كتاب حاشية البجيرمي على شرح المنهج = التجريد لنفع العبيد (اسم الجزء: 2)

تَقْدِيمُ النِّكَاحِ وَلِغَيْرِهِ تَقْدِيمُ النُّسُكِ

(وَ) ثَالِثُهَا: (أَمِنْ طَرِيقٍ) وَلَوْ ظَنًّا بِحَسَبِ مَا يَلِيقُ بِهِ (نَفْسًا وَبَعْضًا) وَالتَّصْرِيحُ بِهِ مِنْ زِيَادَتِي. (وَمَالًا) وَلَوْ يَسِيرًا فَلَوْ خَافَ سَبْعًا، أَوْ عَدُوًّا، أَوْ رَصَدِيًّا وَهُوَ مَنْ يَرْصُدُ أَيْ: يَرْقُبُ مَنْ يَمُرُّ؛ لِيَأْخُذَ مِنْهُ شَيْئًا لَهُ وَلَا طَرِيقَ لَهُ غَيْرُهُ لَمْ يَلْزَمْهُ نُسُكٌ وَيُكْرَهُ بَذْلُ الْمَالِ لَهُمْ؛ لِأَنَّهُ يُحَرِّضُهُمْ عَلَى التَّعَرُّضِ لِلنَّاسِ سَوَاءٌ أَكَانُوا مُسْلِمِينَ أَمْ كُفَّارًا، لَكِنْ إنْ كَانُوا كُفَّارًا وَأَطْلَقَ الْخَائِفُونَ مُقَاوَمَتَهُمْ سُنَّ لَهُمْ أَنْ يَخْرُجُوا لِلنُّسُكِ وَيُقَاتِلُوهُمْ لِيَنَالُوا ثَوَابَ النُّسُكِ وَالْجِهَادِ (وَيَلْزَمُ رُكُوبُ بَحْرٍ تَعَيَّنَ) طَرِيقًا (وَغَلَبَتْ سَلَامَةٌ) فِي رُكُوبِهِ كَسُلُوكِ طَرِيقِ الْبَرِّ عِنْدَ غَلَبَةِ السَّلَامَةِ وَقَوْلِي: تَعَيَّنَ مِنْ زِيَادَتِي

(وَ) رَابِعُهَا: (وُجُودُ مَاءٍ وَزَادٍ بِمَحَالَّ يُعْتَادُ حَمْلُهَا مِنْهَا بِثَمَنِ مِثْلٍ) وَهُوَ الْقَدْرُ اللَّائِقُ بِهِ (زَمَانًا وَمَكَانًا) فَإِنْ كَانَا لَا يُوجَدَانِ بِهَا، أَوْ يُوجَدَانِ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ الْمِثْلِ لَمْ يَجِبْ النُّسُكُ لِعِظَمِ تَحَمُّلِ الْمُؤْنَةِ (وَ) وُجُودِ (عَلَفِ دَابَّةِ كُلِّ مَرْحَلَةٍ) ؛ لِأَنَّ الْمُؤْنَةَ تَعْظُمُ بِحَمْلِهِ لِكَثْرَتِهِ وَفِي الْمَجْمُوعِ يَنْبَغِي اعْتِبَارُ الْعَادَةِ فِيهِ كَالْمِيَاهِ

(وَ) خَامِسُهَا: (خُرُوجُ نَحْوِ زَوْجِ امْرَأَة كَمَحْرَمِهَا) وَعَبْدِهَا وَمَمْسُوحٍ (أَوْ نِسْوَةٍ ثِقَاتٍ) ثِنْتَيْنِ فَأَكْثَرَ وَلَوْ بِلَا مَحْرَمٍ لِإِحْدَاهُنَّ (مَعَهَا) لِتَأْمِينٍ عَلَى نَفْسِهَا وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «لَا تُسَافِرُ الْمَرْأَةُ يَوْمَيْنِ إلَّا وَمَعَهَا زَوْجُهَا، أَوْ مَحْرَمٌ» وَفِي رِوَايَةٍ فِيهِمَا
ـــــــــــــــــــــــــــــQلَا يَلْزَمُهُ صَرْفُهُ لَهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ كَسْبٌ بِحَالٍ لَا سِيَّمَا وَالْحَجُّ عَلَى التَّرَاخِي شَرْحُ حَجّ وَالذَّخِيرَةُ بِالْمُعْجَمَةِ وَاحِدَةُ الذَّخَائِرِ، وَفِعْلُهُ ذَخَرَ يَذْخَرُ بِالْفَتْحِ فِيهِمَا ذُخْرًا بِالضَّمِّ مُخْتَارٌ ع ش لَكِنْ فِيهِ أَنَّ كَوْنَهُ بِالْمُعْجَمَةِ يُخَالِفُ قَوْلَهُمْ الدَّخَرُ بِالْمُهْمَلَةِ لِمَا كَانَ فِي الدُّنْيَا وَبِالْمُعْجَمَةِ لِمَا فِي الْآخِرَةِ اهـ. (قَوْلُهُ: تَقْدِيمُ النِّكَاحِ) فَلَوْ قَدَّمَهُ وَلَمْ يَحُجَّ وَمَاتَ اسْتَقَرَّ الْحَجُّ عَلَيْهِ فَيُقْضَى مِنْ تَرِكَتِهِ وَلَا إثْمَ عَلَيْهِ خِلَافًا لحج ح ل

