كتاب حاشية البجيرمي على شرح المنهج = التجريد لنفع العبيد (اسم الجزء: 2)

كُلَّ سَنَةٍ إلَى لَيْلَةٍ جَمْعًا بَيْنَ الْأَخْبَارِ قَالَ: فِي الرَّوْضَةِ وَهُوَ قَوِيٌّ وَاخْتَارَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَالْفَتَاوَى وَكَلَامُ الشَّافِعِيِّ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ يَقْتَضِيهِ وَعَلَامَاتُهَا طُلُوعُ الشَّمْسِ صَبِيحَتَهَا بَيْضَاءَ لَيْسَ فِيهَا كَثِيرُ شُعَاعٍ

(وَأَرْكَانُهُ) أَرْبَعَةٌ أَحَدُهَا (نِيَّةٌ) كَغَيْرِهِ مِنْ الْعِبَادَاتِ (وَتَجِبُ نِيَّةٌ فَرْضِيَّةٌ فِي نَذْرِهِ) لِيَتَمَيَّزَ عَنْ النَّفْلِ وَالتَّصْرِيحُ بِوُجُوبِهَا مِنْ زِيَادَتِي.
(وَإِنْ أَطْلَقَهُ) أَيْ الِاعْتِكَافَ بِأَنْ لَمْ يُقَدِّرْ لَهُ مُدَّةً (كَفَتْهُ نِيَّةٌ) وَإِنْ طَالَ مُكْثُهُ (لَكِنْ لَوْ خَرَجَ) مِنْ الْمَسْجِدِ بِقَيْدٍ زِدْته بِقَوْلِي (بِلَا عَزْمِ عَوْدٍ وَعَادَ جَدَّدَ) هَا لُزُومًا سَوَاءٌ أَخَرَجَ لِتَبَرُّزٍ أَمْ لِغَيْرِهِ؛ لِأَنَّ مَا مَضَى عِبَادَةٌ تَامَّةٌ فَإِنْ عَزَمَ عَلَى الْعَوْدِ كَانَتْ هَذِهِ الْعَزِيمَةُ قَائِمَةً مَقَامَ النِّيَّةِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْعَشْرِ مَعْنَاهُ أَنَّهَا إذَا كَانَتْ فِي الْوَاقِعِ لَيْلَةَ حَادِي وَعِشْرِينَ مَثَلًا تَكُونُ كُلَّ عَامٍ كَذَلِكَ لَا تَنْتَقِلُ عَنْ هَذِهِ اللَّيْلَةِ وَهَذَا هُوَ الرَّاجِحُ فَمَنْ عَرَفَهَا فِي سَنَةٍ عَرَفَهَا فِيمَا بَعْدَهَا وَإِنَّمَا سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِعُلُوِّ قَدْرِهَا أَوْ لِشَرَفِهَا، أَوْ لِفَصْلِ الْأَقْدَارِ فِيهَا كَمَا قِيلَ وَتُرَى حَقِيقَةً وَيُنْدَبُ لِمَنْ رَآهَا كَتْمُهَا وَيُنْدَبُ إحْيَاؤُهَا كَمَا فِي الْعِيدِ وَيَتَأَكَّدُ هُنَا اللَّهُمَّ إنَّك عَفْوٌ كَرِيمٌ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنَّا. (قَوْلُهُ: كُلَّ سَنَةٍ) لَوْ تَرَكَ هَذَا الْقَيْدَ لَكَانَ أَوْلَى لِيَدْخُلَ تَوَافُقُ سَنَتَيْنِ، أَوْ أَكْثَرَ فِي لَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ مَعَ أَنَّ التَّوَافُقَ فِيهَا مُحَقَّقٌ بِكَثْرَةِ الْأَعْوَامِ إمَّا مَعَ التَّوَالِي أَوْ التَّفَرُّقِ ق ل.
