كتاب شرح البخاري للسفيري = المجالس الوعظية في شرح أحاديث خير البرية (اسم الجزء: 2)

بمقتضى عادته أنه يخرج منه شيء، وجب أن يستبرئ بعده، ووافقه ابن البرزي على ذلك.
ويكره لغير حاجة أن يحشو ذكره بقطن أو نحوه، أما لحاجة فإنه لا يكره، بل يجب كمن به سلس البول.
وينبغي لكل أحد في الاستبراء أن لا ينتهي إلى حد الوسوسة فإنها مذمومة، والناس مختلفون في الوسواس.
فمنهم من يوسوس في الاستنجاء والوضوء والغسل، فيؤديه ذلك إلى الإسراف في الماء.
ومنهم من يوسوس في الصلاة فيؤدية ذلك إلى عدم جزم النية، وتكرير لفظ نويت نويت أصلي أصلي ونحو ذلك، وهذا نقص في العقل وحيل من الشيطان.
فقد روى ابن ماجة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - مر بسعد وهو يتوضأ فقال له: «لا تسرف» فقال له: يا رسول الله أفي الماء إسراف؟ قال: «نعم وإن كنت على نهر جار» (¬1) .
وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أن للوضوء شيطاناً يقال له الولهان فاتقوا وسواس الماء» (¬2) رواه الترمذي.
قال ابن العماد: معناه أنه يشككه في خلاء الوضوء، أو بعد الفراغ منه في أنه نوى أو ما نوى، أو في أنه لم يستوعب غسل الوجه في المرات الثلاث ونحو ذلك.
وأخرج ابن أبي الدنيا عن الحسن قال: «شيطان الوضوء يدعى الولهان ويضحك بالناس في الوضوء» .
وأخرج ابن أبي شيبة عن إبراهيم التيمي قال: «أول ما يبدأ الوسواس من الوضوء» (¬3) .
وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «سيكون في هذه الأمة قوم يعتدون في الطهور والدعاء» (¬4) .
¬_________
(¬1) أخرجه ابن ماجه (1/147، رقم 425) عن عبد الله بن عمرو.
(¬2) أخرجه الترمذي (1/85، رقم 57) ، وقال: غريب وليس إسناده بالقوي. وأخرجه أيضاً ابن ماجه (1/146، رقم 421) ، وأحمد (5/136، رقم 21276) ، وابن خزيمة (1/63، رقم 122) ، والحاكم في المستدرك (1/267، رقم 578) ، والطيالسي (ص: 74، رقم 547) عن أبي بن كعب.
(¬3) أخرجه ابن أبي شيبة (1/67، رقم 725) .
(¬4) أخرجه أبو داود (1/24، رقم 96) ، وابن ماجه (2/1271، رقم 3864) ، وأحمد (4/86، رقم 16842) ، وابن حبان (15/166، رقم 6763) ، والحاكم في المستدرك (1/267، رقم 579) ، وابن أبي شيبة (6/53، رقم 29411) ، والبيهقي (1/196، رقم 900) عن عبد الله بن مغفل.

الصفحة 321