كتاب حاشية البجيرمي على شرح المنهج = التجريد لنفع العبيد (اسم الجزء: 2)

أَوْ شَكَّ فِيهِ فَبَانَ نَهَارًا، أَوْ أَكَلَ نَاسِيًا وَظَنَّ أَنَّهُ أَفْطَرَ بِهِ ثُمَّ وَطِئَ) عَامِدًا، أَوْ كَانَ صَبِيًّا لِسُقُوطِ الْكَفَّارَةِ بِالشُّبْهَةِ فِي الْجَمِيعِ وَلِعَدَمِ الْإِثْمِ فِيمَا عَدَا ظَنَّ دُخُولِ اللَّيْلِ بِلَا تَحَرٍّ أَوْ الشَّكِّ فِيهِ (وَ) لَا عَلَى (مُسَافِرٍ وَطِئَ زِنًا، أَوْ لَمْ يَنْوِ تَرَخُّصًا) لِأَنَّهُ لَمْ يَأْثَمْ بِهِ لِلصَّوْمِ بَلْ لِلزِّنَا، أَوْ لِلصَّوْمِ مَعَ عَدَمِ نِيَّةِ التَّرْخِيصِ؛ وَلِأَنَّ الْإِفْطَارَ مُبَاحٌ لَهُ فَيَصِيرُ شُبْهَةً فِي دَرْءِ الْكَفَّارَةِ وَذِكْرُ الشَّكِّ الْمُفَرَّعِ عَلَى قَوْلِي وَلَا شُبْهَةَ مِنْ زِيَادَتِي

(وَتَتَكَرَّرُ) الْكَفَّارَةُ (بِتَكَرُّرِ الْإِفْسَادِ) فَلَوْ وَطِئَ فِي يَوْمَيْنِ لَزِمَهُ كَفَّارَتَانِ سَوَاءٌ أُكَفَّرَ عَنْ الْأَوَّلِ قَبْلَ الثَّانِي أَمْ لَا؛ لِأَنَّ كُلَّ يَوْمٍ عِبَادَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ فَلَا تَتَدَاخَلُ كَفَّارَتَاهُمَا كَحَجَّتَيْنِ وَطِئَ فِيهِمَا بِخِلَافِ مَنْ وَطِئَ مَرَّتَيْنِ فِي يَوْمٍ لَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا كَفَّارَةٌ لِلْوَطْءِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الثَّانِيَ لَمْ يُفْسِدْ صَوْمًا (وَحُدُوثُ سَفَرٍ، أَوْ مَرَضٍ) ، أَوْ رِدَّةٍ (بَعْدَ وَطْءٍ لَا يُسْقِطُهَا) أَيْ الْكَفَّارَةَ؛ لِأَنَّهُ هَتَكَ حُرْمَةَ الصَّوْمِ بِمَا فَعَلَ.

