كتاب حاشية البجيرمي على شرح المنهج = التجريد لنفع العبيد (اسم الجزء: 2)

رَاحِلَةٌ مَعَ شَقِّ مَحْمِلٍ) بِفَتْحِ الْمِيمِ الْأُولَى وَكَسْرِ الثَّانِيَةِ وَقِيلَ عَكْسُهُ فِي حَقِّ رَجُلٍ اشْتَدَّ ضَرَرُهُ بِالرَّاحِلَةِ وَفِي حَقِّ امْرَأَةٍ وَخُنْثَى وَإِنْ لَمْ يَتَضَرَّرَا بِهَا؛ لِأَنَّهُ أَسْتَرُ وَأَحْوَطُ (لَا فِي) حَقِّ (رَجُلٍ لَمْ يَشْتَدَّ ضَرَرُهُ بِهَا) فَلَا يُشْتَرَطُ وُجُودُ الشِّقِّ. وَإِطْلَاقِي اشْتِرَاطُهُ فِي الْمَرْأَةِ وَالْخُنْثَى، أَوْلَى مِنْ تَقْيِيدِهِ لَهُ بِالْمَشَقَّةِ. (وَ) مَعَ (عَدِيلٍ يَجْلِسُ) فِي الشِّقِّ الْآخَرِ لِتَعَذُّرِ رُكُوبِ شِقٍّ لَا يُعَادِلُهُ شَيْءٌ فَإِنْ لَمْ يَجِدْهُ لَمْ يَلْزَمْهُ النُّسُكُ قَالَ جَمَاعَةٌ: إلَّا أَنْ تَكُونَ الْعَادَةُ جَارِيَةٌ فِي مِثْلِهِ بِالْمُعَادَلَةِ بِالْإِثْقَالِ وَاسْتَطَاعَ ذَلِكَ فَلَا يَبْعُدُ لُزُومُهُ وَلَوْ لَحِقَهُ مَشَقَّةٌ شَدِيدَةٌ فِي رُكُوبِ الْمَحْمِلِ اُعْتُبِرَ فِي حَقِّهِ الْكَنِيسَةُ وَهِيَ أَعْوَادٌ مُرْتَفِعَةٌ مِنْ جَوَانِبِ الْمَحْمِلِ عَلَيْهَا سِتْرٌ يَدْفَعُ الْحَرَّ وَالْبَرْدَ أَمَّا مَنْ قَصُرَ سَفَرُهُ وَقَوِيَ عَلَى الْمَشْيِ فَلَا يُعْتَبَرُ فِي حَقِّهِ الرَّاحِلَةُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا وَأَمَّا الْقَادِرُ عَلَيْهِ فِي سَفَرِ الْقَصْرِ فَيُسَنُّ لَهُ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَلْزَمْهُ. (وَشُرِطَ كَوْنُهُ) أَيْ: مَا ذُكِرَ مِنْ مُؤْنَةٍ وَغَيْرِهَا (فَاضِلًا عَنْ مُؤْنَةِ عِيَالِهِ) ذَهَابُهُ وَإِيَابُهُ (وَغَيْرُهَا مِمَّا) ذُكِرَ (فِي الْفِطْرَةِ) مِنْ دَيْنٍ وَمَا يَلِيقُ بِهِ مِنْ مَلْبَسٍ، وَمَسْكَنٍ، وَخَادِمٍ يَحْتَاجُهَا لِزَمَانَتِهِ وَمَنْصِبِهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ نَاجِزٌ وَالنُّسُكُ عَلَى التَّرَاخِي، وَعَنْ كُتُبِ الْفَقِيهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ مِنْ تَصْنِيفٍ وَاحِدٍ نُسْخَتَانِ فَيَبِيعُ إحْدَاهُمَا وَعَنْ خَيْلِ الْجُنْدِيِّ وَسِلَاحِهِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهِمَا وَهَذَانِ يَجْرِيَانِ فِي الْفِطْرَةِ وَمَا زِدْته ثَمَّ غَيْرُ الدَّيْنِ مِنْ زِيَادَتِي هُنَا.
