كتاب البناية شرح الهداية (اسم الجزء: 2)

وقال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: يستحب التعجيل في كل صلاة،
ـــــــــــــــــــــــــــــQشيء ما اجتمعوا على التنوير بالفجر.
فإن قلت: قال الخطابي: يحتمل أنهم لما أمروا بالتعجيل صلوا بين الفجر الأول والثاني طلبا للصواب، وقيل إنهم صلوا بعد الفجر الثاني وأصبحوا بها فإنه أعظم لأجوركم.
قلت: هذا باطل لا أصل له إذ لم يقل أنهم أمروا بالتعجيل ولم يقل أنهم صلوا صلاة الصبح قبل طلوع الفجر الثاني بعد الفجر الكاذب، ولو صلوا قبل الفجر لا يعتد بها فكيف يكون له أجر؟
فإن قلت: قال النووي: يؤجر على نيته ولا تصح صلاته.
قلت: رتب الأجر على الصلاة دون النية، والصلاة إذا لم تصح فلا أجر له فيها وعليه الوزر لبقاء الفرض، ولأن في الإسفار تكثير الجماعة وتوسع الحلال على النائم والضعيف في إدراك فضل الجماعة فكان أفضل وأولى.
م: (وقال الشافعي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: يستحب التعجيل في كل صلاة) ش: يعني إقامتها في أول وقتها وهو إذا تحقق طلوع الفجر وبه قال أحمد: وفي " الحلية " الأفضل تقديم الفجر في أول الوقت وبه قال مالك وداود وأبو ثور ومحمد والحسن - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ -. في رواية. وفي " شرح الوجيز ": الأفضل عندنا تعجيل الصلوات ويستحب تعجيل العشاء على أحد القولين.
احتج الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - بقوله تعالى: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ} [آل عمران: 133] (آل عمران: الآية 133) وفيما قلنا إظهار المسارعة، وبحديث عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قالت: «إن كان رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ليصلي العشاء فتنصرف النساء متلففات بمروطهن ثم يظهرن لا يعرفن من الغلس» . رواه مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - أجمعين -، ويروى متلفعات بالعين المهملة بعد الفاء، والمعنى متقاربات إلا أن التلفع مستعمل مع تغطية الرأس، والمروط جمع مرط بكسر الميم وسكون الراء وهي ألبسة من صوف أو خز مربعة.
وقيل سداها شعر، قوله - إن كان - كلمة إن مخففة من الثقيلة عند البصريين، واللام هي الفارقة بينها وبين النافية، وقال الكوفيون: إن نافية، واللام بمعنى إلا كقوله: {وَإِنْ وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ} [الأعراف: 102] (الأعراف: الآية 102) .
والغلس: بفتحتين بقايا ظلمة الليل يخالطها بياض الفجر، والغليس مثله إلا أن الغلس لا يكون إلا في آخر الليل والغلس يكون في أوله وآخره، وهذا الحديث معتمد مذهبهم.
واحتج أيضاً بحديث أسامة بن زيد عن الزهري يسنده إلى أبي مسعود الأنصاري - رضي

الصفحة 37