كتاب حاشية البجيرمي على شرح المنهج = التجريد لنفع العبيد (اسم الجزء: 2)

بِحَيَوَانٍ وَيُسَمَّى الذَّكَرُ نَاضِحًا وَالْأُنْثَى نَاضِحَةٌ وَيُسَمَّى هَذَا الْحَيَوَانُ أَيْضًا سَانِيَةً (أَوْ نَحْوِهِ) كَدُولَابٍ بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَقَدْ يُفْتَحُ وَهُوَ مَا يُدِيرُهُ الْحَيَوَانُ وَكَنَاعُورَةٍ وَهُوَ مَا يُدِيرُهُ الْمَاءُ وَكَمَاءٍ مَلَكَهُ وَلَوْ بِهِبَةٍ لِعِظَمِ الْمِنَّةِ فِيهَا أَوْ غَصَبَهُ لِوُجُوبِ ضَمَانِهِ (نِصْفُهُ) أَيْ نِصْفِ الْعُشْرِ وَالْفَرْقُ ثِقَلُ الْمَئُونَةِ فِي هَذَا وَخِفَّتُهَا فِي الْأَوَّلِ. وَالْأَصْلُ فِيهِمَا خَبَرُ الْبُخَارِيِّ «فِيمَا سَقَتْ السَّمَاءُ وَالْعُيُونُ أَوْ كَانَ عَثْرِيًّا الْعُشْرُ وَفِيمَا سُقِيَ بِالنَّضْحِ نِصْفُ الْعُشْرِ» وَخَبَرُ الْحَاكِمِ السَّابِقُ وَالْعَثَرِيُّ بِفَتْحِ الْمُثَلَّثَةِ وَقِيلَ بِإِسْكَانِهَا مَا سُقِيَ بِالسَّيْلِ الْجَارِي إلَيْهِ فِي حُفَرٍ وَتُسَمَّى الْحُفْرَةُ عَاثُورَاءُ لِتَعَثُّرِ الْمَارِّ بِهَا إذَا لَمْ يَعْلَمْهَا وَتَعْبِيرِي بِنَحْوِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ أَعَمُّ مِمَّا عَبَّرَ بِهِ فِيهِمَا.
(وَفِيمَا شَرِبَ بِهِمَا) أَيْ بِالنَّوْعَيْنِ كَمَطَرٍ وَنَضْحٍ (يَسْقُطُ بِاعْتِبَارِ الْمُدَّةِ) أَيْ مُدَّةِ عَيْشِ الثَّمَرِ وَالزَّرْعِ وَنَمَائِهِمَا لَا بِأَكْثَرِهِمَا وَلَا بِعَدَدِ السَّقْيَاتِ فَلَوْ كَانَتْ الْمُدَّةُ مِنْ يَوْمِ الزَّرْعِ مَثَلًا إلَى يَوْمِ الْإِدْرَاكِ ثَمَانِيَةَ أَشْهُرٍ وَاحْتَاجَ فِي أَرْبَعَةٍ مِنْهَا إلَى سَقْيَةٍ فَسُقِيَ بِالْمَطَرِ وَفِي الْأَرْبَعَةِ الْأُخْرَى إلَى سَقْيَتَيْنِ فَسُقِيَ بِالنَّضْحِ وَجَبَ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْعُشْرِ وَكَذَا لَوْ جَهِلْنَا الْمِقْدَارَ مِنْ نَفْعِ كُلٍّ مِنْهُمَا بِاعْتِبَارِ الْمُدَّةِ أَخْذًا بِالِاسْتِوَاءِ أَوْ احْتَاجَ فِي سِتَّةٍ مِنْهَا إلَى سَقْيَتَيْنِ فَسُقِيَ بِمَاءِ السَّمَاءِ وَفِي شَهْرَيْنِ إلَى ثَلَاثِ سَقْيَاتٍ فَسُقِيَ بِالنَّضْحِ وَجَبَ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْعُشْرِ وَرُبْعُ نِصْفِ الْعُشْرِ وَلَوْ اخْتَلَفَ الْمَالِكُ وَالسَّاعِي فِي أَنَّهُ سُقِيَ بِمَاذَا؟ صُدِّقَ الْمَالِكُ، لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ وُجُوبِ الزِّيَادَةِ عَلَيْهِ فَإِنْ اتَّهَمَهُ السَّاعِي حَلَّفَهُ نَدْبًا وَلَوْ كَانَ لَهُ زَرْعٌ أَوْ ثَمَرٌ سُقِيَ بِمَطَرٍ وَآخَرُ سُقِيَ بِنَضْحٍ وَلَمْ يَبْلُغْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا نِصَابًا ضُمَّ أَحَدُهُمَا إلَى الْآخَرِ لِتَمَامِ النِّصَابِ وَإِنْ اخْتَلَفَ قَدْرُ الْوَاجِبِ وَهُوَ الْعُشْرُ فِي الْأَوَّلِ وَنِصْفُهُ فِي الثَّانِي