(لَا عَنْ مَالِ تِجَارَتِهِ بَلْ يَلْزَمُهُ صَرْفُهُ فِي مُؤْنَةِ نُسُكِهِ كَمَا يَلْزَمُهُ صَرْفُهُ فِي دَيْنِهِ وَفَارَقَ الْمَسْكَنَ وَالْخَادِمَ) ؛ لِأَنَّهَا يُحْتَاجُ إلَيْهِمَا فِي الْحَالِ وَهُوَ إنَّمَا يُتَّخَذُ ذَخِيرَةً لِلْمُسْتَقْبَلِ وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّ الْحَاجَةَ لِلنِّكَاحِ لَا تَمْنَعُ الْوُجُوبَ لَكِنَّ الْأَفْضَلَ لِخَائِفِ الْعَنَتِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَلَا بُدَّ مِنْ قُدْرَتِهِ عَلَى مُؤْنَتِهِ أَيْضًا إنْ لَمْ يَرْضَ إلَّا بِهَا انْتَهَى. (قَوْلُهُ: رَاحِلَةٍ) يَلِيقُ بِهِ رُكُوبُهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْجُمُعَةِ. لَكِنْ جَرَى حَجّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالرَّاحِلَةِ هُنَا مَا يُرْكَبُ وَإِنْ لَمْ يَلِقْ بِهِ وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجُمُعَةِ أَنَّ الْجُمُعَةَ لَهَا بَدَلٌ وَلَا كَذَلِكَ الْحَجُّ شَوْبَرِيٌّ وَع ش عَلَى م ر. وَالْمُرَادُ بِوُجُودِهَا الْقُدْرَةُ عَلَيْهَا بِشِرَاءٍ، أَوْ اسْتِئْجَارٍ كَمَا قَالَهُ الْكَمَالُ بْنُ أَبِي شَرِيفٍ بِثَمَنٍ، أَوْ أُجْرَةِ مِثْلٍ لَا بِزِيَادَةٍ وَإِنْ قَلَّتْ وَقَدَرَ عَلَيْهَا شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: مَعَ شِقِّ) أَيْ: نِصْفِ مَحْمِلٍ وَهُوَ خَشَبٌ وَنَحْوُهُ يُجْعَلُ فِي جَانِبِ الْبَعِيرِ لِلرُّكُوبِ فِيهِ كَمَا يُفْعَلُ فِي السَّيِّدِ الْبَدَوِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -. (قَوْلُهُ: فِي حَقِّ رَجُلٍ) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ قَوْلَهُ لَا فِي حَقِّ رَجُلٍ إلَخْ مَعْطُوفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ وَهَذَا الْمُقَدَّرُ مَفْهُومُهُ مُقَدَّمٌ عَلَيْهِ لِأَجْلِ الْعَطْفِ. (قَوْلُهُ: اشْتَدَّ ضَرَرُهُ بِالرَّاحِلَةِ) أَيْ: بِرُكُوبِهَا مِنْ غَيْرِ مَحْمِلٍ بِأَنْ يُبِيحَ التَّيَمُّمَ كَمَا قَالَهُ م ر خِلَافًا لحج (قَوْلُهُ: وَاسْتَطَاعَ ذَلِكَ) أَيْ: بِحَيْثُ لَمْ يَخْشَ مَيْلًا وَرَأَى مَنْ يَمْسِكُهُ لَهُ لَوْ مَالَ عِنْدَ نُزُولٍ لِنَحْوِ قَضَاءِ حَاجَةٍ م ر. (قَوْلُهُ: وَلَوْ لَحِقَهُ مَشَقَّةٌ) وَهِيَ فِي هَذَا الْبَابِ مَا يُبِيحُ التَّيَمُّمَ، أَوْ يَحْصُلُ بِهِ ضَرَرٌ لَا يُحْتَمَلُ عَادَةً فِيمَا يَظْهَرُ حَجّ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: سِتْرٌ) بِكَسْرِ السِّينِ الَّذِي يُسْتَرُ بِهِ وَيُسَمَّى الْآنَ بِالْمَحَارَةِ بِرْمَاوِيٌّ وَيُسَمَّى فِي عُرْفِ الْعَامَّةِ بِالْجُحْفَةِ. (قَوْلُهُ: وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا) أَيْ مِنْ الشِّقِّ وَالْعَدِيلِ.
