كتاب حاشية البجيرمي على شرح المنهج = التجريد لنفع العبيد (اسم الجزء: 2)

هُوَ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِدُورِهِ (بِطِينٍ وَآجُرٍّ) أَيْ طُوبٍ مُحْرَقٍ لَا بِجِبْسٍ بَدَلَ الطِّينِ لِكَثْرَةِ مُؤْنَتِهِ وَلَا بِلَبِنٍ بَدَلَ الْآجُرِّ لِقِلَّةِ بَقَائِهِ، وَشَرَطَ ابْنُ الصَّبَّاغِ فِي بِنَائِهِ الْعَقَارَ أَنْ يُسَاوِيَ مَا صَرَفَ عَلَيْهِ (وَلَا يَبِيعُهُ) أَيْ عَقَارَهُ إذْ لَا حَظَّ لَهُ فِيهِ وَمِثْلُهُ آنِيَةُ الْقُنْيَةِ كَمَا فِي الْكِفَايَةِ عَنْ الْبَنْدَنِيجِيِّ (إلَّا لِحَاجَةٍ) كَنَفَقَةٍ وَكِسْوَةٍ بِأَنْ لَمْ تَفِ غَلَّتُهُ بِهِمَا (أَوْ غِبْطَةٍ ظَاهِرَةٍ) بِأَنْ يَرْغَبَ فِيهِ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ مِثْلِهِ وَهُوَ يَجِدُ مِثْلَهُ بِبَعْضِ ذَلِكَ الثَّمَنِ أَوْ خَيْرًا مِنْهُ بِكُلِّهِ.
قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَمَا عَدَا الْعَقَارَ وَآنِيَةَ الْقُنْيَةِ أَيْ مَا عَدَا مَالَ التِّجَارَةِ لَا يُبَاعُ أَيْضًا إلَّا لِحَاجَةٍ أَوْ غِبْطَةٍ
ـــــــــــــــــــــــــــــQبِقَيْدٍ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ سم فَيَضْمَنُ وَإِنْ لَمْ يُخَرِّبْ وَمِثْلُ ذَلِكَ النَّاظِرُ عَلَى الْوَقْفِ (قَوْلُهُ: هُوَ أَعَمُّ) لِشُمُولِهِ الْبَسَاتِينَ وَالطَّوَاحِينَ (قَوْلُهُ: بِطِينٍ وَآجُرٍّ) وَاخْتِيرَ الطِّينُ دُونَ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ قَلِيلُ الْمُؤْنَةِ وَيَنْتَفِعُ بِهِ بَعْدَ النَّقْضِ وَالْآجُرُّ يَبْقَى قَالَ م ر فِي شَرْحِهِ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ قَصْرِ الْبِنَاءِ عَلَى الْآجُرِّ وَالطِّينِ هُوَ مَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَجَرَى عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ اخْتَارَ كَثِيرٌ مِنْ الْأَصْحَابِ جَوَازَ الْبِنَاءِ عَلَى عَادَةِ الْبَلَدِ كَيْفَ كَانَ وَاخْتَارَهُ الرُّويَانِيُّ قَالَ فِي التِّبْيَانِ بَعْدَ حِكَايَةِ مَا مَرَّ عَنْ النَّصِّ وَهَذَا فِي الْبِلَادِ الَّذِي يَعُزُّ فِيهَا وُجُودُ الْحِجَارَةِ فَإِنْ كَانَ فِي بَلَدٍ تُوجَدُ الْحِجَارَةُ فِيهِ فَهِيَ أَوْلَى مِنْ الْآجُرِّ؛ لِأَنَّ بَقَاءَهَا أَكْثَرُ وَأَقَلُّ مُؤْنَةً وَنَقَلَ سم عَنْ م ر فِي غَيْرِ الشَّرْحِ أَنَّ الْأَوْجَهَ اتِّبَاعُ عَادَةِ الْبَلَدِ وَقَالَ حَجّ: إنَّهُ الْأَوْجَهُ مُدْرَكًا وَيُمْكِنُ حَمْلُ مَا فِي شَرْحِ م ر عَلَى مَا إذَا لَمْ تَقْتَضِ الْمَصْلَحَةُ الْجَرْيَ عَلَى عَادَةِ الْبَلَدِ وَاعْتَمَدَ زي اعْتِبَارَ عَادَةِ الْبَلَدِ وَأَوَّلُ مَنْ صَنَعَ الْآجُرَّ هَامَانُ عِنْدَ بِنَاءِ الصَّرْحِ لِفِرْعَوْنَ كَمَا فِي ق ل وز ي (قَوْلُهُ: وَشَرَطَ ابْنُ الصَّبَّاغِ) اُعْتُرِضَ بِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ مَنْعُ الْبِنَاءِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ نَادِرٌ جِدًّا فَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَيْسَ بِشَرْطٍ ز ي.
