كتاب البناية شرح الهداية (اسم الجزء: 2)

وإذا تلا الإمام آية السجدة سجدها وسجدها المأموم معه لالتزامه متابعته، وإذا تلا المأموم لم يسجد الإمام، ولا المأموم في الصلاة، ولا بعد الفراغ عند أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وأبي يوسف - رَحِمَهُ اللَّهُ -.
ـــــــــــــــــــــــــــــQبالسجود فأبيت فلي النار» .
ورواه مسلم وأحمد وابن ماجه، ووجه التمسك به أنه قال: أمر ابن آدم والأمر للوجوب. ووجه آخر أنه قربة فالسجدة التي أمر بها وتلك كانت واجبة فكذا هذه.
فإن قلت: هذا حكاية قول إبليس وهو ليس بحجة كما في قوله: {أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ} [الأعراف: 12] (الأعراف: الآية 12) .
قلت: قد أخبر بذلك رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عنه، ولم ينكره، بل قرره واستصوبه، فكان ما قاله صوابًا وحقًّا، وعن ابن عباس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - «أنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سجد، في النجم سجد معه المسلمون والمشركون والجن الإنس» رواه البخاري والترمذي وصححه.
وعن ابن مسعود - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «أنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قرأ والنجم وسجد فيها، وسجد من كان معه غير أن شيخًا من قريش أخذ كفا من حصى أو تراب فرفعه إلى جبهته قال: يكفيني هذا، قال عبد الله فلقد رأيته بعدا أن قتل كافرًا» متفق عليه، والشيخ قبل الوليد بن المغيرة.
ولأن آيات السجدة كلها دالة على الوجوب لأنها ثلاث أقسام، قسم هو أمر صريح مثل التي في النجم، وفي اقرأ باسم ربك، والأمر للوجوب. وقسم فيه ذكر طاعة الأنبياء كما قلنا. وقسم فيه استنكار الكفار عن السجود ومخالفتهم في ذلك واجبة.
فإن قلت: لا يجب الاقتداء فيما فعلوه على وجه الاستحباب.
قلت: جهة الاستحباب غير معلومة، فيجب الاقتداء مطلقًا.

م: (وإذا تلا الإمام آية السجدة سجدها) ش: وفي بعض النسخ وإذا تلا الإمام السجدة أي آية السجدة على حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه سجدها أي سجدها الإمام م: (وسجدها المأموم معه لالتزامه متابعته) ش: لأنه إذا لم يسجد معه يلزم المخالفة بين الأصل والتبع، فلا يجوز، وفي حديث ابن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - «قال كان رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقرأ علينا القرآن، فإذا قرأ سجدة سجد وسجدنا معه.» رواه البخاري ومسلم.
م: (وإذا تلا المأموم) ش: يعني المقتدي إذا قرأ آية السجد وسمعها الإمام والقوم م: (لم يسجد الإمام ولا المأموم في الصلاة) ش: هذا بالاتفاق م: (ولا بعد الفراغ) ش: أي لا يسجد الإمام والمأموم أيضًا بعد فراغهم من الصلاة م: (عند أبي حنيفة وأبي يوسف) ش: وبه قال الشافعي ومالك وأحمد، وقال مجد الدين بن تيمية الحراني: وهذا إجماع إلا عند محمد بن الحسن.

الصفحة 664