كتاب أسهل المدارك «شرح إرشاد السالك في مذهب إمام الأئمة مالك» (اسم الجزء: 2)
كتاب الجهاد
أي في بيان أحكام الجهاد وما يتعلق به. وهو لغة التعب والمشقة. وحده ابن عرفة بقوله: قتال مسلم كافرا غير ذي عهد لإعلاء كلمة الله تعالى، أو حضوره له أو دخوله أرضه اهـ. ثم اعلم أن الجهاد ينقسم إلى قسمين: الأول جهاد بالقلب وهو مجاهدة النفس والشيطان عن الشهوات المحرمة. والثاني جهاد الكفار بالسيف في المعترك، وهو المراد هنا، وهو على قسمين أيضا: الأول في سبيل الله لإعلاء كلمة الله. والثاني لقصد الغنيمة أو إظهار الشجاعة. وفى الحديث: عنه صلى الله علية وسلم قال: " من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله " اهـ قال الخرشي وغيره: إن من قاتل للغنيمة أو لإظهار الشجاعة وغيرها لا يكون مجاهدا فلا يستحق الغنيمة حيث اظهر ذلك، ولا يجوز تناولها حيث علم من نفسه ذلك اهـ.
وقد ورد في فضله آيات كثيرة وأحاديث صحيحة. وقد بين الله تعالى في تنزيله فضل الجهاد والمجاهدين، وجزاء الشهادة والشهداء بقوله تعالى: {ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله امواتا بل احياء عند ربهم يرزقون} [آل عمران: 169] الآيات. وقال تعالى {وقتلوا المشركين كافه كما يقتلونكم كافة واعلموا أن الله مع المتقين} [التوبة: 36] والآيات في ذلك أكثر من أن تحصى، والإشارة تكفى العاقل.
ثم إن الجهاد لا يتعين على الشخص إلا في ثلاث أحوال: في حال مفاجأة العدو محلة المسلمين. وفى تعيين الإمام شخصا قادرا على القتال. وكذلك يتعين في حال النذر
الصفحة 3
388