كتاب شرح البخاري للسفيري = المجالس الوعظية في شرح أحاديث خير البرية (اسم الجزء: 2)

وفي رواية لابن مندة: «في طريق المسلمين ومجالسهم» (¬1) .
«واللعنان» بالتشديد أصله اللاعنان فحول للمبالغة، وإنما إطلق على الذي يتخلى في الطريق والذي يتخلى في الظل لعنانان لأنهما تسببا بذلك في لعن الناس لهما كثيراً عادة، فأضيف الفعل اليهما بصيغة المبالغة، والمعنى: احذروا سبب اللعن المذكور.
قال الخطابى: وقد يكون اللاعن بمعنى المعلون أي: اتقوا الملعونين فاعلمهما.
فائدة: التخلي في طريق الناس ببول أو غائط مكروه كراهة تنزيه كما قال أصحاب الشافعي.
لكن قال النووي: ينبغي تحريمه للأخبار الصحيحة ولإيذاء المسلمين.
وقال الأذرعي في «التوسط» : يجب الجزم بأن التخلي فيها حرام، وهو الصواب مذهباً ودليلاً، قال: ويتعين من إطلاق الكراهة أي: في كلام الأصحاب على التحريم.
وقال صاحب العدة: إن التغوط في الطريق حرام نقله الشيخان عنه في كتاب الشهادة وأقراه فأُفهم كلامهم أن البول فيها ليس بحرام، لأن الغائط أغلظ منه.
وجاء في حديث رواه البيهقي: «من سل سخيمته على طريق عامر من طريق المسلمين فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين» (¬2)
«والسخيمة» بفتح السين المهملة وكسر الخاء المعجمة هي الغائط.
ومنها: أن لا يتخلى في متحدث الناس، «والمتحدث» بفتح الدال مكان الاجتماع للحديث، ويسمى النادى، أي: يكره التخلي فيه، وفي معناه كل موضع يقصد كظل شمس أو لمعيشة أو لمقيل مسافر ونحوها، وينبغي على قول النووي أن يحرَّم التخلى فيه لإيذاء الناس.
ومنها: أن لا يتخلى عند قبر محترم احتراماً له، أي: يكره له ذلك، وتشتد الكراهة عند قبور الأولياء والشهداء، وأما قبور الأنبياء فالتخلي عندها حرام كما قال الأذرعي.
وكذلك يحرم التخلي بين القبور المتكرر نبشها لاختلاط ترتبها بأجزاء الميت،
¬_________
(¬1) عزاه أيضاً ابن الملقن في تحفة المحتاج (1/163) لابن منده.
(¬2) أخرجه البيهقي (1/98، رقم 475) وأخرجه أيضاً الحاكم (1/296، رقم 665) ، والطبراني في الأوسط (5/320، رقم 5426) قال الهيثمي (1/204) : فيه محمد بن عمرو الأنصاري ضعفه يحيى بن معين ووثقه ابن حبان وبقية رجاله ثقات. جميعاً عن أبي هريرة.

الصفحة 316