(بَابٌ صَوْمِ التَّطَوُّعِ) الْأَصْلُ فِيهِ خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ «مَنْ صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بَاعَدَ اللَّهُ وَجْهَهُ عَنْ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا» (سُنَّ صَوْمُ) يَوْمِ (عَرَفَةَ) وَهُوَ تَاسِعُ ذِي الْحِجَّةِ بِقَيْدٍ زِدْته بِقَوْلِي (لِغَيْرِ مُسَافِرٍ وَحَاجٍّ) بِخِلَافِ الْمُسَافِرِ فَإِنَّهُ يُسَنُّ لَهُ فِطْرُهُ وَبِخِلَافِ الْحَاجِّ فَإِنَّهُ إنْ عَرَفَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQأَنَّ هَذَا هُوَ الْمَفْعُولُ الثَّانِي وَلَيْلًا هُوَ الْأَوَّلُ وَصَحَّ الْإِخْبَارُ بِوَاسِطَةِ الْمُضَافِ الَّذِي قَدَّرَهُ وَالتَّقْدِيرُ وَلَا مَنْ ظَنَّ بَقَاءَ اللَّيْلِ أَوْ دُخُولَهُ كَائِنًا وَقْتَ وَطْءٍ وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ لَيْلًا هُوَ الثَّانِي لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ الْإِخْبَارُ مَعَ تَقْدِيرِ الْمُضَافِ الَّذِي قَدَّرَهُ وَإِنْ صَحَّ بِدُونِهِ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: أَوْ شَكَّ فِيهِ) أَيْ فِي بَقَائِهِ، أَوْ دُخُولِهِ. (قَوْلُهُ: أَوْ أَكَلَ نَاسِيًا وَظَنَّ أَنَّهُ أَفْطَرَ بِهِ) أَمَّا إذَا عَلِمَ أَنَّهُ لَا يُفْطِرُ بِهِ، ثُمَّ جَامَعَ فِي يَوْمِهِ فَيُفْطِرُ وَتَجِبُ الْكَفَّارَةُ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: ثُمَّ وَطِئَ عَامِدًا) فَإِنَّهُ يَبْطُلُ صَوْمُهُ بِذَلِكَ الْوَطْءِ كَغَيْرِهِ مِنْ الْمُفْطِرَاتِ إذَا أَتَى بِشَيْءٍ مِنْهَا ح ل. (قَوْلُهُ بِالشُّبْهَةِ فِي الْجَمِيعِ) أَيْ جَمِيعِ الصُّوَرِ وَهِيَ سِتَّةٌ وَالشُّبْهَةُ عَدَمُ تَحَقُّقِ الْمُوجِبِ اهـ وَقَالَ بَعْضُهُمْ قَوْلُهُ: فِي الْجَمِيعِ أَيْ جَمِيعِ صُوَرِ الْمَتْنِ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ الصَّبِيِّ الْمَزِيدِ فِي الشَّارِحِ إذْ السُّقُوطُ فِيهَا لِعَدَمِ الْإِثْمِ فَقَطْ. (قَوْلُهُ: وَطِئَ زِنًا) أَيْ وَنَوَى تَرَخُّصًا أَخْذًا مِمَّا بَعْدَهُ. (قَوْلُهُ: أَوْ لَمْ يَنْوِ تَرَخُّصًا) أَيْ أَوْ وَطِئَ غَيْرَ زِنًا لَكِنْ لَمْ يَنْوِ تَرَخُّصًا. (قَوْلُهُ: لِلصَّوْمِ) أَيْ وَحْدَهُ وَهُوَ فِي هَذِهِ آثِمٌ بِهِ بِسَبَبَيْنِ الصَّوْمِ وَعَدَمِ نِيَّةِ التَّرَخُّصِ وَفِيهِ أَنَّهُ لَمْ يَأْثَمْ بِهِ إلَّا لِعَدَمِ النِّيَّةِ فَقَطْ لَا لِلصَّوْمِ أَيْضًا إذْ الْفِطْرُ مِنْ حَيْثُ هُوَ جَائِزٌ لِلْمُسَافِرِ وَالْمَرِيضُ كَالْمُسَافِرِ

. (قَوْلُهُ: وَحُدُوثِ سَفَرٍ) مَا لَمْ يَصِلْ إلَى بَلَدٍ وَجَدَ أَهْلَهَا مُعَيِّدِينَ وَمَطْلَعُهَا مُخَالِفٌ لِمَطْلَعِ بَلَدِهِ وَإِلَّا فَلَا كَفَّارَةَ لِأَنَّهُ صَارَ مِنْهُمْ كَمَا تَقَدَّمَ وَفِي عَكْسِهِ لَا كَفَّارَةَ أَيْضًا لِعَدَمِ الْإِثْمِ ح ل وَلَا تَعُودُ بِعَوْدِهِ لِبَلَدِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَإِنْ كَانَ التَّعْلِيلُ الْمَذْكُورُ يُخَالِفُهُ كَمَا ذَكَرَهُ ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَفِي ع ش عَلَى م ر خِلَافُهُ عَنْ سم وَهَذَا أَعْنِي مَا ذَكَرَهُ مِنْ عَدَمِ سُقُوطِهَا بِحُدُوثِ السَّفَرِ يُخَالِفُ سُقُوطَهَا بِحُدُوثِ الْجُنُونِ وَالْمَوْتِ وَيُفَرَّقُ بِأَنَّهُ يَتَبَيَّنُ بِهِمَا زَوَالُ أَهْلِيَّةِ الْوُجُوبِ مِنْ أَوَّلِ الْيَوْمِ فَلَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ الْوُجُوبِ حَالَةَ الْجِمَاعِ شَرْحُ م ر وحج نَعَمْ قَالَ الْعَلَّامَةُ السَّنْبَاطِيُّ لَا يُسْقِطُهَا قَتْلُهُ نَفْسَهُ، أَوْ تَعَاطِي مَا يُجَنِّنُهُ فَرَاجِعْهُ ق ل. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ هَتَكَ حُرْمَةَ الصَّوْمِ) أَيْ مَعَ بَقَاءِ أَهْلِيَّةِ التَّكْلِيفِ بِخِلَافِ حُدُوثِ الْجُنُونِ وَالْمَوْتِ.