(قَوْلُهُ: وَغَيْرُهَا) وَهِيَ الرَّاحِلَةُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا. (قَوْلُهُ: عَنْ مُؤْنَةِ عِيَالِهِ) شَمِلَ الْمُؤْنَةُ إعْفَافَ الْأَبِ وَأُجْرَةَ الطَّبِيبِ وَثَمَنَ الْأَدْوِيَةِ لِحَاجَةِ مُمَوِّنِهِ مِنْ نَفْسِهِ وَقَرِيبِهِ وَمَمْلُوكِهِ وَلِحَاجَةِ غَيْرِهِ إذَا تَعَيَّنَ عَلَيْهِ الصَّرْفُ إلَيْهِ إيعَابٌ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: مِنْ دَيْنٍ) وَلَوْ مُؤَجَّلًا، أَوْ أَمْهَلَ بِهِ رَبُّهُ سَوَاءٌ كَانَ لِآدَمِيٍّ، أَوْ لِلَّهِ كَنَذْرٍ وَكَفَّارَةٍ شَرْحُ م ر وَقَالَ ع ش عَلَى الشَّارِحِ: وَهُوَ ضَعِيفٌ وَلَيْسَ بِظَاهِرٍ وَأُجِيبَ بِأَنَّ مُرَادَهُ أَنَّهُ ضَعِيفٌ بِالنِّسْبَةِ لِلْفِطْرَةِ لَا بِالنِّسْبَةِ لِمَا هُنَا. (قَوْلُهُ: مِنْ مَلْبَسٍ) إلَى قَوْلِهِ وَسِلَاحِهِ وَالِاحْتِيَاجُ إلَى ثَمَنِ شَيْءٍ مِمَّا ذُكِرَ كَالِاحْتِيَاجِ إلَيْهِ فَلَهُ صَرْفُهُ فِيهِ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ النُّسُكُ حِينَئِذٍ شَرْحٌ م ر. (قَوْلُهُ: وَمَسْكَنٍ وَخَادِمٍ) أَيْ: إنْ لَاقَا بِهِ وَإِلَّا فَإِنْ أَمْكَنَ بَيْعُ بَعْضِهِمَا، أَوْ الِاسْتِبْدَالُ عَنْهُمَا بِلَائِقٍ وَكَفَى لِتَفَاوُتِ مُؤَنِ الْحَجِّ تَعَيُّنٌ وَإِنْ أَلِفَهُمَا قَطْعًا هُنَا لَا فِي الْكَفَّارَةِ لِأَنَّ لَهَا بَدَلًا أَيْ: مُجْزِئًا فِي الْجُمْلَةِ فَلَا يُنْتَقَضُ بِالْمَرْتَبَةِ الْأَخِيرَةِ مِنْهَا شَرْحٌ حَجّ وَم ر. (قَوْلُهُ: يَحْتَاجُهَا) أَيْ الثَّلَاثَةَ وَقَوْلُهُ: لِزَمَانَتِهِ وَمَنْصِبِهِ رَاجِعَانِ لِلْخَادِمِ فَقَطْ كَمَا فِي شَرْحِ م ر وَيُمْكِنُ رُجُوعُ الثَّلَاثَةِ لِلْمَنْصِبِ أَيْضًا وَالْمُرَادُ يَحْتَاجُهَا فِي الْحَالِ فَيَخْرُجُ مَا لَوْ كَانَ غَيْرَ مُحْتَاجٍ إلَيْهَا فِي الْحَالِ كَامْرَأَةٍ لَهَا مَسْكَنٌ وَخَادِمٌ وَهِيَ مَكْفِيَّةٌ بِإِسْكَانِ الزَّوْجِ وَإِخْدَامِهِ وَكَالسَّاكِنِ بِالْمَدَارِسِ وَالرُّبُطِ إذَا كَانَ لَهُ مَسْكَنٌ يَمْلِكُهُ فَيُكَلَّفُ بَيْعَ الْمَسْكَنِ وَالْخَادِمِ لِلنُّسُكِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ فِي الْحَالِ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: وَمَنْصِبِهِ) الْوَاوُ بِمَعْنَى، أَوْ. (قَوْلُهُ: وَالنُّسُكُ عَلَى التَّرَاخِي) أَيْ: أَصَالَةً فَلَا يَتَغَيَّرُ الْحُكْمُ لَوْ تَضَيَّقَ فِيمَا يَظْهَرُ إيعَابٌ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: مِنْ تَصْنِيفٍ) أَيْ: كِتَابٍ. (قَوْلُهُ: وَعَنْ خَيْلِ الْجُنْدِيِّ) وَعَنْ آلَةِ الْحِرْفَةِ لِلْمُحْتَرِفِ ح ل. (قَوْلُهُ: وَمَا زِدْته ثَمَّ غَيْرَ الدَّيْنِ إلَخْ) لِأَنَّ الْأَصْلَ ذَكَرَهُ هُنَا وَاشْتِرَاطُ الْفَضْلِ عَنْ الدَّيْنِ هُنَا لَا خِلَافَ فِيهِ كَمَا قَالَهُ سم فَتَضْعِيفُ ع ش كَلَامَ الشَّارِحِ لَيْسَ بِظَاهِرٍ وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ وَمَا زِدْته ثَمَّ أَيْ مِنْ الْأُمُورِ الْخَمْسَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي كَلَامِهِ هُنَاكَ وَنَصُّهُ وَقَوْلِي: وَمَا يَلِيقُ بِهِمَا مَعَ ذِكْرِ الْمَلْبَسِ وَالتَّقْيِيدِ بِالْحَاجَةِ فِي الْمَسْكَنِ وَذِكْرِ الِابْتِدَاءِ بِالدَّيْنِ مِنْ زِيَادَتِي اهـ.
(قَوْلُهُ: بَلْ يَلْزَمُهُ صَرْفُهُ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ كَسْبٌ اهـ.
(قَوْلُهُ: إنَّمَا يَتَّخِذُ ذَخِيرَةً) أَيْ: وَالْحَجُّ لَا يُنْظَرُ فِيهِ لِلْمُسْتَقْبِلَاتِ وَبِهِ يُرَدُّ عَلَى مَنْ نَظَرَ لَهَا فَقَالَ

الصفحة 105