كتاب البناية شرح الهداية (اسم الجزء: 2)

والمراد بقوله: " وأن نقبر ": صلاة الجنازة؛
ـــــــــــــــــــــــــــــQيوسف - رَحِمَهُ اللَّهُ - ويلزمه الوضوء خصوصا على الرواية التي رويت عنه أنه يصير حتى تطلع الشمس ثم يتم الفريضة فعلى هذه الرواية أن ضحكه صادف حرمة صلاة مطلقة فكان حديثا.

م: (والمراد بقوله - وأن نقبر - صلاة الجنازة) ش: المراد مبتدأ وخبره صلاة الجنازة، أي المراد من قول عقبة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وأن نقبر فيها - الصلاة على الجنازة يقال قبر يقبر من باب نصر ينصر ومصدره مقبر يعني مدفن الميت أيضا قبر يقال قبره إذا دفنه وأقبره إذا جعل له قبرا يوارى فيه.
وقال ابن السكيت: قبرته أي جعلت له قبرا يدفن فيه وقَوْله تَعَالَى: {ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ} [عبس: 21] (سورة عبس: الآية 21) أي جعله ممن يقبر ولم يجعله يلقى للكلاب فأكرم الإنسان بالقبر. وقال ابن الأعرابي: أقبر إذا أمر إنسانا بحفر قبر.
فإن قيل: قلت ذكر القبر وإرادة الصلاة من أي قبيل من المجاز أو الكناية؟
قلت: قال في " المبسوط ": وهو من باب الكناية اللازمة بينهما. وقال الأترازي: هو كناية لأنه ذكر الرديف وأراد المردوف، قلت: المراد من الملازمة المذكورة ما يكون بين اللازم والملزوم على سبيل التبعية، لأن الكناية أن يذكر في اللازمين ما هو تابع ورديف ويراد به ما هو متبوع ومردوف.
فإن قلت: ما هذا الداعي إلى هذه الدعوى فلم لا يؤخذ بظاهره فيكون دفن الميت في هذه الأوقات الثلاثة مكروها؟
قلت: اختلف العلماء في هذا الباب فأخذت طائفة بظاهره وقالوا: يكره دفن الميت في هذه الأوقات الثلاثة. وقال البيهقي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: ونهيه عن القبر في هذه الساعات لا يتناول الصلاة على الجنازة وهو عند كثير من أهل العلم محمول على كراهة الدفن في تلك الساعات، وكذلك حمله أبو داود - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - على الدفن فإنه بوب عليه في كتاب الجنازة فقال: باب ما جاء من الدفن عند طلوع الشمس وعند غروبها، ثم روى حديث عقبة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - المذكور.
وذهب أكثر أهل العلم إلى كراهة الصلاة على الجنازة في هذه الأوقات، وروي ذلك عن ابن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وهو قول عطاء والنخعي، والأوزاعي والثوري وبه قال أبو حنيفة، وأصحابه وأحمد، وإسحاق، وكذلك حمله الترمذي على الصلاة وبوب عليه " باب ما جاء في كراهة صلاة الجنازة عند طلوع الشمس وغروبها " ونقل عن ابن المبارك - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أنه قال: يعني أن نقبر فيها موتانا يعني صلاة الجنازة انتهى. وعن الشافعي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: أنه كان يرى الصلاة على الجنائز أي ساعة شاء من ليل أو نهار وكذلك الدفن أي وقت كان من ليل أو نهار. في أحكام ابن بريدة.

الصفحة 57