كتاب البناية شرح الهداية (اسم الجزء: 2)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQقلت: فسر السجدة حرملة، وكذا فسر الإمام لأنه يعبر بكل واحد منهما عن الآخر، وأيا ما كان فالمراد بعض الصلاة، وأدرك بشيء منها، وهو يطلق على الركعة والسجدة وما دونهما مثل تكبيرة الإحرام.
وحديث: «من أدرك سجدة» رواه أحمد عن أبي هريرة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -.
الوجه الثاني: أن الوقت الذي يدرك فيه قبل غروب الشمس، ولو كان جزءا يسيرا لا يسع فيه الأداء وقت وجوب الصلاة عليه، لأن معنى قوله: " فقد أدرك وجوبها " كما ذكرنا. وقال زفر: ما لم يجد وقتا يسع فيه الأداء حقيقة. وعن الشافعي قولان فيما إذا أدرك دون ركعة كتكبيرة مثلا أحدهما لا يلزمه، والآخر يلزمه وهو أصحهما.
الوجه الثالث: فيه دليل صريح في أن من صلى ركعة من العصر ثم خرج الوقت قبل سلامه لا تبطل صلاته وهذا بالإجماع، وأما في الصحيح فكذلك عند الشافعي ومالك وأحمد - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -، وعند أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ - تبطل صلاة الصبح بطلوع الشمس فيها، وقالت الشافعية: الحديث حجة على أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ - حيث عمل به في العصر ولم يعمل به في الصبح.
قلت: من وقف على ما مر عليه أبو حنيفة عرف أن الحديث ليس بحجة عليه بل الحديث حجة عليهم، فنقول: لا شك أن الوقت سبب للصلاة وظرف لها ولكن لا يمكن أن يكون كل الوقت سببا؛ لأنه لو كان كذلك يلزم تأخير الأداء عن الوقت، فتعين أن يحصل بعض الوقت سببا وهو الجزء الأول لسلامته عن الزحام، فإن اتصل به الأداء تقرر السبب، ولا ينتقل إلى الجزء الثاني والثالث والرابع وما بعده إلى ما يمكن منه من عقد التحريمة إلى آخر جزء من أجزاء الوقت، ثم هذا الجزء إن كان صحيحا بحيث لا ينسب إلى الشيطان ولم يوصف بالكراهة كما في الفجر وجب عليه كاملا، حتى لو اعترض الفساد في الوقت بطلوع الشمس في خلال الفجر فسد خلافا لهم، لأن ما وجب كاملا لا يتأدى بالناقص كالصوم المنذور المطلق، أو صوم القضاء لا يتأدى في أيام النحر والتشريق، وإن كان هذا الجزء ناقصا بأن صار منسوبا إلى الشيطان، كالعصر في وقت الاحمرار وجب ناقصا لأن نقصان السبب مؤثر في نقصان المسبب، فساوى نصف النقصان؛ لأنه ما لزم كما إذا نذر من صوم يوم النحر وأداءه فيه، فإذا غربت الشمس في أثناء الصلاة لم يفسد العصر؛ لأنه ما بعد الغروب كامل كما دل فيه لأن ما وجب ناقصا يتادى كاملا بطريق الأولى.
فإن قلت: يلزم أن يفسد العصر إذا شرع فيه في الجزء الصحيح ومدتها إلى أن غربت.
قلت: لما كان الوقت تبعا جاز له قبله كل الوقت فينتفي الفساد الذي يصل فيه بالبناء، لأن

الصفحة 23