كتاب حاشية البجيرمي على شرح المنهج = التجريد لنفع العبيد (اسم الجزء: 2)

(فَرْعٌ)
لَوْ عَلِمْنَا أَنَّ أَحَدَهُمَا أَكْثَرُ وَجَهِلْنَا عَيْنَهُ فَالْوَاجِبُ يَنْقُصُ عَنْ الْعُشْرِ وَيَزِيدُ عَلَى نِصْفِ الْعُشْرِ فَيُؤْخَذُ الْيَقِينُ إلَى أَنْ يُعْلَمَ الْحَالُ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ: وَتَعْبِيرِي بِالْمُدَّةِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِعَيْشِ الزَّرْعِ وَنَمَائِهِ.

(وَتَجِبُ) الزَّكَاةُ فِيمَا ذُكِرَ (بِبُدُوِّ صَلَاحِ ثَمَرٍ) لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ ثَمَرَةٌ كَامِلَةٌ وَهُوَ قَبْلَ ذَلِكَ بَلَحٌ وَحِصْرِمٌ (وَاشْتِدَادِ حَبٍّ) لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ طَعَامٌ وَهُوَ قَبْلَ ذَلِكَ بَقْلٌ وَلَا يُشْتَرَطُ تَمَامُ الصَّلَاحِ وَالِاشْتِدَادِ وَلَا بُدُوُّ صَلَاحِ الْجَمِيعِ وَاشْتِدَادُهُ كَمَا زِدْتُهُ بِقَوْلِي (أَوْ بَعْضِهِمَا) وَسَيَأْتِي فِي بَابِ الْأُصُولِ وَالثِّمَارِ بَيَانُ بُدُوِّ صَلَاحِ الثَّمَرِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِوُجُوبِ الزَّكَاةِ فِيمَا ذُكِرَ وُجُوبَ إخْرَاجِهَا فِي الْحَالِ بَلْ انْعِقَادَ سَبَبِ وُجُوبِهِ وَلَوْ أَخْرَجَ فِي الْحَالِ الرُّطَبَ وَالْعِنَبَ مِمَّا يَتَتَمَّرُ أَوْ يَتَزَبَّبُ غَيْرَ رَدِيءٍ لَمْ يُجْزِهِ وَلَوْ أَخَذَهُ السَّاعِي لَمْ يَقَعْ الْمَوْقِعَ وَمُؤْنَةُ جَذَاذِ الثَّمَرِ وَتَجْفِيفِهِ وَحَصَادِ الْحَبِّ وَتَصْفِيَتِهِ مِنْ خَالِصِ مَالِ الْمَالِكِ لَا يُحْسَبُ شَيْءٌ مِنْ مِنْهَا مِنْ مَالِ الزَّكَاةِ