(قَوْلُهُ: إلَى لَيْلَةٍ) أَيْ مِنْ الْعَشْرِ الْمَذْكُورِ مُطْلَقًا أَوْ مُفْرَدَاتِهِ كَمَا اخْتَارَهُ الْغَزَالِيُّ وَغَيْرُهُ وَقَالُوا إنَّمَا تُعْلَمُ فِيهِ بِالْيَوْمِ الْأَوَّلِ مِنْ الشَّهْرِ فَإِنْ كَانَ أَوَّلُهُ يَوْمَ الْأَحَدِ، أَوْ الْأَرْبِعَاءِ فَهِيَ لَيْلَةُ تِسْعٍ وَعِشْرِينَ، أَوْ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ فَهِيَ لَيْلَةُ إحْدَى وَعِشْرِينَ، أَوْ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ، أَوْ الْجُمُعَةِ فَهِيَ لَيْلَةُ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ، أَوْ يَوْمَ الْخَمِيسِ فَهِيَ لَيْلَةُ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ أَوْ يَوْمَ السَّبْتِ فَهِيَ لَيْلَةُ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ. قَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ: وَمُذْ بَلَغْت سِنَّ الرِّجَالِ مَا فَاتَتْنِي لَيْلَةُ الْقَدْرِ بِهَذِهِ الْقَاعِدَةِ الْمَذْكُورَةِ بِرْمَاوِيٌّ وَقِ ل.
(قَوْلُهُ وَعَلَامَتُهَا طُلُوعُ الشَّمْسِ) وَيَسْتَمِرُّ ذَلِكَ إلَى أَنْ تَرْتَفِعَ كَرُمْحٍ كَمَا قَالَهُ الْمُنَاوِيُّ
وَعِبَارَةُ ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَعَلَامَتُهَا عَدَمُ الْحَرِّ وَالْبَرْدِ فِيهَا وَيُنْدَبُ صَوْمُ يَوْمِهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا غَيْرُ مَحْصُورَةٍ فِي رَمَضَانَ وَكَثْرَةُ الْعِبَادَةِ فِيهِ وَعَلَامَتُهُ طُلُوعُ شَمْسِهِ مُنْكَسِرَةَ الشُّعَاعِ لِمَا قِيلَ مِنْ كَثْرَةِ تَرَدُّدِ الْمَلَائِكَةِ فِيهِ وَيُسْتَفَادُ بِعَلَامَتِهَا أَيْ مَعَ فَوَاتِهَا مَعْرِفَتُهَا فِي بَاقِي الْأَعْوَامِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا لَا تَنْتَقِلُ الَّذِي هُوَ الْأَصَحُّ
وَعِبَارَةُ ع ش وَفَائِدَةُ مَعْرِفَةِ عَلَامَتِهَا بَعْدَ فَوَاتِهَا بِطُلُوعِ الْفَجْرِ أَنَّهُ يُسَنُّ أَنْ يَكُونَ اجْتِهَادُهُ فِي يَوْمِهَا كَاجْتِهَادِهِ فِيهَا م ر وَعَلَيْهِ فَهَلْ الْعَمَلُ فِي يَوْمِهَا خَيْرٌ مِنْ الْعَمَلِ فِي أَلْفِ شَهْرٍ لَيْسَ فِيهَا صَبِيحَةُ يَوْمِ قَدْرٍ قِيَاسًا عَلَى اللَّيْلَةِ ظَاهِرُ التَّشْبِيهِ أَنَّهُ كَذَلِكَ إلَّا أَنَّهُ يَتَوَقَّفُ عَلَى نَقْلٍ صَرِيحٍ فَلْيُرَاجَعْ

. (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَطْلَقَهُ) أَيْ فِي إرَادَتِهِ، أَوْ نَذْرِهِ بِأَنْ أَرَادَ اعْتِكَافًا وَأَطْلَقَ أَوْ نَذَرَهُ فَهُوَ شَامِلٌ لِلْفَرْضِ وَالنَّفَلِ فَقَوْلُهُ: كَفَتْهُ نِيَّتُهُ أَيْ عَنْ تَجْدِيدِهَا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ لَكِنْ إلَخْ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ يَجِبُ التَّعَرُّضُ لِلْفَرْضِيَّةِ فِي الْمَنْذُورِ زِيَادَةً عَلَى أَصْلِ النِّيَّةِ. وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمَرَاتِبَ ثَلَاثَةٌ إمَّا أَنْ يُطْلَقَ، أَوْ يُقَيَّدَ بِمُدَّةٍ غَيْرِ مُتَتَابِعَةٍ، أَوْ مُتَتَابِعَةٍ وَعَلَى كُلٍّ إمَّا أَنْ يَكُونَ مَنْذُورًا، أَوْ لَا وَإِذَا كَانَ مَنْذُورًا خَرَجَ مِنْ الْعُهْدَةِ بِقَدْرِ لَحْظَةٍ فَلَوْ زَادَ عَلَيْهَا وَقَعَ قَدْرُ لَحْظَةٍ مِنْهُ فَرْضًا وَالْبَاقِي مَنْدُوبًا قِيَاسًا عَلَى الرُّكُوعِ إذَا طَوَّلَهُ كَذَا قِيلَ وَاعْتَمَدَ ع ش وُقُوعَ الْكُلِّ وَاجِبًا هُنَا وَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الرُّكُوعِ بِأَنَّ الشَّارِعَ جَعَلَ لِأَقَلِّ الرُّكُوعِ قَدْرًا مَعْلُومًا وَلَمْ يَجْعَلْ ذَلِكَ لِأَقَلِّ الِاعْتِكَافِ كَمَا قَرَّرَهُ ح ف. (قَوْلُهُ: بِلَا عَزْمِ عَوْدٍ) أَيْ لِلِاعْتِكَافِ. (قَوْلُهُ لُزُومًا) أَيْ يَلْزَمُهُ ذَلِكَ لِصِحَّةِ اعْتِكَافِهِ إنْ أَرَادَهُ.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ عَزَمَ عَلَى الْعَوْدِ) اسْتَشْكَلَهُ الشَّيْخَانِ مِنْ حَيْثُ إنَّ هَذَا الْعَزْمَ السَّابِقَ لَمْ يَقْتَرِنْ بِأَوَّلِ الْعِبَادَةِ لَكِنَّ النَّوَوِيَّ خَالَفَ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ فَقَالَ إنَّ الِاكْتِفَاءَ هُوَ الصَّوَابُ؛ لِأَنَّ نِيَّةَ الزِّيَادَةِ وُجِدَتْ قَبْلَ الْخُرُوجِ فَصَارَ كَمَنْ نَوَى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ نَوَى قَبْلَ السَّلَامِ زِيَادَةً اهـ. أَقُولُ قَدْ يُفَرَّقُ بِاتِّصَالِ الزِّيَادَةِ بِالْمَزِيدِ عَلَيْهِ فِي مَسْأَلَةِ الصَّلَاةِ إلَّا أَنْ يُقَالَ الْخُرُوجُ لَا يُنَافِي الِاعْتِكَافَ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ سم وَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّ نِيَّةَ الزِّيَادَةِ عِبَارَةُ حَجّ؛ لِأَنَّ نِيَّةَ الزِّيَادَةِ وُجِدَتْ قَبْلَ الْخُرُوجِ فَكَانَتْ كَنِيَّةِ الْمُدَّتَيْنِ مَعًا وَلَوْ دَخَلَ بَعْدَ عَزْمِهِ، وَخُرُوجِهِ لِمَسْجِدٍ آخَرَ صَارَ مُعْتَكِفًا فِيهِ فَلَوْ أَرَادَ الْخُرُوجَ مِنْهُ فَإِنْ عَزَمَ عَلَى الْعَوْدِ كَفَى عَزْمُهُ عَنْ النِّيَّةِ بَعْدَ عَوْدِهِ وَإِلَّا انْقَطَعَ اعْتِكَافُهُ وَلَا بُدَّ مِنْ تَجْدِيدِ النِّيَّةِ إنْ أَرَادَ وَهَكَذَا شَوْبَرِيٌّ وَقَوْلُهُ: فَإِنْ عَزَمَ عَلَى الْعَوْدِ أَيْ لِلِاعْتِكَافِ وَإِذَا جَامَعَ بَعْدَ خُرُوجِهِ لَمْ يَجِبْ تَجْدِيدُ النِّيَّةِ إذَا عَادَ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُنَافٍ لِلنِّيَّةِ قِيَاسًا عَلَى الصَّائِمِ إذَا نَوَى لَيْلًا ثُمَّ جَامَعَ لَيْلًا فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ تَجْدِيدُ النِّيَّةِ بِخِلَافِ مَنْ خَرَجَ لِعُذْرٍ لَا يَقْطَعُ التَّتَابُعَ فَإِنَّهُ إذَا جَامَعَ خَارِجَ الْمَسْجِدِ يَبْطُلُ اعْتِكَافُهُ لِأَنَّهُ مُعْتَكِفٌ بِخِلَافِ مَنْ خَرَجَ عَازِمًا عَلَى الْعَوْدِ فَإِنَّ زَمَنَ الْخُرُوجِ لَا اعْتِكَافَ فِيهِ أَصْلًا هَذَا مَا بَحَثَ. اهـ. ز ي وَالْبَاحِثُ لِذَلِكَ الشَّيْخُ الرَّمْلِيُّ وَقَوْلُهُ: لِأَنَّهُ غَيْرُ مُنَافٍ لِلنِّيَّةِ قِيَاسًا عَلَى الصَّائِمِ إلَخْ فِيهِ نَظَرٌ

الصفحة 93