كتاب حاشية البجيرمي على شرح المنهج = التجريد لنفع العبيد (اسم الجزء: 2)

كَالْحَجِّ وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ» وَلِخَبَرِ مُسْلِمٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِامْرَأَةٍ قَالَتْ لَهُ إنَّ أُمِّي مَاتَتْ وَعَلَيْهَا صَوْمُ نَذْرٍ أَفَأَصُومُ عَنْهَا؟ صُومِي عَنْ أُمِّك» بِخِلَافِهِ بِلَا إذْنٍ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي مَعْنَى مَا وَرَدَ بِهِ الْخَبَرُ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَوْ مَاتَ مُرْتَدًّا لَمْ يُصَمْ عَنْهُ وَقَوْلِي بِإِذْنٍ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ بِإِذْنِ الْوَلِيِّ (لَا مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صَلَاةٌ، أَوْ اعْتِكَافٌ) فَلَا يُفْعَلُ عَنْهُ، وَلَا فِدْيَةَ لَهُ لِعَدَمِ وُرُودِهِمَا نَعَمْ لَوْ نَذَرَ أَنْ يَعْتَكِفَ صَائِمًا اعْتَكَفَ عَنْهُ وَلِيُّهُ صَائِمًا قَالَهُ فِي التَّهْذِيبِ (وَيَجِبُ الْمُدُّ) لِكُلِّ يَوْمٍ (بِلَا قَضَاءٍ عَلَى مَنْ أَفْطَرَ) فِيهِ (لِعُذْرٍ لَا يُرْجَى زَوَالُهُ) كَكِبَرٍ وَمَرَضٍ لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ لِآيَةِ {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ} [البقرة: 184] الْمُرَادُ لَا يُطِيقُونَهُ، أَوْ يُطِيقُونَهُ فِي الشَّبَابِ ثُمَّ يَعْجِزُونَ عَنْهُ فِي الْكِبَرِ، وَرَوَى الْبُخَارِيُّ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ وَعَائِشَةَ كَانَا يَقْرَآنِ وَعَلَى الَّذِينَ يُطَوَّقُونَهُ وَمَعْنَاهُ يُكَلَّفُونَ الصَّوْمَ فَلَا يُطِيقُونَهُ،.
وَقَوْلِي لِعُذْرٍ إلَى آخِرِهِ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ: لِكِبَرٍ (وَبِقَضَاءٍ عَلَى غَيْرِ مُتَحَيِّرَةٍ أَفْطَرَ) إمَّا (لِإِنْقَاذِ آدَمِيٍّ) مَعْصُومٍ (مُشْرِفٍ عَلَى هَلَاكٍ) بِغَرَقٍ، أَوْ غَيْرِهِ وَلَمْ يُمْكِنْ تَخْلِيصُهُ إلَّا بِفِطْرٍ (أَوْ لِخَوْفِ ذَاتِ وَلَدٍ) حَامِلٍ، أَوْ مُرْضِعٍ (عَلَيْهِ) فَقَطْ وَلَوْ كَانَ فِي الْمُرْضِعِ مِنْ غَيْرِهَا
ـــــــــــــــــــــــــــــQبَالِغٌ وَلَوْ رَقِيقًا وَفِي الْمَجْمُوعِ مَذْهَبُ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ أَنَّهُ لَوْ صَامَ عَنْهُ ثَلَاثُونَ بِالْإِذْنِ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ أَجْزَأَ وَهُوَ الظَّاهِرُ الَّذِي اعْتَمَدَهُ ح ل وز ي سَوَاءٌ كَانَ قَدْ وَجَبَ فِيهِ التَّتَابُعُ، أَوْ لَا؛ لِأَنَّ التَّتَابُعَ فِي حَقِّ الْمَيِّتِ بِمَعْنًى لَا يُوجَدُ فِي حَقِّ الْقَرِيبِ وَهُوَ التَّغْلِيظُ عَلَيْهِ وَلِأَنَّهُ الْتِزَامُ صِفَةٍ زَائِدَةٍ عَلَى أَصْلِ الصَّوْمِ فَسَقَطَتْ بِمَوْتِهِ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ كَالْحَجِّ) أَيْ قِيَاسًا عَلَى الْحَجِّ فِي مُطْلَقِ الصِّحَّةِ؛ لِأَنَّ الْحَجَّ الْوَاجِبَ لَا يَتَوَقَّفُ فِعْلُهُ عَنْ الْغَيْرِ عَلَى إذْنٍ، أَوْ يُقَالُ: الْمُرَادُ الْحَجُّ الْمَنْدُوبُ وَهُوَ يَتَوَقَّفُ عَلَى الْإِذْنِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا. قَوْلُهُ وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ» إلَخْ وَجْهُ الدَّلَالَةِ عَلَى صِحَّةِ صَوْمِ الْأَجْنَبِيِّ بِالْإِذْنِ أَنَّ مَنْ مَلَكَ شَيْئًا جَازَ لَهُ النِّيَابَةُ فِيهِ كَالْوَلِيِّ يُوَكِّلُ فِي تَزْوِيجِ بِنْتِهِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا عَزِيزِيٌّ قَالَ الْمُنَاوِيُّ وَالْمُرَادُ بِالْوَلِيِّ كُلُّ قَرِيبٍ. (قَوْلُهُ: وَلِخَبَرِ مُسْلِمٍ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: لِامْرَأَةٍ) أَتَى بِهَذَا الْحَدِيثِ بَعْدَ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْوَلِيِّ الَّذِي فِي الْأَوَّلِ مُطْلَقُ الْقَرِيبِ حَيْثُ لَمْ يَسْتَفْصِلْ السَّائِلَةَ هَلْ هِيَ وَصِيَّةٌ أَمْ لَا ح ف.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي مَعْنَى مَا وَرَدَ) وَأَمَّا صَوْمُ الْأَجْنَبِيِّ بِالْإِذْنِ فَهُوَ بِمَعْنَى مَا وَرَدَ لِأَنَّهُ لَمَّا صَامَ بِإِذْنِ الْوَلِيِّ كَانَ كَأَنَّهُ الصَّائِمُ فَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ دَلِيلَ صِحَّةِ صَوْمِ الْأَجْنَبِيِّ الْقِيَاسُ عَلَى الْقَرِيبِ. (قَوْلُهُ: لَمْ يَصُمْ عَنْهُ) لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْعِبَادَاتِ الْآنَ ع ش وَيَتَعَيَّنُ الْإِطْعَامُ وَيَجِبُ إخْرَاجُ ذَلِكَ مِنْ تَرِكَتِهِ أَيْ لِأَنَّهُ بِمَثَابَةِ قَضَاءِ دَيْنٍ لَزِمَهُ فَلَا يُنَافِي كَوْنُهُ مَالَهُ مِنْ مَوْتِهِ فَيْئًا فَكَانَ الْمُنَاسِبُ عَدَمَ إخْرَاجِ ذَلِكَ ح ل. (قَوْلُهُ: لَا مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صَلَاةٌ، أَوْ اعْتِكَافٌ) وَهُنَاكَ قَوْلٌ بِجَوَازِ فِعْلِ الصَّلَاةِ عَنْهُ وَقَدْ صَلَّى السُّبْكِيُّ عَنْ قَرِيبٍ لَهُ مَاتَ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ تَقْلِيدُ الْقَوْلِ الضَّعِيفِ فِي حَقِّ نَفْسِهِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ ع ش وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُفْتِي بِهِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا ح ف
وَعِبَارَةُ ق ل عَلَى الْجَلَالِ قَوْلُهُ: وَفِي الِاعْتِكَافِ قَوْلٌ وَفِي الصَّلَاةِ قَوْلٌ أَيْضًا وَفِيهَا وَجْهٌ أَنَّهُ يُطْعِمُ عَنْهُ لِكُلِّ صَلَاةٍ مُدًّا وَعَلَيْهِ كَثِيرُونَ حَجّ قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا: وَهَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّخْصِ لِنَفْسِهِ فَيَجُوزُ تَقْلِيدُهُ لِأَنَّهُ مِنْ مُقَابِلِ الْأَصَحِّ نَعَمْ يُصَلِّي أَجِيرُ الْحَجِّ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ. (تَنْبِيهٌ)
عُلِمَ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّهُ لَا يُصَامُ عَنْ حَيٍّ وَإِنْ عَجَزَ بِهَرَمٍ أَوْ غَيْرِهِ وَتَلْزَمُهُ الْفِدْيَةُ وَهَلْ يُتَصَدَّقُ عَنْهُ، أَوْ يُعْتَقُ رَاجِعْهُ.
