كتاب مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج (اسم الجزء: 2)

وَلَا يُضَمُّ الْمَمْلُوكُ بِشِرَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ فِي الْحَوْلِ،
ـــــــــــــــــــــــــــــQلِقَوْلِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لِسَاعِيهِ: اعْتَدَّ عَلَيْهِمْ. بِالسَّخْلَةِ، وَهِيَ تَقَعُ عَلَى الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى مِنْ الضَّأْنِ وَالْمَعْزِ مَا لَمْ تَبْلُغْ سَنَةً. رَوَاهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ؛ وَلِأَنَّ الْحَوْلَ إنَّمَا اُعْتُبِرَ لِتَكَامُلِ النَّمَاءِ الْحَاصِلِ، وَالنِّتَاجُ نَمَاءٌ فِي نَفْسِهِ، فَعَلَى هَذَا إذَا كَانَ عِنْدَهُ مِائَةٌ وَعِشْرُونَ مِنْ الْغَنَمِ فَوَلَدَتْ وَاحِدَةٌ مِنْهَا سَخْلَةً قَبْلَ الْحَوْلِ وَلَوْ بِلَحْظَةٍ وَالْأُمَّهَاتُ كُلُّهَا بَاقِيَةٌ لَزِمَهُ شَاتَانِ، وَلَوْ مَاتَتْ الْأُمَّهَاتُ وَبَقِيَ مِنْهَا دُونَ النِّصَابِ أَوْ مَاتَتْ كُلُّهَا وَبَقِيَ النِّتَاجُ نِصَابًا فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ أَوْ مَا يَكْمُلُ بِهِ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى زَكَّى بِحَوْلِ الْأَصْلِ. أَمَّا لَوْ انْفَصَلَ النِّتَاجُ بَعْدَ الْحَوْلِ أَوْ قَبْلَهُ وَلَمْ يَتِمَّ انْفِصَالُهُ إلَّا بَعْدَهُ كَجَنِينٍ خَرَجَ بَعْضُهُ فِي الْحَوْلِ وَلَمْ يَتِمَّ انْفِصَالُهُ إلَّا بَعْدَ تَمَامِ الْحَوْلِ لَمْ يَكُنْ حَوْلُ النِّصَابِ حَوْلَهُ لِانْقِضَاءِ حَوْلِ أَصْلِهِ؛ وَلِأَنَّ الْحَوْلَ الثَّانِيَ أَوْلَى بِهِ، وَاحْتُرِزَ بِقَوْلِهِ: نُتِجَ عَنْ الْمُسْتَفَادِ بِشِرَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ كَمَا سَيَأْتِي، وَبِقَوْلِهِ: مِنْ نِصَابٍ عَمَّا نُتِجَ مِنْ دُونِهِ كَعِشْرِينَ شَاةً فَتَجِبُ عِشْرُونَ وَفُحُولُهَا مِنْ حِينِ تَمَامِ النِّصَابِ، وَبِقَوْلِنَا بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ مَمْلُوكًا إلَخْ عَمَّا لَوْ أَوْصَى بِالْحَمْلِ لِشَخْصٍ لَمْ يَضُمَّ النِّتَاجَ لِحَوْلِ الْوَارِثِ، وَكَذَا لَوْ أَوْصَى الْمُوصَى لَهُ بِالْحَمْلِ بِهِ قَبْلَ انْفِصَالِهِ لِمَالِكِ الْأُمَّهَاتِ ثُمَّ مَاتَ ثُمَّ حَصَلَ النِّتَاجُ لَمْ يُزَكَّ بِحَوْلِ الْأَصْلِ كَمَا نَقَلَهُ فِي الْكِفَايَةِ عَنْ الْمَوْلَى وَأَقَرَّهُ، وَلَوْ كَانَ النِّتَاجُ مِنْ غَيْرِ نَوْعِ الْأُمَّهَاتِ بِأَنْ حَمَلَتْ الضَّأْنُ بِمَعْزٍ وَبِالْعَكْسِ فَعَلَى الْخِلَافِ فِي تَكْمِيلِ أَحَدِ النَّوْعَيْنِ بِالْآخَرِ.
فَإِنْ قِيلَ شَرْطُ وُجُوبِ الزَّكَاةِ السَّوْمُ فِي كَلَأٍ مُبَاحٍ فَكَيْفَ وَجَبَتْ الزَّكَاةُ فِي النِّتَاجِ؟ .
