كتاب شرح البخاري للسفيري = المجالس الوعظية في شرح أحاديث خير البرية (اسم الجزء: 2)

الحنفية في فروعهم تصريحاً بتكفير من اعتقد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - يعلم الغيب، لمعارضته قوله تعالى: ?قُل لاَّ يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ الغَيْبَ إِلاَّ اللَّهُ? [النمل: 65] وقد وقع كثير مما أخبر به - صلى الله عليه وسلم - من المغيبات المستقبلة، فإن أردت تحقيق ذلك لديك فاستمع وتوجه إلى ما نتلو عليك فنقول:
مما أخبر به - صلى الله عليه وسلم - ووقع أنه أخبر قبل فتح مكة أن أصحابه تظهر على أهل مكة وتفتح لهم مكة وقد وقع ذلك.
ومنه: أنه أخبر عن أمته أنها تفترق على ثلاثة وسبعين فرقة الناجية منها واحدة وقد وقع ذلك.
ومنه: ما رواه عبد الله بن عباس قال كنت قاعداً عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذ أقبل عثمان فلما دنى منه قال: «يا عثمان تقتل وأنت تقرأ سورة البقرة، تقع قطرة من دمك على فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم» (¬1) وقد وقع ذلك.
ومنه: أنه قال لفاطمة رضي الله عنها: «إنك أول بيتي لاحقة بي» فقالت: ونعم السلف أنا لك فكانت أول من مات بعده من أهل بيته (¬2) .
ومنه: أنه قال - صلى الله عليه وسلم -: «إن عماراً تقتله الفئة الباغية» (¬3) فقتله أصحاب معاوية.
ومنه: أنه خرج يوماً إلى أصحابه وفيهم أبو بكر وعمر وعلي وعمار وأبو ذر رضي الله عنهم وهو يبكي فقيل: ما يبكيك يا رسول الله؟ قال: «أخبرني جبريل أن ابني الحسين يقتل بعدي بأرض الطف، فجاءني بهذه التربة، وأخبرني أن فيها مضجعه» (¬4) .
ومنه: أن أبي ابن خلف كان يلقي - صلى الله عليه وسلم - بمكة فيقول: يا محمد إن عندي العود فرساً أعلفه كل يوم فرقاً من ذرة أقتلك عليها، فيقول عليه الصلاة والسلام: «بل أنا أقتلك إن شاء الله» فحصل لهذا الملعون في عنقه خدش غير كبير، فاحتقن الدم فلما رجع إلى
¬_________
(¬1) أخرجه الحاكم وصححه (3/110، رقم 4555) .
(¬2) متفق عليه أخرجه البخاري (3/1326، رقم 3426) ، ومسلم (4/1905، رقم 2450) عن عائشة.
(¬3) أخرجه مسلم (4/2236، رقم 2916) ، وابن أبي شيبة (7/548، رقم 37851) ، والنسائي في الكبرى (5/155، رقم 8543) ، وإسحاق بن راهويه (1/110، رقم 63) عن أم سلمة.
(¬4) أخرجه الطبراني في الكبير (3/107، رقم 2814) عن عائشة، قال الهيثمي (9/188) : فيه ابن لهيعة.

الصفحة 273