كتاب نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج (اسم الجزء: 2)

وَمِنْهَا السَّتْرُ لِلصَّلَاةِ وَلَوْ كَانَ زَائِدًا عَلَى الْعَوْرَةِ لَمْ يَلْزَمْهُ قَطْعُ مَا زَادَ عَلَيْهَا، وَإِنْ لَمْ يُنْقِصْ أَكْثَرَ مِنْ أُجْرَةِ الثَّوْبِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ وَلِمَا فِي قَطْعِهِ مِنْ إضَاعَةِ الْمَالِ خِلَافًا لِلْإِسْنَوِيِّ لِمُسَامَحَتِهِمْ فِي الْأَعْذَارِ الْمُجَوِّزَةِ لِلُبْسِ الْحَرِيرِ وَمِثْلُهَا بَلْ أَوْلَى وُجُودُ نَقْصٍ، وَإِنْ قَلَّ، وَيَجِبُ تَقْدِيمُهُ عَلَى الْمُتَنَجِّسِ، وَيُقَدَّمُ الْمُتَنَجَّسُ عَلَيْهِ فِي الْخَلْوَةِ وَنَحْوِهَا مِمَّا لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى طَهَارَةِ الثَّوْبِ.

وَلَوْ صَلَّتْ أَمَةٌ مَكْشُوفَةَ الرَّأْسِ فَعَتَقَتْ فِيهَا وَوَجَدَتْ خِمَارًا إنْ مَضَتْ إلَيْهِ احْتَاجَتْ أَفْعَالًا مُبْطِلَةً أَوْ انْتَظَرَتْ مَنْ يَأْتِي بِهِ لَهَا مَضَتْ مُدَّةٌ بَطَلَتْ صَلَاتُهَا، فَإِنْ لَمْ تَجِدْهُ بَنَتْ، وَكَذَا إنْ وَجَدَتْهُ قَرِيبًا فَتَنَاوَلَتْهُ وَلَمْ تَسْتَدْبِرْ وَسَتَرَتْ بِهِ رَأْسَهَا فَوْرًا كَعَارٍ وَجَدَ سُتْرَةً وَلَوْ لَمْ تَعْلَمْ بِالسُّتْرَةِ أَوْ بِالْعِتْقِ إلَّا بَعْدَ مُضِيِّ زَمَنٍ يُمْكِنُهَا فِيهِ السَّتْرُ لَوْ عَلِمَتْ بَطَلَتْ.

وَلَوْ قَالَ لِأَمَتِهِ: إنْ صَلَّيْت صَلَاةً صَحِيحَةً فَأَنْت حُرَّةٌ قَبْلَهَا فَصَلَّتْ بِلَا خِمَارٍ عَاجِزَةً عَتَقَتْ وَصَحَّتْ صَلَاتُهَا، أَوْ قَادِرَةً صَحَّتْ وَلَمْ تُعْتَقْ لِلدَّوْرِ.