(قَوْلُهُ اعْتَكَفَ عَنْهُ وَلِيُّهُ) أَيْ جَازَ لَهُ ذَلِكَ وَمِثْلُ الْوَلِيِّ الْأَجْنَبِيُّ بِالْإِذْنِ كَمَا قَالَهُ الشَّوْبَرِيُّ. (قَوْلُهُ: وَيَجِبُ الْمُدُّ) ابْتِدَاءً لَا بَدَلًا عَنْ الصَّوْمِ فَلَا يَجِبُ الْقَضَاءُ لَوْ زَالَ عُذْرُهُ قَبْلَ الْفِدْيَةِ كَمَا فِي ح ل وز ي قَالَ الشَّوْبَرِيُّ: وَهَلْ وُجُوبُهُ عَلَى الْفَوْرِ كَبَدَلِهِ، أَوْ لَا؟ كُلٌّ مُحْتَمَلٌ، ثُمَّ رَأَيْت فِي الْإِيعَابِ الْجَزْمَ بِالثَّانِي اهـ فَالْمَعْذُورُ مُخَاطَبٌ بِالْمُدِّ ابْتِدَاءً فَلَوْ تَكَلَّفَ وَصَامَ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْمُدُّ وَاعْتُرِضَ بِأَنَّهُ حَيْثُ كَانَ مُخَاطَبًا بِالْمُدِّ ابْتِدَاءً كَانَ الْقِيَاسُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ الصَّوْمُ. وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ مُخَاطَبٌ بِالْمُدِّ ابْتِدَاءً حَيْثُ لَمْ يُرِدْ الصَّوْمَ وَلَوْ أَخْرَجَ الْمُدَّ، ثُمَّ قَدَرَ بَعْدَ الْفِطْرِ عَلَى الصَّوْمِ لَمْ يَلْزَمْهُ الْقَضَاءُ. فَإِنْ قِيلَ مَا الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَعْضُوبِ حَيْثُ يَلْزَمُهُ الْحَجُّ بِالْقُدْرَةِ عَلَيْهِ بَعْدَ الْإِتْيَان بِهِ؟ أُجِيبَ بِأَنَّ الْمَعْذُورَ هُنَا مُخَاطَبٌ بِالْمُدِّ ابْتِدَاءً كَمَا عَلِمْت فَأَجْزَأَ عَنْهُ وَالْمَعْضُوبُ مُخَاطَبٌ بِالْحَجِّ وَإِنَّمَا جَازَ لَهُ الْإِنَابَةُ لِلضَّرُورَةِ وَقَدْ بَانَ عَدَمُهَا ح ل.
(قَوْلُهُ: عَلَى مَنْ أَفْطَرَ فِيهِ) أَيْ فِي رَمَضَانَ وَلَيْسَ لَهُ وَلَا لِلْحَامِلِ، وَالْمُرْضِعِ تَعْجِيلُ فِدْيَةِ يَوْمَيْنِ فَأَكْثَرَ وَلَهُمْ تَعْجِيلُ فِدْيَةِ يَوْمٍ فِيهِ أَوْ فِي لَيْلَتِهِ م ر. (قَوْلُهُ الْمُرَادُ لَا يُطِيقُونَهُ) فَإِنْ قُلْت أَيُّ قَرِينَةٍ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ ذَلِكَ؟ قُلْت يُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ قَدْ وُجِدَتْ عِنْدَ النُّزُولِ قَرِينَةٌ حَالِيَّةٌ فُهِمَ مِنْهَا ذَلِكَ وَلَا يَضُرُّ عَدَمُ بَقَائِهَا فَلْيُتَأَمَّلْ سم عَلَى الْبَهْجَةِ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: ثُمَّ تَعْجِزُونَ) بِفَتْحِ الْجِيمِ وَكَسْرِهَا. (قَوْلُهُ: آدَمِيٍّ) وَمِثْلُهُ الْحَيَوَانُ الْمُحْتَرَمُ ح ل.
(قَوْلُهُ: مُشْرِفٍ) وَإِنْ تَعَدَّدَ فَلَا تَعَدُّدَ لِلْفِدْيَةِ ز ي. (قَوْلُهُ: عَلَى هَلَاكٍ) لَيْسَ قَيْدًا بَلْ الْمَدَارُ عَلَى أَنْ يُخَافَ عَلَيْهِ مِنْ حُصُولِ مُبِيحٍ لِلتَّيَمُّمِ كَتَلَفِ عُضْوٍ، أَوْ بُطْلَانِ مَنْفَعَتِهِ ح ف.
(قَوْلُهُ: أَوْ لِخَوْفِ ذَاتِ وَلَدٍ) أَيْ خَوْفًا يُبِيحُ التَّيَمُّمَ لَوْ الْفِطْرُ عِنْدَ ذَلِكَ وَيَجُوزُ عِنْدَ غَيْرِهِ بِأَنْ كَانَ يَحْصُلُ عِنْدَ عَدَمِ الْفِطْرِ مَشَقَّةٌ لَا تُحْتَمَلُ عَادَةً. (قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَ فِي الْمُرْضِعِ مِنْ غَيْرِهَا) أَيْ وَلَوْ كَانَ الْوَلَدُ فِي صُورَةِ الْمُرْضِعِ مِنْ غَيْرِ الْمُرْضِعَةِ بِأُجْرَةٍ

الصفحة 83