(قَوْلُهُ: وَلَا يَبِيعُهُ) أَيْ عَقَارَهُ أَيْ الَّذِي لِلْقَنِيَّةِ لَا غَيْرَهُ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ صَنِيعِهِ ح ل وَأَفْتَى الْقَفَّالُ بِجَوَازِ بَيْعِ ضَيْعَةِ يَتِيمٍ خَرِبَتْ وَخَرَاجُهَا يَسْتَأْصِلُ مَالَهُ وَلَوْ كَانَ بَيْعُهَا بِدِرْهَمٍ؛ لِأَنَّ الْمَصْلَحَةَ فِيهِ شَرْحُ م ر وَالْخَرَاجُ كَانَ عَلَى الْيَتِيمِ بِأَنْ كَانَتْ الضَّيْعَةُ يَتْبَعُهَا أَرْضٌ تُزْرَعُ وَمِثْلُهُ مَا عَمَّتْ بِهِ الْبَلْوَى فِي مِصْرِنَا مِنْ أَنَّ مَا خَرِبَ مِنْ الْأَوْقَافِ لَا يُعَمَّرُ فَيَجُوزُ إجَارَةُ أَرْضِهِ لِمَنْ يُعَمِّرُهَا بِأُجْرَةٍ وَإِنْ قَلَّتْ الْأُجْرَةُ الَّتِي يَأْخُذُهَا وَطَالَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ حَيْثُ لَمْ يُوجَدْ مَنْ يَسْتَأْجِرُ بِزِيَادَةٍ عَلَيْهَا ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى النَّاظِرِ صَرْفُهُ فِي مَصَارِفِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهَا. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: بِأَنْ لَمْ تَفِ غَلَّتُهُ) أَيْ أُجْرَتُهُ بِهِمَا أَيْ وَلَمْ يَجِدْ مُقْرِضًا أَوْ رَأَى الْمَصْلَحَةَ فِي عَدَمِ الْقَرْضِ وَمِنْ الْحَاجَةِ خَوْفُ ظَالِمٍ أَوْ خَرَابَةِ أَوْ عِمَارَةِ بَقِيَّةِ أَمْلَاكِهِ أَوْ لِكَوْنِهِ بِغَيْرِ بَلَدِهِ وَيَحْتَاجُ لِكَثْرَةِ مُؤْنَةٍ لِمَنْ يَتَوَجَّهُ لِإِيجَارِهِ وَقَبَضَ غَلَّته وَيَظْهَرُ ضَبْطُ هَذِهِ الْكَثْرَةِ بِأَنْ تَسْتَغْرِقَ أُجْرَةَ الْعَقَارِ أَوْ قَرِيبًا مِنْهَا بِحَيْثُ لَا يَبْقَى مِنْهَا إلَّا مَالًا وَقَعَ لَهُ عُرْفًا س ل (قَوْلُهُ: أَوْ غِبْطَةٍ) (تَنْبِيهٌ)
الْمَصْلَحَةُ أَعَمُّ مِنْ الْغِبْطَةِ إذْ الْغِبْطَةُ بَيْعٌ بِزِيَادَةِ عَلَى الْقِيمَةِ لَهَا وَقْعٌ وَالْمَصْلَحَةُ لَا تَسْتَلْزِمُ ذَلِكَ لِصِدْقِهَا بِنَحْوِ شِرَاءِ مَا يُتَوَقَّعُ فِيهِ الرِّبْحُ وَبَيْعُ مَا يُتَوَقَّعُ فِيهِ الْخُسْرَانُ لَوْ بَقِيَ وَسَيَأْتِي ذَلِكَ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ فِي بَابِ الشَّرِكَةِ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَهُوَ يَجِدُ مِثْلَهُ) يَنْبَغِي كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ إمْكَانَ الْوُجُودِ عَادَةً مِنْ غَيْرِ اشْتِرَاطِ الْوُجُودِ حَالًّا سم (قَوْلُهُ: وَآنِيَةُ الْقُنْيَةِ) بِكَسْرِ الْقَافِ وَضَمِّهَا (قَوْلُهُ: أَيْ مَا عَدَا مَالَ التِّجَارَةِ إلَخْ) وَمَا عَدَا مَالَ التِّجَارَةِ كَعَبْدِهِ وَدَابَّتِهِ وَأَمَّا مَالُ التِّجَارَةِ فَيُبَاعُ لِلْمَصْلَحَةِ ح ل. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْعَقَارَ وَآنِيَةَ الْقُنْيَةِ لَا يُبَاعَانِ إلَّا لِحَاجَةٍ شَدِيدَةٍ أَوْ غِبْطَةٍ ظَاهِرَةٍ، وَمَالُ التِّجَارَةِ يُبَاعُ لِمَصْلَحَةٍ وَلَوْ بِلَا غِبْطَةٍ كَخَوْفٍ مِنْ نَهْبٍ وَمَا عَدَا ذَلِكَ كَالدَّوَابِّ وَالثِّيَابِ تُبَاعُ لِحَاجَةٍ يَسِيرَةٍ وَرِبْحٍ قَلِيلٍ اهـ خَلِيفِيٌّ وَعَزِيزِيٌّ (فَرْعٌ)
لِلْأَبِ وَالْجَدِّ اسْتِخْدَامُ مَحْجُورِهِمَا فِيمَا لَا يُقَابَلُ بِأُجْرَةٍ وَلَا يَضْرِبَانِهِ عَلَى ذَلِكَ وَإِعَارَتُهُ لِذَلِكَ وَلِخِدْمَتِهِ مِنْ مُتَعَلِّمٍ مِنْهُ مَا يَنْفَعُهُ دِينًا وَدُنْيَا وَإِنْ قُوبِلَ بِأُجْرَةٍ وَبَحَثَ أَنَّ عِلْمَ رِضَا الْوَلِيِّ كَإِذْنِهِ وَأَنَّ لِلْوَلِيِّ إيجَارُهُ بِنَفَقَتِهِ وَهُوَ مُتَّجَهٌ إنْ عَلِمَ أَنَّ لَهُ فِيهِ مَصْلَحَةً لِكَوْنِ نَفَقَتِهِ أَكْثَرَ مِنْ أُجْرَتِهِ عَادَةً حَجّ وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ فِيمَا لَا يُقَابَلُ بِأُجْرَةٍ أَنَّهُ لَوْ اسْتَخْدَمَهُ فِيمَا يُقَابَلُ بِأُجْرَةٍ لَزِمَتْهُ وَإِنْ لَمْ يُكْرِهْهُ لَكِنَّهُ بِوِلَايَتِهِ عَلَيْهِ إذَا قَصَدَ بِإِنْفَاقِهِ عَلَيْهِ جَعْلَ النَّفَقَةِ فِي مُقَابَلَةِ الْأُجْرَةِ اللَّازِمَةِ لَهُ بَرِئَتْ ذِمَّتُهُ؛ لِأَنَّ مَحَلَّ وُجُوبِ نَفَقَتِهِ عَلَيْهِ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ أَوْ كَسْبٌ يُنْفِقُ عَلَيْهِ مِنْهُ وَهَذَا بِوُجُوبِ الْأُجْرَةِ لَهُ صَارَ لَهُ مَالٌ أَمَّا الْإِخْوَةُ إذَا وَقَعَ مِنْهُمْ اسْتِخْدَامٌ لِبَعْضِهِمْ وَجَبَتْ الْأُجْرَةُ عَلَيْهِمْ لِلصِّغَارِ مِنْهُمْ إذَا اسْتَخْدَمُوهُمْ وَلَا تَسْقُطُ عَنْهُمْ بِالْإِنْفَاقِ عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ لَيْسَ لَهُمْ وِلَايَةُ التَّمْلِيكِ.
وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي الِاسْتِخْدَامِ وَعَدَمِهِ صُدِّقَ مُنْكِرُهُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ. وَطَرِيقُ مَنْ أَرَادَ الْخَلَاصَ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يَرْفَعَ الْأَمْرَ إلَى الْحَاكِمِ وَيَسْتَأْجِرَ إخْوَتَهُ الصِّغَارَ بِأُجْرَةٍ مُعَيَّنَةٍ وَيَسْتَأْذِنُهُ فِي صَرْفِ الْأُجْرَةِ عَلَيْهِمْ فَيَبْرَأَ

الصفحة 444