كتاب البناية شرح الهداية (اسم الجزء: 2)

والتأخير إليه مكروه. ويستحب تعجيل المغرب لأن تأخيرها مكروه لما فيه من التشبه باليهود،
ـــــــــــــــــــــــــــــQوقال الأكمل: هو الصريح واحترز عن قول سفيان وإبراهيم النخعي - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - أن المعتبر تغير الضوء الذي يقع على الجدار، فإن قلت: أخذ هذا من صاحب " الدراية " فإنه قال: وبه أخذ الحاكم الشهيد.
والصواب: أن المصنف احترز به عن بقية الأقوال كما ذكرنا، ولا يقيد تعيين أحد الأقوال المذكورة في الاحتراز.

م: (والتأخير إليه مكروه) ش: أي إلى تغير القرص مكروه، وفي " القنية " هذه الكراهة هي كراهة تحريم، قالوا: أما الفعل فغير مكروه لأنه مأمور بالفعل ولا تستقيم إثبات الكراهة للشيء مع الأمر به.
م: (ويستحب تعجيل المغرب) ش: أعاد الفعل لما بعد المعطوف عليه ويستثنى منه ليلة النحر إذا قصد للمزدلفة فإنه لا يستحب تعجيلها وفي الآخر اختلاف، ويقال إلا أن يكون التأخير قليلا، وفي السنة لا يكره في البقرة والمائدة، أو كان يوم غيم ولو أخره لتطويل القراءة فيه خلاف.
وروى الحسن عن أبي حنيفة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أنه لا يكره التأخير ما لم يغب الشفق.
وفي " المبسوط " كان عيسى بن أبان - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يقول الأولى تعجيلها للآثار ولكن لا يكره تأخيره مطلقا، ألا ترى أن تعذر السفر والمرض يؤخر المغرب ليجمع بينها وبين العشاء فعلا، فلو كان المذهب التأخير مطلقا لما أبيح ذلك بعد السفر والمرض كما لا يباح تأخير العصر إلى تغير الشمس.
واستدل فيه بما روي عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قرأ سورة الأعراف في صلاة المغرب ليلة.
والجواب: عن هذا أن فعله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هذا كان من باب المد، والمد من أول الوقت إلى آخره معفو.
م: (لأن تأخيرها مكروه) ش: أي لأن تأخير المغرب مكروه للحديث الذي يأتي.
م: (لما فيه من التشبه باليهود) ش: أي لما في تأخير المغرب من التشبه باليهود والرافضة يؤخرون المغرب حتى تشتبك النجوم.
وقد أورد على قوله ويستحب تأخير المغرب لأن تأخيرها مكروه، بأن كل ما كان يكون تأخيرها مكروها لا يستلزم أن يكون تعجيلها مستحبا لجواز أن يكون مباحا، ألا ترى أن تأخير العشاء إلى النصف الأخير مكروه، ويلزم من تركه الاستحباب لأن التأخير إلى نصف الليل مباح، ولما فطن المصنف ذلك أراد أن يبرهن فقال: لما فيه من التشبه باليهود لأن ما فيه التشبه باليهود فتركه مستحب؛ لأن الإباحة فيه قد تنصرف إلى المسامحة. وذكر الأترازي: الإيراد المذكور بقوله لا نسلم ثبوت الاستحباب من نفي الكراهية، ثم أجاب بقوله: لا شك أن انتفاء أحد

الصفحة 44