وَيُسْتَحَبُّ لِلذَّكَرِ أَنْ يَلْبَسَ لِصَلَاتِهِ أَحْسَنَ ثِيَابِهِ وَيَتَقَمَّصَ وَيَتَعَمَّمَ وَيَتَطَيْلَسَ وَيَرْتَدِيَ وَيَتَّزِرُ أَوْ يَتَسَرْوَلَ، وَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَى ثَوْبَيْنِ فَقَمِيصٌ مَعَ رِدَاءٍ أَوْ إزَارٌ أَوْ سَرَاوِيلُ أَوْلَى مِنْ رِدَاءٍ مَعَ إزَارٍ أَوْ سَرَاوِيلَ وَمِنْ إزَارٍ مَعَ سَرَاوِيلَ. وَحَاصِلُهُ اسْتِحْبَابُ الصَّلَاةِ فِي ثَوْبَيْنِ لِلِاتِّبَاعِ، فَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَى وَاحِدٍ فَقَمِيصٌ فَإِزَارٌ فَسَرَاوِيلُ وَيَلْتَحِفُ بِالثَّوْبِ الْوَاحِدِ إنْ اتَّسَعَ، وَيُخَالِفُ بَيْنَ طَرَفَيْهِ فَإِنْ ضَاقَ اتَّزَرَ بِهِ وَجَعَلَ شَيْئًا مِنْهُ عَلَى عَاتِقِهِ، وَيُسَنُّ لِلْمَرْأَةِ وَمِثْلُهَا الْخُنْثَى فِي الصَّلَاةِ ثَوْبٌ سَابِغٌ لِجَمِيعِ بَدَنِهَا وَخِمَارٌ وَمِلْحَفَةٌ كَثِيفَةٌ، وَإِتْلَافُ الثَّوْبِ
ـــــــــــــــــــــــــــــSأَنَّهُ لَابِسٌ لَهُ خِلَافًا لِمَا تَوَهَّمَهُ بَعْضُ ضَعَفَةِ الطَّلَبَةِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَنْقُصْ أَكْثَرُ مِنْ أُجْرَةِ الثَّوْبِ) عُمُومُ قَوْلِهِ، وَإِنْ لَمْ يَنْقُصْ إلَخْ يَشْمَلُ مَا لَوْ لَمْ يَنْقُصْ بِالْقَطْعِ أَصْلًا؛ لِأَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ، وَإِنْ لَمْ إلَخْ سَوَاءٌ نَقَصَ بِالْقَطْعِ أَكْثَرُ مِنْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ أَوْ لَمْ يَنْقُصْ، وَهُوَ شَامِلٌ لِانْتِفَاءِ النَّقْصِ مِنْ أَصْلِهِ، لَكِنَّ عِبَارَةَ حَجّ وَالْأَوْجَهَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ قَطْعُ زَائِدٍ عَلَى الْعَوْرَةِ إنْ نَقَصَ بِهِ الْمَقْطُوعُ وَلَوْ يَسِيرًا. اهـ. وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَنْقُصْ بِالْقَطْعِ لَزِمَهُ، وَهُوَ قَضِيَّةُ قَوْلِ الشَّارِحِ وَلِمَا فِي قَطْعِهِ مِنْ إضَاعَةِ الْمَالِ (قَوْلُهُ: لِمُسَامَحَتِهِمْ فِي الْأَعْذَارِ) وَبِهَذَا يُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَمَا يَأْتِي فِي قَطْعِ الْمُتَنَجِّسِ (قَوْلُهُ: وَيَجِبُ تَقْدِيمُهُ عَلَى الْمُتَنَجِّسِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ فَقَدَهُ وَوَجَدَ مُتَنَجِّسًا اسْتَتَرَ بِهِ، وَلَيْسَ مُرَادًا لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ يُصَلِّي عَارِيًّا وَلَا إعَادَةَ عَلَى مَا مَرَّ فِيهِ. (قَوْلُهُ: وَيُقَدَّمُ الْمُتَنَجِّسُ عَلَيْهِ فِي الْخَلْوَةِ) أَيْ، وَإِنْ كَانَ رَطْبًا وَيَغْسِلُ بَدَنَهُ حَيْثُ احْتَاجَ لِلْغُسْلِ.

(قَوْلُهُ: لَوْ عَلِمَتْ بَطَلَتْ) أَيْ، وَإِنْ كَانَتْ السُّتْرَةُ بَعِيدَةً؛ لِأَنَّ الشُّرُوطَ لَا تَسْقُطُ بِالْجَهْلِ وَلَا النِّسْيَانِ

(قَوْلُهُ: فَأَنْتِ حُرَّةٌ قَبْلَهَا) وَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ عَمَّا لَوْ قَالَ سَيِّدُهَا مَتَى قُمْت لِلرَّكْعَةِ الثَّالِثَةِ مَثَلًا فَأَنْت حُرَّةٌ وَصَلَّتْ مَكْشُوفَةَ الرَّأْسِ هَلْ تَنْعَقِدُ صَلَاتُهَا؛ لِأَنَّهَا بِسَبِيلٍ مِنْ أَنْ تَسْتُرَهَا قُبَيْلَ مَا عَلَّقَ بِهِ السَّيِّدُ أَمْ لَا تَنْعَقِدُ؟ فِيهِ نَظَرٌ. وَالْجَوَابُ عَنْهُ بِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنْ يُقَالَ: إنْ كَانَتْ السُّتْرَةُ قَرِيبَةً مِنْهَا بِحَيْثُ لَا تَحْتَاجُ فِي وَضْعِهَا لِأَفْعَالٍ كَثِيرَةٍ انْعَقَدَتْ صَلَاتُهَا وَعَتَقَتْ، وَإِلَّا فَلَا إنْ لَمْ يَحْتَمِلْ احْتِمَالًا قَرِيبًا وُجُودَ مَنْ يَأْتِي لَهَا بِهَا بِإِشَارَةٍ أَوْ نَحْوِهَا، فَإِنْ احْتَمَلَ ذَلِكَ انْعَقَدَتْ فَلْيُرَاجَعْ.

(قَوْلُهُ: أَحْسَنَ ثِيَابِهِ) أَيْ وَيُحَافِظُ مَعَ ذَلِكَ عَلَى مَا يَتَجَمَّلُ بِهِ عَادَةً وَلَوْ أَكْثَرَ مِنْ اثْنَيْنِ (قَوْلُهُ: أَوْ يَتَسَرْوَلُ) فِي تَارِيخِ أَصْبَهَانَ عَنْ مَالِكِ بْنِ عَتَاهِيَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «إنَّ الْأَرْضَ تَسْتَغْفِرُ لِلْمُصَلِّي بِالسَّرَاوِيلِ» . اهـ دَمِيرِي (قَوْلُهُ: وَمِنْ إزَارٍ مَعَ سَرَاوِيلَ) وَبَقِيَ كُلٌّ مِنْ الثَّلَاثَتَيْنِ بَعْضُهُ مَعَ بَعْضٍ فَانْظُرْ حُكْمَهُ، وَلَعَلَّ أَوْلَاهَا الْقَمِيصُ مَعَ السَّرَاوِيلِ ثُمَّ الْقَمِيصُ مَعَ الْإِزَارِ ثُمَّ مَعَ الرِّدَاءِ (قَوْلُهُ: فَإِزَارٌ فَسَرَاوِيلُ) لَعَلَّ وَجْهَ تَقْدِيمِ الْإِزَارِ عَلَيْهِ أَنَّهُ يَحْكِي حَجْمَ الْعَوْرَةِ، وَهُوَ خِلَافُ الْأَوْلَى، وَقَدْ قِيلَ فِيهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQمِنْهُ، وَمِثْلُهُ فِي الْإِمْدَادِ وَالرَّدِّ الْمَذْكُورِ لَهُ

(قَوْلُهُ: احْتَاجَتْ أَفْعَالًا مُبْطِلَةً) أَيْ وَمَضَتْ إلَيْهِ بِالْفِعْلِ كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فَلَا تَبْطُلُ الصَّلَاةُ إلَّا بِالْمُضِيِّ أَوْ الِانْتِظَارِ بِالْفِعْلِ، لَكِنْ فِي كَلَامِ غَيْرِهِ كَالْعُبَابِ مَا هُوَ كَالصَّرِيحِ فِي بُطْلَانِ الصَّلَاةِ بِمُجَرَّدِ الْوُجُودِ لِلسَّاتِرِ الْبَعِيدِ وَإِنْ لَمْ تَمْضِ إلَيْهِ وَلَمْ تَنْتَظِرْ فَلْيُرَاجَعْ

الصفحة 13