كتاب شرح البخاري للسفيري = المجالس الوعظية في شرح أحاديث خير البرية (اسم الجزء: 2)

المسح الأول بخروج القطرة، فإن لم يحصل الإنقاء بثلاث وجب الزيادة عليها إلى أن يحصل الإنقاء، فإن نقي برابعة يسن له أن يزيد أخرى لتصير خمسة، فإن الإيتار (¬1) سنة وإن انقى بسادسة يستحب سابعة.
قال النبي: «من استجمر فليوتر» متفق عليه (¬2) .
فائدة: إذا استعمل حجراً ثم غسله وجف جاز له استعماله ثانياً، ولو استعمل حجراً في المرة الثانية ولم يتلوث جاز استعماله أيضاً بلا كراهة، بخلاف ما إذا رمى حجراً في الجمار ثم أخذه ورمى به ثانياً وهكذا إلى السابع، فإنه وإن جاز لكن مع الكراهة، فإنه ورد: «أن ما تقبل من الحصيات رفع وما لا ترك» .
السادسة: قال العلماء: لا يتعين الحجر للاستنجاء بغير الماء، بل يقوم مقامه كل جامد طاهر قالع غير محترم كالخشب والخزف والحشيش لحصول الغرض به كالحجر.
سؤال: فإن قيل: الوارد في الحديث إنما هو ذكر الحجارة لا غيرها، فكيف يقوم غيرها مقامها؟
جوابة: أنه إنما جرى ذكر الحجارة في الأحاديث ونسب الحكم إليها كقوله: «فليستنج بثلاثة أحجار» كما تقدم لأنها كانت أكثر الأشياء التي يستنجأ بها وجوداً وأقربها تناولاً، لأنها كانت تتناول بلا مشقة فيها ولا كلفة في تحصلها.
فقولهم في ضابط ما يقوم مقام الحجر: «كل جامد» احترزوا به عن المائع غير الماء الطهور كماء الورد ونحوه، فلو استنجأ بماء الورد مثلاً لم يكف وتعين استعمال الماء بعده ولا يكفي الحجر.
واحترزوا «بالجامد» أيضاً: عن الحجر المبلول، فإنه لا يصح الاستنجاء به، لأن البلل الذي عليه يتنجس بملاقاة النجاسة إياه، ويعود بعضه إلى المحل فيحصل عليه نجاسة أجنبية.
¬_________
(¬1) أي يكون عدد المسحات وتراً فتكون ثلاث مسحات أو خمس أو سبع وهاكذا.
(¬2) أخرجه البخاري (1/71، رقم 159) ، ومسلم (1/212، رقم 237) . وأخرجه أيضاً النسائي (1/66، رقم 88) ، وابن ماجه (1/143، رقم 409) ، ومالك (1/19، رقم 34) ، وأحمد (2/518، رقم 10729) ، وابن حبان (4/286، رقم 1438) ، وإسحاق بن راهويه (1/454، رقم 527) ، وأبو عوانة (1/208، رقم 673) ، والطيراني في الأوسط (2/363، رقم 2238) ، والبيهقي (1/51، رقم 238) عن أبي هريرة.

الصفحة 345