كتاب حاشية البجيرمي على شرح المنهج = التجريد لنفع العبيد (اسم الجزء: 2)

(وَلَوْ قَيَّدَ بِمُدَّةٍ) كَيَوْمٍ، أَوْ شَهْرٍ (وَخَرَجَ لِغَيْرِ تَبَرُّزٍ وَعَادَ جَدَّدَ) النِّيَّةَ أَيْضًا وَإِنْ لَمْ يَطُلْ الزَّمَنُ لِقَطْعِهِ الِاعْتِكَافَ بِخِلَافِ خُرُوجِهِ لِتَبَرُّزٍ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ تَجْدِيدُهَا وَإِنْ طَالَ الزَّمَنُ؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهُ فَهُوَ كَالْمُسْتَثْنَى عِنْدَ النِّيَّةِ (لَا إنْ نَذَرَ مُدَّةً مُتَتَابِعَةً فَخَرَجَ لِعُذْرٍ لَا يَقْطَعُ التَّتَابُعَ وَعَادَ) فَلَا يَلْزَمُهُ تَجْدِيدٌ سَوَاءٌ أَخَرَجَ لِتَبَرُّزٍ أَمْ لِغَيْرِهِ لِشُمُولِ النِّيَّةِ جَمِيعَ الْمُدَّةِ.
وَلَا يَجُوزُ اعْتِكَافُ الْمَرْأَةِ وَالرَّقِيقِ إلَّا بِإِذْنِ الزَّوْجِ وَالسَّيِّدِ

(وَ) ثَانِيهَا (مَسْجِدٌ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ فَلَا يَصِحُّ فِي غَيْرِهِ وَلَوْ هُيِّئَ لِلصَّلَاةِ (وَالْجَامِعُ أَوْلَى) مِنْ بَقِيَّةِ الْمَسَاجِدِ لِكَثْرَةِ الْجَمَاعَةِ فِيهِ وَلِئَلَّا يَحْتَاجَ إلَى الْخُرُوجِ لِلْجُمُعَةِ وَخُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهُ بَلْ لَوْ نَذَرَ مُدَّةً مُتَتَابِعَةً فِيهَا يَوْمُ جُمُعَةٍ وَكَانَ مِمَّنْ تَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ وَلَمْ يُشْتَرَطْ الْخُرُوجُ لَهَا وَجَبَ الْجَامِعُ؛ لِأَنَّ خُرُوجَهُ لَهَا يُبْطِلُ تَتَابُعَهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQإذْ كَيْفَ يَكُونُ الْجِمَاعُ غَيْرَ مُنَافٍ لِلنِّيَّةِ مَعَ كَوْنِ الشَّخْصِ مُعْتَكِفًا حُكْمًا حَالَ خُرُوجِهِ الْمَذْكُورِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُ الشَّارِحِ كَانَتْ هَذِهِ الْعَزِيمَةُ قَائِمَةً مَقَامَ النِّيَّةِ، وَكَيْفَ يُقَاسُ عَلَى الصَّائِمِ مَعَ كَوْنِ الصَّائِمِ غَيْرَ صَائِمٍ حُكْمًا لَيْلًا؟ فَهُوَ قِيَاسٌ مَعَ الْفَارِقِ وَقَوْلُ ز ي لَا اعْتِكَافَ فِيهِ أَصْلًا غَيْرُ ظَاهِرٍ فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُجَامِعَ يَجِبُ عَلَيْهِ تَجْدِيدُ النِّيَّةِ إذَا عَادَ بَعْدَ جِمَاعِهِ لِلِاعْتِكَافِ تَأَمَّلْ وَرَاجِعْ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ قَيَّدَ بِمُدَّةٍ) أَيْ غَيْرِ مُتَتَابِعَةٍ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فَالصُّوَرُ أَرْبَعَةٌ؛ لِأَنَّ الْمُدَّةَ إمَّا مُتَتَابِعَةٌ، أَوْ لَا مَنْذُورَةٌ، أَوْ لَا اسْتَثْنَى مِنْهَا صُورَةً بِقَوْلِهِ لَا إنْ إلَخْ. (قَوْلُهُ: جَدَّدَ النِّيَّةَ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَكْفِي الْعَزْمُ هُنَا كَاَلَّتِي قَبْلَهَا وَهُوَ مَا نُقِلَ أَنَّ شَيْخَنَا الرَّمْلِيَّ أَفْتَى بِهِ وَعَلَيْهِ فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا تَأَمَّلْ وَفِي بَعْضِ الْحَوَاشِي لِابْنِ عَبْدِ الْحَقِّ أَنَّهُ يَكْفِي الْعَزْمُ هُنَا بِالْأَوْلَى فَلْيُحَرَّرْ شَوْبَرِيٌّ وَبِهِ قَالَ ق ل عَلَى الْجَلَالِ، ثُمَّ قَالَ وَشَيْخُنَا لَمْ يُوَافِقْ فِي هَذِهِ عَلَى ذَلِكَ اهـ
