كتاب حاشية البجيرمي على شرح المنهج = التجريد لنفع العبيد (اسم الجزء: 2)

أَوْ كَفَّارَةٌ (فَمَاتَ قَبْلَ تَمَكُّنِهِ مِنْ قَضَائِهِ فَلَا تَدَارُكَ) لِلْفَائِتِ (وَلَا إثْمَ) بِقَيْدٍ زِدْته بِقَوْلِي (إنْ فَاتَ بِعُذْرٍ) كَمَرَضٍ اسْتَمَرَّ إلَى الْمَوْتِ فَإِنْ فَاتَ بِلَا عُذْرٍ أَثِمَ وَوَجَبَ تَدَارُكُهُ بِمَا سَيَأْتِي (أَوْ) مَاتَ (بَعْدَهُ) سَوَاءٌ أَفَاتَهُ بِعُذْرٍ، أَوْ بِغَيْرِهِ (أُخْرِجَ مِنْ تَرِكَتِهِ لِكُلِّ يَوْمٍ) فَاتَ صَوْمُهُ (مُدٌّ) وَهُوَ رِطْلٌ وَثُلُثٌ كَمَا مَرَّ وَبِالْكَيْلِ الْمِصْرِيِّ نِصْفُ قَدَحٍ. وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ خَبَرُ «مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامُ شَهْرٍ فَلْيُطْعَمْ عَنْهُ مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَ وَقْفَهُ عَلَى ابْنِ عُمَرَ (مِنْ جِنْسِ فِطْرَةٍ) حَمْلًا عَلَى الْغَالِبِ بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا طَعَامٌ وَاجِبٌ شَرْعًا فَلَا يُجْزِئُ نَحْوُ دَقِيقٍ وَسَوِيقٍ (أَوْ صَامَ عَنْهُ قَرِيبُهُ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَاصِبًا وَلَا وَارِثًا (مُطْلَقًا) عَنْ التَّقْيِيدِ بِإِذْنٍ (أَوْ أَجْنَبِيٌّ بِإِذْنٍ) مِنْهُ بِأَنْ أَوْصَى بِهِ، أَوْ مِنْ قَرِيبِهِ بِأُجْرَةٍ، أَوْ دُونَهَا
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْأَظْهَرُ أَنْ يَقُولَ وَلَوْ بِنَذْرٍ أَيْ بِسَبَبِ نَذْرٍ؛ لِأَنَّ النَّذْرَ لَيْسَ الصَّوْمَ الْوَاجِبَ وَإِنَّمَا هُوَ مُوجِبٌ.
وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ مَنْصُوبٌ بِنَزْعِ الْخَافِضِ، أَوْ أَنَّ النَّذْرَ بِمَعْنَى الْمَنْذُورِ ع ش.
(قَوْلُهُ: أَوْ كَفَّارَةً) لِقَتْلٍ، أَوْ يَمِينٍ، أَوْ ظِهَارٍ ح ل وَمِّ ر. (قَوْلُهُ: فَلَا تَدَارُكَ لِلْفَائِتِ) قَالَ م ر بِفِدْيَةٍ وَلَا قَضَاءٍ قَالَ ع ش عَلَيْهِ هَذَا يُخَالِفُ مَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ مَنْ أَفْطَرَ لِهَرَمٍ، أَوْ عَجْزٍ عَنْ صَوْمٍ لِزَمَانَةٍ، أَوْ مَرَضٍ لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ وَجَبَ عَلَيْهِ مُدٌّ لِكُلِّ يَوْمٍ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ مَا يَأْتِي فِيمَنْ لَا يَرْجُو الْبُرْءَ وَمَا هُنَا فِي خِلَافِهِ، ثُمَّ رَأَيْت فِي سم مَا نَصُّهُ لَا يُشْكِلُ عَلَى مَا تَقَرَّرَ الشَّيْخُ الْهَرِمُ إذَا مَاتَ قَبْلَ التَّمَكُّنِ؛ لِأَنَّ وَاجِبَهُ أَصَالَةً الْفِدْيَةُ بِخِلَافِ هَذَا ذَكَرَ الْفَرْقَ الْقَاضِي اهـ.
