كتاب حاشية البجيرمي على شرح المنهج = التجريد لنفع العبيد (اسم الجزء: 2)

مِنْ مَسْكَنٍ وَمَلْبَسٍ وَخَادِمٍ يَحْتَاجُهَا ابْتِدَاءً وَعَنْ دَيْنِهِ) وَلَوْ مُؤَجَّلًا وَإِنْ رَضِيَ صَاحِبُهُ بِالتَّأْخِيرِ (مَا يُخْرِجُهُ) فِي الْفِطْرَةِ بِخِلَافِ مَنْ فَضَلَ عَنْهُ ذَلِكَ وَخَرَجَ بِاللَّائِقِ بِهِمَا مِمَّا ذُكِرَ غَيْرُهُ فَلَوْ كَانَ نَفِيسًا يُمْكِنُ إبْدَالُهُ بِلَائِقٍ بِهِمَا وَيُخْرِجُ التَّفَاوُتَ لَزِمَهُ ذَلِكَ كَمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الْحَجِّ وَبِالِابْتِدَاءِ مَا لَوْ ثَبَتَتْ الْفِطْرَةُ فِي ذِمَّةِ إنْسَانٍ فَإِنَّهُ يُبَاعُ فِيهَا مَسْكَنُهُ وَخَادِمُهُ لَا مَلْبَسُهُ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ الْتَحَقَتْ بِالدُّيُونِ، وَقَوْلِي مَا يَلِيقُ بِهِمَا مَعَ ذِكْرِ الْمَلْبَسِ وَالتَّقْيِيدِ بِالْحَاجَةِ فِي الْمَسْكَنِ وَذِكْرِ الِابْتِدَاءِ وَالدَّيْنِ مِنْ زِيَادَتِي وَقَدْ بَسَطْت الْكَلَامَ عَلَى مَسْأَلَةِ الدَّيْنِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَالْمُعْتَمَدُ فِيهِ مَا قُلْنَا وَبِهِ جَزَمَ النَّوَوِيُّ فِي نُكَتِهِ وَنَقَلَهُ عَنْ الْأَصْحَابِ وَالْمُرَادُ بِحَاجَةِ الْخَادِمِ أَنْ يَحْتَاجَهُ لِخِدْمَتِهِ أَوْ خِدْمَةِ مَمُونِهِ لَا لِعَمَلِهِ فِي أَرْضِهِ أَوْ مَاشِيَتِهِ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ

(وَلَوْ كَانَ الزَّوْجُ مُعْسِرًا) حُرًّا كَانَ أَوْ عَبْدًا (لَزِمَ سَيِّدَ) الزَّوْجَةِ (الْأَمَةِ فِطْرَتُهَا لَا الْحُرَّةِ) فَلَا تَلْزَمُهَا وَلَا زَوْجَهَا لِانْتِفَاءِ يَسَارِهِ وَالْفَرْقُ كَمَالُ تَسْلِيمِ الْحُرَّةِ نَفْسَهَا بِخِلَافِ الْأَمَةِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْمُرَادُ بِتَقَدُّمِهَا عَلَى الْمَسْكَنِ وَالْخَادِمِ لَوْ قِيلَ بِهِ أَنَّهُمَا لَا يُتْرَكَانِ بِأَنْ يُبَاعَا فِيهَا وَتَبْقَى هِيَ بِأَنْ تَلْزَمَ وَتُخْرَجَ مِنْ ثَمَنِهِمَا فَلْيُتَأَمَّلْ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ أَحَدَ التَّقْدِيمَيْنِ بِمَعْنَى تَأْخِيرِ أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ عَلَى الْآخَرِ مَعَ بَقَائِهِ وَالتَّقْدِيمُ الْآخَرُ بِمَعْنَى تَرْكِ أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ بِالْكُلِّيَّةِ وَالتَّقْدِيمُ عَلَى الدَّيْنِ بِالْمَعْنَى الْأَوَّلِ وَتَقْدِيمُ الدَّيْنِ عَلَيْهِمَا بِالْمَعْنَى الثَّانِي فَلَا يَلْزَمُ مِنْ اعْتِبَارِ أَحَدِهِمَا اعْتِبَارُ الْآخَرِ سم ع ش. وَحَاصِلُ الْجَوَابِ عَدَمُ اتِّحَادِ الْحَدِّ الْوَسَطِ وَفِي ق ل وَيُرَدُّ الْإِشْكَالُ بِأَنَّ بَيْعَهُمَا فِي الدَّيْنِ لِتَفْرِيغِ ذِمَّةٍ مَشْغُولَةٍ إذْ الدَّيْنُ ثَابِتٌ قَبْلُ، وَفِي بَيْعِهِمَا هُنَا شَغْلُ ذِمَّةٍ فَارِغَةٍ فَهُوَ كَإِلْزَامِهِ بِالْكَسْبِ لِوُجُوبِهَا وَهُوَ بَاطِلٌ إذْ تَحْصِيلُ سَبَبِ الْوُجُودِ لَا يَجِبُ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ اهـ.
