كتاب البناية شرح الهداية (اسم الجزء: 2)
علق التمام بالفعل، قرأ أو لم يقرأ.
قال: وما سوى ذلك فهو سنة، أطلق اسم السنة وفيها واجبات: كقراءة الفاتحة، وضم السورة إليها. ومراعاة الترتيب فيما شرع مكررا من الأفعال،
ـــــــــــــــــــــــــــــQم: (علق التمام بالفعل) ش: أي علق - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إتمام الصلاة بالفعل م: (قرأ أو لم يقرأ) ش: قرأ التشهد أو لم يقرأ، فكان الفعل هو اللازم دون القول، لأن الفعل أقوى من القول، فكان اعتباره أولى، بدليل أن القادر على الفعل والعاجز عن القول يلزمه الفعل، كالأمي، والعاجز عن الفعل والقادر على القول لا يلزمه القول، كالعاجز عن القعدة، فتعلقت الفرضية بالأقوى وهو الفعل دون القول، ولأنه ثبت باتفاق الأخبار أنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ما سلم إلا بعد القعدة، والأمر بالصلاة مجمل، فيكون فعله بيانا، كذا في " الأسرار " وفي " الجنازية ": ذكر في القرآن: {أَقِيمُوا الصَّلَاةَ} [الأنعام: 72] ولم يعلم تمامها في أي وقت، فالحديث يبين تمامها في القعدة.
فإن قلت: فعلى هذا كان ينبغي أن تكون القعدة الأولى فرضا أيضا لأنه - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أتى بها وقال: «صلوا كما رأيتموني أصلى» فصار بيانا لمجمل الكتاب أيضا.
قلت: روي أنه - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - سها عن القعدة الأولى، فأعلم بذلك فلم يفعل فسجد للسهو، فدل على أنها ليست بفرض. وفي " الدراية ": أن الفريضة لا تثبت ابتداء بخبر الواحد، أما البيان به فيصح، كما في مسح الرأس، والتحقيق في هذا الموضع أن القعدة فرض، عملا لا اعتقادا؛ إذ بخبر الواحد يثبت هذا الفرض، كالوتر عند أبي حنيفة لأنه في درجة الواجب، ولهذا لا يكفر منكر فرضيتها، كمالك وأبي بكر الأصم والزهري؛ لأنه عندهم سنة إلا مقدار إيقاع السلام، ولأن الإتيان بالسلام واجب ومحله القعدة، فيراد القعود لغيره فيتعذر به.
[سنن الصلاة]
م: (قال) ش: أي القدوري م: (وما سوى ذلك فهو سنة) ش: أي وما سوى ما ذكرنا من الفرائض الستة فهو سنة. وفي " المجتبى " يحتمل أن يكون ذلك إشارة إلى الفرائض المذكورة، وإليه ذهب أكثر الشارحين، ويحتمل أن يكون إشارة إلى قدر التشهد، فيكون إخبارا عن القعود الذي يصلي فيه على النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ويدعو ويسلم وهو الأشبه، لأن الفقهاء جعلوا أفعال الصلاة أقساما وواجبات. فالواجبات ثمانية، وهي مذكورة في الكتاب، والسنن ما فعله النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على المواظبة ولم يترك إلا بعذر: كالثناء والتعوذ في تكبيرات الركوع والسجود، والآداب ما فعله النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مرة أو مرتين، كزيادة التسبيحات فيها والزيادة على القراءة المستوية.
م: (أطلق) ش: أي القدوري م: (اسم السنة وفيها) ش: أي والحال أن في السنة م: (واجبات كقراءة الفاتحة وضم السورة إليها) ش: أي إلى الفاتحة أو ثلاث آيات، ويكره ضم آية أو آيتين إليها، نص على ذلك في " الذخيرة " و " المرغيناني " م: (ومراعاة الترتيب فيما شرع مكررا من الأفعال) ش: أي في الذي شرع حال كونه مكررا، أراد به السجود؛ لأنه شرع في كل ركعة مكررا ومراعاة الترتيب فيه واجبة، حتى ترك سجدة من الركعة الأولى لا تفسد صلاته، ويجوز قضاؤه في الثانية.
الصفحة 161
684