كتاب شرح طيبة النشر للنويري (اسم الجزء: 2)

ووجه منعهما فى العارضة المحضة: أن [عدم] (¬1) مقتضى حركتها ألحقها بالسواكن فلا مدخل لهما فيها (¬2).
تنبيهان:
الأول: منعهم الروم والإشمام فى هاء التأنيث إنما يريدون (¬3) به إذا وقف بالهاء بدل تاء التأنيث؛ لأن الوقف حينئذ إنما هو على حرف ليس عليه إعراب، بل هو بدل من الحرف الذى كان عليه الإعراب، فإن وقف عليه بالتاء كما سيأتى جازا معا بلا نظر؛ لأن الوقف حينئذ على الحرف الذى كانت الحركة لازمة له؛ فيسوغان (¬4) معا، والله أعلم.
¬_________
(¬1) سقط فى م.
(¬2) فى م: فيه.
(¬3) فى م، د: يردون، وقال الرضى: «والأكثر على أن لا روم ولا إشمام فى هاء التأنيث وميم الجمع والحركة العارضة».
ثم قال ابن الحاجب معلقا: أقول: لم أر أحدا: لا من القراء ولا من النحاة، ذكر أنه يجوز الروم والإشمام فى أحد الثلاثة المذكورة؛ بل كلهم منعوهما فيها مطلقا، وأرى أن الذى أوهم المصنف أنه يجوز الروم والإشمام فيها قول الشاطبى- رحمه الله تعالى- بعد قوله:
وفى هاء تأنيث وميم الجمع قل ... وعارض شكل لم يكونا ليدخلا
وفى الهاء للإضمار قوم أبوهما ... ومن قبله ضم أو الكسر مثّلا
أو أمّا هما واو وياء وبعضهم ... يرى لهما فى كل حال محلّلا
فظن أنه أراد بقوله: «فى كل حال» فى هاء التأنيث وميم الجمع وعارض الشكل وهاء المذكر، كما وهم بعض شراح كلامه أيضا، وإنما عنى الشاطبى فى كل حال من أحوال هاء المذكر فقط فنقول: إنما لم يجز فى هاء التأنيث الروم والإشمام؛ لأنه لم يكن على الهاء حركة فينبه عليها بالروم أو بالإشمام، وإنما كانت على التاء التى هى بدل منها، فمن ثم جازا عمن يقف على التاء بلا قلب، كقوله:
بل جوز تيهاء كظهر الجحفت وأما الجمع فالأكثر على إسكانه فى الوصل، نحو: عليكم [البقرة: 40]، وإليهم [آل عمران: 77]، والروم والإشمام لا يكونان فى الساكن، وأما من حركها فى الوصل ووصلها بواو أو ياء فإنما لم يرم ولم يشمّ أيضا بعد حذف الواو والياء كما رام الكسرة فى «القاضى» بعد حذف يائه؛ لأن تلك الكسرة قد تكون فى آخر الكلمة فى الوصل، كقوله تعالى يوم يدع الدّاع [القمر: 6]، ولم يأت عليكم وإليهم، إذا وصلتهما بمتحرك بعدهما متحركى الميمين محذوفى الصلة، فكيف ترام أو تشم حركة لم تكن آخرا قط، وأما نحو عليكم من الكتب وإليهم الملئكة [الأنعام: 111] فإن آخر الكلمة فيها الواو والياء المحذوفتان للساكنين، وما حذف للساكنين فهو فى حكم الثابت، هذا إن قلنا: إنهما كانا قبل اتصالهما بالساكن عليكم وإليهم- على ما هو قراءة ابن كثير- وإن قلنا: إنهما كانا قبل ذلك عليكم وإليهم- بسكون الميم فيهما- فالكسر والضم إذن عارضان لأجل الساكنين، والعارض لا يرام ولا يشم كما فى قوله تعالى: من يشإ الله يضلله [الأنعام: 36] ولقد استهزئ [الرعد: 32]؛ لأن الروم والإشمام إنما يكونان للحركة المقدرة فى الوقف، والحركة العارضة للساكنين لا تكون إلا فى الوصل، فإذا لم تقدر فى الوقف فكيف ينبه عليها؟
ينظر: شرح شافية ابن الحاجب (2/ 276 - 279).
(¬4) فى ز: فسوغا.

الصفحة 54