ـــــــــــــــــــــــــــــQالزَّكَاةُ فِيمَا سُقِيَ بِمَئُونَةٍ وَلَمْ تَجِبْ فِي الْمَعْلُوفَةِ. قُلْت، لِأَنَّ مِنْ شَأْنِ الْعَلَفِ كَثْرَةَ الْمَئُونَةِ بِخِلَافِ الْمَاءِ مِنْ شَأْنِهِ خِفَّةُ الْمَئُونَةِ بَلْ مِنْ شَأْنِهِ الْإِبَاحَةُ وَلِأَنَّ الْقُوتَ ضَرُورِيٌّ فَوَجَبَتْ فِيهِ الزَّكَاةُ لِأُولِي الْحَاجَاتِ وَإِنْ حَصَلَ بِمَئُونَةٍ وَلَا كَذَلِكَ الْحَيَوَانُ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: بِحَيَوَانٍ) بِأَنْ يُحْمَلَ الْمَاءُ عَلَى ظَهْرِهِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَيُسَمَّى هَذَا الْحَيَوَانُ أَيْضًا سَانِيَةً كَمَا يُسَمَّى نَاضِحًا (قَوْلُهُ: سَانِيَةً) أَيْ سَاقِيَّةً يُقَالُ سَنَتْ النَّاقَةُ إذَا سَقَتْ وَفِي الْمُخْتَارِ وَالسَّانِيَةُ النَّاضِحَةُ وَهِيَ النَّاقَةُ الَّتِي يُسْتَقَى عَلَيْهَا وَفِي الْمَثَلِ: سَيْرُ السَّوَانِي سَفَرٌ لَا يَنْقَطِعُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَا يُدِيرُهُ الْمَاءُ) أَيْ بِنَفْسِهِ وَحَيْثُ كَانَ الْمَاءُ يُدِيرُهَا بِنَفْسِهِ هَلَّا وَجَبَ فِيمَا سُقِيَ بِهَا الْعُشْرُ لِخِفَّةِ الْمَئُونَةِ رَاجَعَهُ ع ش عَلَى م ر. وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ يَحْتَاجُ لِإِصْلَاحِ الْآلَةِ إذَا انْكَسَرَتْ كَانَ فِيهِ مَئُونَةٌ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِهِبَةٍ) الْغَايَةُ لِلرَّدِّ. (قَوْلُهُ: وَالْأَصْلُ فِيهِمَا) أَيْ الْعُشْرِ وَنِصْفِهِ (قَوْلُهُ: مَا سُقِيَ بِالسَّيْلِ) أَيْ الْمَطَرِ الْمُجْتَمِعِ (قَوْلُهُ: الْجَارِي إلَيْهِ فِي حُفَرٍ) بِأَنْ تَحْفِرَ حُفَيْرَةً يَجْرِي فِيهَا الْمَاءُ مِنْ السَّيْلِ إلَى أُصُولِ الشَّجَرِ كَمَا قَالَهُ الْأَزْهَرِيُّ اط ف (قَوْلُهُ: أَيْ بِالنَّوْعَيْنِ) يُعَبَّرُ عَنْ النَّوْعَيْنِ بِعِبَارَةٍ تُنَاسِبُ، لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لَهُ عِبَارَتَانِ بِأَنْ يُقَالَ هُمَا مَا لَا مَئُونَةَ فِيهِ وَمَا فِيهِ مَئُونَةٌ قَالَ الْعَلَّامَةُ الْبِرْمَاوِيُّ وَالضَّابِطُ أَنْ يُقَالَ مَتَى سُقِيَ بِمَا لَا كُلْفَةَ فِيهِ وَجَبَ فِيهِ الْعُشْرُ وَإِلَّا فَنِصْفُ الْعُشْرِ.