(قَوْلُهُ: إنْ فَاتَ بِعُذْرٍ) قَيْدٌ فِي عَدَمِ التَّدَارُكِ وَعَدَمِ الْإِثْمِ فَمَا فَاتَ بِغَيْرِ عُذْرٍ يَجِبُ تَدَارُكُهُ مَعَ الْإِثْمِ وَإِنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ الْقَضَاءِ وَيَصُومُ عَنْهُ وَلِيُّهُ وَيَجِبُ الْإِخْرَاجُ مِنْ تَرِكَتِهِ عَنْهُ وَالْمُرَادُ بِالتَّمَكُّنِ أَنْ يُدْرِكَ زَمَنًا قَابِلًا لِلصَّوْمِ قَبْلَ مَوْتِهِ بِقَدْرِ مَا عَلَيْهِ وَلَيْسَ بِهِ نَحْوُ مَرَضٍ، أَوْ سَفَرٍ خِلَافًا لِابْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ قِ ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ: بِمَا سَيَأْتِي) أَيْ بِالْفِدْيَةِ، أَوْ الصَّوْمِ. (قَوْلُهُ، أَوْ مَاتَ) أَيْ مَنْ فَاتَهُ شَيْءٌ مِنْ رَمَضَانَ بَعْدَ التَّمَكُّنِ لَا بِقَيْدِ كَوْنِهِ مَعْذُورًا فَصَحَّ التَّعْمِيمُ بَعْدَهُ ق ل.
(قَوْلُهُ: سَوَاءٌ فَاتَهُ بِعُذْرٍ) وَيَأْثَمُ فِي الصُّورَتَيْنِ. (قَوْلُهُ: أُخْرِجَ مِنْ تَرِكَتِهِ) وَالْإِخْرَاجُ أَفْضَلُ مِنْ الصَّوْمِ ع ش فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ تَرِكَةٌ لَمْ يَلْزَمْ قَرِيبَهُ إطْعَامٌ وَلَا صَوْمٌ بَلْ يُسَنُّ لَهُ ذَلِكَ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: لِكُلِّ يَوْمٍ مُدٌّ) أَيْ مِنْ غَالِبِ قُوتِ بَلَدِهِ قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَيُؤْخَذُ مِمَّا مَرَّ فِي الْفُطْرَةِ أَنَّ الْمُرَادَ هُنَا بِالْبَلَدِ الَّتِي يُعْتَبَرُ غَالِبُ قُوتِهَا الْمَحَلُّ الَّذِي هُوَ فِيهِ عِنْدَ أَوَّلِ مُخَاطَبَتِهِ بِالْقَضَاءِ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ فَلْيُطْعَمْ) مَبْنِيٌّ لِلْمَفْعُولِ وَنَائِبُ الْفَاعِلِ الظَّرْفُ وَهُوَ عَنْهُ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى مَذْهَبِ الْكُوفِيِّينَ مِنْ إقَامَةِ الظَّرْفِ مَعَ وُجُودِ الْمَفْعُولِ بِهِ وَتَقْيِيدُهُ فِي الْحَدِيثِ بِالشَّهْرِ لَعَلَّهُ لِكَوْنِهِ كَانَ جَوَابَ سَائِلٍ وَإِلَّا فَذَلِكَ لَا يَتَقَيَّدُ بِالشَّهْرِ كَمَا قَالَهُ ع ش.
(قَوْلُهُ: مِسْكِينًا) قَالَ الْعِرَاقِيُّ الرِّوَايَةُ بِالنَّصْبِ وَكَأَنَّهُ وَجْهُهُ إقَامَةُ الظَّرْفِ مَقَامَ الْمَفْعُولِ كَمَا يُقَامُ الْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ مَقَامَهُ وَقَدْ قُرِئَ: {لِيَجْزِيَ قَوْمًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [الجاثية: 14] . وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ مَاجَهْ وَابْنِ عَدِيٍّ مِسْكِينٌ بِالرَّفْعِ عَلَى الصَّوَابِ سُيُوطِيٌّ وَالْمُرَادُ بِالصَّوَابِ الْمَشْهُورُ لَا أَنَّهُ خَطَأٌ لِمَا قَدَّمَهُ مِنْ تَوْجِيهِ النَّصْبِ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: مِنْ جِنْسِ فُطْرَةٍ) قَالَ الْقَفَّالُ وَيُعْتَبَرُ فَضْلُهَا عَمَّا يُعْتَبَرُ فَضْلُهُ ثَمَّ حَجّ وز ي. وَأَقُولُ: يُتَأَمَّلُ هَذَا مَعَ كَوْنِ الْفَرْضِ أَنَّهُ مَاتَ وَأَنَّ الْوَاجِبَ تَعَلَّقَ بِالتَّرِكَةِ وَبَعْدَ التَّعَلُّقِ بِالتَّرِكَةِ فَأَيُّ شَيْءٍ عَلَيْهِ بَعْدَ مَوْتِهِ يَحْتَاجُ فِي إخْرَاجِ الْكَفَّارَةِ إلَى زِيَادَةِ مَا يُخْرِجُهُ عَنْهُ بَلْ الْقِيَاسُ أَنْ يُقَالَ يُعْتَبَرُ لِوُجُوبِ الْإِخْرَاجِ فَضْلُ مَا يُخْرِجُهُ عَنْ مُؤْنَةِ تَجْهِيزِهِ وَيُقَدَّمُ ذَلِكَ عَلَى دَيْنِ الْآدَمِيِّ إنْ فُرِضَ أَنَّ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنًا نَعَمْ مَا ذَكَرَهُ الْمُحَشِّي ظَاهِرٌ فِيمَا لَوْ أَفْطَرَ لِكِبَرٍ أَوْ مَرَضٍ لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ ع ش.
