كتاب حاشية البجيرمي على شرح المنهج = التجريد لنفع العبيد (اسم الجزء: 2)

وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّهُ لَا تَجِبُ نِيَّةُ الْغَدِ وَلَا الْأَدَاءُ وَلَا الْإِضَافَةُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى وَلَا الْفَرْضِيَّةُ وَلَا السُّنَّةُ وَهُوَ كَذَلِكَ فِي غَيْرِ نِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ وَفِيهَا عَلَى مَا صَحَّحَهُ فِي الْمَجْمُوعِ تَبَعًا لِلْأَكْثَرِينَ لَكِنْ مُقْتَضَى كَلَامِ الْأَصْلِ وَالرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا أَنَّهَا تَجِبُ كَمَا فِي الصَّلَاةِ وَفَرَّقَ فِي الْمَجْمُوعِ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ: صَوْمَ رَمَضَانَ مِنْ الْبَالِغِ لَا يَقَعُ إلَّا فَرْضًا بِخِلَافِ الصَّلَاةِ فَإِنَّ الْمُعَادَةَ نَفْلٌ وَفِيهِ كَلَامٌ ذَكَرْته مَعَ جَوَابِهِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ

(وَلَوْ نَوَى لَيْلَةَ الثَّلَاثِينَ صَوْمَ غَدٍ عَنْ رَمَضَانَ) سَوَاءٌ قَالَ إنْ كَانَ مِنْهُ أَمْ لَا (فَكَانَ مِنْهُ) وَصَامَهُ (صَحَّ) وَوَقَعَ عَنْهُ (فِي آخِرِهِ) ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهُ وَلَا أَثَرَ لِتَرَدُّدٍ يَبْقَى بَعْدَ حُكْمِ الْقَاضِي بِشَهَادَةِ عَدْلٍ لِلِاسْتِنَادِ إلَى ظَنٍّ مُعْتَمَدٍ (لَا) فِي (أَوَّلِهِ) لِانْتِفَاءِ الْأَصْلِ مَعَ عَدَمِ جَزْمِهِ بِالنِّيَّةِ (إلَّا إنْ ظَنَّ أَنَّهُ مِنْهُ بِقَوْلِ مَنْ يَثِقُ بِهِ) كَعَبْدٍ وَامْرَأَةٍ وَمُرَاهِقٍ وَفَاسِقٍ فَيَصِحُّ
ـــــــــــــــــــــــــــــQفَالْغَدُ مِثَالٌ لِلتَّبْيِيتِ وَرَمَضَانُ مِثَالٌ لِلتَّعْيِينِ حِينَئِذٍ. اهـ. ز ي.
(قَوْلُهُ: وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ وَيَجِبُ لِفَرْضِهِ تَبْيِيتُهَا وَتَعْيِينُهُ حَيْثُ اقْتَصَرَ عَلَيْهِمَا. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الصَّلَاةِ) فَاحْتِيجَ لِنِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ فِيهَا لِتَتَمَيَّزَ عَنْ الْمُعَادَةِ وَهَذَا الْفَرْقُ عَلَى الْقَوْلِ الضَّعِيفِ الْقَائِلِ بِعَدَمِ وُجُوبِ نِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ فِي الْمُعَادَةِ أَمَّا عَلَى الصَّحِيحِ فَلَا يَتَأَتَّى ح ف. (قَوْلُهُ: وَفِيهِ كَلَامٌ) وَهُوَ أَنَّهُ يَرِدُ عَلَى الْفَرْقِ الْمَذْكُورِ وُجُوبُ نِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ فِي الْمُعَادَةِ وَيُجَابُ بِأَنَّهَا إنَّمَا وَجَبَتْ فِيهَا نِيَّةُ الْفَرْضِيَّةِ لِمُحَاكَاةِ مَا فَعَلَهُ أَوَّلًا أَيْ فَالْفَرْضُ فِيهَا صُورِيٌّ وَفِي الْأَصْلِيَّةِ حَقِيقِيٌّ

. (قَوْلُهُ: لَيْلَةَ الثَّلَاثِينَ) أَيْ مِنْ رَمَضَانَ، أَوْ مِنْ شَعْبَانَ كَمَا يَدُلُّ لَهُ كَلَامُهُ بَعْدُ. اهـ. ز ي. (قَوْلُهُ: صَحَّ فِي آخِرِهِ) وَذَلِكَ إذَا كَانَ لَيْلَةَ الثَّلَاثِينَ مِنْ رَمَضَانَ وَقَوْلُهُ لَا فِي أَوَّلِهِ وَذَلِكَ إذَا كَانَ لَيْلَةَ الثَّلَاثِينَ مِنْ شَعْبَانَ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ وَلَا يَقَعُ عَنْهُ أَيْ لَا يَقَعُ فَرْضًا فَلَا يُنَافِي مَا يَأْتِي فِي الْمَجْمُوعِ مِنْ أَنَّهُ يَقَعُ نَفْلًا ح ف فَإِنْ قُلْت مَا الْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا حَيْثُ صَحَّ مَعَ التَّرَدُّدِ فِي قَبُولِ الْمَنْوِيِّ لِلصَّوْمِ وَبَيْنَ عَدَمِ الصِّحَّةِ فِيمَا لَوْ شَكَّ حَالَ النِّيَّةِ هَلْ طَلَعَ الْفَجْرُ، أَوْ لَا؟ قُلْت: يُمْكِنُ أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّهُ فِي الْأَوَّلِ لَمَّا كَانَتْ النِّيَّةُ فِي مَحَلِّهَا يَقِينًا مَعَ الِاسْتِصْحَابِ كَانَتْ أَقْوَى. بِخِلَافِ الثَّانِي فَإِنَّهَا لَيْسَتْ فِي مَحَلِّهَا يَقِينًا وَإِنْ وُجِدَ الِاسْتِصْحَابُ فَلْيُتَأَمَّلْ. اهـ. سم.
