كتاب حاشية البجيرمي على شرح المنهج = التجريد لنفع العبيد (اسم الجزء: 2)

«لَا تُسَافِرُ الْمَرْأَةُ إلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ» . وَيَكْفِي فِي الْجَوَازِ لِفَرْضِهَا امْرَأَةً وَاحِدَةً وَسَفَرُهَا وَحْدَهَا إنْ أَمِنَتْ وَنَحْوُ مِنْ زِيَادَتِي.
(وَلَوْ) كَانَ خُرُوجُ مَنْ ذُكِرَ (بِأُجْرَةٍ) فَإِنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي لُزُومِ النُّسُكِ لَهَا قُدْرَتُهَا عَلَى أُجْرَتِهِ فَيَلْزَمُهَا أُجْرَتُهُ إذْ لَمْ يَخْرُجْ إلَّا بِهَا؛ لِأَنَّهَا مِنْ أُهْبَةِ سَفَرِهَا. وَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ وَيَلْزَمُهَا أُجْرَةُ الْمَحْرَمِ. (كَقَائِدِ أَعْمَى) فَإِنَّهُ يُشْتَرَطُ خُرُوجُهُ مَعَهُ وَلَوْ بِأُجْرَةٍ

(وَ) سَادِسُهَا: (ثُبُوتٌ عَلَى مَرْكُوبٍ) وَلَوْ فِي مَحْمِلٍ (بِلَا ضَرَرٍ شَدِيدٍ) فَمَنْ لَمْ يَثْبُتْ عَلَيْهِ أَصْلًا، أَوْ يَثْبُتُ بِضَرَرٍ شَدِيدٍ لِمَرَضٍ، أَوْ غَيْرِهِ لَا يَلْزَمُهُ نُسُكٌ. بِنَفْسِهِ وَتَعْبِيرِي بِمَرْكُوبٍ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالرَّاحِلَةِ (وَ) سَابِعُهَا: وَهُوَ مِنْ زِيَادَتِي: (زَمَنٌ يَسَعُ سَيْرًا مَعْهُودًا لِنُسُكٍ) كَمَا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْأَئِمَّةِ وَإِنْ اعْتَرَضَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ بِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ لِاسْتِقْرَارِهِ لَا لِوُجُوبِهِ فَقَدْ صَوَّبَ النَّوَوِيُّ مَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ وَقَالَ السُّبْكِيُّ: إنَّ نَصَّ الشَّافِعِيِّ أَيْضًا يَشْهَدُ لَهُ (وَلَا يُدْفَعُ مَالٌ لِمَحْجُورٍ) عَلَيْهِ (بِسَفَهٍ) لِتَبْذِيرِهِ (بَلْ يَصْحَبُهُ وَلِيٌّ) بِنَفْسِهِ، أَوْ نَائِبُهُ لِيُنْفِقَ عَلَيْهِ بِالْمَعْرُوفِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ أُجْرَتَهُ كَأُجْرَةِ مَنْ يَخْرُجُ مَعَ الْمَرْأَةِ