أُجِيبَ بِأَنَّ اشْتِرَاطَهُ خَاصٌّ بِغَيْرِ النِّتَاجِ التَّابِعِ لِأُمِّهِ فِي الْحَوْلِ وَلَوْ سَلِمَ عُمُومُهُ لَهُ، فَاللَّبَنُ كَالْكَلَأِ؛ لِأَنَّهُ نَاشِئٌ مِنْهُ عَلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْكَلَأِ أَنْ يَكُونَ مُبَاحًا عَلَى مَا يَأْتِي بَيَانُهُ؛ وَلِأَنَّ اللَّبَنَ الَّذِي تَشْرَبُهُ مِنْهُ السَّخْلَةُ لَا يُعَدُّ مُؤْنَةً فِي الْعُرْفِ؛ لِأَنَّهُ يَأْتِي مِنْ عِنْدِ اللَّهِ تَعَالَى وَيُسْتَخْلَفُ إذَا حُلِبَ فَهُوَ شَبِيهٌ بِالْمَاءِ؛ وَلِأَنَّ اللَّبَنَ وَإِنْ عُدَّ شُرْبُهُ مُؤْنَةً إلَّا أَنَّهُ قَدْ تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى فَإِنَّهُ يَجِبُ صَرْفُهُ فِي سَقْيِ السَّخْلَةِ وَلَا يَجُوزُ لِلْمَالِكِ أَنْ يَحْلِبَ إلَّا مَا فَضَلَ عَنْ وَلَدِهَا، وَإِذَا تَعَلَّقَ بِهِ فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى كَانَ مُقَدَّمًا عَلَى حَقِّ الْمَالِكِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى مَالِكِ الْمَاءِ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيهِ بِالْبَيْعِ وَغَيْرِهِ بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِ الصَّلَاةِ إذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُ غَيْرُهُ أَوْ بَاعَهُ أَوْ وَهَبَهُ بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ لَمْ يَصِحَّ لِتَعَلُّقِ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى بِهِ وَيَجِبُ صَرْفُهُ إلَى الْوُضُوءِ، فَكَذَا لَبَنُ الشَّاةِ يَجِبُ صَرْفُهُ إلَى السَّخْلَةِ فَلَا تَسْقُطُ الزَّكَاةُ.
قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَالْمَجْمُوعِ: وَفَائِدَةُ الضَّمِّ إنَّمَا تَظْهَرُ إذَا بَلَغَتْ بِالنِّتَاجِ نِصَابًا آخَرَ بِأَنْ مَلَكَ مِائَةً شَاةٍ فَنَتَجَتْ إحْدَى وَعِشْرِينَ فَيَجِبُ شَاتَانِ، فَلَوْ نَتَجَتْ عَشْرَةً فَقَطْ لَمْ يَفْدِ اهـ. وَاعْتُرِضَ بِظُهُورِ فَائِدَتِهِ وَإِنْ لَمْ تَبْلُغْ نِصَابًا آخَرَ عِنْدَ التَّلَفِ بِأَنْ مَلَكَ أَرْبَعِينَ فَوَلَدَتْ عِشْرِينَ، ثُمَّ مَاتَ مِنْ الْأُمَّهَاتِ عِشْرُونَ (وَلَا يُضَمُّ الْمَمْلُوكُ بِشِرَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ) كَهِبَةٍ وَإِرْثٍ وَوَصِيَّةٍ إلَى مَا عِنْدَهُ (فِي الْحَوْلِ) ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي مَعْنَى النِّتَاجِ؛ لِأَنَّ الدَّلِيلَ قَدْ قَامَ عَلَى اشْتِرَاطِ الْحَوْلِ، خَرَجَ النِّتَاجُ لِمَا مَرَّ، فَبَقِيَ مَا عَدَاهُ عَلَى الْأَصْلِ، وَاحْتُرِزَ بِقَوْلِهِ فِي الْحَوْلِ عَنْ النِّصَابِ، فَإِنَّهُ يُضَمُّ إلَيْهِ فِيهِ عَلَى الْمَذْهَبِ؛ لِأَنَّهُ بِالْكَثْرَةِ فِيهِ بَلَغَ حَدًّا يَحْتَمِلُ الْمُوَاسَاةَ، فَلَوْ مَلَكَ ثَلَاثِينَ بَقَرَةً غُرَّةَ الْمُحَرَّمِ ثُمَّ اشْتَرَى عَشْرًا أَوْ وَرِثَهَا أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ أَوَّلَ رَجَبٍ، فَعَلَيْهِ عِنْدَ تَمَامِ الْحَوْلِ الْأَوَّلِ فِي

الصفحة 77