كتاب مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج (اسم الجزء: 2)

وَكَذَا الْفَحْلِ وَالرَّاعِي فِي الْأَصَحِّ

لَا نِيَّةِ الْخُلْطَةِ فِي الْأَصَحِّ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمَقْصُودُ أَنْ لَا يَكُونَ لَهَا إلَّا مَشْرَعٌ أَوْ مَرْعًى أَوْ مُرَاحٌ وَاحِدٌ بِالذَّاتِ، بَلْ لَا بَأْسَ بِتَعَدُّدِهَا، وَلَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ لَا تَخْتَصَّ مَاشِيَةُ هَذَا بِمُرَاحٍ وَمَسْرَحٍ وَمَاشِيَةُ ذَاكَ بِمُرَاحٍ وَمَسْرَحٍ (وَكَذَا) يُشْتَرَطُ اتِّحَادُ (الْفَحْلِ وَالرَّاعِي فِي الْأَصَحِّ) وَفِي الرَّوْضَةِ الْمَذْهَبُ، وَبِهِ قَطَعَ الْجُمْهُورُ فِي الْفَحْلِ وَكَثِيرٌ مِنْ الْأَصْحَابِ فِي الرَّاعِي، وَيَجُوزُ تَعَدُّدُ الرُّعَاةِ قَطْعًا بِشَرْطِ أَنْ لَا تَنْفَرِدَ هَذِهِ عَنْ هَذِهِ بِرَاعٍ، وَالثَّانِي: لَا يُشْتَرَطُ الِاتِّحَادُ فِي الرَّاعِي؛ لِأَنَّ الِافْتِرَاقَ فِيهِ لَا يَرْجِعُ إلَى نَفْسِ الْمَالِ، وَالْمُرَادُ بِالِاتِّحَادِ أَنْ يَكُونَ الْفَحْلُ أَوْ الْفُحُولُ مُرْسَلَةً فِيهَا تَنْزُو عَلَى كُلٍّ مِنْ الْمَاشِيَتَيْنِ بِحَيْثُ لَا تَخْتَصُّ مَاشِيَةُ هَذَا بِفَحْلٍ عَنْ مَاشِيَةِ الْآخَرِ وَإِنْ كَانَتْ مِلْكًا لِأَحَدِهِمَا أَوْ مُعَارًا لَهُ أَوْ لَهُمَا إلَّا إذَا اخْتَلَفَ النَّوْعُ كَضَأْنٍ وَمَعْزٍ فَلَا يَضُرُّ اخْتِلَافُهُ قَطْعًا لِلضَّرُورَةِ، وَإِذَا قُلْنَا بِالْمَذْهَبِ اُشْتُرِطَ أَنْ يَكُونَ الْإِنْزَاءُ فِي مَكَان وَاحِدٍ كَالْحَلْبِ.

تَنْبِيهٌ لَوْ افْتَرَقَتْ مَاشِيَتُهُمَا زَمَانًا طَوِيلًا وَلَوْ بِلَا قَصْدِ ضُرٍّ، فَإِنْ كَانَ يَسِيرًا وَلَمْ يَعْلَمَا بِهِ لَمْ يَضُرَّ، فَإِنْ عَلِمَا بِهِ وَأَقَرَّاهُ أَوْ قَصَدَا ذَلِكَ أَوْ عَلِمَهُ أَحَدُهُمَا فَقَطْ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ ضَرَّ، وَ (لَا) تُشْتَرَطُ (نِيَّةُ الْخُلْطَةِ فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّ خِفَّةَ الْمُؤْنَةِ بِاتِّحَادِ الْمَوَاقِفِ لَا تَخْتَلِفُ بِالْقَصْدِ وَعَدَمِهِ، وَإِنَّمَا اُشْتُرِطَ الِاتِّحَادُ فِيمَا مَرَّ لِيَجْتَمِعَ الْمَالَانِ كَالْمَالِ الْوَاحِدِ وَلِتَخِفَّ الْمُؤْنَةُ عَلَى الْمُحْسِنِ بِالزَّكَاةِ، وَالثَّانِي: تُشْتَرَطُ؛ لِأَنَّ الْخُلْطَةَ مُغَيِّرَةٌ لِمِقْدَارِ الزَّكَاةِ، فَلَا بُدَّ مِنْ قَصْدِهِ دَفْعًا لِضَرَرِهِ فِي الزِّيَادَةِ وَضَرَرِ الْمُسْتَحِقِّينَ فِي النُّقْصَانِ.

تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ أَفْهَمَتْ عِبَارَتُهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ اتِّحَادُ الْحَالِبِ وَلَا الْإِنَاءِ الَّذِي يُحْلَبُ فِيهِ وَهُوَ الْأَصَحُّ كَمَا لَا يُشْتَرَطُ اتِّحَادُ آلَةِ الْجَزِّ وَلَا خَلْطُ اللَّبَنِ عَلَى الْأَصَحِّ. الثَّانِي: مَحَلُّ مَا تَقَدَّمَ إذَا لَمْ يَتَقَدَّمْ لِلْخَلِيطَيْنِ حَالَةُ انْفِرَادٍ، فَإِنْ انْعَقَدَ الْحَوْلُ عَلَى الِانْفِرَادِ ثُمَّ طَرَأَتْ الْخُلْطَةُ، فَإِنْ اتَّفَقَ حَوْلَاهُمَا بِأَنْ مَلَكَ كُلُّ وَاحِدٍ أَرْبَعِينَ شَاةً. ثُمَّ خَلَطَا فِي أَثْنَاءِ الْحَوْلِ لَمْ تَثْبُتْ الْخُلْطَةُ فِي السَّنَةِ الْأُولَى، فَيَجِبُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ عِنْدَ تَمَامِهَا شَاةٌ، وَإِنْ اخْتَلَفَ حَوْلَاهُمَا بِأَنْ مَلَكَ هَذَا غُرَّةَ الْمُحَرَّمِ وَهَذَا غُرَّةَ صَفَرٍ وَخَلَطَا غُرَّةَ شَهْرِ رَبِيعٍ، فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ عِنْدَ انْقِضَاءِ حَوْلٍ شَاةٌ، وَإِذَا طَرَأَ الِانْفِرَادُ عَلَى الْخُلْطَةِ، فَمَنْ بَلَغَ مَالُهُ نِصَابًا زَكَّاهُ وَمَنْ لَا فَلَا. الثَّالِثُ: أَهْمَلَ الْمُصَنِّفُ حُكْمَ التَّرَاجُعِ إذْ يَجُوزُ لِلسَّاعِي الْأَخْذُ مِنْ مَالِ أَحَدِ الْخَلِيطَيْنِ وَإِنْ لَمْ يَضْطَرَّ إلَيْهِ، فَإِذَا أَخَذَ شَاةً مَثَلًا مِنْ أَحَدِهِمَا رَجَعَ عَلَى صَاحِبِهِ بِمَا يَخُصُّهُ مِنْ قِيمَتِهَا لَا مِنْهَا؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ مِثْلِيَّةٍ، فَلَوْ خَلَطَا مِائَةً بِمِائَةٍ، وَأَخَذَ السَّاعِي مِنْ أَحَدِهِمَا شَاتَيْنِ فَكَذَلِكَ، فَإِنْ أَخَذَ مِنْ كُلٍّ شَاةً فَلَا تَرَاجُعَ وَإِنْ اخْتَلَفَتْ قِيمَتُهَا، فَلَوْ كَانَ لِزَيْدٍ مِائَةٌ وَلِعَمْرٍو خَمْسُونَ وَأَخَذَ السَّاعِي الشَّاتَيْنِ مِنْ عَمْرٍو رَجَعَ بِثُلُثَيْ قِيمَتِهَا أَوْ مِنْ زَيْدٍ رَجَعَ بِالثُّلُثِ، وَإِنْ أَخَذَ مِنْ كُلِّ شَاةٍ رَجَعَ زَيْدٌ بِثُلُثِ قِيمَةِ شَاتِهِ وَعَمْرٌو بِثُلُثَيْ قِيمَتِهَا أَوْ وَإِذَا تَنَازَعَا فِي قِيمَةِ الْمَأْخُوذَةِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَرْجُوعِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ غَارِمٌ، وَلَوْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا ثَلَاثُونَ مِنْ الْبَقَرِ، وَلِلْآخَرِ أَرْبَعُونَ مِنْهَا فَوَاجِبُهُمَا تَبِيعٌ وَمُسِنَّةٌ عَلَى صَاحِبِ الثَّلَاثِينَ ثَلَاثَةُ أَسْبَاعِهِمَا، وَعَلَى صَاحِبِ الْأَرْبَعِينَ أَرْبَعَةُ أَسْبَاعٍ، فَإِنْ أَخَذَهُمَا السَّاعِي مِنْ صَاحِبِ الْأَرْبَعِينَ رَجَعَ عَلَى

الصفحة 75