كتاب حاشية البجيرمي على شرح المنهج = التجريد لنفع العبيد (اسم الجزء: 2)

لِاسْتِخْدَامِ السَّيِّدِ لَهَا، وَقِيلَ تَجِبُ عَلَى الْحُرَّةِ الْمُوسِرَةِ وَعَلَيْهِ لَوْ أَخْرَجَتْهَا ثُمَّ أَيْسَرَ الزَّوْجُ لَمْ تَرْجِعْ عَلَيْهِ وَظَاهِرُ مَا مَرَّ أَنَّ الْكَلَامَ فِي زَوْجَةٍ عَلَى زَوْجِهَا مُؤْنَتُهَا فَلَوْ كَانَتْ نَاشِزَةً لَزِمَهَا فِطْرَةُ نَفْسِهَا

(وَمَنْ أَيْسَرَ بِبَعْضِ صَاعٍ لَزِمَهُ) إخْرَاجُهُ مُحَافَظَةً عَلَى الْوَاجِبِ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ وَتُخَالِفُ الْكَفَّارَةَ لِأَنَّهَا لَا تَتَبَعَّضُ وَلِأَنَّ لَهَا بَدَلًا بِخِلَافِ الْفِطْرَةِ فِيهِمَا (أَوْ) أَيْسَرَ بِبَعْضِ (صِيعَانٍ قَدَّمَ) وُجُوبًا (نَفْسَهُ) لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «ابْدَأْ بِنَفْسِك فَتَصَدَّقْ عَلَيْهَا فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ فَلِأَهْلِك فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ فَلِذِي قَرَابَتِك» (فَزَوْجَتَهُ) ، لِأَنَّ نَفَقَتَهَا آكَدُ لِأَنَّهَا مُعَاوَضَةٌ لَا تَسْقُطُ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ (فَوَلَدَهُ الصَّغِيرَ) ، لِأَنَّ نَفَقَتَهُ ثَابِتَةٌ بِالنَّصِّ وَالْإِجْمَاعِ (فَأَبَاهُ) وَإِنْ عَلَا وَلَوْ مِنْ قِبَلِ الْأُمِّ (فَأُمَّهُ) كَذَلِكَ عَكْسُ مَا فِي النَّفَقَاتِ، لِأَنَّ النَّفَقَةَ لِلْحَاجَةِ وَالْأُمُّ أَحْوَجُ وَأَمَّا الْفِطْرَةُ فَلِلتَّطْهِيرِ وَالشَّرَفِ وَالْأَبُ أَوْلَى بِهَذَا فَإِنَّهُ مَنْسُوبٌ إلَيْهِ وَيَشْرُفُ بِشَرَفِهِ وَفِيهِ كَلَامٌ ذَكَرْته فِي شَرْحِ الرَّوْضِ (فَ) وَلَدَهُ (الْكَبِيرَ)
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَلَا يَنْتَقِضُ ذَلِكَ بِمَا لَوْ سَلَّمَهَا سَيِّدُهَا لَيْلًا وَنَهَارًا وَالزَّوْجُ مُوسِرٌ حَيْثُ تَجِبُ الْفِطْرَةُ عَلَى الزَّوْجِ قَوْلًا وَاحِدًا لِأَنَّهَا عِنْدَ الْيَسَارِ غَيْرُ سَاقِطَةٍ عَنْ السَّيِّدِ بَلْ يَحْمِلُهَا الزَّوْجُ عَنْهُ اهـ (قَوْلُهُ: لِاسْتِخْدَامِ السَّيِّدِ لَهَا) إنْ قُلْت فَرْضُ الْمَسْأَلَةِ فِي أَمَةٍ تَجِبُ عَلَى الزَّوْجِ نَفَقَتُهَا بِأَنْ لَمْ يَسْتَخْدِمْهَا السَّيِّدُ فَتَجِبُ حِينَئِذٍ فِطْرَتُهَا عَلَى الزَّوْجِ إنْ كَانَ مُوسِرًا وَعَلَى السَّيِّدِ إنْ كَانَ مُعْسِرًا وَأَمَّا إذَا كَانَ السَّيِّدُ يَسْتَخْدِمُهَا فَإِنَّ النَّفَقَةَ وَالْفِطْرَةَ وَاجِبَتَانِ عَلَيْهِ سَوَاءٌ كَانَ الزَّوْجُ مُوسِرًا أَوْ مُعْسِرًا، وَقَوْلُ الشَّارِحِ لِاسْتِخْدَامِ إلَخْ يَقْتَضِي أَنَّهُ إذَا كَانَ السَّيِّدُ يَسْتَخْدِمُهَا لَا تَجِبُ عَلَيْهِ فِطْرَتُهَا إلَّا إذَا كَانَ الزَّوْجُ مُعْسِرًا مَعَ أَنَّهَا تَجِبُ مُطْلَقًا. قُلْت مَعْنَى قَوْلِهِ لِاسْتِخْدَامِ إلَخْ أَنَّ لِلسَّيِّدِ أَنْ يَسْتَخْدِمَهَا وَلَا يَمْنَعُهُ مِنْهُ زَوْجُهَا أَيْ وَلَمْ يَسْتَخْدِمْهَا بِالْفِعْلِ قَرَّرَهُ شَيْخُنَا وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر، لِأَنَّ لِسَيِّدِهَا أَنْ يُسَافِرَ بِهَا وَيَسْتَخْدِمَهَا. (قَوْلُهُ: وَقِيلَ تَجِبُ عَلَى الْحُرَّةِ) هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ التَّحَمُّلَ تَحَمُّلُ ضَمَانٍ، لِأَنَّ لِسَيِّدِهَا أَنْ يُسَافِرَ بِهَا وَيَسْتَخْدِمَهَا. (قَوْلُهُ: وَقِيلَ تَجِبُ عَلَى الْحُرَّةِ) هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ التَّحَمُّلَ تَحَمُّلُ ضَمَانٍ وَأَمَّا عَلَى الْمُعْتَمَدِ مِنْ أَنَّهُ تَحَمُّلُ حَوَالَةٍ فَلَا تَجِبُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا

(قَوْلُهُ: وَتُخَالِفُ الْكَفَّارَةَ) هُوَ ظَاهِرٌ فِي الْإِعْتَاقِ لَا فِي الْإِطْعَامِ فَإِذَا أَيْسَرَ بِبَعْضِ الْأَمْدَادِ أَخْرَجَهُ وَبَقِيَ الْبَاقِي فِي ذِمَّتِهِ لَكِنْ لَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ وَهُنَا يَلْزَمُهُ (قَوْلُهُ:، لِأَنَّهَا لَا تَتَبَعَّضُ) فِيهِ التَّعْلِيلُ بِعَيْنِ الْمُدَّعِي (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ لَهَا بَدَلًا) أَيْ فِي الْجُمْلَةِ وَإِلَّا فَالْخَصْلَةُ الْأَخِيرَةُ لَا بَدَلَ لَهَا أَوْ هُوَ خَاصٌّ بِالْمُخَيَّرَةِ قَالَ ع ش: وَالْأَوْلَى الِاقْتِصَارُ عَلَى هَذِهِ الْعِلَّةِ فَإِنَّ الْأُولَى قَدْ يُقَالُ: إنَّهَا مِنْ التَّعْلِيلِ بِصُورَةِ الْمَسْأَلَةِ لِأَنَّ الْحَاصِلَ يَرْجِعُ إلَى أَنْ يُقَالَ تَبَعَّضَتْ الْفِطْرَةُ وَلَمْ تَتَبَعَّضْ الْكَفَّارَةُ لِأَنَّهَا لَا تَتَبَعَّضُ اهـ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمَعْنَى وَتُخَالِفُ الْكَفَّارَةَ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ إذَا أَيْسَرَ بِبَعْضِهَا لَا يَلْزَمُهُ لِأَنَّهَا لَا تَتَبَعَّضُ فَلَا يَكُونُ هُنَاكَ مُصَادَرَةٌ اهـ (قَوْلُهُ: قَدَّمَ وُجُوبًا نَفْسَهُ) فَإِنْ أَخْرَجَهُ عَنْ زَوْجَتِهِ مَثَلًا قَالَ ابْنُ حَجَرٍ أَسَاءَ وَقَدْ يُشْعِرُ بِأَنَّهُ يَقَعُ عَنْهَا وَلَيْسَ مُرَادًا لِعَدَمِ وُجُوبِهَا عَلَيْهِ لِلزَّوْجَةِ حِينَئِذٍ فَيَسْتَرِدُّهُ وَيُخْرِجُهُ عَنْ نَفْسِهِ شَوْبَرِيٌّ وَمَحَلُّهُ كَمَا هُوَ فَرْضُ الْمَسْأَلَةِ إنْ لَمْ يَكُنْ مُوسِرًا بِفِطْرَةِ الْكُلِّ وَإِلَّا فَهُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ تَقْدِيمِ زَكَاةِ نَفْسِهِ، وَزَكَاةِ غَيْرِهِ لَكِنَّ تَقْدِيمَ زَكَاةِ نَفْسِهِ أَوْلَى ح ف. (قَوْلُهُ: فَتَصَدَّقْ عَلَيْهَا) أَيْ عَنْهَا وَقَوْلُهُ: فَلِأَهْلِك أَيْ زَوْجَتِك (قَوْلُهُ: فَزَوْجَتَهُ) أَيْ وَيَجِبُ عَلَيْهِ الْإِخْرَاجُ عَنْ زَوْجَتِهِ الرَّجْعِيَّةِ وَالْبَائِنِ الْحَامِلِ دُونَ الْحَائِلِ سم عَلَى الْبَهْجَةِ وَقَوْلُهُ: وَالْبَائِنِ الْحَامِلِ دُونَ الْحَائِلِ أَيْ، لِأَنَّ النَّفَقَةَ وَاجِبَةٌ لَهَا دُونَهَا إذْ وُجُودُ الْحَمْلِ الْمُقْتَضِي وُجُوبَ النَّفَقَةِ يَقْتَضِي وُجُوبَ الْفِطْرَةِ أَيْضًا وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ النَّفَقَةَ لَهَا مَدْخَلٌ فِي سِمَنِ الْحَمْلِ وَزِيَادَتِهِ وَلَا كَذَلِكَ الْفِطْرَةُ إلَّا أَنْ يُقَالَ عَلَى بُعْدٍ لَوْ لَمْ يَجِبْ إخْرَاجُ فِطْرَةِ الْحَامِلِ عَلَى الْغَيْرِ لَوَجَبَتْ عَلَيْهَا فَقَدْ تُخْرِجُ مَا تَحْتَاجُ إلَيْهِ فِي الْيَوْمِ الَّذِي يَلِي يَوْمَ الْفِطْرَةِ وَلَا تَجِدُ مَا تَقْتَاتُ بِهِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ فَيَحْصُلُ لَهَا وَهْنٌ فِي بَدَنِهَا فَيَتَعَدَّى لِحَمْلِهَا فَأَوْجَبْنَا الْفِطْرَةَ عَلَى الْغَيْرِ خُصُوصًا مِنْ ذَلِكَ قَالَهُ ع ش وَلَا يَبْعُدُ أَنَّ خَادِمَ الزَّوْجَةِ يَلِيهَا فَيُقَدَّمُ عَلَى سَائِرِ مَنْ ذُكِرَ بَعْدَهَا لِأَنَّهَا وَجَبَتْ لَهُ بِسَبَبِ الزَّوْجَةِ الْمُقَدَّمَةِ عَلَى مَنْ بَعْدَهَا كَمَا فِي سم فِي حَجّ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ نَفَقَتَهَا آكَدُ) أَيْ وَالْفِطْرَةُ تَابِعَةٌ لِلنَّفَقَةِ (قَوْلُهُ: عَكْسُ مَا فِي النَّفَقَاتِ) حَيْثُ تُقَدَّمُ فِيهَا الْأُمُّ عَلَى الْأَبِ ح ل (قَوْلُهُ: وَفِيهِ) أَيْ فِي هَذَا الْفَرْقِ الَّذِي فَرَّقُوا بِهِ بَيْنَ الْأَبِ وَالْأُمِّ، وَقَوْلُهُ: كَلَامٌ وَهُوَ أَنَّ الْإِسْنَوِيَّ أَبْطَلَ هَذَا الْفَرْقَ بِالْوَلَدِ الصَّغِيرِ فَإِنَّهُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْأَبَوَيْنِ هُنَا مَعَ كَوْنِهِمَا أَشْرَفَ مِنْهُ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى اعْتِبَارِ الْحَاجَةِ فِي الْبَابَيْنِ اهـ قَالَ م ر: وَرَدَّهُ الْوَالِدُ بِأَنَّهُمْ إنَّمَا قَدَّمُوا الْوَلَدَ الصَّغِيرَ عَلَى الْأَبَوَيْنِ لِأَنَّهُ كَبَعْضِ وَالِدِهِ، وَنَفْسُهُ مُقَدَّمَةٌ عَلَيْهِمَا اهـ أَقُولُ: لَكِنْ يَرِدُ عَلَيْهِ تَأْخِيرُ الْوَلَدِ الْكَبِيرِ عَنْ الْأَبَوَيْنِ مَعَ أَنَّهُ بَعْضُهُ ع ش وَيُجَابُ بِأَنَّهُ لَمَّا اسْتَقَلَّ كَانَ كَأَنَّهُ غَيْرُ بَعْضِهِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ أَيْضًا عَنْ الْأَوَّلِ بِأَنَّ النَّظَرَ لِلشَّرَفِ إنَّمَا يَظْهَرُ وَجْهُهُ عِنْدَ اتِّحَادِ الْجِنْسِ كَالْأَصَالَةِ فَلَا يَرِدُ مَا ذَكَرَهُ م ر اهـ.
(قَوْلُهُ: فَوَلَدَهُ الْكَبِيرَ) أَيْ الَّذِي لَا كَسْبَ لَهُ وَهُوَ زَمِنٌ أَوْ مَجْنُونٌ

الصفحة 48