يُحْمَلَ مَعَهَا الْمَجَامِرُ وَالنَّارُ، فَإِنْ أَرَادَ التَّحْرِيمَ فَشَاذٌّ فَقَدْ نَقَلَ ابْنُ الْمُنْذِرِ الْإِجْمَاعَ عَلَى الْكَرَاهَةِ وَفِعْلُ ذَلِكَ عِنْدَ الْقَبْرِ مَكْرُوهٌ أَيْضًا كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ.

(وَلَوْ اخْتَلَطَ) مَنْ يُصَلِّي عَلَيْهِ بِغَيْرِهِ وَلَمْ يَتَمَيَّزْ كَمَا لَوْ اخْتَلَطَ (مُسْلِمُونَ) أَوْ وَاحِدٌ مِنْهُمْ (بِكَفَّارٍ) وَتَعَذَّرَ التَّمْيِيزُ أَوْ غَيْرُ شَهِيدٍ بِشَهِيدٍ أَوْ سِقْطٌ يُصَلَّى عَلَيْهِ بِسِقْطٍ لَا يُصَلَّى عَلَيْهِ (وَجَبَ) لِلْخُرُوجِ عَنْ الْوَاجِبِ (غُسْلُ الْجَمِيعِ) وَتَكْفِينُهُمْ (وَالصَّلَاةُ) عَلَيْهِمْ وَدَفْنُهُمْ إذْ لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إلَّا بِذَلِكَ، فَإِنْ قِيلَ: يُعَارَضُ ذَلِكَ بِأَنَّ الصَّلَاةَ عَلَى الْفَرِيقِ الْآخَرِ مُحَرَّمَةٌ، وَلَا يَتِمُّ تَرْكُ الْمُحَرَّمِ إلَّا بِتَرْكِ الْوَاجِبِ.
أُجِيبَ بِأَنَّ الصَّلَاةَ فِي الْحَقِيقَةِ لَيْسَتْ عَلَى الْفَرِيقِ الْآخَرِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ (فَإِنْ شَاءَ صَلَّى عَلَى الْجَمِيعِ) دُفْعَةً (بِقَصْدِ الْمُسْلِمِينَ) مِنْهُمْ فِي الْأُولَى وَغَيْرِ الشَّهِيدِ فِي الثَّانِيَةِ وَبِقَصْدِ السِّقْطِ الَّذِي يُصَلَّى عَلَيْهِ فِي الثَّالِثَةِ (وَهُوَ الْأَفْضَلُ وَالْمَنْصُوصُ) ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ صَلَاةٌ عَلَى غَيْرِ مَنْ لَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِ وَالنِّيَّةُ جَازِمَةٌ (أَوْ عَلَى وَاحِدٍ فَوَاحِدٍ نَاوِيًا الصَّلَاةَ عَلَيْهِ إنْ كَانَ) مِمَّنْ يُصَلَّى عَلَيْهِ كَأَنْ يَقُولَ فِي الْأُولَى إنْ كَانَ (مُسْلِمًا) وَفِي الثَّانِيَةِ إنْ كَانَ غَيْرَ شَهِيدٍ، وَفِي الثَّالِثَةِ إنْ كَانَ هُوَ الَّذِي يُصَلَّى عَلَيْهِ (وَيَقُولُ) فِي الْأُولَى (اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ إنْ كَانَ مُسْلِمًا) وَلَا يَحْتَاجُ إلَى ذَلِكَ فِي الثَّانِيَةِ وَلَا الثَّالِثَةِ لِانْتِفَاءِ الْمَحْذُورِ وَهُوَ الدُّعَاءُ لِلْكَافِرِ بِالْمَغْفِرَةِ، وَيُعْذَرُ فِي تَرَدُّدِ النِّيَّةِ لِلضَّرُورَةِ كَمَنْ نَسِيَ صَلَاةً مِنْ الْخَمْسِ، وَهَذَا التَّخْيِيرُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، لَكِنْ مَحَلُّهُ كَمَا قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ مَا إذَا لَمْ يَحْصُلُ بِالْإِفْرَادِ تَغَيُّرٌ أَوْ انْفِجَارٌ، وَإِلَّا فَالْوَجْهُ تَعَيُّنُ الْجَمْعِ بِصَلَاةٍ وَاحِدَةٍ وَإِنْ كَانَ التَّأْخِيرُ إلَى اجْتِمَاعِهِمْ يُؤَدِّي إلَى تَغَيُّرِ أَحَدِهِمْ تَعَيَّنَ إفْرَادُ كُلٍّ بِصَلَاةٍ وَيُدْفَنُونَ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى بَيْنَ مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ وَمَقَابِرِ الْكُفَّارِ.

(وَيُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الصَّلَاةِ) عَلَى الْجِنَازَةِ زَائِدًا عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي فَصْلِ صَلَاتِهَا شَرْطَانِ أَشَارَ إلَى أَحَدِهِمَا بِقَوْلِهِ (تَقَدُّمُ غُسْلِهِ) أَوْ تَيَمُّمِهِ بِشَرْطِهِ؛ لِأَنَّهُ الْمَنْقُولُ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ وَلِأَنَّ الصَّلَاةَ عَلَى الْمَيِّتِ كَصَلَاةِ نَفْسِهِ (وَتُكْرَهُ) الصَّلَاةُ عَلَيْهِ (قَبْلَ تَكْفِينِهِ) كَمَا قَالَهُ فِي زَوَائِدِ الرَّوْضَةِ أَيْضًا وَاسْتَشْكَلَ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَيَيْنِ السَّابِقَيْنِ مَوْجُودَانِ فِيهِ، قَالَ السُّبْكِيُّ: فَالْقَوْلُ بِأَنَّ الْغُسْلَ شَرْطٌ دُونَ التَّكْفِينِ يَحْتَاجُ إلَى دَلِيلٍ اهـ.
وَرُبَّمَا يُقَالُ إنَّ تَرْكَ السَّتْرِ أَخَفُّ مِنْ تَرْكِ الطَّهَارَةِ بِدَلِيلِ لُزُومِ الْقَضَاءِ فِي الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ (فَلَوْ مَاتَ بِهَدْمٍ وَنَحْوِهِ) كَأَنْ وَقَعَ فِي بِئْرٍ أَوْ بَحْرٍ عَمِيقٍ (وَتَعَذَّرَ إخْرَاجُهُ

الصفحة 49