كتاب اللباب في علوم الكتاب (اسم الجزء: 2)

ويجيء «أَوْفَى» بمعنى: ارتفع؛ قال: [المديد]
430 - رُبَّمَا أَوْفَيْتُ في عَلَمٍ ... تَرْفَعَنْ ثَوْبِي شَمَالاتُ
و «بعهدي» متعلّق ب «أوفوا» ، و «العَهْد» مصدر، ويحتمل إضافته للفاعل أو المفعول. والمعنى: بما عاهدتكم عليه من قَبُولِ الطَّاعة، ونحوه: {أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يا بني آدَمَ} [يس: 60] أو بما عاهدتموني عليه، ونحوه: {وَمَنْ أوفى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهِ الله} [الفتح: 10] ، {صَدَقُواْ مَا عَاهَدُواْ الله عَلَيْهِ} [الأحزاب: 23] . و «أُوفِ» مجزوم على جواب الأمر، وهل الجازم الجملة الطَّلبية نفسها لما تضمّنته من معنى الشرط، أو حرف شرط مقدر تقديره: إن توفوا بعهدي أوف؟ قولان.
وهكذا كل ما جزم في جواب طلب يجري فيه هذا الخلاف.
وقرأ الزّهري: «أَوَفِّ» بفتح الواو وتشديد الفاء للتَّكثير.
و «بِعَهْدِكُمْ» متعلّق به [وهذا] محتمل للإضافة إلى الفاعل، أو المفعول على ما تقدّم.
فصل في المراد بالعهد المأمور بوفائه
في العَهْدِ المأمور بوفائه قولان:
أحدهما: أنه جميع ما أمر الله به من غير تخصيص، وقوله: {أُوفِ بِعَهْدِكُمْ} أراد به الثواب والمغفرة.
وقال «الحسن» : هو قوله: {وَبَعَثْنَا مِنهُمُ اثني عَشَرَ نَقِيباً وَقَالَ الله إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصلاة وَآتَيْتُمْ الزكاة} إلى قوله: {الأنهار} [المائدة: 12] .
وحكى «الضحاك» عن ابن عباس أوفوا بما أمرتكم به من الطَّاعات، ونهيتكم عنه من المعاصي، وهو قول جمهور المفسرين.

الصفحة 10