كتاب حاشية البجيرمي على شرح المنهج = التجريد لنفع العبيد (اسم الجزء: 2)

انْعَقَدَ حَوْلُهُ) بِأَنْ مَلَكَ نِصَابًا، أَوْ ابْتَاعَ عَرْضَ تِجَارَةٍ وَلَوْ بِدُونِ نِصَابٍ كَأَنْ ابْتَاعَ عَرْضًا لَهَا لَا يُسَاوِي مِائَتَيْنِ فَعَجَّلَ زَكَاتَهُمَا وَحَالَ الْحَوْلُ وَهُوَ يُسَاوِيهِمَا، أَوْ ابْتَاعَ عَرْضًا يُسَاوِيهِمَا فَعَجَّلَ زَكَاةَ أَرْبَعِمِائَةٍ وَحَالَ الْحَوْلُ وَهُوَ يُسَاوِيهَا فَيُجْزِئُهُ الْمُعَجَّلُ وَإِنْ لَمْ يُسَاوِ الْمَالَ فِي صُورَةِ التِّجَارَةِ الْأُولَى نِصَابًا عِنْدَ الِابْتِيَاعِ بِنَاءً عَلَى مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ اعْتِبَارَ النِّصَابِ فِيهَا بِآخِرِ الْحَوْلِ وَكَلَامُ الْأَصْلِ يَقْتَضِي الْمَنْعَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَلَيْسَ مُرَادًا وَخَرَجَ بِالْعَامِ مَا فَوْقَهُ فَلَا يَصِحُّ تَعْجِيلُهَا لَهُ لِأَنَّ زَكَاتَهُ لَمْ يَنْعَقِدْ حَوْلُهَا وَالتَّعْجِيلُ قَبْلَ انْعِقَادِ الْحَوْلِ لَا يَجُوزُ كَالتَّعْجِيلِ قَبْلَ كَمَالِ النِّصَابِ فِي الزَّكَاةِ الْعَيْنِيَّةِ.
فَمَا عُجِّلَ لِعَامَيْنِ يُجْزِئُ لِلْأَوَّلِ فَقَطْ وَأَمَّا خَبَرُ الْبَيْهَقِيّ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَسَلَّفَ مِنْ الْعَبَّاسِ صَدَقَةَ عَامَيْنِ» فَأُجِيبُ عَنْهُ بِانْقِطَاعِهِ وَبِاحْتِمَالِ أَنَّهُ تَسَلَّفَ فِي عَامَيْنِ وَصَحَّحَ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ صِحَّةَ تَعْجِيلِهَا لَهُمَا وَعَزَوْهُ لِلنَّصِّ وَالْأَكْثَرِينَ، وَعَلَيْهِ فَهُوَ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا بَقِيَ بَعْدَ التَّعْجِيلِ نِصَابٌ كَتَعْجِيلِ شَاتَيْنِ مِنْ ثِنْتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ شَاةً وَخَرَجَ بِانْعِقَادِ الْحَوْلِ مَا لَوْ لَمْ يَنْعَقِدْ كَمَا لَوْ مَلَكَ دُونَ نِصَابٍ مِنْ غَيْرِ عَرْضِ تِجَارَةٍ كَأَنْ مَلَكَ مِائَةَ دِرْهَمٍ فَعَجَّلَ خَمْسَةَ دَرَاهِمَ فَلَا يَصِحُّ تَعْجِيلُهُ لِفَقْدِ سَبَبِ وُجُوبِهَا (وَ) صَحَّ تَعْجِيلُهَا (لِفِطْرَةٍ فِي رَمَضَانَ) وَلَوْ فِي أَوَّلِهِ لِأَنَّهَا تَجِبُ بِالْفِطْرَةِ مِنْ رَمَضَانَ فَهُوَ سَبَبٌ آخَرُ لَهَا أَمَّا قَبْلَهُ فَلَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ تَقْدِيمٌ عَلَى السَّبَبَيْنِ (لَا) تَعْجِيلُهَا (لِنَابِتٍ) مِنْ تَمْرٍ وَحَبٍّ (قَبْلَ) وَقْتِ (وُجُوبِهَا) وَهُوَ بُدُوُّ الصَّلَاحِ وَاشْتِدَادُ الْحَبِّ كَمَا مَرَّ إذْ لَا يُعْرَفُ قَدْرُهُ تَحْقِيقًا وَلَا تَخْمِينًا أَمَّا بَعْدَهُ فَيَصِحُّ قَبْلَ الْجَفَافِ وَالتَّصْفِيَةِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQشَرْحُ م ر شَوْبَرِيٌّ قَالَ ع ش وَلَا يَرْجِعُ الْوَلِيُّ عَلَى الْمُوَلَّى عَلَيْهِ وَإِنْ نَوَى الرُّجُوعَ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَرْجِعُ بِمَا يَصْرِفُهُ عَنْهُ عِنْدَ الِاحْتِيَاجِ وَلَا حَاجَةَ لَهُ فِي هَذَا التَّعْجِيلِ انْتَهَى وَقَوْلُهُ: لِعَامٍ اللَّامُ بِمَعْنَى عَنْ، أَيْ عَنْ وَاجِبِ عَامٍ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدَهُ وَهُوَ قَوْلُهُ: وَلِفِطْرَةٍ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: انْعَقَدَ) أَيْ وُجِدَ وَقَوْلُهُ: حَوْلُهُ أَيْ ابْتِدَاءُ حَوْلِهِ. (قَوْلُهُ: أَوْ ابْتَاعَ) أَيْ اشْتَرَى عَرْضَ تِجَارَةٍ. (قَوْلُهُ: فَعَجَّلَ زَكَاتَهُمَا) أَيْ الْمِائَتَيْنِ وَهَذَا لَيْسَ بِقَيْدٍ بَلْ لَوْ عَجَّلَ زَكَاةَ أَرْبَعِمِائَةٍ جَازَ إذَا كَانَتْ الْعُرُوض تُسَاوِيهَا آخِرَ الْحَوْلِ كَمَا قَالَهُ ع ش قَالَ شَيْخُنَا وَقِيَاسُهُ أَنْ يُقَالَ فِي قَوْلِهِ فَعَجَّلَ زَكَاةَ أَرْبَعِمِائَةٍ أَنَّهُ لَيْسَ بِقَيْدٍ بَلْ لَوْ عَجَّلَ زَكَاةَ أَكْثَرَ مِنْهَا جَازَ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ يُسَاوِيهِمَا) أَيْ وَلَوْ بِالْقَدْرِ الْمُخْرَجِ؛ لِأَنَّهُ كَالْبَاقِي فِي مِلْكِهِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: فَيُجْزِئُهُ الْمُعَجَّلُ، وَإِنْ لَمْ يُسَاوِ الْمَالَ إلَخْ) وَكَأَنَّهُمْ اغْتَفَرُوا لَهُ تَرَدُّدَ النِّيَّةِ
إذْ الْأَصْلُ عَدَمُ الزِّيَادَةِ لِضَرُورَةِ التَّعْجِيلِ، وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ تَعْجِيلٌ أَصْلًا لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي عِنْدَ آخِرِ الْحَوْلِ وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ مَا لِلسُّبْكِيِّ هُنَا. (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يُسَاوِ الْمَالُ إلَخْ) هَذِهِ الْغَايَةُ عُلِمَتْ مِنْ قَوْلِهِ: أَوَّلًا وَلَوْ بِدُونِ نِصَابٍ إلَّا أَنْ يُقَالَ ذَكَرَهَا تَوْطِئَةً لِقَوْلِهِ: بِنَاءً عَلَى مَا مَرَّ إلَخْ وَلِقَوْلِهِ: وَكَلَامُ الْأَصْلِ إلَخْ تَأَمَّلْ اط ف.
(قَوْلُهُ: يَقْتَضِي الْمَنْعَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ) أَيْ حَيْثُ قَالَ وَلَا يَجُوزُ تَعْجِيلُ الزَّكَاةِ عَلَى مِلْكِ النِّصَابِ وَقَوْلُهُ وَلَيْسَ مُرَادًا أَيْ؛ لِأَنَّ كَلَامَ الْأَصْلِ مَفْرُوضٌ فِي الزَّكَاةِ الْعَيْنِيَّةِ لَا فِي زَكَاةِ التِّجَارَةِ لِمَا قَدَّمَهُ مِنْ أَنَّ الْعِبْرَةَ فِيهَا بِآخِرِ الْحَوْلِ قَرَّرَهُ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: يَجْزِي لِلْأَوَّلِ فَقَطْ) أَيْ يَجْزِي مِنْهُ مَا يَخُصُّ الْأَوَّلَ وَالْبَاقِي يَسْتَرِدُّهُ.
فَلَا بُدَّ مِنْ هَذَا التَّأْوِيلِ لِصِدْقِ ظَاهِرِ الْعِبَارَةِ بِأَنَّ جَمِيعَ مَا عُجِّلَ لِلْعَامَيْنِ يَجْزِي لِلْأَوَّلِ فَقَطْ وَلَا يُسْتَرَدُّ مِنْهُ شَيْءٌ. (قَوْلُهُ: تَسَلَّفَ) أَيْ قَدَّمَ، أَوْ تَعَجَّلَ ح ف وَقَوْلُهُ: صَدَقَةَ عَامَيْنِ يَجُوزُ تَنْوِينُ صَدَقَةٍ وَإِضَافَتُهَا وَالْأَوَّلُ أَقْرَبُ لِلْجَوَابِ الْمَذْكُورِ كَمَا فِي الْبِرْمَاوِيِّ. (قَوْلُهُ: وَصَحَّحَ الْإِسْنَوِيُّ) ضَعِيفٌ.
وَقَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ أَيْ عَلَى تَصْحِيحِ الْإِسْنَوِيِّ. (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِانْعِقَادِ الْحَوْلِ مَا لَوْ لَمْ يَنْعَقِدْ) وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ عَجَّلَ وَاحِدَةً مِنْ أَرْبَعِينَ لِعَامٍ فَإِنَّهُ يَصِحُّ وَإِنْ لَمْ يَبْقَ بَعْدَ إخْرَاجِهَا نِصَابًا لِانْعِقَادِ الْحَوْلِ قَبْلَ إخْرَاجِهَا شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَلِفْطَرَةٍ) أَيْ عَنْ فِطْرَةٍ أَيْ زَكَاةِ فِطْرٍ وَتَأْخِيرُهَا أَفْضَلُ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ مَنَعَ التَّعْجِيلَ كَمَا فِي ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا تَجِبُ بِالْفِطْرِ مِنْ رَمَضَانَ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر لِانْعِقَادِ السَّبَبِ الْأَوَّلِ إذْ هِيَ وَجَبَتْ بِسَبَبَيْنِ رَمَضَانَ وَالْفِطْرِ مِنْهُ وَقَدْ وُجِدَ أَحَدُهُمَا فَجَازَ تَقْدِيمُهَا عَلَى الْآخَرِ؛ وَلِأَنَّ التَّقْدِيمَ بِيَوْمٍ، أَوْ يَوْمَيْنِ جَائِزٌ بِاتِّفَاقِ الْأَصْحَابِ فَأُلْحِقَ الْبَاقِي بِهِ قِيَاسًا بِجَامِعِ إخْرَاجِهَا فِي جُزْءٍ مِنْهُ. (قَوْلُهُ: فَهُوَ) أَيْ رَمَضَانُ سَبَبٌ وَالْوَجْهُ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ أَنَّ السَّبَبَ الْأَوَّلَ رَمَضَانُ كُلًّا، أَوْ بَعْضًا أَيْ الْقَدْرُ الْمُشْتَرَكُ بَيْنَ كُلِّهِ وَبَعْضِهِ فَصَحَّ.
قَوْلُهُ: لَهُ تَعْجِيلُ الْفِطْرَةِ مِنْ أَوَّلِ رَمَضَانَ وَقَوْلُهُمْ: هُنَاكَ مَعَ إدْرَاكِ آخِرِ جُزْءٍ مِنْ رَمَضَانَ وَهَذَا فِي غَايَةِ الظُّهُورِ وَلَكِنَّهُ قَدْ يَشْتَبِهُ مَعَ عَدَمِ التَّأَمُّلِ سم أَيْ: لِأَنَّ قَوْلَهُمْ: مَا ذُكِرَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ السَّبَبَ هُوَ إدْرَاكُ آخِرِ جُزْءٍ مِنْ رَمَضَانَ لَا كُلِّهِ اهـ فَإِذَا عَجَّلَهَا فِي رَمَضَانَ يُقَالُ إنَّهُ عَجَّلَهَا عَنْ أَحَدِ السَّبَبَيْنِ وَهُوَ الْفِطْرُ، وَأَمَّا السَّبَبُ الْآخَرُ فَقَدْ عَجَّلَهَا فِيهِ لَا عَنْهُ وَمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ أَحَدَ السَّبَبَيْنِ إدْرَاكُ آخِرِ جُزْءٍ مِنْ رَمَضَانَ فَهُوَ بَيَانٌ لِأَقَلِّ مَا يَتَحَقَّقُ بِهِ السَّبَبُ الْأَوَّلُ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: أَمَّا بَعْدَهُ فَيَصِحُّ) أَيْ حَيْثُ كَانَ الْإِخْرَاجُ مِنْ غَيْرِ التَّمْرِ وَالْحَبِّ اللَّذَيْنِ أَرَادَ الْإِخْرَاجَ عَنْهُمَا لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ لَوْ أَخْرَجَ مِنْ الرُّطَبِ، أَوْ الْعِنَبِ قَبْلَ جَفَافِهِ لَا يُجْزِئُ وَإِنْ جَفَّ وَتَحَقَّقَ أَنَّ الْمُخْرَجَ يُسَاوِي الْوَاجِبَ بَعْدَ جَفَافِهِ، أَوْ يَزِيدُ عَلَيْهِ ع ش عَلَى م ر

الصفحة 60