(قَوْلُهُ: مِنْ مَسْكَنٍ) بِفَتْحِ الْكَافِ وَكَسْرِهَا أَيْ وَلَوْ مُسْتَأْجِرًا لَهُ مُدَّةً طَوِيلَةً ثُمَّ الْأُجْرَةُ إنْ كَانَ دَفَعَهَا لِلْمُؤَجِّرِ أَوْ اسْتَأْجَرَ بِعَيْنِهَا فَلَا حَقَّ لَهُ فِيهَا فَهُوَ مُعْسِرٌ وَإِنْ كَانَتْ فِي ذِمَّتِهِ فَهِيَ دَيْنٌ عَلَيْهِ وَهُوَ لَا يَمْنَعُ الْوُجُوبَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَالْمَنْفَعَةُ وَإِنْ كَانَتْ مُسْتَحَقَّةً بَقِيَّةَ الْمُدَّةِ لَا يُكَلَّفُ نَقْلُهَا عَنْ مِلْكِهِ بِعِوَضٍ كَالْمَسْكَنِ لِاحْتِيَاجِهِ لَهَا ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: يَحْتَاجُهَا) صِفَةٌ لِلثَّلَاثَةِ وَهَلَّا قَالَ يَحْتَاجَانِهَا أَيْ هُوَ وَمُمَوَّنُهُ وَقَدْ يُقَالُ رَاعَى الِاخْتِصَارَ شَوْبَرِيٌّ قَالَ شَيْخُنَا وَيَكُونُ فِي يَحْتَاجُ ضَمِيرٌ يَشْمَلُهُ وَمُمَوَّنُهُ أَيْ يَحْتَاجُهَا كُلٌّ مِنْهُ وَمُمَوَّنُهُ وَالْمُرَادُ أَنَّهُ يَحْتَاجُهَا مُطْلَقًا لَا فِي خُصُوصِ الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ كَالْقُوتِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ قَيَّدَ بِذَلِكَ فِي الْقُوتِ وَأَطْلَقَ فِيمَا بَعْدَهُ كَمَا فِي ح ل وَانْحَطَّ عَلَيْهِ كَلَامُ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: ابْتِدَاءً) مُتَعَلِّقٌ بِالنَّفْيِ أَيْ لَمْ يَفْضُلْ لَكِنْ مِنْ حَيْثُ تَعَلُّقُهُ بِالْمَسْكَنِ وَمَا بَعْدَهُ وَالْمَعْنَى انْتَفَى الْفَضْلُ فِي الِابْتِدَاءِ أَيْ أَوَّلِ الْوُجُوبِ أَيْ انْتَفَى زِيَادَةُ مَا يُخْرِجُهُ عَنْ الْمَذْكُورَاتِ وَقْتَ الْوُجُوبِ فَيَخْرُجُ بِهِ دَوَامُ الْوُجُوبِ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ جَمِيعُ ذَلِكَ بَلْ بَعْضُهُ وَهُوَ الْمَلْبَسُ، وَأَمَّا مِنْ حَيْثُ تَعَلُّقُهُ بِالْقُوتِ فَلَا يَتَقَيَّدُ بِالِابْتِدَاءِ بَلْ يَبْقَى لَهُ قُوتُ الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ مُطْلَقًا وَعِبَارَةُ م ر وَيُشْتَرَطُ فِيمَا يُؤَدِّيهِ فِي الْفِطْرَةِ كَوْنُهُ فَاضِلًا ابْتِدَاءً عَمَّا يَلِيقُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَعَنْ دَيْنِهِ) ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهَا فَاضِلَةً عَنْ دَيْنِهِ م ر وَع ش لِقَوْلِهِ بَعْدُ وَلَا يَمْنَعُ دَيْنٌ وُجُوبَهَا فَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ هُنَا يُنَافِي كَلَامَهُ بَعْدُ إلَّا أَنْ يَخُصَّ مَا يَأْتِي بِزَكَاةِ الْمَالِ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ رَضِيَ صَاحِبُهُ بِالتَّأْخِيرِ) هَذِهِ غَايَةٌ ثَانِيَةٌ فِي أَصْلِ الْمُدَّعَى وَهِيَ تُنَاسِبُ الدَّيْنَ الْحَالَّ أَيْ وَلَوْ رَضِيَ صَاحِبُ الدَّيْنِ الْحَالِّ بِتَأْخِيرِ قَبْضِهِ فَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يُعَبِّرَ بِلَوْ، لِأَنَّ تَعْبِيرَهُ بِإِنْ يُوهِمُ أَنَّهَا غَايَةٌ فِي الْغَايَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: مَا يُخْرِجُهُ) فَاعِلُ يَفْضُلُ (قَوْلُهُ: كَمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: مَسْكَنُهُ وَخَادِمُهُ) وَلَوْ لَائِقَيْنِ وَقَوْلُهُ: لَا مَلْبَسُهُ أَيْ اللَّائِقُ بِخِلَافِ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ تَقَدَّمَ أَنَّهُ يُبَاعُ أَيْ فَفِي مَفْهُومِ قَوْلِهِ ابْتِدَاءً تَفْصِيلٌ. (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِحَاجَةِ الْخَادِمِ) قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَيُقَاسُ بِهِ حَاجَةُ الْمَسْكَنِ شَرْحُ م ر أَيْ فَيُقَالُ هِيَ أَنْ يَحْتَاجَهُ لِمَسْكَنِهِ أَوْ مَسْكَنِ مَنْ تَلْزَمُهُ مُؤْنَتُهُ لَا لِحَبْسِ دَوَابِّهِ أَوْ خَزْنِ تِبْنٍ لَهَا مَثَلًا فِيهِ ع ش عَلَى م ر
(قَوْلُهُ: أَنْ يَحْتَاجَهُ لِخِدْمَتِهِ) أَيْ إمَّا لِمَنْصِبِهِ أَوْ ضَعْفِهِ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: لَا لِعَمَلِهِ فِي أَرْضِهِ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ الْمَاشِيَةَ وَالْمَالَ الَّذِي يَتَحَصَّلُ مِنْ الْأَرْضِ يُبَاعَانِ لِلزَّكَاةِ فَكَيْفَ بِالْخَادِمِ الَّذِي يَعْمَلُ فِيهِ عَزِيزِيٌّ

(قَوْلُهُ: لَا الْحُرَّةِ) أَيْ لَا يَلْزَمُهَا فِطْرَتُهَا لَكِنْ يُسَنُّ لَهَا إذَا كَانَتْ مُوسِرَةً إخْرَاجُ فِطْرَتِهَا عَنْ نَفْسِهَا كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ لِتَطْهِيرِهَا كَمَا فِي شَرْحِ م ر قَالَ ع ش: هَذَا كُلُّهُ حَيْثُ كَانَتْ مُوَافِقَةً لِلزَّوْجِ فِي مَذْهَبِهِ فَإِنْ كَانَتْ مُخَالِفَةً لَهُ فِي ذَلِكَ رَاعَتْ مَذْهَبَهَا فَلَوْ كَانَتْ حَنَفِيَّةً وَالزَّوْجُ شَافِعِيًّا وَكَانَ مُعْسِرًا وَجَبَتْ عَلَيْهَا وَإِنْ كَانَ مُوسِرًا وَجَبَتْ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا، لِأَنَّ مَذْهَبَهَا يَرَى الْوُجُوبَ عَلَيْهَا وَفِي مَذْهَبِهِ الْوُجُوبُ عَلَيْهِ فَإِذَا أَدَّاهَا أَحَدُهُمَا كَفَى.
وَإِذَا كَانَتْ شَافِعِيَّةً وَالزَّوْجُ حَنَفِيًّا فَلَا وُجُوبَ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا مُرَاعَاةً لِمَذْهَبِهِ (قَوْلُهُ: فَلَا تَلْزَمُهَا) مُقْتَضَى وُجُوبِهَا ابْتِدَاءً عَلَى الْمُؤَدَّى عَنْهُ وُجُوبُهَا عَلَيْهَا إلَّا أَنْ يُقَالَ لَمَّا تَحَمَّلَهَا عَنْهَا بِطَرِيقِ الْحَوَالَةِ سَقَطَتْ عَنْهَا وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا. (قَوْلُهُ: وَالْفَرْقُ كَمَالُ تَسْلِيمِ الْحُرَّةِ نَفْسَهَا بِخِلَافِ الْأَمَةِ) الْمُزَوَّجَةِ لِأَنَّ لِسَيِّدِهَا أَنْ يُسَافِرَ بِهَا وَيَسْتَخْدِمَهَا وَلِأَنَّهُ اجْتَمَعَ فِيهَا شَيْئَانِ الْمِلْكُ وَالزَّوْجِيَّةُ

الصفحة 47