كتاب حاشية البجيرمي على شرح المنهج = التجريد لنفع العبيد (اسم الجزء: 2)

(وَبِقُدْرَةٍ عَلَى غَائِبٍ قَارٍّ) بِأَنْ سَهُلَ الْوُصُولُ لَهُ (أَوْ) عَلَى اسْتِيفَاءِ دَيْنٍ (حَالٍّ) بِأَنْ كَانَ عَلَى مَلِيءٍ حَاضِرٍ بَاذِلٍ، أَوْ عَلَى جَاحِدٍ وَبِهِ حُجَّةٌ وَقَوْلِي قَارٍّ مِنْ زِيَادَتِي (وَبِزَوَالِ حَجْرِ فَلَسٍ) لِأَنَّ الْحَجْرَ بِهِ مَانِعٌ مِنْ التَّصَرُّفِ فَالْأَدَاءُ إنَّمَا يَجِبُ عَلَى الْمُزَكِّي إذَا تَمَكَّنَ (وَتَقَرَّرَتْ أُجْرَةٌ قُبِضَتْ) فَلَوْ آجَرَ دَارًا أَرْبَعَ سِنِينَ بِمِائَةِ دِينَارٍ وَقَبَضَهَا لَمْ يَلْزَمْهُ كُلَّ سَنَةٍ إلَّا إخْرَاجُ حِصَّةِ مَا تَقَرَّرَ مِنْهَا فَإِنَّ الْمِلْكَ فِيهَا ضَعِيفٌ لِتَعَرُّضِهِ لِلزَّوَالِ بِتَلَفِ الْعَيْنِ الْمُؤَجَّرَةِ فَعُلِمَ أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ التَّأْخِيرُ بَعْدَ التَّمَكُّنِ وَتَقَرُّرِ الْأُجْرَةِ نَعَمْ لَهُ التَّأْخِيرُ لِانْتِظَارِ قَرِيبٍ، أَوْ جَارٍ، أَوْ أَحْوَجَ، أَوْ أَفْضَلَ إنْ لَمْ يَشْتَدَّ ضَرَرُ الْحَاضِرِينَ لَكِنْ لَوْ تَلِفَ الْمَالُ حِينَئِذٍ ضَمِنَ (لَا صَدَاقٌ) فَلَا يُشْتَرَطُ تَقَرُّرُهُ بِتَشْطِيرٍ، أَوْ مَوْتٍ، أَوْ وَطْءٍ.
وَفَارَقَ الْأُجْرَةَ بِأَنَّهَا مُسْتَحَقَّةٌ فِي مُقَابَلَةِ الْمَنَافِعِ فَبِفَوَاتِهَا يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQعَلَيْهِ حُجَّةً بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَتَعَذَّرْ أَخْذُهُ بِأَنْ كَانَ عَلَى مَلِيءٍ حَاضِرٍ بَاذِلٍ، أَوْ عَلَى جَاحِدٍ وَبِهِ حُجَّةٌ فَإِنَّهَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ فَوْرًا، وَإِنْ لَمْ يَأْخُذْهُ؛ لِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى أَخْذِهِ كَمَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ: أَوْ عَلَى اسْتِيفَاءِ دَيْنٍ حَالٍّ فَهُوَ مُحْتَرَزُ هَذَا. (قَوْلُهُ: وَبِقُدْرَةٍ عَلَى غَائِبٍ قَارٍّ) اُنْظُرْهُ مَعَ قَوْلِ الشَّارِحِ الْمُتَقَدِّمِ، أَوْ قَارٍّ عَسُرَ الْوُصُولُ إلَيْهِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ التَّمَكُّنُ مِنْ الْأَدَاءِ يَحْصُلُ بِأَحَدِ الْأَمْرَيْنِ إمَّا بِحُضُورِ الْغَائِبِ الْقَارِّ الَّذِي عَسُرَ الْوُصُولُ إلَيْهِ وَهَذَا هُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ أَوَّلًا أَوْ بِالْقُدْرَةِ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ وَهَذَا هُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ هُنَا. اهـ. اط ف. (قَوْلُهُ: بِأَنْ سَهُلَ الْوُصُولُ لَهُ) تَصْوِيرٌ لِلْقُدْرَةِ عَلَى الْغَائِبِ. (قَوْلُهُ: أَوْ عَلَى اسْتِيفَاءِ دَيْنٍ) وَسَيَأْتِي تَعَلُّقُ الزَّكَاةِ بِعَيْنِ الْمَالِ فَعَلَيْهِ يَمْلِكُ الْمُسْتَحِقُّونَ مِنْ الدَّيْنِ مَا وَجَبَ لَهُمْ وَمَعَ ذَلِكَ يَدَّعِي الْمَالِكُ بِالْكُلِّ وَيَحْلِفُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ لَهُ وِلَايَةَ الْقَبْضِ وَمِنْ ثَمَّ لَا يَحْلِفُ أَنَّهُ لَهُ مَثَلًا بَلْ إنَّهُ يَسْتَحِقُّ قَبْضَهُ قَالَهُ السُّبْكِيُّ وَلَا يَجُوزُ جَعْلُ دَيْنِهِ عَلَى مُعْسِرٍ مِنْ زَكَاتِهِ إلَّا إنْ قَبَضَهُ مِنْهُ، ثُمَّ نَوَاهَا قَبْلَ، أَوْ مَعَ الْأَدَاءِ إلَيْهِ، أَوْ يُعْطِيه مِنْ زَكَاتِهِ، ثُمَّ يَرُدُّهُ إلَيْهِ عَنْ دَيْنِهِ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ شَرْحُ حَجّ.
