كتاب البناية شرح الهداية (اسم الجزء: 2)

وهي كلمة إيجاب وهو غير مقيد بالقصد.
ـــــــــــــــــــــــــــــQوفي "المبسوط" و" الأسرار " و" المحيط " و" شروح الجامع الصغير " جعل هذا الذي رفعه المصنف إلى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من ألفاظ الصحابة لا من الحديث، فقال في " المبسوط ": وعن عثمان وعلي وابن عباس وابن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - أنهم قالوا: السجدة على من تلاها وعلى من سمعها وعلى من جلس لها، اختلفت ألفاظهم في هذه، وكذا في غيره، وقد غمز الأكمل هاهنا على السغناقي في قوله من أقوال الصحابة، لأمن الحديث، ثم قال، ولولا أنه ثبت عنده أنه من الحديث لما نعده حديثًا.
قلت: كلامه هذا صادق من غير تأمل، فإن غيره أيضًا ادعى أنه ليس بحديث. غاية ما في الباب أن المصنف قلد غيره، وإلا فر من التقليد له.
م: (وهي كلمة إيجاب) ش: أي لفظه على كلمة إيجاب، يعني يدل على الوجوب م: (وهو) ش: أي الحديث المذكور م: (غير مقيد بالقصد) ش: يعني أن الإيجاب مطلق عن قيد القصد يجب على كل سامع سواء كان قاصدًا للسماع أو لم يكن.
وقال الأكمل: اعترض بأنها لو كانت واجبة ... إلخ أخذه من السغناقي فإنه جعله سؤالًا وجوابًا وما كان ينبغي إيراده على هذا الوجه، لأن السؤال حاصل دلائل من يذهب إلى أن سجدة التلاوة غير واجبة.
والجواب: حاصل ما قاله أئمتنا في الرد عليهم، فبقول الخصم استدل على ما ذهب إليه أولًا بحديث زيد بن ثابت - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، قال: «قرأ النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - والنجم فلم يسجد فيها» أخرجه البخاري ومسلم، وبحديث الأعرابي: «هل على غيرها؟ قال: "لا إلا أن تتطوع» أخرجه البخاري ومسلم، وبما روي عن عمر أنه قرأ سورة النحل وفيه في الجمعة القابلة قرأ آية السجدة، وفي الموطأ عن عمر فيه أن الله لم يفرض علينا السجود إلا أن نشاء، وبما رواه ابن أبي شيبة في "مصنفه" ثنا ابن فضيل عن عطاء بن السائب عن أبي عبد الرحمن قال: دخل سلمان الفارسي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - المسجد وفيه قوم يقرؤون فقرؤوا السجدة فسجدوا، فقال له صاحبه يا أبا عبد الله لولا أثنيت هؤلاء القوم، فقال ما لهذا غدونا، وأخرجه البخاري والطحاوي أيضًا.
واستدلوا: إثباتًا بالمعقول من وجوه:
الأول: أنها لو كانت واجبة لما جازت بالركوع كالصلاتية.
الثاني: أنها لو كانت واجبة لما تداخلت.
الثالث: ما أديت بالإيماء من راكب يقدر على النزول.
الرابع: أنها تجوز على الراحلة، فصار كالتأمين.

الصفحة 662