كتاب شرح البخاري للسفيري = المجالس الوعظية في شرح أحاديث خير البرية (اسم الجزء: 2)

على الله في تحقق الوجوب (¬1) .
وفي هذا الحديث فوائد:
الأولى: وجوب قتال الكفار إذا طاقه المسلمون حتى يسلموا أو يبذلوا الجزية إن كانوا ممن تقبل منهم.
الثانية: وجوب قتال تاركي الصلاة والزكاة.
الثالثة: قتل تاركي الصلاة عمداً مع اعتقاد وجوبها.
واعلم أن مذهب الإمام الشافعي - رضي الله عنه - أن من ترك صلاة واحدة من الصلوات الخمس كسلاً وهو يعتقد وجوبها لا يكفر، وإنما يكفر إذا جحد وجوبها، ولكنه يقتل إذا أخرجها عن وقت الجمع لهذا الحديث ولما رواه أبو داود وابن حبان أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «خمس صلوات كتبهن الله على العباد، فمن جاء بهن فلم يضيع منهن استخفافاً بحقهن، كان له عهد عند الله أن يدخله الجنة، ومن لم يأت فليس له عند الله عهد، إن شاء عذبه وإن شاء أدخله الجنة» (¬2) فلا يقتل بترك الظهر إلا إذا غربت الشمس، ولا يقتل بترك المغرب إلا إذا طلع الفجر، ويقتل بترك كل من العصر والعشاء والصبح إذا خرج وقتها.
قيل: تقول الملائكة لتارك الفجر يا فاجر، ولتارك الظهر يا خاسر، ولتارك العصر يا عاص، ولتارك المغرب يا كافر، ولتارك العشاء يا مضيع ضيعك الله.
وجاء في الخبر: «من نام عن صلاة العتمة نادته الملائكة لا نامت عيناك ولا قرتا، حبسك الله بين الجنة والنار كما حبستنا» .
وينبغي أن يستتاب تارك الصلاة قبل قتله، واختلفوا هل هي واجبة أو مستحبة؟ ذهب جماعة إلى وجوبها لكن المرجح في التحقيق للنووي استحبابها، وإذا تاب تارك الصلاة بأن فعلها فإنه لا يقتل، واستشكل ذلك الأسنوي بأنه يقتل حداً والحدود لا
¬_________
(¬1) قال ابن حجر في ذلك: ولفظة «على» مشعرة بالإيجاب وظاهرها غير مراد، فإما أن تكون بمعنى اللام أو على سبيل التشبيه أي: هو كالواجب على الله في تحقق الوقوع، وفيه دليل على قبول الأعمال الظاهرة، والحكم بما يقتضيه الظاهر، والاكتفاء في قبول الإيمان بالاعتقاد الجازم خلافاً لمن أوجب تعلم الأدلة. انظر: فتح الباري (1/77) .
(¬2) أخرجه أبو داود (1/115، رقم 425) ، وابن حبان (5/23، رقم 1732) . وأخرجه أيضاً: الطبراني فى الأوسط (5/56، رقم 4658) ، والبيهقي (2/215، رقم 2985) ، والضياء (8/320، رقم 385) جميعاً عن عبادة بن الصامت.

الصفحة 8