كتاب حاشية البجيرمي على شرح المنهج = التجريد لنفع العبيد (اسم الجزء: 2)

أَجْزَأَهُمَا وَأَعَادَا السَّعْيَ

(وَ) شُرِطَتْ الْمَذْكُورَاتُ (مَعَ اسْتِطَاعَةٍ الْوُجُوبِ) فَلَا يَجِبُ ذَلِكَ عَلَى كَافِرٍ أَصْلِيٍّ وُجُوبَ مُطَالَبَةٍ بِهِ فِي الدُّنْيَا فَإِنْ أَسْلَمَ وَهُوَ مُعْسِرٌ بَعْدَ اسْتِطَاعَتِهِ فِي الْكُفْرِ فَلَا أَثَرَ لَهَا بِخِلَافِ الْمُرْتَدِّ فَإِنَّ النُّسُكَ يَسْتَقِرُّ فِي ذِمَّتِهِ بِاسْتِطَاعَتِهِ فِي الرِّدَّةِ وَلَا عَلَى غَيْرِ مُمَيِّزٍ كَسَائِرِ الْعِبَادَاتِ وَلَا عَلَى صَبِيٍّ مُمَيِّزٍ لِعَدَمِ بُلُوغِهِ وَلَا عَلَى مَنْ فِيهِ رِقٌّ؛ لِأَنَّ مَنَافِعَهُ مُسْتَحَقَّةٌ لِسَيِّدِهِ فَلَيْسَ مُسْتَطِيعًا، وَلَا فَرْضَ عَلَى غَيْرِ الْمُسْتَطِيعِ؛ لِمَفْهُومِ الْآيَةِ فَالْمَرَاتِبُ الْمَذْكُورَةُ أَرْبَعٌ الصِّحَّةُ الْمُطْلَقَةُ وَصِحَّةُ الْمُبَاشَرَةِ وَالْوُقُوعُ عَنْ فَرْضِ الْإِسْلَامِ وَالْوُجُوبِ (وَهِيَ) أَيْ: الِاسْتِطَاعَةُ (نَوْعَانِ) أَحَدُهُمَا: (اسْتِطَاعَةٌ بِنَفْسِهِ وَشُرُوطُهَا) سَبْعَةٌ أَحَدُهَا: (وُجُودُ مُؤْنَتِهِ سَفَرًا) كَزَادٍ وَأَوْعِيَتِهِ وَأُجْرَةِ خِفَارَةٍ ذَهَابًا وَإِيَابًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ بِبَلَدِهِ أَهْلٌ وَعَشِيرَةٌ (إلَّا إنْ قَصُرَ سَفَرُهُ وَكَانَ يَكْسِبُ فِي يَوْمٍ كِفَايَةَ أَيَّامٍ) فَلَا يُشْتَرَطُ وُجُودُ ذَلِكَ بَلْ لَزِمَهُ النُّسُكُ لِقِلَّةِ الْمَشَقَّةِ حِينَئِذٍ بِخِلَافِ مَا إذَا طَالَ سَفَرُهُ، أَوْ قَصُرَ وَكَانَ يَكْتَسِبُ فِي الْيَوْمِ مَا لَا يَفِي بِأَيَّامِ الْحَجِّ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَنْقَطِعُ فِيهِمَا عَنْ كَسْبِهِ لِعَارِضٍ وَبِتَقْدِيرِ أَنْ لَا يَنْقَطِعَ فِي الْأَوَّلِ فَالْجَمْعُ بَيْنَ تَعَبِ السَّفَرِ وَالْكَسْبِ تَعْظُمُ فِيهِ الْمَشَقَّةُ.
وَقَدَّرَ فِي الْمَجْمُوعِ أَيَّامَ الْحَجِّ بِمَا بَيْنَ زَوَالِ سَابِعِ ذِي الْحِجَّةِ وَزَوَالِ ثَالِثَ عَشَرَهِ وَهُوَ فِي حَقِّ مَنْ لَمْ يَنْفِرْ النَّفْرَ الْأَوَّلَ

(وَ) ثَانِيهَا (وُجُودُ مَنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَكَّةَ مَرْحَلَتَانِ، أَوْ) دُونَهُمَا (وَضَعُفَ عَنْ مَشْيٍ) بِأَنْ يَعْجِزَ عَنْهُ، أَوْ يَنَالَهُ بِهِ مَشَقَّةٌ شَدِيدَةٌ
ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ: مَا ذُكِرَ مِنْ الْوُقُوفِ وَطَوَافِ الْعُمْرَةِ ع ش. (قَوْلُهُ: أَجْزَأَهُمَا) وَيُعِيدَانِ مَا مَضَى قَبْلَ كَمَالِهِمَا. اهـ. م ر.
(قَوْلُهُ: وَأَعَادَا السَّعْيَ) أَيْ: إنْ كَانَا سَعَيَا بَعْدَ طَوَافِ الْقُدُومِ لِوُقُوعِهِ فِي حَالِ النُّقْصَانِ، وَفَارَقَ عَدَمَ إعَادَةِ الْإِحْرَامِ بَعْدَ الْكَمَالِ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَدَامٌ بَعْدَ الْكَمَالِ اط ف

(قَوْلُهُ: وَلَا عَلَى مَنْ فِيهِ رِقٌّ) أَوْرَدَ عَلَيْهِ أَنَّهُ يَدْخُلُ فِيهِ الْمُبَعَّضُ وَقَدْ يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَيِّدِهِ مُهَايَأَةٌ تَسَعُ الْحَجَّ فَلَا يَتِمُّ قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ مَنَافِعَهُ مُسْتَحَقَّةٌ إلَخْ أَيْ:؛ لِأَنَّ السَّيِّدَ لَا يَسْتَحِقُّ مَنَافِعَهُ فِي نَوْبَةِ الْحُرِّيَّةِ كَذَا بِهَامِشٍ عَنْ شَيْخِنَا. اهـ. ح ل. أَقُولُ: وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْمُهَايَأَةَ لَا تَلْزَمُ بَلْ لِأَحَدِ الْمُتَهَايِئَيْنِ الرُّجُوعُ وَلَوْ بَعْدَ اسْتِيفَاءِ الْآخَرِ، وَيَغْرَمُ لَهُ حِصَّةَ مَا اسْتَوْفَاهُ مِنْ الْمَنْفَعَةِ، وَعَلَيْهِ فَمُجَرَّدُ الْمُهَايَأَةِ لَا يُفَوِّتُ اسْتِحْقَاقَ الْمَنْفَعَةِ بَلْ يَجُوزُ رُجُوعُ السَّيِّدِ بَعْدَ اسْتِيفَاءِ حِصَّتِهِ وَيَمْنَعُ الْمُبَعَّضَ مِنْ اسْتِقْلَالِهِ بِالْكَسْبِ فِي حِصَّتِهِ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: أَرْبَعٌ) وَبَقِيَ خَامِسَةٌ وَهِيَ صِحَّةُ النَّذْرِ وَشَرْطُهَا الْإِسْلَامُ وَالتَّكْلِيفُ فَيَصِحُّ نَذْرُ الرَّقِيقِ لَهُمَا وَيَكُونَانِ فِي ذِمَّتِهِ. (قَوْلُهُ: اسْتِطَاعَةٌ بِنَفْسِهِ) وَيُعْتَبَرُ فِي الِاسْتِطَاعَةِ امْتِدَادُهَا مِنْ وَقْتِ خُرُوجِ أَهْلِ بَلَدِهِ لِلْحَجِّ إلَى عَوْدِهِمْ إلَيْهِ فَمَنْ أَعْسَرَ فِي جُزْءٍ مِنْ ذَلِكَ لَمْ يَلْزَمْهُ حَجٌّ فِي تِلْكَ السَّنَةِ وَلَا عِبْرَةَ بِيَسَارِهِ قَبْلَ ذَلِكَ وَلَا بَعْدَهُ ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَقَرَّرَهُ ح ف. (قَوْلُهُ: وَشُرُوطُهَا) أَيْ: الْأُمُورِ الَّتِي لَا تُوجَدُ إلَّا بِهَا فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالشَّرْطِ مَا كَانَ خَارِجَ الْمَاهِيَّةِ؛ لِأَنَّ حَقِيقَةَ الِاسْتِطَاعَةِ لَا تُوجَدُ إلَّا بِمَا ذَكَرَهُ فَتَأَمَّلْ. وَظَاهِرُهُ بَلْ صَرِيحُهُ كَسَائِرِ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِقُدْرَةِ وَلِيٍّ عَلَى الْوُصُولِ إلَى مَكَّةَ وَعَرَفَةَ فِي لَحْظَةِ كَرَامَةٍ وَإِنَّمَا الْعِبْرَةُ بِالْأَمْرِ الظَّاهِرِ الْعَادِيِّ فَلَا يُخَاطَبُ ذَلِكَ الْوَلِيُّ بِالْوُجُوبِ إلَّا إنْ قَدَرَ كَالْعَادَةِ ثُمَّ رَأَيْت مَا يُصَرِّحُ بِذَلِكَ حَجّ. (قَوْلُهُ: وُجُودُ مُؤْنَتِهِ) أَيْ: وَلَوْ كَانَ مِنْ الْحَرَمِ كَمَا قَالَهُ الْبِرْمَاوِيُّ أَيْ: وُجُودُ مَا يَصْرِفُهُ فِي الْمُؤْنَةِ بِأَنْ يَكُونَ قَادِرًا عَلَيْهَا أَوْ ثَمَنِهَا.
(قَوْلُهُ: وَأَوْعِيَتِهِ) وَمِنْهَا السُّفْرَةُ إذَا احْتَاجَ إلَيْهَا بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: خِفَارَةٍ) أَيْ: حِرَاسَةٍ وَهِيَ بِضَمِّ الْخَاءِ وَكَسْرِهَا فَقَطْ وَأَمَّا الْخَفَارَةُ الَّتِي هِيَ اسْمٌ لِلْأَجْرِ فَهِيَ مُثَلَّثَةٌ ح ف وَمُخْتَارٌ، وَفِي الْمِصْبَاحِ خَفَرْته حَمَيْته مِنْ طَالِبِيهِ فَأَنَا خَفِيرٌ وَالِاسْمُ الْخُفَارَةُ بِضَمِّ الْخَاءِ وَكَسْرِهَا وَالْخَفَارَةُ مُثَلَّثَةُ الْخَاءِ جُعْلُ الْخَفِيرِ اهـ. (قَوْلُهُ: ذَهَابًا وَإِيَابًا) وَكَذَا إقَامَةٌ بِمَكَّةَ، أَوْ غَيْرِهَا ق ل. (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ إلَخْ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَإِيَابًا لِلرَّدِّ عَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ الْقَائِلِ بِأَنَّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَهْلٌ وَعَشِيرَةٌ فِي الْبَلَدِ لَا يُشْتَرَطُ وُجُودُ الْمُؤْنَةِ إيَابًا إذْ الْمَحَالُّ فِي حَقِّهِ سَوَاءٌ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا وَعِبَارَةُ حَجّ مُصَرِّحَةٌ بِذَلِكَ وَنَصُّهَا وَمَحَلُّ اشْتِرَاطِ مُؤْنَةِ الْإِيَابِ عِنْدَ عَدَمِ الْأَهْلِ وَالْعَشِيرَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ إذَا كَانَ لَهُ وَطَنٌ وَنَوَى الرُّجُوعَ لَهُ، أَوْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا فَمَنْ لَا وَطَنَ لَهُ وَلَهُ بِالْحِجَازِ مَا يُقِيتهُ لَا يُعْتَبَرُ فِي حَقِّهِ مُؤْنَةُ الْإِيَابِ قَطْعًا لِاسْتِوَاءِ سَائِرِ الْبِلَادِ إلَيْهِ وَكَذَا مَنْ نَوَى الِاسْتِيطَانَ بِمَكَّةَ أَوْ قُرْبِهَا (قَوْلُهُ: وَكَانَ يَكْتَسِبُ) أَيْ: بِحَسَبِ عَادَتِهِ، أَوْ ظَنِّهِ فِي يَوْمٍ أَيْ: فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ مِنْ أَيَّامِ سَفَرِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَلَا نَظَرَ لِمَا بَعْدَهُ وَلَا لِلْكَسْبِ فِي الْحَضَرِ ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَلَا بُدَّ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى الْكَسْبِ الْمَذْكُورِ أَنْ يَتَيَسَّرَ لَهُ فِي الْيَوْمِ الْمَذْكُورِ بِالْفِعْلِ وَإِلَّا لَمْ يَلْزَمْهُ النُّسُكُ وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ لَائِقًا بِهِ م ر ع ش (قَوْلُهُ: كِفَايَةَ أَيَّامٍ) أَيْ: أَيَّامِ الْحَجِّ الْآتِيَةِ أَخْذًا مِمَّا بَعْدَهُ. (قَوْلُهُ: زَوَالِ سَابِعِ إلَخْ) فَهِيَ سِتَّةٌ وَوَجْهُ اعْتِبَارِ مَا بَعْدَ زَوَالِ السَّابِعِ أَنَّهُ حِينَئِذٍ يَأْخُذُ فِي أَسْبَابِ تَوَجُّهِهِ مِنْ الْغَدِ إلَى مِنًى وَالثَّالِثَ عَشَرَ أَنَّهُ قَدْ يُرِيدُ الْأَفْضَلَ وَهُوَ إقَامَتُهُ بِمِنًى ز ي وَمِقْدَارُ الْعُمْرَةِ نِصْفُ يَوْمٍ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: فِي حَقِّ مَنْ لَمْ يَنْفِرْ النَّفْرَ الْأَوَّلَ) أَمَّا هُوَ فَالثَّانِي عَشَرَ فَتَكُونُ خَمْسَةً فِي حَقِّهِ وَالنَّفْرُ الذَّهَابُ مِنْ مِنًى إلَى مَكَّةَ وَقَوْلُهُ: يَنْفِرُ بِكَسْرِ الْفَاءِ بَابُهُ ضَرَبَ يَضْرِبُ

. (قَوْلُهُ: مَشَقَّةٌ شَدِيدَةٌ) بِأَنْ لَا يُحْتَمَلَ مِثْلُهَا فِي جَانِبِ النُّسُكِ وَإِنْ لَمْ تُبِحْ التَّيَمُّمَ كَمَا قَالَهُ الشَّوْبَرِيُّ وَعِبَارَةُ ق ل عَلَى الْجَلَالِ هِيَ مَا لَا يُحْتَمَلُ عَادَةً عِنْدَ شَيْخِنَا كَابْنِ حَجّ وَاعْتَمَدَ شَيْخُنَا م ر مَا يُبِيحُ التَّيَمُّمَ وَيُعْتَبَرُ فِي الشَّرِيكِ أَيْ: الْمُعَادِلِ لَهُ أَنْ تَلِيقَ بِهِ مُجَالَسَتُهُ وَلَيْسَ بِهِ نَحْوُ بَرَصٍ

الصفحة 104