وَعِبَارَةُ م ر جَدَّدَ وَلَوْ عَزَمَ عَلَى الْعَوْدِ فَتَأَمَّلْ وَقَوْلُهُ بِالْأَوْلَى لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الْعَزْمُ كَافِيًا فِي الِاعْتِكَافِ الْمُطْلَقِ عَنْ الْمُدَّةِ فَيَكْفِي فِي الْمُقَيَّدِ بِمُدَّةٍ بِالْأَوْلَى وَقَرَّرَ شَيْخُنَا ح ف كَلَامَ الشَّوْبَرِيِّ الْأَخِيرِ. (قَوْلُهُ: لِقَطْعِهِ الِاعْتِكَافَ) أَيْ لَا يَكُونُ زَمَنُهُ مَحْسُوبًا مِنْ زَمَنِ الِاعْتِكَافِ ح ل وح ف. (قَوْلُهُ: فَهُوَ كَالْمُسْتَثْنَى) أَيْ لَفْظًا وَإِلَّا فَهُوَ مُسْتَثْنًى شَرْعًا فَالْمَنْوِيُّ اعْتِكَافُ مَا عَدَا ذَلِكَ الزَّمَنَ فَإِنْ جَامَعَ حَالَ خُرُوجِهِ بَطَلَ اعْتِكَافُهُ لِأَنَّهُ مُعْتَكِفٌ فِيهِ حُكْمًا ح ل وَبِهِ حَصَلَ الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ.
(قَوْلُهُ: لَا يَقْطَعُ التَّتَابُعَ) كَالتَّبَرُّزِ وَالْمَرَضِ وَالْحَيْضِ وَحِينَئِذٍ يُقَالُ لَنَا مُعْتَكِفٌ فِي غَيْرِ مَسْجِدٍ ح ل.
(قَوْلُهُ: فَلَا يَلْزَمُهُ تَجْدِيدٌ إلَخْ) وَيَلْزَمُهُ مُبَادَرَةٌ الْعَوْدِ عِنْدَ زَوَالِ عُذْرِهِ فَإِنْ أَخَّرَ عَامِدًا عَالِمًا انْقَطَعَ التَّتَابُعُ. (قَوْلُهُ لِشُمُولِ النِّيَّةِ جَمِيعَ الْمُدَّةِ) أَيْ مَعَ كَوْنِهِ مُعْتَكِفًا حُكْمًا فِي زَمَنِ الْخُرُوجِ بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ وَلَوْ قَيَّدَ بِمُدَّةٍ إلَخْ فَإِنَّ النِّيَّةَ وَإِنْ شَمِلَتْ جَمِيعَ الْمُدَّةِ لَكِنَّهُ لَيْسَ مُعْتَكِفًا حُكْمًا زَمَنَ الْخُرُوجِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا، وَالضَّابِطُ أَنَّهُ مَتَى بَقِيَتْ النِّيَّةُ وَلَمْ يَجِبْ تَجْدِيدُهَا كَانَ مُعْتَكِفًا حُكْمًا فِي خُرُوجِهِ وَذَلِكَ فِي ثَلَاثِ صُوَرٍ فِي الْإِطْلَاقِ إذَا عَزَمَ عَلَى الْعَوْدِ وَفِي التَّقْيِيدِ بِالْمُدَّةِ مِنْ غَيْرِ نَذْرِ تَتَابُعٍ إذَا خَرَجَ لِلتَّبَرُّزِ وَفِي التَّقْيِيدِ بِهَا مُتَتَابِعَةً إذَا خَرَجَ لِمَا لَا يَقْطَعُ التَّتَابُعَ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَجُوزُ اعْتِكَافُ الْمَرْأَةِ) اسْتَشْكَلَ ذِكْرُهُمَا هُنَا؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي النِّيَّةِ وَالْأَنْسَبُ ذِكْرُهُمَا فِي الرُّكْنِ الرَّابِعِ وَهُوَ الْمُعْتَكِفُ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ ذِكْرَهُمَا