كتاب نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج (اسم الجزء: 2)

سَوَاءٌ، وَإِنْ كَانَ مَا قَرُبَ إلَيْهِمَا أَفْحَشَ لَكِنَّ تَقْدِيمَهُ أَوْلَى، وَالْخُنْثَى يَسْتُرُ قُبُلَيْهِ، فَإِنْ وَجَدَ كَافِي أَحَدِهِمَا فَقَطْ تَخَيَّرَ، وَالْأَوْلَى كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ سَتْرُ آلَةِ الرَّجُلِ إنْ كَانَ ثَمَّ أُنْثَى، وَآلَةِ النِّسَاءِ إنْ كَانَ ثَمَّ رَجُلٌ، وَيَنْبَغِي سَتْرُ أَيِّهِمَا شَاءَ عِنْدَ الْخُنْثَى أَوْ الْفَرِيقَيْنِ أَخْذًا مِنْ التَّخْيِيرِ الْمَارِّ (وَقِيلَ) يَسْتُرُ (دُبُرَهُ) وُجُوبًا؛ لِأَنَّهُ أَفْحَشُ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ (وَقِيلَ يَتَخَيَّرُ) بَيْنَهُمَا لِتَعَارُضِ الْمَعْنَيَيْنِ رَجُلًا كَانَ أَوْ امْرَأَةً.

وَلَا يَجُوزُ لِمَنْ فَقَدَ السُّتْرَةَ فِي الصَّلَاةِ غَصْبُهَا مِنْ مَالِكِهَا، بِخِلَافِ الطَّعَامِ فِي الْمَخْمَصَةِ؛ لِأَنَّهُ مُتَمَكِّنٌ مِنْ صَلَاتِهِ عَارِيًّا مِنْ غَيْرِ إعَادَةٍ. نَعَمْ إنْ احْتَاجَ لِذَلِكَ لِنَحْوِ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ جَازَ، وَيَجِبُ عَلَيْهِ قَبُولُ عَارِيَّتِهِ وَطَلَبُهَا عِنْدَ ظَنِّ إجَابَتِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُعِيرِ غَيْرُهُ وَقَبُولُ هِبَةِ الطِّينِ، بِخِلَافِ قَبُولِ هِبَةِ الثَّوْبِ وَاقْتِرَاضُهُ لِلْمِنَّةِ، وَيَجِبُ شِرَاؤُهُ وَاسْتِئْجَارُهُ بِبَدَلِ مِثْلِهِ، وَلَوْ وَجَدَ ثَمَنَ الثَّوْبِ أَوْ الْمَاءِ قَدَّمَ الثَّوْبَ حَتْمًا لِدَوَامِ النَّفْعِ بِهِ وَلَا بَدَلَ لَهُ بِخِلَافِ مَاءِ الطَّهَارَةِ، وَلَوْ أَوْصَى بِصَرْفِ ثَوْبٍ لِأَوْلَى النَّاسِ بِهِ فِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ أَوْ وَقَفَهُ عَلَيْهِ أَوْ وَكَّلَ فِي إعْطَائِهِ قَدَّمَ الْمَرْأَةَ حَتْمًا؛ لِأَنَّ عَوْرَتَهَا أَفْحَشُ، ثُمَّ الْخُنْثَى لِاحْتِمَالِ أُنُوثَتِهِ ثُمَّ الرَّجُلِ، وَمُقْتَضَى كَلَامِهِمْ مُسَاوَاةُ الْأَمْرَدِ لِلرَّجُلِ لَكِنَّ بَحْثَ بَعْضِهِمْ تَقْدِيمُ الْأَمْرَدِ عَلَيْهِ، وَلَا بُعْدَ فِيهِ.

وَالْأَمَةُ وَالْحُرَّةُ هُنَا يَسْتَوِيَانِ، وَالْقَوْلُ بِأَنَّ عَوْرَةَ الْحُرَّةِ أَوْسَعُ فَيَنْبَغِي تَقْدِيمُهَا رُدَّ بِأَنَّ الْمَوْجُودَ إنْ كَفَى مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ فَقَطْ فَهُمَا فِيهِ سَوَاءٌ، وَإِنْ زَادَ فَلَا تَعَارُضَ فِي الزَّائِدِ إذْ لَا عَوْرَةَ لِلْأَمَةِ حِينَئِذٍ، وَالْخُنْثَيَانِ يَسْتَوِيَانِ، وَإِنْ اخْتَلَفَا رِقًّا وَحُرِّيَّةً، وَتُقَدَّمُ الْأَمَةُ عَلَى الْخُنْثَى الْحُرِّ، وَإِنْ تَوَقَّفَ فِيهِ صَاحِبُ الْإِسْعَادِ لِتَحَقُّقِ أُنُوثَتِهَا وَفُحْشِ عَوْرَتِهَا بِخِلَافِهِ، وَلَوْ كَفَى سَوْأَتَيْ الْمَرْأَةِ وَالْخُنْثَى قُدِّمَ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى الرَّجُلِ فِيمَا يَظْهَرُ، وَإِنْ كَانَ يَسْتُرُ جَمِيعَ عَوْرَتِهِ؛ لِأَنَّ عَوْرَتَهُمَا أَقْبَحُ، وَبِهِ يُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَمَا مَرَّ فِي التَّيَمُّمِ خِلَافًا لِلشَّيْخِ حَيْثُ سَوَّى بَيْنَهُمَا.

وَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ دَفْعُ سُتْرَتِهِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهَا لِأَدَاءِ فَرْضِهِ وَيُصَلِّي عَارِيًّا، بَلْ يَفْعَلُهَا فِيهَا وُجُوبًا وَيُعِيرُهَا لِلْمُحْتَاجِ اسْتِحْبَابًا، وَلَوْ وَجَدَ ثَوْبَ حَرِيرٍ فَقَطْ لَزِمَهُ السَّتْرُ بِهِ لِجَوَازِ لُبْسِهِ لِلْحَاجَةِ،
ـــــــــــــــــــــــــــــSلِقُبُلِهِ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ مَا قَرُبَ إلَيْهِمَا) أَيْ السَّوْأَتَيْنِ.

(قَوْلُهُ: وَطَلَبُهَا عِنْدَ ظَنِّ إجَابَتِهِ) هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ ذَلِكَ وَلَوْ خَرَجَ الْوَقْتُ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ نَعَمْ؛ لِأَنَّهُ حَيْثُ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ حُصُولُهَا نَزَلَتْ مَنْزِلَةَ مَا بِيَدِهِ. وَالشُّرُوطُ الْمَقْدُورُ عَلَيْهَا لَا يَجُوزُ تَرْكُهَا رِعَايَةَ الْوَقْتِ فَيُكَلَّفُ الْوُضُوءَ، وَإِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ فَكَذَا السَّتْرُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُعِيرِ غَيْرُهُ) أَيْ وَيَحْرُمُ عَلَى الْمَالِكِ إعَارَتُهَا إنْ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ كَشْفُ مُحَرَّمٍ (قَوْلُهُ: بِبَدَلِ مِثْلِهِ) أَيْ مِنْ ثَمَنٍ أَوْ أُجْرَةٍ (قَوْلُهُ: وَلَا بُعْدَ فِيهِ) اُنْظُرْ هَلْ يُقَدَّمُ الْمَيِّتُ هُنَا عَلَى الْحَيِّ نَظِيرُ مَا لَوْ أَوْصَى بِمَاءٍ لِأَوْلَى النَّاسِ حَيْثُ يُقَدَّمُ طُهْرُ الْمَيِّتِ ثَمَّ عَلَى الْحَيِّ أَوَّلًا وَيُفَرَّقُ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّهُ آخِرَةُ أَمْرِهِ، وَالسُّتْرَةُ تُتَوَقَّعُ لِلْحَيِّ. وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَدَّمَ عَلَى الْمَيِّتِ مَنْ احْتَاجَ إلَيْهِ لِدَفْعِ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ خِيفَ مِنْهُ مَحْذُورُ تَيَمُّمٍ.

(قَوْلُهُ: وَالْأَمَةُ وَالْحُرَّةُ هُنَا يَسْتَوِيَانِ) أَيْ فَيُقَدِّمُ أَيَّهمَا شَاءَ عَلَى الْخُنْثَى، وَفِي نُسْخَةٍ مُسْتَوِيَانِ: أَيْ شَخْصَانِ مُسْتَوِيَانِ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِلشَّيْخِ حَيْثُ سَوَّى بَيْنَهُمَا) أَيْ الْمَسْأَلَتَيْنِ وَمُقْتَضَى التَّسْوِيَةِ تَقْدِيمُ الرَّجُلِ هُنَا عَنْهُمَا حَيْثُ كَانَ يَسْتُرُ جَمِيعَ عَوْرَتِهِ دُونَهُمَا، وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحُهُ: وَإِنْ أَوْصَى بِهِ: أَيْ بِالثَّوْبِ: أَيْ بِصَرْفِهِ لِلْأَوْلَى بِهِ قُدِّمَتْ الْمَرْأَةُ وُجُوبًا؛ لِأَنَّ عَوْرَتَهَا أَعْظَمُ، ثُمَّ الْخُنْثَى لِاحْتِمَالِ أُنُوثَتِهِ ثُمَّ الرَّجُلُ. وَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِي التَّيَمُّمِ فِيمَا لَوْ أَوْصَى بِمَاءٍ لِلْأَوْلَى بِهِ أَنَّهُ لَوْ كَفَى الثَّوْبُ لِلْمُؤَخَّرِ دُونَ الْمُقَدَّمِ قُدِّمَ الْمُؤَخَّرُ. اهـ.

(قَوْلُهُ: بَلْ يَفْعَلُهَا فِيهَا وُجُوبًا) أَيْ فَإِنْ تَرَكَ ذَلِكَ وَجَبَتْ الْإِعَادَةُ حَيْثُ قَدَرَ عَلَى انْتِزَاعِهَا مِمَّنْ دَفَعَهَا لَهُ، وَكَذَا إنْ لَمْ يَقْدِرْ بِالنِّسْبَةِ لِلْفَرْضِ الَّذِي أَعَارَ فِي وَقْتِهِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي: وَإِتْلَافُ الثَّوْبِ وَبَيْعُهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: لَزِمَهُ السَّتْرُ بِهِ) وَيَنْبَغِي أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي جَوَازِ السَّتْرِ بِهِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ مُلَاقِيًا لِجَمِيعِ بَدَنِهِ أَوْ لِلْعَوْرَةِ فَقَطْ، فَلَا يُكَلَّفُ لُبْسَهُ فِيمَا لَاقَاهَا فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ حَيْثُ اسْتَتَرَ بِهِ فِي مَحَلِّهَا فَقَدْ صَدَقَ عَلَيْهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQفَقَطْ كَمَا مَرَّ فِي مَحَلِّهِ وَهُوَ مَسْتُورٌ فِي سَائِرِ أَفْعَالِ صَلَاتِهَا

(قَوْلُهُ: وَإِنْ زَادَ فَلَا تَعَارُضَ فِي الزَّائِدِ) لَمْ يَظْهَرْ لِي الْمُرَادُ

الصفحة 12