(قَوْلُهُ: بِأَنْ كَانَ عَلَى مَلِيءٍ حَاضِرٍ) تَصْوِيرٌ لِلْقُدْرَةِ عَلَى اسْتِيفَاءِ الدَّيْنِ. (قَوْلُهُ: وَبِهِ حُجَّةٌ) ، أَوْ تَمَكَّنَ مِنْ الظَّفَرِ مِنْ جِنْسِهِ أَمَّا لَوْ لَمْ يَتَيَسَّرْ الظَّفَرُ إلَّا بِغَيْرِ جِنْسِهِ فَلَا يُتَّجَهُ الْوُجُوبُ فِي الْحَالِ. (قَوْلُهُ: وَبِزَوَالِ حَجْرِ فَلَسٍ إلَخْ) أَيْ وَالزَّكَاةُ مُتَعَلِّقَةٌ بِالذِّمَّةِ وَإِلَّا قُدِّمَتْ عَلَى الْغُرَمَاءِ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى زَوَالِ الْحَجْرِ شَوْبَرِيٌّ وَهَذَا بِخِلَافِ حَجْرِ السَّفَهِ لَا يُشْتَرَطُ زَوَالُهُ بَلْ يُخْرِجُ الْمَالَ حَالًّا كَمَا مَرَّ اهـ. (قَوْلُهُ: وَتَقَرَّرَتْ أُجْرَةُ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ إذَا تَمَكَّنَ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ فَالْأَدَاءُ إنَّمَا يَجِبُ إلَخْ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: قُبِضَتْ) أَيْ، أَوْ لَمْ تُقْبَضْ وَكَانَتْ عَلَى مُقِرٍّ مَلِيءٍ بَاذِلٍ، أَوْ بِهَا حُجَّةٌ فَقَبْضُهَا لَيْسَ بِقَيْدٍ لِمَا مَرَّ أَنَّهَا تَجِبُ فِي الدَّيْنِ كَمَا أَفَادَهُ شَيْخُنَا فَقَوْلُ بَعْضِهِمْ إنَّمَا قُيِّدَ بِالْقَبْضِ لِأَجْلِ وُجُوبِ الْإِخْرَاجِ لَيْسَ بِظَاهِرٍ. (قَوْلُهُ: لَمْ يَلْزَمْهُ كُلَّ سَنَةٍ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ فَيُخْرِجُ عِنْدَ تَمَامِ الْأُولَى زَكَاةَ خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ لِسَنَةٍ وَعِنْدَ تَمَامِ الثَّانِيَةِ زَكَاةَ خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ لِسَنَةٍ وَخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ لِسَنَتَيْنِ وَعِنْدَ تَمَامِ السَّنَةِ الثَّالِثَةِ زَكَاةَ خَمْسِينَ لِسَنَةٍ وَخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ لِثَلَاثِ سِنِينَ وَعِنْدَ تَمَامِ الرَّابِعَةِ زَكَاةَ الْخَمْسَةِ وَالسَّبْعِينَ لِسَنَةٍ وَزَكَاةَ خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ لِأَرْبَعِ سِنِينَ اهـ بِحُرُوفِهِ فَالْوَاجِبُ فِي السَّنَةِ الْأُولَى نِصْفُ دِينَارٍ وَثُمُنُ دِينَارٍ، وَفِي الثَّانِيَةِ ثَلَاثُ أَنْصَافٍ وَثَلَاثَةُ أَثْمَانٍ، وَفِي الثَّلَاثَةِ خَمْسَةُ أَنْصَافٍ وَخَمْسَةُ أَثْمَانٍ، وَفِي الرَّابِعَةِ سَبْعَةُ أَنْصَافٍ وَسَبْعَةُ أَثْمَانٍ فَإِنْ جُمِعَتْ الْأَنْصَافُ صَارَتْ سِتَّةَ عَشَرَ نِصْفًا ثَمَانِيَةَ دَنَانِيرَ وَالْأَثْمَانُ صَارَتْ سِتَّةَ عَشَر ثُمُنًا بِدِينَارَيْنِ مِنْ خَطِّ شَيْخِنَا ح ف أَيْ وَالْمُخْرَجُ مِنْ غَيْرِهَا وَإِلَّا نَقَصَ حِينَئِذٍ عَمَّا ذُكِرَ وَقَوْلُهُ: وَعِنْدَ تَمَامِ السَّنَةِ الثَّانِيَةِ زَكَاةَ خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ لِسَنَةٍ وَهِيَ الَّتِي زَكَّاهَا أَوَّلًا لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهَا بَاقِيَةٌ عِنْدَهُ قَوْلُهُ: وَخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ لِسَنَتَيْنِ، وَهِيَ الَّتِي تَقَرَّرَتْ لِتَمَامِ السَّنَةِ الثَّانِيَةِ فَيُزَكِّيهَا زَكَاةَ سَنَتَيْنِ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهُ مَالِكٌ لَهَا مِنْ حِينِ الْقَبْضِ وَأَنَّ الزَّكَاةَ وَاجِبَةٌ فِيهَا مِنْ حِينَئِذٍ لَكِنَّ وُجُوبَ الْإِخْرَاجِ مُقَيَّدٌ بِالتَّقَرُّرِ وَقَوْلُهُ: زَكَاةُ خَمْسِينَ لِسَنَةٍ، وَهِيَ مَا تَقَرَّرَ بِتَمَامِ السَّنَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ وَقَوْلُهُ: وَخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ لِثَلَاثِ سِنِينَ وَهِيَ الْمُتَقَرِّرَةُ بِتَمَامِ الثَّالِثَةِ لِأَنَّهُ مَالِكٌ لَهَا مِنْ حِينِ الْقَبْضِ وَلَمْ يُزَكِّهَا قَبْلُ فَتَأَمَّلْ.
فَجُمْلَةُ مَا يُخْرِجُهُ عَلَى الْمِائَةِ فِي الْأَرْبَعِ سِنِينَ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ؛ لِأَنَّهُ يَجِبُ فِيهَا كُلَّ حَوْلٍ رُبُعُ عُشْرِهَا وَهُوَ دِينَارَانِ وَنِصْفٌ. (قَوْلُهُ: فَعُلِمَ أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ التَّأْخِيرُ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ: يَجِبُ فَوْرًا. (قَوْلُهُ: لِانْتِظَارِ نَحْوِ قَرِيبٍ) أَيْ لَا تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ وَمَحَلُّ ذَلِكَ إذَا كَانَ الْمُسْتَحِقُّونَ غَيْرَ مَحْصُورِينَ فَإِنْ كَانُوا مَحْصُورِينَ فَلَا تَأْخِيرَ لِأَنَّهُمْ يَمْلِكُونَ ذَلِكَ بِتَمَامِ الْحَوْلِ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَشْتَدَّ ضَرَرُ الْحَاضِرِينَ) أَيْ وَإِلَّا حَرُمَ التَّأْخِيرُ؛ لِأَنَّ دَفْعَ ضَرَرِهِمْ فَرْضٌ فَلَا يَجُوزُ تَرْكُهُ لِحِيَازَةِ الْفَضِيلَةِ كَمَا قَالَهُ ح ل قَالَ ع ش وَيُصَدَّقُ الْفُقَرَاءُ فِي دَعْوَاهُمْ مَا لَمْ تَدُلَّ قَرِينَةٌ عَلَى كَذِبِهِمْ. (قَوْلُهُ: حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ إذْ أَخَّرَ لِانْتِظَارِ الْقَرِيبِ. (قَوْلُهُ: بِتَشْطِيرٍ) مُتَعَلِّقٌ بِتَقَرُّرِهِ وَانْظُرْ مَا مَعْنَى هَذَا الْكَلَامِ مَعَ أَنَّ التَّشْطِيرَ ضِدُّ التَّقَرُّرِ؛ لِأَنَّ التَّقَرُّرَ هُوَ الْأَمْنُ مِنْ سُقُوطِهِ، أَوْ بَعْضِهِ فَالْأَوْلَى حَذْفُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقَرِّرُ الْمَهْرَ بَلْ يُسْقِطُ بَعْضَهُ اهـ شَيْخُنَا، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّهُ يُقَرِّرُ النِّصْفَ

الصفحة 57