[بَابٌ صَوْمِ التَّطَوُّعِ]
(قَوْلُهُ: فِي سَبِيلِ اللَّهِ) أَيْ طَاعَتِهِ بِإِخْلَاصٍ أَيْ مِنْ غَيْرِ رِيَاءٍ، أَوْ الْجِهَادِ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ لَمْ يَخْتَلَّ بِصَوْمِهِ قِتَالُهُ وَنَحْوُهُ مِنْ مُهِمَّاتِ الْغَزْوِ ح ل
وَعِبَارَةُ ع ش يُمْكِنُ حَمْلُ سَبِيلِ اللَّهِ عَلَى الطَّرِيقِ الْمُوَصِّلِ إلَيْهِ بِأَنْ يُخْلِصَ فِي صَوْمِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي جِهَادٍ وَهَذَا الْمَعْنَى يُطْلَقُ عَلَيْهِ سَبِيلُ اللَّهِ كَثِيرًا وَإِنْ كَانَ خِلَافَ الْغَالِبِ. (قَوْلُهُ: وَجْهَهُ) أَيْ ذَاتَه وَقَوْلُهُ: خَرِيفًا أَيْ عَامًا فَأُطْلِقَ الْجُزْءُ عَلَى الْكُلِّ وَخُصَّ الْخَرِيفُ بِالذِّكْرِ لِأَنَّهُ أَعْدَلُ أَيَّامَ السَّنَةِ وَالْمُرَادُ أَنَّهُ يَبْعُدُ عَنْ النَّارِ مَسَافَةً لَوْ قُدِّرَتْ لَبَلَغَ زَمَنُ سَيْرِهَا سَبْعِينَ سَنَةً اهـ وَفِي الْحَدِيثِ «كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إلَّا الصَّوْمَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ» وَاخْتَلَفُوا فِي مَعْنَى تَخْصِيصِهِ بِكَوْنِهِ لَهُ عَلَى أَقْوَالٍ تَزِيدُ عَلَى خَمْسِينَ مِنْهَا كَمَا قَالَهُ م ر كَوْنُهُ أَبْعَدَ عَنْ الرِّيَاءِ مِنْ غَيْرِهِ وَمِنْهَا مَا نُقِلَ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ أَنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تَتَعَلَّقُ خُصَمَاءُ الْمَرْءِ بِجَمِيعِ أَعْمَالِهِ إلَّا الصَّوْمَ فَإِنَّهُ لَا سَبِيلَ لَهُمْ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ إذَا لَمْ يَبْقَ إلَّا الصَّوْمُ يَتَحَمَّلُ اللَّهُ تَعَالَى مَا بَقِيَ مِنْ الْمَظَالِمِ وَيُدْخِلُهُ بِالصَّوْمِ الْجَنَّةَ اهـ ثُمَّ قَالَ م ر وَهَذَا مَرْدُودٌ وَالصَّحِيحُ تَعَلُّقُ الْغُرَمَاءِ بِهِ كَسَائِرِ الْأَعْمَالِ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ فَالْحَقُّ أَنَّهُ أَضَافَهُ لَهُ لِأَنَّهُ خَفِيٌّ لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ إلَّا اللَّهُ تَعَالَى وَأَبْعَدُ عَنْ الرِّيَاءِ. (قَوْلُهُ سُنَّ صَوْمُ يَوْمِ عَرَفَةَ) وَفِي بَعْضِ الْأَحَادِيثِ أَنَّ الْوُحُوشَ فِي الْبَادِيَةِ تَصُومُهُ حَتَّى إنَّ بَعْضَهُمْ أَخَذَ لَحْمًا وَذَهَبَ إلَى الْبَادِيَةِ وَرَمَاهُ لِنَحْوِ الْوُحُوشِ فَأَقْبَلَتْ عَلَيْهِ وَلَمْ تَأْكُلْ وَصَارَتْ تَنْظُرُ إلَى الشَّمْسِ وَتَنْظُرُ إلَى اللَّحْمِ حَتَّى غَرَبَتْ الشَّمْسُ أَقْبَلَتْ إلَيْهِ مِنْ كُلِّ نَاحِيَةٍ ع ش. (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْمُسَافِرِ) أَيْ وَلَوْ سَفَرًا قَصِيرًا ق ل. (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يُسَنُّ لَهُ فِطْرُهُ) أَيْ إنْ ضَرَّهُ الصَّوْمُ فَلَا يُخَالِفُ مَا قَرَّرَهُ مِنْ أَنَّ الصَّوْمَ لِلْمُسَافِرِ أَفْضَلُ إنْ لَمْ يَتَضَرَّرْ سم عَلَى حَجّ.
وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ طَوِيلِ السَّفَرِ وَقَصِيرِهِ وَهُوَ مُحْتَمَلٌ

الصفحة 87