(قَوْلُهُ: بِهِ) أَيْ بِالسَّفَرِ ح ل. (قَوْلُهُ: وَمَالًا إلَخْ) عِبَارَةُ حَجّ وَمَا يَحْتَاجُ لِاسْتِصْحَابِهِ لَا عَلَى مَا مَعَهُ مِنْ مَالِ تِجَارَتِهِ وَنَحْوِهِ إنْ أَمِنَ عَلَيْهِ بِبَلَدِهِ وَلَا عَلَى مَالِ غَيْرِهِ إلَّا إذَا لَزِمَهُ حِفْظُهُ وَالسَّفَرُ بِهِ فِيمَا يَظْهَرُ وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا وُجُودُ رُفْقَةٍ يَخْرُجُ مَعَهُمْ وَقْتَ الْعَادَةِ إنْ خَافَ وَحْدَهُ وَلَا أَثَرَ لِلْوَحْشَةِ هُنَا؛ لِأَنَّهُ لَا بَدَلَ لَهُ وَبِهِ فَارَقَ الْوُضُوءَ أَيْ: مِنْ حَيْثُ إنَّهُ يُطْلَبُ الْمَاءُ لَهُ مَا لَمْ يَحْصُلُ لَهُ وَحْشَةٌ فِي الذَّهَابِ لِطَلَبِهِ اهـ.
(قَوْلُهُ: فَلَوْ خَافَ) وَإِنْ اخْتَصَّ الْخَوْفُ بِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. (قَوْلُهُ: لَمْ يَلْزَمْهُ نُسُكٌ) حَتَّى لَوْ انْدَفَعَ الرَّصَدِيُّ بِمَالٍ طَلَبَهُ لَمْ يَجِبْ النُّسُكُ وَإِنْ قَلَّ الْمَالُ نَعَمْ إنْ كَانَ الْبَاذِلُ لَهُ الْإِمَامَ، أَوْ نَائِبَهُ وَجَبَ وَكَذَا إنْ كَانَ أَحَدَ الرَّعِيَّةِ وَبَذَلَهُ عَنْ الْجَمِيعِ م ر سم. (قَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ بَذْلُ الْمَالِ) أَيْ: قَبْلَ الْإِحْرَامِ أَمَّا بَعْدَهُ فَلَا يُكْرَهُ ح ف. (قَوْلُهُ: سُنَّ لَهُمْ أَنْ يَخْرُجُوا) كَيْفَ هَذَا مَعَ أَنَّ الْحَجَّ فَرْضٌ؟ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْكَلَامَ مَفْرُوضٌ فِيمَنْ حَجَّ، أَوْ أَنَّ السُّنَّةَ مِنْ حَيْثُ الْجَمْعُ بَيْنَ النُّسُكِ وَالْجِهَادِ شَوْبَرِيٌّ وح ف. (قَوْلُهُ: رُكُوبُ بَحْرٍ) خَرَجَ بِهِ الْأَنْهَارُ الْعَظِيمَةُ كَجَيْحُونَ وَالنِّيلِ فَيَجِبُ رُكُوبُهَا قَطْعًا؛ لِأَنَّ الْمُقَامَ فِيهَا لَا يَطُولُ وَالْخَوْفُ لَا يَعْظُمُ وَقَوْلُ الْأَذْرَعِيِّ وَمَحَلُّهُ إنْ كَانَ يَقْطَعُهَا عَرْضًا وَإِلَّا فَهِيَ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْأَوْقَاتِ كَالْبَحْرِ وَأَخْطَرُ مَرْدُودٌ بِأَنَّ الْبَرَّ فِيهَا قَرِيبٌ غَالِبًا شَرْحُ حَجّ وَم ر. (قَوْلُهُ: وَغَلَبَتْ سَلَامَةٌ) فَإِنْ غَلَبَ الْهَلَاكُ، أَوْ اسْتَوَى الْأَمْرَانِ، أَوْ جَهِلَ الْحَالَ فَلَا يَلْزَمُهُ بَلْ يَحْرُمُ كَذَا فِي كَلَامِ شَيْخِنَا كحج. اهـ. ح ل