(وَسُنَّ خَرْصُ) أَيْ حَزْرُ (كُلِّ ثَمَرٍ) فِيهِ زَكَاةٌ إذَا (بَدَا صَلَاحُهُ عَلَى مَالِكِهِ) لِلْأَمْرِ بِهِ فِي الْخَبَرِ السَّابِقِ فِي أَوَّلِ الْبَابِ فَيَطُوفُ الْخَارِصُ بِكُلِّ شَجَرَةٍ وَيُقَدِّرُ ثَمَرَتَهَا أَوْ ثَمَرَةَ كُلِّ النَّوْعِ رَطْبًا ثُمَّ يَابِسًا (لِتَضْمِينٍ) أَيْ لِنَقْلِ الْحَقِّ مِنْ الْعَيْنِ إلَى الذِّمَّةِ تَمْرًا أَوْ زَبِيبًا لِيُخْرِجَهُ بَعْدَ جَفَافِهِ (وَشُرِطَ) فِي الْخَرْصِ الْمَذْكُورِ (عَالِمٌ بِهِ) وَاحِدًا كَانَ أَوْ أَكْثَرَ، لِأَنَّ الْجَاهِلَ بِالشَّيْءِ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ فِيهِ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِي (أَهْلٌ لِلشَّهَادَاتِ) كُلِّهَا مِنْ عَدَالَةٍ وَحُرِّيَّةٍ وَذُكُورَةٍ
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَثَلَاثَةُ أَخْمَاسِ نِصْفِ الْعُشْرِ (قَوْلُهُ: أَنَّ أَحَدَهُمَا أَكْثَرُ) أَيْ الَّذِي سُقِيَ بِهِمَا وَقَوْلُهُ: فَيُؤْخَذُ الْيَقِينُ أَيْ وَهُوَ النِّصْفُ وَيَبْقَى مَا زَادَ عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ مَشْكُوكٌ فِي مِقْدَارِهِ اهـ. ح ل وَقَوْلُهُ: وَهُوَ النِّصْفُ لَيْسَ بِظَاهِرٍ بَلْ هُوَ يَزِيدُ عَلَيْهِ مَثَلًا إذَا سُقِيَ فِي سِتَّةِ أَشْهُرٍ بِأَحَدِهِمَا وَفِي شَهْرَيْنِ بِالْآخَرِ وَجُهِلَ الْحَالُ فَعَلَى تَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ سُقِيَ فِي السِّتَّةِ أَشْهُرٍ بِالْمَطَرِ وَفِي الشَّهْرَيْنِ بِالنَّضْحِ يَكُونُ الْوَاجِبُ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ الْعُشْرِ وَرُبْعَ نِصْفِهِ وَعَلَى تَقْدِيرِ عَكْسِ ذَلِكَ يَكُونُ الْوَاجِبُ نِصْفَ الْعُشْرِ وَرُبْعَ نِصْفِ الْعُشْرِ وَهُوَ ثُمُنُ الْعُشْرِ فَالْوَاجِبُ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ هُوَ الْيَقِينُ فَيُؤْخَذُ وَيُوقَفُ رُبْعُ الْعُشْرِ الْمَشْكُوكِ فِيهِ الَّذِي نَقَصَ عَنْ الْوَاجِبِ عَلَى التَّقْدِيرِ الْآخَرِ وَيَجُوزُ التَّصَرُّفُ فِي هَذَا الْوَاقِفِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا ح ف وَقَوْلُهُ: نِصْفَ الْعُشْرِ وَرُبْعَ نِصْفِهِ هُوَ بِمَعْنَى ثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ نِصْفِ الْعُشْرِ وَرُبْعِ الْعُشْرِ قَالَ ع ش عَلَى م ر وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْيَقِينِ مَا يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّ الْوَاجِبَ لَا يَنْقُصُ عَنْهُ وَإِنْ تَصَرَّفَ الْمَالِكُ فِيمَا زَادَ عَلَى مَا يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ الْوَاجِبُ صَحِيحٌ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْوَاجِبِ. اهـ وَفِي الرَّشِيدِيِّ مَا نَصُّهُ قَوْلُهُ: فَيُؤْخَذُ الْيَقِينُ أَيْ وَيُوقَفُ الْبَاقِي كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَمَعْنَى أَخْذِ الْيَقِينِ أَنْ يُعْتَبَرَ بِكُلٍّ مِنْ التَّقْدِيرَيْنِ وَيُؤْخَذَ الْأَقَلُّ مِنْهُمَا هَكَذَا ظَهَرَ فَلْيُرَاجَعْ.
اهـ فَلَوْ عَلِمْنَا أَنَّهُ سَقَى سِتَّةَ أَشْهُرٍ بِأَحَدِهِمَا وَشَهْرَيْنِ بِالْآخَرِ وَجُهِلَ عَيْنُ الْأَكْثَرِ فَلَوْ خَرَجَ ذَلِكَ الزَّرْعُ ثَمَانِينَ إرْدَبًّا مَثَلًا فَعَلَى تَقْدِيرِ أَنَّ الْأَكْثَرَ هُوَ الَّذِي بِمَاءِ السَّمَاءِ يَكُونُ الْوَاجِبُ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ الْعُشْرِ وَرُبْعَ نِصْفِ الْعُشْرِ وَذَلِكَ سَبْعَةُ أَرَادِبَّ وَعَلَى تَقْدِيرِ الْعَكْسِ يَكُونُ الْوَاجِبُ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ نِصْفِ الْعُشْرِ وَرُبْعَ الْعُشْرِ وَذَلِكَ خَمْسَةُ أَرَادِبَّ فَالْيَقِينُ إخْرَاجُ خَمْسَةِ أَرَادِبَّ وَيُوقَفُ إرْدَبَّانِ إلَى عِلْمِ الْحَالِ فَإِنْ أَرَادَ بَرَاءَةَ الذِّمَّةِ أَخْرَجَهُمَا. اهـ. ح ف (قَوْلُهُ: إلَى أَنْ يُعْلَمَ) مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ أَيْ وَيُوقَفُ الْبَاقِي إلَى أَنْ يُعْلَمَ. (قَوْلُهُ: أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِعَيْشِ الزَّرْعِ) أَيْ لِشُمُولِهِ الثَّمَرَ. اهـ. ز ي