(قَوْلُهُ: وَنَمَائِهِمَا) عَطْفُ تَفْسِيرٍ (قَوْلُهُ: لَا بِأَكْثَرِهِمَا) مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ أَيْ لَا يُعْتَبَرُ بِأَكْثَرِهِمَا قَوْلُهُ: وَلَا بِعَدَدِ السَّقْيَاتِ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ أَيْ وَلَا يُقَسَّطُ بِعَدَدِ السَّقْيَاتِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمِنْهَاجِ وَغَرَضُهُ بِهَذَا الرَّدُّ عَلَى قَوْلَيْنِ ضَعِيفَيْنِ حَكَاهُمَا فِي الْمِنْهَاجِ وَعِبَارَتُهُ مَعَ شَرْحِ الْمَحَلِّيِّ وَوَاجِبُ مَا سُقِيَ بِهِمَا أَيْ بِالنَّوْعَيْنِ كَالنَّضْحِ وَالْمَطَرِ سَوَاءً ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ أَيْ الْعُشْرِ عَمَلًا بِوَاجِبِ النَّوْعَيْنِ فَإِنْ غَلَبَ أَحَدُهُمَا فَفِي قَوْلٍ يُعْتَبَرُ هُوَ وَيُلْغَى الْأَقَلُّ فَكَأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ فَإِنْ كَانَ الْغَالِبُ الْمَطَرَ فَالْوَاجِبُ الْعُشْرُ أَوْ النَّضْحَ فَنِصْفُ الْعُشْرِ وَالْأَظْهَرُ أَنْ يُقْسِطَ وَالْغَلَبَةُ وَالتَّقْسِيطُ بِاعْتِبَارِ عَيْشِ الزَّرْعِ أَوْ الثَّمَرِ وَنَمَائِهِ وَقِيلَ بِعَدَدِ السَّقْيَاتِ وَالْمُرَادُ النَّافِعَةُ بِقَوْلِ أَهْلِ الْخِبْرَةِ وَيُعَبَّرُ عَنْ الْأَوَّلِ بِاعْتِبَارِ الْمُدَّةِ فَلَوْ كَانَتْ الْمُدَّةُ مِنْ يَوْمِ الزَّرْعِ إلَى يَوْمِ الْإِدْرَاكِ ثَمَانِيَةَ أَشْهُرٍ وَاحْتَاجَ فِي سِتَّةِ أَشْهُرٍ زَمَنَ الشِّتَاءِ وَالرَّبِيعِ إلَى سَقْيَتَيْنِ فَسُقِيَ بِمَاءِ السَّمَاءِ وَفِي شَهْرَيْنِ مِنْ زَمَنِ الصَّيْفِ إلَى ثَلَاثِ سَقْيَاتٍ فَسُقِيَ بِالنَّضْحِ فَإِنْ اعْتَبَرْنَا السَّقْيَاتِ فَعَلَى قَوْلِ التَّوْزِيعِ يَجِبُ خُمُسَا الْعُشْرِ وَثَلَاثَةُ أَخْمَاسِ نِصْفِ الْعُشْرِ وَعَلَى قَوْلِ اعْتِبَارِ الْأَغْلَبِ يَجِبُ نِصْفُ الْعُشْرِ لِأَنَّ عَدَدَ السَّقْيَاتِ بِالنَّضْحِ أَكْثَرُ وَإِنْ اعْتَبَرْنَا الْمُدَّةَ فَعَلَى قَوْلِ التَّوْزِيعِ وَهُوَ الصَّحِيحُ يَجِبُ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْعُشْرِ وَرُبْعُ نِصْفِ الْعُشْرِ وَعَلَى قَوْلِ اعْتِبَارِ الْأَغْلَبِ يَجِبُ الْعُشْرُ، لِأَنَّ مُدَّةَ السَّقْيِ بِمَاءِ السَّمَاءِ أَطْوَلُ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: مِنْ يَوْمِ الزَّرْعِ مَثَلًا) أَيْ أَوْ يَوْمِ الْإِطْلَاعِ فِي النَّخْلِ أَوْ ظُهُورِ الْعِنَبِ فِي الْكَرْمِ اط ف.
(قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ جَهِلْنَا الْمِقْدَارَ) أَيْ وَكَذَا يَجِبُ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْعُشْرِ لَوْ جَهِلْنَا الْمِقْدَارَ إلَخْ بِأَنْ شَكَكْنَا هَلْ انْتَفَعَ بِسَقْيَةِ الْمَطَرِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ وَبِسَقْيَتَيْ النَّضْحِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ فَإِنَّهَا تُقَسَّطُ بِاعْتِبَارِ الْمُدَّةِ بِأَنْ تُجْعَلَ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ لِسَقْيَةِ الْمَطَرِ وَأَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ لِسَقْيَتَيْ النَّضْحِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ أَخْذًا بِالِاسْتِوَاءِ. وَقَوْلُهُ: مِنْ نَفْعِ كُلٍّ مِنْهُمَا يَقْتَضِي أَنَّ النَّفْعَ مُعْتَبَرٌ فِي التَّقْسِيطِ مَعَ أَنَّهُ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: أَخْذًا بِالِاسْتِوَاءِ) أَيْ لِئَلَّا يَلْزَمَ التَّحَكُّمُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ زِيَادَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَعِبَارَةِ ح ل أَخْذًا بِالِاسْتِوَاءِ أَيْ كَأَنَّهُمَا مُسْتَوِيَانِ (قَوْلُهُ: وَرُبْعُ نِصْفِ الْعُشْرِ) لَمْ يُعَبِّرْ بِثَمَنِ الْعُشْرِ مُحَافَظَةً عَلَى الْإِتْيَانِ بِمَا تَقْتَضِيهِ النِّسْبَةُ وَلَوْ قُسِّطَ بِاعْتِبَارِ عَدَدِ السَّقْيَاتِ وَجَبَ خُمُسَا الْعُشْرِ

الصفحة 24