(قَوْلُهُ: وُجُودُ مَاءٍ وَزَادٍ إلَخْ) لَا يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ: سَابِقًا وُجُودُ مُؤْنَتِهِ سَفَرًا؛ لِأَنَّ مَا تَقَدَّمَ يُوهِمُ أَنَّهُ مَتَى وَجَدَ الْمُؤْنَةَ لَزِمَهُ وَإِنْ عُدِمَتْ فِي الْمَحَالِّ الَّتِي يُعْتَادُ حَمْلُهَا مِنْهَا فَهَذَا كَالتَّقْيِيدِ لِمَا تَقَدَّمَ ح ف؛ لِأَنَّ مَا تَقَدَّمَ يَصْدُقُ بِوُجُودِ ثَمَنِ الْمُؤْنَةِ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْقَدْرُ اللَّائِقُ بِهِ) أَيْ: مِمَّا ذُكِرَ مِنْ الْمَاءِ وَالزَّادِ.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَا لَا يُوجَدَانِ بِهَا) أَيْ: أَوْ بِبَعْضِهَا. (قَوْلُهُ: بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ الْمِثْلِ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ يَسِيرًا وَعِبَارَةُ م ر هُنَا نَعَمْ تُغْتَفَرُ الزِّيَادَةُ الْيَسِيرَةُ وَقَدَّمَ فِي الرَّاحِلَةِ عَدَمَ اغْتِفَارِ الزِّيَادَةِ وَإِنْ قَلَّتْ. قُلْت وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْمَاءَ وَالزَّادَ لِكَوْنِهِمَا لَا تَقُومُ الْبَيِّنَةُ بِدُونِهِمَا وَلَا يُسْتَغْنَى عَنْهُمَا سَفَرًا وَلَا حَضَرًا لَمْ تُعَدَّ الزِّيَادَةُ الْيَسِيرَةُ خُسْرَانًا بِخِلَافِ الرَّاحِلَةِ. اهـ. ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: لِعِظَمِ تَحَمُّلِ الْمُؤْنَةِ) عِبَارَةُ حَجّ؛ لِأَنَّهُ إنْ لَمْ يَحْمِلْ ذَلِكَ مَعَهُ خَافَ عَلَى نَفْسِهِ وَإِنْ حَمَلَهُ عَظُمَتْ الْمُؤْنَةُ. (قَوْلُهُ: كُلَّ مَرْحَلَةٍ) مَرْجُوحٌ بِرْمَاوِيٌّ وَقَوْلُهُ: يَنْبَغِي إلَخْ مُعْتَمَدٌ

. (قَوْلُهُ: زَوْجٍ) وَلَوْ فَاسِقًا؛ لِأَنَّهُ مَعَ فِسْقِهِ يَغَارُ عَلَيْهَا مِنْ مَوَاقِعِ الرِّيَبِ وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ مَنْ عُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا غَيْرَةَ لَهُ لَا يُكْتَفَى بِهِ شَرْحُ حَجّ قَالَ ع ش: وَيَأْتِي هَذَا التَّفْصِيلُ فِي عَبْدِهَا وَالْمَمْسُوحِ وَيُشْتَرَطُ كَوْنُ الزَّوْجِ فِي قَافِلَتِهَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهَا لَكِنْ يُشْتَرَطُ قُرْبُهُ بِحَيْثُ تَمْتَنِعُ الرِّيبَةُ بِوُجُودِهِ وَأَلْحَقَ بِهِ جَمْعٌ عَبْدَهَا الثِّقَةَ أَيْ: إذَا كَانَتْ هِيَ ثِقَةً أَيْضًا وَالْأَجْنَبِيَّ الْمَمْسُوحَ إذَا كَانَا ثِقَتَيْنِ أَيْضًا لِحِلِّ نَظَرِهِمَا لَهَا وَخَلْوَتِهِمَا بِهَا كَمَا يَأْتِي شَرْحُ حَجّ وَم ر. (قَوْلُهُ: وَمَمْسُوحٍ) وَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمْ مُرَاهِقًا أَوْ أَعْمَى لَهُ وَجَاهَةٌ، وَفِطْنَةٌ بِحَيْثُ تَأْمَنُ عَلَى نَفْسِهَا مَعَهُ م ر. (قَوْلُهُ: أَوْ نِسْوَةٍ) بِكَسْرِ النُّونِ وَضَمِّهَا أَيْ: وَلَوْ إمَاءً عَلَى الْأَوْجَهِ شَوْبَرِيٌّ وَالْمُرَادُ نِسْوَةٌ بَالِغَاتٌ كَمَا قَالَهُ حَجّ وَقَالَ م ر: يَتَّجِهُ الِاكْتِفَاءُ بِالْمُرَاهِقَاتِ عِنْدَ حُصُولِ الْأَمْنِ بِهِنَّ. (قَوْلُهُ: ثِقَاتٍ) أَيْ: فِي غَيْرِ الْمَحَارِمِ أَمَّا فِيهِنَّ فَلَا يُشْتَرَطُ قِيَاسًا عَلَى الذُّكُورِ نَعَمْ إنْ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ حَمْلُهُنَّ لَهَا عَلَى مَا هِيَ عَلَيْهِ اُعْتُبِرَ فِيهِنَّ الثِّقَةُ م ر. (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِلَا مَحْرَمٍ) الْغَايَةُ لِلرَّدِّ. (قَوْلُهُ: إلَّا وَمَعَهَا زَوْجٌ) مَحْمُولٌ عَلَى سَفَرِهَا لِغَيْرِ الْوَاجِبِ كَمَا سَيَأْتِي التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ اط ف. (قَوْلُهُ: وَفِي رِوَايَةٍ) أَتَى بِهَا لِعَدَمِ

الصفحة 106