كتاب البناية شرح الهداية (اسم الجزء: 2)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQبحروفه وفي آخره: «فإذا قلت هذا فقد قضيت ما عليك، إن شئت أن تقوم فقم» .
وقول أبي داود: فذكر مثل دعاء حديث الأعمش، أراد به ما رواه أولا: حدثنا مسدد ثنا يحيى عن سليمان الأعمش قال: حدثني سفيان بن سليمان عن عبد الله بن مسعود قال: «كنا إذا جلسنا مع رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في الصلاة قلنا: السلام على الله قبل عباده، السلام على فلان وفلان، فقال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "لا تقولوا السلام على الله؛ فإن الله هو السلام، ولكن إذا جلس أحدكم فليقل: التحيات لله والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، فإنكم إذا قلتم ذلك أصاب كل عبد صالح في السماء والأرض، أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، ثم يتخذ أحدكم من الدعاء أعجبه إليه فيدعو به» .
ثم اعلم أن أصحابنا استدلوا بالحديث الذي ذكره في الكتاب في مسائل، الأولى استدلوا به على فرضية القعدة الأخيرة، وذلك لأنه - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - علق الصلاة بالقعود، وما لا يتم الفرض إلا به فهو فرض، وهو حجة على مالك حيث لم يفرض القعدة الأخيرة.
فإن قلت: كلمة أو لأجل السبق وليس فيه دلالة على ما ادعيتم.
قلت: معناه: إذا قلت هذا وأنت قاعد أو قعدت ولم تقل، فصار الخبر في القول لا في الفعل؛ إذ الفعل ثانيه في الحالين، وتحقيق وجه الاستدلال به أنه - عَلَيْهِ السَّلَامُ - علق تمام الصلاة بالفعل قراءة ولم يقرأ لأنه علق بأحد الأمرين من قراءة التشهد والقعود، وأحدهما وهو القراءة لم تشرع بدون الآخر، حيث لم يفعله رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلا فيه، وانعقد على ذلك الإجماع، فكان الفعل موجودا على تقدير القراءة البتة، وكان هو المعلق به في الحقيقة لاستلزامه الآخر، وكلما علق بشيء لا يوجد بدون الفعل، وتمام الصلاة واجب وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، فالقعدة واجبة؛ أي فرض.
فإن قلت: هذا خبر واحد، وهو بظاهره لا يقيد الفرضية، فكيف مع هذا التكلف العظيم.
قلت: إن قَوْله تَعَالَى: {أَقِيمُوا الصَّلَاةَ} [الأنعام: 72] (البقرة: الآية 43) مجمل، وخبر الواحد لحق بيانا له، والمجمل من الكتاب إذا لحقه البيان الظني يفيد الفرضية، لأن الحكم بعده يكون مضافا إلى الكتاب لا إلى البيان في الصحيح.
فإن قلت: لم لا يكون الأمر في القراءة ويكون فرضا؟
قلت: لأن نص القراءة ليس بمجمل بل هو خاص، فتكون الزيادة عليه نسخا بخبر الواحد
الصفحة 158
684