. (وَ) النَّوْعُ الثَّانِي (اسْتِطَاعَةٌ بِغَيْرِهِ فَتَجِبُ إنَابَةٌ عَنْ مَيِّتٍ) غَيْرِ مُرْتَدٍّ (عَلَيْهِ نُسُكٌ مِنْ تَرِكَتِهِ) كَمَا تُقْضَى مِنْهَا دُيُونُهُ فَلَوْ لَمْ تَكُنْ لَهُ تَرِكَةٌ، سُنَّ لِوَارِثِهِ أَنْ يَفْعَلَهُ عَنْهُ فَلَوْ فَعَلَهُ عَنْهُ أَجْنَبِيٌّ جَازَ وَلَوْ بِلَا إذْنٍ كَمَا تُقْضَى دُيُونُهُ بِلَا إذْنٍ ذُكِرَ ذَلِكَ فِي الْمَجْمُوعِ.
(وَ) عَنْ (مَعْضُوبٍ) بِضَادٍ مُعْجَمَةٍ أَيْ: عَاجِزٍ عَنْ النُّسُكِ بِنَفْسِهِ لِكِبَرٍ، أَوْ غَيْرِهِ كَمَشَقَّةٍ شَدِيدَةٍ (بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَكَّةَ مَرْحَلَتَانِ) فَأَكْثَرُ إمَّا
ـــــــــــــــــــــــــــــQالتَّقْيِيدِ فِيهَا بِالْيَوْمَيْنِ فَأَشَارَ بِهَا إلَى أَنَّهُمَا لَيْسَا بِقَيْدٍ. قَوْلُهُ: «لَا تُسَافِرُ الْمَرْأَةُ إلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ» أَيْ: لَا يَجِبُ عَلَيْهَا أَنْ تُسَافِرَ لِلْفَرْضِ إلَّا مَعَ مَنْ ذُكِرَ فَلَا يُنَافِي أَنَّهَا يَجُوزُ لَهَا أَنْ تُسَافِرَ لَهُ وَحْدَهَا إنْ أَمِنَتْ كَمَا يَأْتِي وَلَا نَاهِيَةٌ وَهُوَ مَعَ مَا قَبْلَهُ لَيْسَ مِنْ ذِكْرِ الْمُطْلَقِ مَعَ الْمُقَيَّدِ حَتَّى يُحْمَلَ الْمُطْلَقُ عَلَى الْمُقَيَّدِ بَلْ هُوَ مِنْ قَبِيلِ الْعَامِّ وَالْخَاصِّ وَذِكْرُ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِ الْعَامِّ بِحُكْمِ الْعَامِّ لَا يُخَصِّصُهُ بِرْمَاوِيٌّ وَح ف؛؛ لِأَنَّ الْفِعْلَ فِي مَعْنَى النَّكِرَةِ وَهِيَ بَعْدَ النَّفْيِ تَعُمُّ فَقَوْلُهُ: يَوْمَيْنِ لَيْسَ بِقَيْدٍ. (قَوْلُهُ: مَعَ ذِي مَحْرَمٍ) أَيْ: ذِي مَحْرَمِيَّةٍ أَيْ: قَرَابَةٍ وَإِلَّا فَلَا يَظْهَرُ لِقَوْلِهِ صَاحِبُ مَحْرَمٍ مَعْنًى ع ش. (قَوْلُهُ: وَيَكْفِي فِي الْجَوَازِ لِفَرْضِهَا) وَلَوْ نَذْرًا وَأَمَّا لِغَيْرِ فَرْضِهَا فَلَا يَجُوزُ لَهَا الْخُرُوجُ مَعَ مَحْضِ النِّسَاءِ وَإِنْ كَثُرْنَ ح ل حَتَّى يَحْرُمُ عَلَى الْمَكِّيَّةِ التَّطَوُّعُ بِالْعُمْرَةِ مِنْ التَّنْعِيمِ مَعَ النِّسَاءِ خِلَافًا لِمَنْ نَازَعَ فِيهِ، نَعَمْ لَوْ مَاتَ الْمَحْرَمُ وَهِيَ فِي تَطَوُّعٍ فَلَهَا إتْمَامُهُ حَجّ وَم ر وَيَحْرُمُ خُرُوجُهُنَّ لِزِيَارَةِ الْقُبُورِ بِلَا نَحْوِ مَحْرَمٍ حَيْثُ كَانَتْ خَارِجَ السُّورِ أَوْ مَا فِي مَعْنَاهُ وَلَوْ بِإِذْنِ الزَّوْجِ ع ش (قَوْلُهُ: إنْ أَمِنَتْ) وَالْمُرَادُ بِالْأَمْنِ هُنَا أَمْنُهَا مِنْ الْخَدِيعَةِ وَالِاسْتِمَالَةِ إلَى الْفَوَاحِشِ إيعَابٌ شَوْبَرِيٌّ، وَأَمَّا الْأَمْنُ عَلَى الْمَالِ وَالنَّفْسِ فَقَدْ تَقَدَّمَ ح ف

. (قَوْلُهُ: وَسَادِسُهَا إلَخْ) كَانَ الْأَنْسَبُ ذِكْرَهُ عَقِبَ الثَّانِي. (قَوْلُهُ: بِلَا ضَرَرٍ شَدِيدٍ) أَيْ: لَا يُحْتَمَلُ عَادَةً ح ل. (قَوْلُهُ: وَإِنْ اعْتَرَضَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ) فَعَلَيْهِ يُوصَفُ بِالْإِيجَابِ وَيَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ عَنْهُ بَعْدَ مَوْتِهِ قَطْعًا وَعَلَى الْأَوَّلِ لَا يُوصَفُ بِالْإِيجَابِ وَيَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ عَنْهُ عَلَى الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّهُ نَقْلُ ح ل وَقَوْلُهُ: فَعَلَيْهِ يُوصَفُ بِالْإِيجَابِ يَعْنِي أَنَّهُ إذَا لَمْ يُدْرِكْ زَمَنًا يَسَعُ السَّيْرَ لِلنُّسُكِ بَعْدَ وُجُودِ الِاسْتِطَاعَةِ بِأَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ إلَّا بَعْدَ ذَهَابِ الْحَاجِّ فَابْنُ الصَّلَاحِ يَقُولُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ: إنَّهُ وَجَبَ عَلَيْهِ لَكِنْ لَمْ يَسْتَقِرَّ وُجُوبُهُ عَلَيْهِ بِمَعْنَى أَنَّهُ إذَا مَاتَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ لَا يَجِبُ قَضَاؤُهُ مِنْ تَرِكَتِهِ وَإِنْ كَانَ يُوصَفُ بِالْإِيجَابِ وَيَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ عَنْهُ قَطْعًا وَعَلَى كَلَامِ غَيْرِ ابْنِ الصَّلَاحِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَمْ يَجِبْ الْحَجُّ مِنْ أَصْلِهِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا قَالَ سم: وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ الصَّلَاحِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي الْوُجُوبِ إذَا لَمْ يَبْقَ زَمَنٌ يُمْكِنُ فِيهِ السَّفَرُ بَيْنَ أَنْ يَقْطَعَ بِعَدَمِ الْوُصُولِ فِيهِ، أَوْ لَا لَكِنْ قَالَ السُّبْكِيُّ: وَأَوْهَمَتْ عِبَارَةُ ابْنِ الصَّلَاحِ أَنَّ مَنْ اسْتَطَاعَ الْحَجَّ قَبْلَ عَرَفَةَ بِيَوْمٍ وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ مَكَّةَ شَهْرٌ وَمَاتَ تِلْكَ السَّنَةَ وَجَبَ عَلَيْهِ الْحَجُّ، ثُمَّ سَقَطَ وَلَا يَقُولُهُ أَحَدٌ وَرُدَّ بِأَنَّ السَّرَخْسِيَّ وَغَيْرَهُ قَالُوهُ اهـ.
(قَوْلُهُ: لَا لِوُجُوبِهِ) فِيهِ أَنَّ الْمُصَنِّفَ لَمْ يَجْعَلْهُ شَرْطًا لِوُجُوبِهِ بَلْ جَعَلَهُ شَرْطًا لِلِاسْتِطَاعَةِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الِاسْتِطَاعَةَ شَرْطٌ لِلْوُجُوبِ وَشَرْطُ الشَّرْطِ شَرْطٌ. (قَوْلُهُ: وَلَا يُدْفَعُ مَالٌ لِمَحْجُورٍ إلَخْ) الْأَخْصَرُ أَنْ يَقُولَ وَخُرُوجُ نَحْوِ وَلِيِّ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ مَعَهُ لِيَكُونَ شَرْطًا. (قَوْلُهُ: أَنَّ أُجْرَتَهُ) أَيْ الْوَلِيِّ، أَوْ نَائِبِهِ أَيْ: فَلَا بُدَّ مِنْ الْقُدْرَةِ عَلَيْهَا ح ل

