كتاب نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج (اسم الجزء: 2)

وَهُوَ عَاجِزٌ عَنْ فِعْلِ ذَلِكَ بِنَفْسِهِ أَوْ وَجَدَهُ وَلَمْ يَرْضَ إلَّا بِالْأُجْرَةِ وَلَمْ يَجِدْهَا أَوْ وَجَدَهَا وَلَمْ يَرْضَ إلَّا بِأَكْثَرَ مِنْ أُجْرَةِ مِثْلِهِ أَوْ حُبِسَ عَلَى نَجَاسَةٍ وَاحْتَاجَ إلَى فَرْشِ السُّتْرَةِ عَلَيْهَا صَلَّى عَارِيًّا وَأَتَمَّ الْأَرْكَانَ كَمَا مَرَّ. وَلَوْ وَجَدَ الْمُصَلِّي بَعْضَ السُّتْرَةِ لَزِمَهُ الِاسْتِتَارُ بِهِ قَطْعًا، وَلَا يَجْرِي فِيهِ الْخِلَافُ فِيمَا لَوْ وَجَدَ بَعْضَ مَا يَتَطَهَّرُ بِهِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الطَّهَارَةِ رَفْعُ الْحَدَثِ، وَهُوَ لَا يَتَجَزَّأُ، وَالْمَقْصُودُ هُنَا السَّتْرُ، وَهُوَ مِمَّا يَتَجَزَّأُ (فَإِنْ وَجَدَ كَافِي سَوْأَتَيْهِ) أَيْ قُبُلِهِ وَدُبُرِهِ (تَعَيَّنَ لَهُمَا) لِلِاتِّفَاقِ عَلَى كَوْنِهِمَا عَوْرَةً وَلِأَنَّهُمَا أَفْحَشُ مِنْ غَيْرِهِمَا، وَسُمِّيَا سَوْأَتَيْنِ؛ لِأَنَّ كَشْفَهُمَا يَسُوءُ صَاحِبَهُمَا (أَوْ) كَافِي (أَحَدِهِمَا فَقُبُلُهُ) وُجُوبًا ذَكَرًا أَوْ غَيْرَهُ يُقَدِّمُهُ عَلَى الدُّبُرِ؛ لِأَنَّهُ يَتَوَجَّهُ بِالْقُبُلِ لِلْقِبْلَةِ فَسَتْرُهُ أَهَمُّ تَعْظِيمًا لَهَا وَلِسَتْرِ الدُّبُرِ غَالِبًا بِالْأَلْيَيْنِ بِخِلَافِ الْقُبُلِ، وَالْمُرَادُ بِالْقُبُلِ وَالدُّبُرِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ مَا يَنْقُضُ مَسَّهُ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ بَقِيَّةَ الْعَوْرَةِ
ـــــــــــــــــــــــــــــSفِيمَا ذَكَرَ بِأَنَّهُ إنْ أُرِيدَ أَنَّ الصَّلَاةَ تَجُوزُ مَعَ الْعُرْيِ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ السُّتْرَةِ، فَكَذَلِكَ السُّجُودُ يَجُوزُ بِدُونِ وَضْعِ الْيَدِ عِنْدَ الْعَجْزِ، وَإِنْ أُرِيدَ أَنَّهُ عَهِدَ الصَّلَاةَ مَعَ الْعُرْيِ لِلْقَادِرِ فَفِي أَيِّ مَحِلٍّ ذَلِكَ، عَلَى أَنَّ الرَّافِعِيَّ جَرَى عَلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ وَضْعُ الْيَدَيْنِ وَالرُّكْبَتَيْنِ وَأَطْرَافِ الْقَدَمَيْنِ كَمَا مَرَّ وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ بِعَدَمِ وُجُوبِ السَّتْرِ مَعَ الْقُدْرَةِ، وَمِنْ ثَمَّ جَرَى الشِّهَابُ الْبُلْقِينِيُّ عَلَى مُرَاعَاةِ السُّتْرَةِ وَلَعَلَّهُ الْأَقْرَبُ، وَاسْتَوْجَهُ حَجّ التَّخْيِيرَ، وَوَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ عَمَّا لَوْ تَعَارَضَ عَلَيْهِ الْقِيَامُ وَالسَّتْرُ هَلْ يُقَدِّمُ الْأَوَّلَ أَوْ الثَّانِيَ؟ فِيهِ نَظَرٌ.
وَالْجَوَابُ عَنْهُ أَنَّ الظَّاهِرَ مُرَاعَاةُ السَّتْرِ، وَنُقِلَ عَنْ فَتَاوَى الشَّارِحِ ذَلِكَ فَرَاجِعْهُ، وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا قَدَّمَهُ الشَّارِحُ مِنْ أَنَّهُ إذَا تَعَارَضَ الْقِيَامُ وَالِاسْتِقْبَالُ قُدِّمَ الِاسْتِقْبَالُ، قَالَ: لِأَنَّهُ لَمْ يَسْقُطْ فِي الصَّلَاةِ بِحَالٍ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ، بِخِلَافِ الْقِيَامِ فَإِنَّهُ يَسْقُطُ فِي النَّافِلَةِ مَعَ الْقُدْرَةِ، وَهَذَا مِثْلُهُ فَإِنَّ السَّتْرَ لَا يَسْقُطُ مَعَ الْقُدْرَةِ بِحَالٍ بِخِلَافِ الْقِيَامِ، وَقَوْلُ سم: وَضَعَهَا وَتَرَكَ السَّتْرَ: أَيْ وَعَلَيْهِ فَهَلْ لَهُ الْإِتْيَانُ بِالْأَكْمَلِ فِي سُجُودِهِ، وَيُغْتَفَرُ لَهُ كَشْفُ الْعَوْرَةِ حِينَئِذٍ أَمْ يَجِبُ عَلَيْهِ الِاقْتِصَارُ عَلَى قَدْرِ الطُّمَأْنِينَةِ؛ لِأَنَّ الضَّرُورَةَ تَتَقَدَّرُ بِقَدْرِهَا وَلَا ضَرُورَةَ لِكَشْفِهَا زِيَادَةً عَلَى مَا يُصَحِّحُ صَلَاتَهُ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَظَاهِرُ قَوْلِ الشَّارِحِ السَّابِقِ، فَإِنْ عَجَزَ عَنْ ذَلِكَ صَلَّى عَارِيًّا وَأَتَمَّ رُكُوعَهُ وَسُجُودَهُ الْأَوَّلَ، وَهُوَ ظَاهِرٌ.

(قَوْلُهُ: بِنَفْسِهِ) أَيْ وَلَوْ شَرِيفًا (قَوْلُهُ: وَأَتَمَّ الْأَرْكَانَ كَمَا مَرَّ) قَالَ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ: وَلَا إعَادَةَ فِي أَظْهَرِ الْقَوْلَيْنِ: أَيْ فِي الصُّوَرِ كُلِّهَا عَلَى مَا شَمَلَهُ كَلَامُهُ، وَلَوْ قِيلَ بِوُجُوبِ الْإِعَادَةِ عِنْدَ فَقْدِ مَا يَغْسِلُ بِهِ لَمْ يَبْعُدْ لِنُدْرَةِ ذَلِكَ كَمَا قِيلَ بِهِ فِيمَا لَوْ فَقَدَ مَا يُسَخِّنُ بِهِ الْمَاءَ وَتَيَمَّمَ (قَوْلُهُ: لَزِمَهُ الِاسْتِتَارُ بِهِ قَطْعًا) ظَاهِرُهُ وَلَوْ بِيَدِهِ، وَقَضِيَّةُ قَوْلِ حَجّ السَّابِقُ بَلْ عَلَيْهِ إذَا كَانَ فِي سَاتِرِ عَوْرَتِهِ خَرْقٌ إلَخْ خِلَافُهُ، وَكَتَبَ سم عَلَيْهِ قَوْلُهُ: بَلْ عَلَيْهِ إلَخْ قَدْ يُقَالُ لَوْ صَحَّ هَذَا لَوَجَبَ عَلَى الْعَارِي الْعَاجِزِ عَنْ السَّتْرِ مُطْلَقًا وَضْعُ يَدَيْهِ عَلَى بَعْضِ عَوْرَتِهِ؛ لِأَنَّ الْقُدْرَةَ عَلَى بَعْضِ السُّتْرَةِ كَالْقُدْرَةِ عَلَى كُلِّهَا فِي الْوُجُوبِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَإِطْلَاقُهُمْ كَالصَّرِيحِ فِي خِلَافِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ: أَيْ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ السَّتْرُ بِهِمَا. (قَوْلُهُ: فَإِنْ وَجَدَ كَافِي سَوْأَتَيْهِ) تَفْرِيعٌ عَلَى وُجُوبِ سَتْرِ الْبَعْضِ، وَلَوْ عَبَّرَ بِالْوَاوِ كَانَ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ الْمَذْكُورَ لَا يُعْلَمُ مِمَّا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: تَعَيَّنَ لَهُمَا) ظَاهِرُ الْإِطْلَاقِ عَدَمُ الْفَرْقِ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا، وَهُوَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: فَقُبُلُهُ) وَلَوْ خَارِجَ الصَّلَاةِ اهـ حَجّ. وَكَتَبَ سم عَلَى مَنْهَجٍ عَلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَقُبُلُهُ ظَاهِرُهُ، وَإِنْ كَانَ لَا يَكْفِيهِ وَيَكْفِي الدُّبُرُ فَلْيُتَأَمَّلْ، فَقُبُلُهُ مَنْصُوبٌ بِفِعْلٍ مُقَدَّرٍ تَقْدِيرُهُ يَسْتُرُ، وَمَشَى عَلَيْهِ الْمَحَلِّيُّ، وَيَجُوزُ رَفْعُهُ عَلَى أَنَّهُ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ يَسْتُرُهُ، وَيَجُوزُ جَرُّهُ بِنَاءً عَلَى جَوَازِ حَذْفِ الْعَامِلِ، وَإِبْقَاءِ عَمَلِهِ، وَالتَّقْدِيرُ فَيَتَعَيَّنُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَيَكْفِي بِيَدِ غَيْرِهِ قَطْعًا وَإِنْ حَرُمَ كَمَا لَوْ سَتَرَهَا بِحَرِيرٍ.

(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْقُبُلِ) فِيهِ مَنْعٌ ظَاهِرٌ بِالنِّسْبَةِ لِلْأُنْثَى بِدَلِيلِ قَوْلِهِ عَقِبَهُ: وَالْمُرَادُ بِالْقُبُلِ وَالدُّبُرِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ مَا يَنْقُضُ مَسُّهُ، إذْ الَّذِي يَنْقُضُ مَسُّهُ مِنْ قُبُلِ الْأُنْثَى هُوَ مُلْتَقَى الشُّفْرَيْنِ

الصفحة 11