كتاب البناية شرح الهداية (اسم الجزء: 2)

فالفوائت جائزة على كل حال، والوقتيات فاسدة إن قدمها لدخول الفوائت في حد القلة، وإن أخرها فكذلك، إلا العشاء الأخيرة لأنه لا فائتة عليه في ظنه حال أدائها.
ومن صلى العصر وهو ذاكر أنه لم يصل الظهر فهي فاسدة إلا إذا كان في آخر الوقت،
ـــــــــــــــــــــــــــــQوالعصر بالعصر، على هذا الترتيب م: (فالفوائت جائزة على كل حال) ش: يعني سواء قدمها على الوقتين أو أخر عنها م: (والوقتيات فاسدة إن قدمها لدخول الفوائت في حد القلة) ش: لأنه متى أدى شيئا منها صارت سادسة المتروكات إلا أنه إذا قضى متروكة بعدها عادت خمسا ثم لا يزال كذلك فلا يعود إلى الجواز.
م: (وإن أخرها) ش: أي وإن أخر الوقتيات كلها م: (فكذلك) ش: أي فكذلك تفسد كلها م: (إلا العشاء الأخيرة) ش: لأنه صلاها وقد صلى ما عليه عنده فصار كالناسي، وقد علل المصنف بعدم فساد العشاء الأخيرة بقوله م: (لأنه لا فائتة عليه في ظنه حال أدائها) ش: أي حال أداء العشاء الأخيرة الوقتية، والظن متى لاقى فصلى مجتهدا فيه وقع معتبرا وإن كان خطأ، والشافعي لا يوجب الترتيب فكان ظنه موافقا لرأيه، وصار كما إذا عفى أحد من له القصاص وظن صاحبه أن عفو صاحبه غير مؤثر في حقه، فقتل ذلك القاتل لا يقتص منه، ومعلوم أن هذا قتل بغير حق، لكن لما كان متأولا يجتهد في ذلك صار ذلك الظن مانعا وجوب القصاص.
فإن قلت: يشكل هذا بما إذا صلى الظهر على غير وضوء ناسيا ثم صلى العصر على وضوء ذاكرا للظهر وهو يحسب أنه يجزئه فعليه أن يعيدهما جميعا، وعلى قياس ما ذكر هاهنا أنه لا فائتة عليه في ظنه حال أدائها كان ينبغي أن لا يجب عليه قضاء العصر. ثانيا: لما أنه قضى الظهر قد وقع في ظنه أنه قضى جميع ما عليه ولم يبق عليه شيء من الفائتة، والترتيب غير واجب على مذهب الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - فكان يمكنه هاهنا أيضا موافقا لمذهبه كما ذكر.
ثم قلت: فساد الصلاة بترك الطهارة فساد قوي مجمع عليه، فظهر أثره فيما يؤدى بعده، وأما فسادها بسبب ترك الترتيب فضعيف مختلف فيه، فلا تتعدى حكمه إلى صلاة أخرى.

م: (ومن صلى العصر وهو ذاكر) ش: أي والحال أنه ذاكر م: (أنه لم يصل الظهر فهي فاسدة) ش: أي العصر فاسدة م: (إلا أن يكون في آخر الوقت) ش: أي في آخر وقت العصر فإنه يجوز العصر حينئذ بضيق الوقت.
فإن قلت: قد بين المصنف فيما مضى الحكم في هذه المسألة في جنس الصلوات، فلم أعاده هاهنا؟.
قلت: لفائدة وهي الإشارة إلى الاختلاف في آخر وقت العصر، وهو أن الاعتبار في ضيق الوقت لأصل الوقت أو للوقت المستحب، حكي عن الفقيه أبي جعفر الهندواني - رَحِمَهُ اللَّهُ - أن عند أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله الاعتبار بأصل الوقت، وعند محمد - رَحِمَهُ اللَّهُ -

الصفحة 595