(قَوْلُهُ وَلَا أَثَرَ لِتَرَدُّدٍ يَبْقَى إلَخْ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالَ كَيْفَ صَحَّ فِي آخِرِهِ مَعَ أَنَّهُ يَكُونُ مُتَرَدِّدًا فِي أَنَّهُ مِنْ رَمَضَانَ، أَوْ لَا؟ فَلَا يَكُونُ جَازِمًا بِالنِّيَّةِ فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ وَلَا أَثَرَ لِتَرَدُّدٍ يَبْقَى بَعْدَ حُكْمٍ إلَخْ أَيْ، أَوْ بَعْدَ رُؤْيَتِهِ، أَوْ إخْبَارِ مَوْثُوقٍ بِهِ ح ف وَفِيهِ أَنَّ الِاسْتِنَادَ إلَى حُكْمِ الْقَاضِي لَا يُنَافِي وُجُودَ التَّرَدُّدِ فِي الْآخَرِ وَتَأْثِيرِهِ لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الشَّهْرُ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ اهـ فَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا أَوْلَى حَيْثُ قَالَ وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا الْكَلَامَ لَا مَحَلَّ لَهُ هُنَا وَكَانَ حَقُّ الشَّارِحِ أَنْ يَذْكُرَهُ عِنْدَ قَوْلِهِ أَوْ ثُبُوتِهَا بِعَدْلِ شَهَادَةٍ أَيْ وَيَقُولُ بَعْدَهُ وَلَا أَثَرَ لِتَرَدُّدٍ يَبْقَى كَمَا فَعَلَ ابْنُ حَجَرٍ وَمِثْلُهُ فِي الْعَنَانِيِّ وَيُمْكِنُ تَوْجِيهُ صَنِيعِ الشَّارِحِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بِأَنَّهُ اعْتِذَارٌ عَنْ التَّرَدُّدِ الْحَاصِلِ لَلنَّاوِي خُصُوصًا فِي صُورَةِ التَّعْلِيقِ الَّتِي ذَكَرَهَا بِقَوْلِهِ سَوَاءٌ قَالَ إنْ كَانَ مِنْهُ، أَوْ لَا وَقَوْلُهُ: بَعْدَ حُكْمِ الْقَاضِي إلَخْ أَيْ بِثُبُوتِ رَمَضَانَ أَوَّلَهُ فَحُكْمُ الْقَاضِي فِي أَوَّلِ الشَّهْرِ مُسْتَصْحَبٌ إلَى تَمَامِ الثَّلَاثِينَ فَلَا أَثَرَ لِتَرَدُّدِ النَّاوِي فِي لَيْلَةِ الثَّلَاثِينَ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ أَنَّهُ مِنْ بَقِيَّةِ رَمَضَانَ وَقَوْلُهُ: لِلِاسْتِنَادِ إلَى ظَنٍّ مُعْتَمَدٍ وَهُوَ اسْتِصْحَابُ بَقَاءِ الشَّهْرِ الَّذِي حَكَمَ بِهِ الْقَاضِي أَوَّلًا فَتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: وَفَاسِقٍ) وَاعْلَمْ أَنَّ خَبَرَ الْفَاسِقِ مَقْبُولٌ فِي مَوَاضِعَ أَحَدُهَا إذَا كَانَ مُؤَذِّنًا فَإِنَّهُمْ يَكْتَفُونَ بِأَذَانِهِ ثَانِيهَا الْمُعْتَدَّةُ يُقْبَلُ إخْبَارُهَا فِي انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ بِالْأَقْرَاءِ، أَوْ وَضْعِ الْحَمْلِ إلَّا أَنْ يُعَلِّقَ الطَّلَاقَ عَلَى وِلَادَتِهَا فَتَحْتَاجُ إلَى الْبَيِّنَةِ ثَالِثُهَا إذَا طَلَّقَهَا ثَلَاثًا وَغَابَتْ مُدَّةً وَجَاءَتْ وَأَخْبَرَتْ الزَّوْجَ أَنَّهَا اُسْتُحِلَّتْ جَازَ لَهُ الْعَقْدُ عَلَيْهَا لِأَنَّهَا مُؤْتَمَنَةٌ سَوَاءٌ وَقَعَ فِي قَلْبِهِ صِدْقُهَا أَمْ لَا وَلَا يَخْفَى الْوَرَعُ رَابِعُهَا إذَا أَخْبَرَ الْفَاسِقُ بِأَنَّهُ قَدْ ذَكَّى هَذِهِ الْبَهِيمَةَ حَتَّى لَوْ رَأَيْنَا بَهِيمَةً مُلْقَاةً مُذَكَّاةً وَفِي الْبَلَدِ مُسْلِمُونَ وَمَجُوسٌ وَأَخْبَرَ فَاسِقٌ أَنَّهُ ذَكَّاهَا أَكَلْنَاهَا فَلَوْ أَخْبَرَ صَبِيٌّ قَبِلْنَاهُ لِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الذَّكَاةِ وَلَوْ أَخْبَرَ الْفَاسِقُ أَوْ الصَّبِيُّ أَنَّ غَيْرَهُ ذَكَّاهَا لَمْ يُقْبَلْ خَامِسُهَا إذَا أَخْبَرَ الْفَاسِقُ بِإِسْلَامِ مَيِّتٍ مَجْهُولِ الْحَالِ فَالِاحْتِيَاطُ قَبُولُ إخْبَارِهِ وَوُجُوبُ الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ سَادِسُهَا إذَا كَانَ الْفَاسِقُ أَبًا وَأَخْبَرَ عَنْ نَفْسِهِ بِالتَّوَقَانِ إلَى النِّكَاحِ وَجَبَ عَلَى الِابْنِ إعْفَافُهُ.
وَكَذَا لَوْ ادَّعَى أَنَّ مَا يَأْخُذُهُ مِنْ النَّفَقَةِ لَا يُشْبِعُهُ لِأَنَّهُ لَا يُعْرَفُ إلَّا مِنْ نَفْسِهِ سَابِعُهَا الْخُنْثَى إذَا كَانَ فَاسِقًا وَأَخْبَرَ بِكَوْنِهِ رَجُلًا، أَوْ أُنْثَى، أَوْ كَانَ الْوَلَدُ الْمُشْتَبَهُ فَاسِقًا بِأَنْ وَطِئَ رَجُلَانِ امْرَأَةً بِشُبْهَةٍ وَأَتَتْ بِوَلَدٍ يُمْكِنُ كَوْنُهُ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا وَأَخْبَرَ بِمَيْلِ طَبْعِهِ إلَى أَحَدِ الْوَاطِئَيْنِ قَبِلْنَاهُ وَرَتَّبْنَا الْأَحْكَامَ عَلَيْهِ ثَامِنُهَا إذَا أَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ بِالْجِنَايَةِ، أَوْ أَقَرَّ بِمَالٍ قَبِلْنَاهُ لِتَعَلُّقِهِ بِالْغَيْرِ تَاسِعُهَا إذَا أَقَرَّ بِالزِّنَا قُتِلَ إنْ كَانَ مُحْصَنًا وَجُلِدَ إنْ كَانَ بِكْرًا وَخَبَرُ الْكَافِرِ مَقْبُولٌ فِي غَالِبِ هَذِهِ الصُّوَرِ.
وَلَوْ أَخْبَرَ الْكَافِرُ بِأَنَّهُ ذَكَّى هَذِهِ الشَّاةَ قَبِلْنَاهُ نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الْمُتَوَلِّي وَعَلَّلَهُ بِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الذَّكَاةِ وَكُلُّ مَنْ أَخْبَرَ عَنْ فِعْلِ نَفْسِهِ قُبِلَ إلَّا مِنْ الْفَاسِقِ حَيْثُ تَتَعَلَّقُ بِهِ شَهَادَةٌ كَرُؤْيَةِ الْهِلَالِ

الصفحة 70