. (قَوْلُهُ: غَيْرِ مُرْتَدٍّ) أَمَّا الْمُرْتَدُّ فَلَا تَجُوزُ الْإِنَابَةُ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْعِبَادَةِ سم وَهُوَ مَعْلُومٌ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِتَرِكَتِهِ إذْ الْمُرْتَدُّ لَا تَرِكَةَ لَهُ لِتُبَيِّنَ زَوَالَ مِلْكِهِ بِالرِّدَّةِ وَلِأَنَّهُ عِبَادَةٌ بَدَنِيَّةٌ يَلْزَمُ مِنْ صِحَّتِهَا وُقُوعُهَا لِلْمُسْتَنَابِ عَنْهُ وَهُوَ مُسْتَحِيلٌ وَبِهِ فَارَقَ إخْرَاجَ الزَّكَاةِ مِنْ تَرِكَتِهِ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: عَلَيْهِ نُسُكٌ) لَوْ أَخَّرَهُ عَنْ الْمَعْضُوبِ لِيَرْجِعَ إلَيْهِمَا لَكَانَ أَوْلَى. (قَوْلُهُ: كَمَا تُقْضَى مِنْهَا دُيُونُهُ) وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّوْمِ حَيْثُ لَا يَصِحُّ إلَّا بِإِذْنٍ مِنْ الْقَرِيبِ بِأَنَّهُ هُنَا وَظِيفَةُ الْعُمْرِ وَأَيْضًا ذَلِكَ الْوَاجِبُ شَيْئَانِ الْفِدْيَةُ، أَوْ الصَّوْمُ فَأُنِيطَا بِالْقَرِيبِ لِيَخْتَارَ أَيُّهُمَا شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: بِضَادٍ) مِنْ الْعَضْبِ وَهُوَ الْقَطْعُ؛ لِأَنَّهُ قَطْعٌ عَنْ كَمَالِ الْحَرَكَةِ وَيُقَالُ بِصَادٍ مُهْمَلَةٍ كَأَنَّهُ قَطَعَ عَصَبَهُ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: أَيْ: عَاجِزٍ) أَيْ: حَالًا وَمَآلًا شَرْحُ م ر فَيُقَيَّدُ الْمَرَضُ بِأَنْ لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ كَمَا قَالَهُ حَجّ. (قَوْلُهُ: مَرْحَلَتَانِ) أَمَّا لَوْ كَانَ دُونَ مَرْحَلَتَيْنِ أَوْ كَانَ بِمَكَّةَ لَزِمَهُ الْحَجُّ بِنَفْسِهِ لِقِلَّةِ الْمَشَقَّةِ إلَّا إنْ أَنْهَاهُ الضَّنَى إلَى حَالَةٍ لَا يَحْتَمِلُ الْحَرَكَةَ مَعَهَا بِحَالٍ فَتَجُوزُ النِّيَابَةُ حِينَئِذٍ م ر مُلَخَّصًا فَيَكُونُ فِي مَفْهُومِ الْقَيْدِ تَفْصِيلٌ

الصفحة 107