كتاب شرح البخاري للسفيري = المجالس الوعظية في شرح أحاديث خير البرية (اسم الجزء: 2)

فقيل: إنه - صلى الله عليه وسلم - كان لا ينام إلا بحرس، حتى نزلت هذه الآية، فأخرج - صلى الله عليه وسلم - رأسه من القبة فقال لهم: «أيها الناس انصرفوا عني فقد عصمنى ربي - عز وجل -» (¬1) .
وقيل: سبب نزولها ما روي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا نزل منزلاً اختار له أصحابه شجرة يقيل تحتها، فأتاه أعرابى أي: بعد ما نام تحت الشجرة فاخترط سيفه قال: من يمنعك مني؟ فقال: «الله» فارتعدت يد الأعرابى، وسقط سيفه وضرب برأسه الشجرة حتى سأل دماغه فنزلت هذه الآية (¬2) .
وهذا الأعرابي اسمه: «غورث بن الحارث» كما ورد في ذلك الصحيح، وعفا عنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرجع إلى قومه وقال: جئتكم من عند خير الناس.
وقيل: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخاف قريشاً فلما نزلت هذه الآية استلقى ثم قال: «من شاء فليخذلني» (¬3) .
وروي أنه - صلى الله عليه وسلم - في غزوة غطفان نزل تحت شجرة فأتاه رجل اسمه: «دعثور بن الحارث» فاخترط سيفه فقال: من يمنعك مني؟ فقال: «الله» ، فسقط السيف من يده، فأسلم فلما رجع إلى قومه وكان سيدهم وأشجعهم فقالوا: أين ما كنت تقول إن أمكنني وقد أمكنك، فقال: إني نظرت إلى رجلٍ أبيضٍ دفع في صدري، فوقعت لظهري وسقط السيف، فعرفت أنه ملك فأسلمت، ونزل في ذلك كما قيل: ?يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَن يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ المُؤْمِنُونَ? [المائدة: 11] (¬4) .
ومما يدل على عصمته وحفظه من أعداءه ما ذكره عبد بن حميد قال: كانت حمالة الحطب وهي زوجة أبي لهب تضع «الغضاة» وهي جمر النار على طريق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فكان يطاؤها ولا يصيبه شيء.
وذكر ابن اسحاق عنها أنها لما بلغها ?تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ? [المسد: 1]
¬_________
(¬1) أخرجه الترمذي (5/251، رقم 3046) وقال: غريب. والحاكم (2/342، رقم 3221) وقال: صحيح الإسناد. والبيهقي (9/8، رقم 17508) عن عائشة.
(¬2) انظر: تفسير الطبري (6/308) . والقصة متفق عليها أخرجها البخاري) 3/1065، رقم 2753) ، ومسلم (1/576، رقم 843) عن جابر بن عبد الله.
(¬3) انظر: تفسير الطبري (6/308) .
(¬4) القصة بنحوها أخرجها البخاري) 3/1065، رقم 2753) ، ومسلم (1/576، رقم 843) عن جابر بن عبد الله.

الصفحة 351