(قَوْلُهُ: حَمْلًا عَلَى الْغَالِبِ) يَعْنِي أَنَّ الْفِطْرَةَ هِيَ الْغَالِبَةُ وَالْفِدْيَةُ نَادِرَةٌ فَقِيسَ النَّادِرُ عَلَى الْغَالِبِ بِجَامِعٍ إلَخْ.
هَذَا مَا ظَهَرَ بَعْدَ التَّوَقُّفِ فِيهِ وَالسُّؤَالِ عَنْهُ ز ي. (قَوْلُهُ: أَوْ صَامَ عَنْهُ قَرِيبٌ) بِشَرْطِ بُلُوغِهِ ز ي،
وَعِبَارَةُ الْمَحَلِّيِّ كُلُّ قَرِيبٍ قَالَ ق ل عَلَيْ هـ أَيْ بَالِغٍ عَاقِلٍ وَلَوْ رَقِيقًا، أَوْ بَعِيدًا بِلَا إذْنٍ كَالْحَجِّ الْوَاجِبِ وَإِنَّمَا لَمْ يَصِحَّ نِيَابَةُ الرَّقِيقِ فِي الْحَجِّ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ وَلَوْ لَمْ يَصُمْ عَنْهُ قَرِيبٌ وُزِّعَتْ التَّرِكَةُ بِحَسَبِ الْإِرْثِ وَمَنْ خَصَّهُ شَيْءٌ مِنْهَا لَزِمَهُ إخْرَاجُهَا، أَوْ الصَّوْمُ بَدَلَهُ بِقَدْرِهِ وَلَا يُبَعَّضُ يَوْمٌ صَوْمًا وَلَا إطْعَامًا بَلْ يُجْبَرُ الْمُنْكَسِرُ وَلَوْ اخْتَلَفَ الْأَقَارِبُ فِي الصَّوْمِ وَالْإِطْعَامِ أُجِيبَ مَنْ طَلَبَ الْإِطْعَامَ وَلَا يُقَالُ هَذَا التَّخْيِيرُ أَيْ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ، أَوْ صَامَ إلَخْ لَا يَأْتِي فِي الْكَفَّارَةِ الْمُرَتَّبَةِ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ الِانْتِقَالُ إلَى خَصْلَةٍ حَتَّى يَعْجِزَ عَمَّا قَبْلَهَا وَفِي الْكَفَّارَةِ الْإِعْتَاقُ مُقَدَّمٌ، ثُمَّ الصَّوْمُ، ثُمَّ الْإِطْعَامُ لِأَنَّا نَقُولُ فَرْضُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ مَاتَ وَهُوَ عَاجِزٌ عَنْ الْإِعْتَاقِ لِأَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الصَّوْمُ إلَّا حِينَئِذٍ وَالْإِطْعَامُ الَّذِي يُخْرِجُهُ وَلِيُّهُ غَيْرُ الَّذِي كَانَ يُخْرِجُهُ هُوَ؛ لِأَنَّ الَّذِي يُخْرِجُهُ وَلِيُّهُ فِدْيَةٌ عَنْ الصَّوْمِ لَا أَنَّهُ أَحَدُ خِصَالِ الْكَفَّارَةِ الَّتِي عَلَى الْمَيِّتِ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَاعْتُبِرَ تَقَدُّمُ الصَّوْمِ عَلَيْهِ وَلِمَا صَحَّ التَّخْيِيرُ وَصَرْفُ أَمْدَادٍ لِوَاحِدٍ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: أَوْ أَجْنَبِيٌّ)

الصفحة 82