كتاب البناية شرح الهداية (اسم الجزء: 2)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQالثاني: أن أبا زيد الدبوسي من عم هو وغيره، وأن هذه الزيادة رواها أبو داود الطيالسي. وروى ابن داود العتبي وهشام بن القاسم ويحيى بن أبي بكر كثير، ويحيى بن يحيى النيسابوري في آخرين متصلا، فرواية من رواه مفصولا لا يقطع بكونه مدرجا؛ لاحتمال أن يكون نسيه ثم ذكره، فسمعه هؤلاء متصلا وهذا منفصلا، وجدنا في كتاب النسائي من حديث الإفريقي عن عبد الله بن عمر عن النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أنه قال: «إذا أحدث الرجل في آخر صلاته قبل أن يسلم فجازت صلاته» .
الثالث: أن عبد الرحمن بن ثابت الذي ذكره البيهقي قد ضعفه ابن معين هو بنفسه، ذكره في باب التكبير أربعا. وكذلك عنان بن الربيع الذي روى عن عبد الرحمن بن ثابت، ضعفه الدارقطني وغيره، فمثل هذا لا يعلل رواية " الجامع الصغير " الذي جعلوا هذا الكلام بالحديث، وعلى تقدير صحة السند الذي روي فيه موقوفا، فرواية من وقف لا يعلل بها رواية من رفع؛ لأن الرفع زيادة مقبولة على ما عرف من مذاهب أهل الفقه والأصول، فيحمل على أن ابن مسعود - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - سمعه من النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فرواه بذلك مرة وأفتى به مرة أخرى، وهذا أولى من جعله من كلامه، إذ فيه تخطئة الجماعة الذين وصلوا.
ولئن سلمنا وصوله، فالوهم في رواية من أدرجه لا يتعين أن يكون الوهم من زهير، بل ممن رواه عنه موقوفا، والثانية أن هذا ينافي فرضية الصلاة على النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - في الصلاة؛ لأنه - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - علق التمام بالقول، وهو حجة على الشافعي، وأيضا أنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - علم التشهد لعبد الله بن مسعود ثم أمره عقبه أن يتخذ من الدعاء ما شاء ولم يعلمه الصلاة عليه، ولو كانت فرضا لعلمه، إذ موضع التعلم لا يؤخر لبيان الواجب.
وأيضا علم النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الأعرابي أركان الصلاة، ولم يعلمه الصلاة عليه، ولو كانت فرضا لعلمه. وكذا لم يرو في تشهد أحد من الصحابة، فمن أوجبها فقد خالف الآثار. وقد قال جماعة من أهل العلم أن الشافعي خالف الإجماع في هذه المسألة مقتدى به، منهم ابن المنذر وابن جرير الطبري والطحاوي، وسيأتي مزيد الكلام فيه.
الثالثة: أن هذا ينافي فرضية السلام في الصلاة؛ لأنه عزم أمر المصلي بعد القعود بقوله: إن شئت أن تقوم وإن شئت أن تقعد، وهو حجة على الشافعي أيضا، حيث افترض السلام.
الرابعة: استدل به أبو يوسف ومحمد في المسائل الاثني عشرية أن الصلاة لا تبطل فيها لأنه - عَلَيْهِ السَّلَامُ - علق تمام الصلاة بالقعود ولم يعلق عليه شيئا. واعتراض العوارض قبل السلام كاعتراضها بعد.
الصفحة 160
684