هُنَا لِبَيَانِ أَنَّ صِحَّةَ النِّيَّةِ لَا تَتَوَقَّفُ عَلَى كَوْنِهِ طَاعَةً بَلْ تَصِحُّ وَلَوْ عَصَى بِهِ كَالْمَرْأَةِ بِغَيْرِ الْإِذْنِ وَالرَّقِيقِ كَذَلِكَ فَلَهُ تَعَلُّقٌ بِالنِّيَّةِ وَبِأَنَّهُ تَخْصِيصٌ لِاسْتِحْبَابِهِ فِي كُلِّ وَقْتٍ فَكَأَنَّهُ قَالَ تُسْتَحَبُّ نِيَّتُهُ كُلَّ وَقْتٍ إلَّا الْمَرْأَةَ وَالْعَبْدَ فَبَعْدَ الْإِذْنِ لَهُمَا شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: إلَّا بِإِذْنِ الزَّوْجِ وَالسَّيِّدِ) ؛ لِأَنَّ مَنْفَعَةَ الْعَبْدِ مُسْتَحَقَّةٌ لِسَيِّدِهِ وَالتَّمَتُّعُ مُسْتَحَقٌّ لِلزَّوْجِ نَعَمْ إنْ لَمْ يُفَوِّتَا عَلَيْهِمَا مَنْفَعَةً كَأَنْ حَضَرَ الْمَسْجِدَ بِإِذْنِهِمَا فَنَوَيَا الِاعْتِكَافَ فَلَا رَيْبَ فِي جَوَازِهِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الزَّرْكَشِيُّ شَرْحُ الرَّوْضِ

. (قَوْلُهُ: وَمَسْجِدٌ) وَمِنْهُ رَوْشَنُهُ وَرَحْبَتُهُ الْقَدِيمَةُ وَمِنْهُ مَا يُنْسَبُ إلَيْهِ عُرْفًا مِنْ نَحْوِ سَابَاطٍ أَحَدُ جَنَاحَيْهِ عَلَى غَيْرِ الْمَسْجِدِ وَفِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا الصِّحَّةُ فِيهِ مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ وَفِي حَجّ عَدَمُ الصِّحَّةِ كَذَلِكَ وَالْوَجْهُ الْأَوَّلُ فَرَاجِعْهُ ق ل وَيَصِحُّ عَلَى غُصْنِ شَجَرَةٍ خَارِجَهِ وَأَصْلُهَا فِيهِ كَعَكْسِهِ، وَالْمُرَادُ بِهِ الْخَالِصُ فَلَا يَصِحُّ فِي الْمُشَاعِ وَإِنْ طُلِبَتْ لَهُ التَّحِيَّةُ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْهَا التَّعْظِيمُ وَهُوَ حَاصِلٌ مَعَ ذَلِكَ وَلَوْ شَكَّ فِي الْمَسْجِدِيَّةِ اجْتَهَدَ وَلَيْسَ مِنْهُ مَا أَرْضُهُ مَمْلُوكَةٌ أَوْ مُحْتَكَرَةٌ نَعَمْ إنْ بَنَى فِيهَا دَكَّةً وَوَقَعَتْ مَسْجِدًا صَحَّ فِيهَا وَكَذَا مَنْقُولُ أَثْبَتُهُ وَوَقَفَهُ مَسْجِدًا، ثُمَّ نَزَعَهُ وَلَا يَصِحُّ فِيمَا بُنِيَ فِي حَرِيمِ النَّهْرِ ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَقَوْلُهُ: وَيَصِحُّ عَلَى غُصْنِ شَجَرَةٍ إلَخْ أَيْ بِخِلَافِ الْوُقُوفِ بِعَرَفَاتٍ فَلَوْ وَقَفَ عَلَى غُصْنٍ فِي هَوَائِهَا وَأَصْلُهُ خَارِجٌ عَنْهَا أَوْ عَكْسُهُ فَلَا يَكْفِي فَإِنْ وَقَفَ عَلَى غُصْنٍ فِيهَا وَأَصْلُهُ فِي أَرْضِهَا كَفَى؛ لِأَنَّ الِاعْتِبَارَ هُنَاكَ بِالْأَرْضِ وَسَيَأْتِي التَّنْبِيهُ عَلَى ذَلِكَ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ هُيِّئَ لِلصَّلَاةِ) هَذِهِ الْغَايَةُ لِلرَّدِّ عَلَى الْقَوْلِ الْقَدِيمِ الْقَائِلِ إنَّ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَعْتَكِفَ فِي الْمَحَلِّ الَّذِي هَيَّأَتْهُ لِلصَّلَاةِ فِي بَيْتِهَا بِخِلَافِ الرَّجُلِ وَالْخُنْثَى

الصفحة 94