(قَوْلُهُ: وَتَجِبُ بِبُدُوِّ صَلَاحِ الثَّمَرِ إلَخْ) وَحَيْثُ اشْتَدَّ الْحَبُّ فَيَنْبَغِي أَنْ يَمْتَنِعَ عَلَى الْمَالِكِ الْأَكْلُ وَالتَّصَرُّفُ وَحِينَئِذٍ فَيَنْبَغِي اجْتِنَابُ الْفَرِيكِ وَنَحْوِهِ مِنْ الْفُولِ حَيْثُ عُلِمَ وُجُوبُ الزَّكَاةِ فِي ذَلِكَ الزَّرْعِ وَيَحْرُمُ عَلَى الْمَالِكِ إعْطَاءُ أُجْرَةِ الْحَصَّادِينَ مِنْهُ وَكَذَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ الصَّدَقَةُ مِنْهُ قَبْلَ إعْطَاءِ الزَّكَاةِ وَيُعَزَّرُ إنْ عَلِمَ الْحُرْمَةَ وَإِلَّا فَلَا وَيَغْرَمُ بَدَلَ مَا تَصَرَّفَ فِيهِ اتِّفَاقًا وَمَعَ حُرْمَتِهِ يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ فِي غَيْرِ قَدْرِ الزَّكَاةِ قَالَهُ خَضِرٌ عَلَى التَّحْرِيرِ نَقْلًا عَنْ شَرْحِ ع ب قَالَ حَجّ: فِي التُّحْفَةِ وَإِذَا زَادَتْ الْمَشَقَّةُ فِي الْتِزَامِ مَذْهَبِنَا فَلَا عَيْبَ عَلَى الْمُتَخَلِّصِ بِتَقْلِيدِ مَذْهَبٍ آخَرَ كَمَذْهَبِ أَحْمَدَ فَإِنَّهُ يُجِيزُ التَّصَرُّفَ قَبْلَ الْخَرْصِ وَالتَّضْمِينِ وَأَنْ يَأْكُلَ هُوَ وَعِيَالُهُ عَلَى الْعَادَةِ وَلَا يُحْسَبُ عَلَيْهِ وَكَذَا مَا يُهْدِيهِ مِنْهُ فِي أَوَانِهِ وَيُزَكَّى الْفَاضِلُ إنْ بَلَغَ نِصَابًا قَرَّرَهُ ح ف (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَخْرَجَ فِي الْحَالِ إلَخْ) الْأَوْلَى ذِكْرُهُ بَعْدَ قَوْلِهِ وَيُعْتَبَرُ جَافًّا إلَخْ

(قَوْلُهُ: وَسُنَّ خَرْصُ) أَيْ إنْ كَانَ مُوسِرًا وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ لِمَا فِيهِ مِنْ تَسْلِيطِهِ عَلَى حَقِّ الْمُسْتَحَقِّينَ شَرْحُ شَيْخِنَا اهـ شَوْبَرِيٌّ قَالَ اط ف: وَحِكْمَتُهُ أَيْ الْخَرْصِ الرِّفْقُ بِالْمَالِكِ وَالْمُسْتَحَقِّينَ فَإِنْ تَلِفَتْ الثَّمَرَةُ بَعْدَ الْخَرْصِ وَقَبْلَ التَّمَكُّنِ مِنْ الْأَدَاءِ مِنْ غَيْرِ تَقْصِيرِهِ لَمْ يَضْمَنْ فَإِنْ بَقِيَ مِنْهَا دُونَ النِّصَابِ أَخْرَجَ حِصَّتَهُ اهـ رَوْضٌ.
(قَوْلُهُ: أَيْ حَزْرُ إلَخْ) هُوَ تَفْسِيرٌ لِلْخَرْصِ وَهُوَ الْقَوْلُ بِغَيْرِ عِلْمٍ بَلْ بِالظَّنِّ وَالْحَزْرُ التَّخْمِينُ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ} [الذاريات: 10] بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: عَالِمٌ بِهِ) أَيْ كَوْنُ الْخَارِصِ عَالِمًا بِهِ لِيَحْسُنَ جَعْلُ هَذَا شَرْطًا لِلْخَرْصِ فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ إنَّ هَذَا شَرْطٌ لِلْخَارِصِ لَا لِلْخَرْصِ (قَوْلُهُ: وَاحِدًا كَانَ أَوْ أَكْثَرَ) أَيْ وَلَوْ أَحَدَ الشَّرِيكَيْنِ إنْ وُجِدَتْ فِيهِ الشُّرُوطُ الْآتِيَةُ بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: أَهْلًا لِلشَّهَادَاتِ) أَيْ لِوَصْفِ الشَّهَادَاتِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ مِنْ عَدَالَةٍ إلَخْ لِأَنَّ الْعَدَالَةَ وَمَا بَعْدَهَا بَيَانٌ لِوَصْفِ الشَّهَادَاتِ لَا لِلشَّهَادَاتِ كَمَا قَرَّرَهُ

الصفحة 25