كتاب البناية شرح الهداية (اسم الجزء: 2)

وهو حجة على الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - في اكتفائه بالإقامة، فإن فاتته صلوات أذن للأولى وأقام، لما روينا وكان مخيرا في الباقي؛ إن شاء أذن وأقام، ليكون القضاء على حسب الأداء، وإن شاء اقتصر على الإقامة.
ـــــــــــــــــــــــــــــQعبد البر هو الصحيح. وقيل مرجعه من حنين. وفي حديث ابن مسعود أن ذلك كان عام الحديبية. وفي حديث عطاء بن يسار أن ذلك في غزوة تبوك. قال ابن عبد البر: حسبه وهما، قال الأصل لم يعرض ذلك للنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلا مرة. وقال ابن الحصاد: هي ثلاث نوازل مختلفة.

م: (وهو حجة على الشافعي في اكتفائه بالإقامة) ش: أي الحديث المذكور الذي فيه قضى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بأذان وإقامة حجة عليه فيما ذهب إليه.
فإن قلت: فللشافعي أن يستدل بما رواه النسائي الذي فيه الاكتفاء بالإقامة، وقد ذكرناه آنفا.
قلت: قد مر في حديث الصحابة المذكورة من ذكر الأذان والإقامة والعمل بالزيادة أولى.
والجواب عن حديث النسائي قد ذكرناه آنفا. وقال الأكمل: لا يقال قد روي أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أمر بلالا فأقام بدون ذكر الأذان، لأنا نقول العمل بالزيادة أولى لأن القصة واحدة وفيه نظر، لأن ذلك إنما يكون إذا كان راويهما واحد، ولم يثبت هاهنا ذلك.
والجواب: أن الراوي إذا كان متعددا إنما يعمل بالخبرين إذا كان يمكن العمل بهما، وهاهنا لا يمكن ذلك لكون القصة واحدة.
قلت: كون القصة واحدة غير صحيح لأن القصة متعددة كما ذكرنا آنفا.
قوله: وفيه نظر لأن أحدا لم يشترط في العمل بالزيادة عند اتحاد الراوي، بل الزيادة مقبولة إذا ثبت سواء كان الراوي واحدا أو متعددا.

م: (فإن فاتته صلاة أذن للأولى، وأقام لما روينا) ش: أشار به إلى الحديث الذي فيه قضاء النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صلاة الفجر غداة ليلة التعريس بأذان وإقامة. م: (وكان مخيرا في الباقي إن شاء أذن وأقام) ش: يعني إن شاء أذن وأقام لكل صلاة من الفوائت. م: (ليكون القضاء على حسب الأداء) ش: لأن القضاء على الأداء.
م: (وإن شاء اقتصر على الإقامة) ش: لما روى الترمذي عن ابن مسعود - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فاتته يوم الخندق أربع صلوات حتى ذهب ما شاء الله من الليل، فأمر بلالا فأذن ثم أقام فصلى الظهر ثم أقام فصلى العشاء» .

الصفحة 107