كتاب نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج (اسم الجزء: 2)

لِحَمْلِهِ نَجَاسَةً فِي غَيْرِ مَعْدِنِهَا مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنْ إزَالَتِهَا، بِخِلَافِ مَا لَوْ شَرِبَ خَمْرًا وَطَهَّرَ فَمَهُ حَيْثُ صَحَّتْ صَلَاتُهُ، وَإِنْ لَمْ يَتَقَيَّأْ مَا شَرِبَهُ مُتَعَدِّيًا لِحُصُولِهِ فِي مَعِدَتِهَا، فَإِنْ خَافَ ذَلِكَ وَلَوْ نَحْوَ شَيْنٍ أَوْ بُطْءِ بُرْءٍ لَمْ يَلْزَمْهُ نَزْعُهُ لِعُذْرِهِ بَلْ يَحْرُمُ كَمَا فِي الْأَنْوَارِ وَتَصِحُّ صَلَاتُهُ مَعَهُ بِلَا إعَادَةٍ (قِيلَ) يَجِبُ نَزْعُهُ أَيْضًا (وَإِنْ خَافَ) ضَرَرًا ظَاهِرًا لِتَعَدِّيهِ، إذْ لَوْ لَمْ يَنْزِعْهُ لَكَانَ مُصَلِّيًا فِي عُمُرِهِ كُلِّهِ بِنَجَاسَةٍ فَرَّطَ بِحَمْلِهَا وَنَحْنُ نَقْتُلُهُ بِصَلَاةٍ وَاحِدَةٍ وَالْأَصَحُّ لَا (فَإِنْ مَاتَ) مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ النَّزْعُ قَبْلَهُ (لَمْ يُنْزَعْ عَلَى الصَّحِيحِ) لِهَتْكِ حُرْمَتِهِ وَلِسُقُوطِ التَّعَبُّدِ عَنْهُ، وَيَحْرُمُ نَزْعُهُ كَمَا فِي الْبَيَانِ عَنْ عَامَّةِ الْأَصْحَابِ، وَصَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ مَعَ التَّعْلِيلِ بِالْعِلَّةِ الثَّانِيَةِ، وَالثَّانِي يُنْزَعُ لِئَلَّا يَلْقَى اللَّهَ تَعَالَى حَامِلًا نَجَاسَةً تَعَدَّى بِحَمْلِهَا، وَلَا يَرُدُّ عَلَيْهِ مَا صَرَّحَ بِهِ أَهْلُ السُّنَّةِ مِنْ أَنَّ الْمُعَادَ لِلْمَيِّتِ أَجْزَاؤُهُ الْأَصْلِيَّةُ كَمَا كَانَتْ، وَإِنْ احْتَرَقَتْ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِلِقَائِهِ نُزُولُهُ الْقَبْرَ فَإِنَّهُ فِي مَعْنَى لِقَاءِ اللَّهِ إذْ هُوَ أَوَّلُ مَنْزِلٍ مِنْ الْآخِرَةِ، وَقِيلَ إنَّ الْمُعَادَ مِنْ أَجْزَائِهِ مَا مَاتَ عَلَيْهَا، وَالْأَوْلَى تَعْلِيلُهُ بِوُجُوبِ غُسْلِ الْمَيِّتِ طَلَبًا لِلطَّهَارَةِ لِئَلَّا يَبْقَى عَلَيْهِ نَجَاسَةٌ، وَهَذَا نَجِسٌ فَتَجِبُ إزَالَتُهُ.

وَيَحْرُمُ عَلَى الْمَرْأَةِ وَصْلُ شَعْرِهَا
ـــــــــــــــــــــــــــــSوَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا لَوْ مَاتَ بِأَنَّ فِي نَزْعِهِ مِنْ الْمَيِّتِ هَتْكًا لِحُرْمَتِهِ، بِخِلَافِ الْمَجْنُونِ فَإِنَّ فِيهِ مَصْلَحَةً لَهُ، وَهِيَ دَفْعُ النَّجَاسَةِ عَنْهُ وَعَنْ غَيْرِهِ، وَقَدْ يَتَوَقَّفُ أَيْضًا فِي عَدَمِ وُجُوبِ النَّزْعِ عَنْ الْحَائِضِ؛ لِأَنَّ الْعِلَّةَ فِي وُجُوبِ النَّزْعِ حَمْلُهُ لِنَجَاسَةٍ تَعَدَّى بِهَا، وَإِنْ لَمْ تَصِحَّ مِنْهُ الصَّلَاةُ لِمَانِعٍ مِنْ وُجُوبِهَا قَامَ بِهِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَتَقَيَّأْ) فِي الْمُخْتَارِ قَاءَ مِنْ بَابِ بَاعَ وَاسْتَقَاءَ بِالْمَدِّ وَتَقَيَّأَ: تَكَلَّفَ الْقَيْءَ انْتَهَى.
وَمِثْلُهُ فِي الْقَامُوسِ وَالْمِصْبَاحِ، وَلَيْسَ فِي وَاحِدٍ مِنْ الثَّلَاثَةِ تَقَيَّأَ بِهَذَا اللَّفْظِ الَّذِي ذَكَرَهُ الشَّارِحُ. قَالَ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ: وَلَوْ وَصَلَ جَوْفَهُ مُحَرَّمٌ نَجِسٌ أَوْ غَيْرُهُ وَلَوْ مُكْرَهًا وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَتَقَيَّأَهُ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ خَافَ ذَلِكَ) أَيْ ضَرَرًا ظَاهِرًا (قَوْلُهُ: وَلَوْ نَحْوَ شَيْنٍ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ فِي عُضْوٍ بَاطِنٍ (قَوْلُهُ: لَمْ يَلْزَمْهُ نَزْعُهُ) وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَمَا مَرَّ مِنْ عَدَمِ جَوَازِ اسْتِعْمَالِ النَّجَسِ حَيْثُ كَانَ أَسْرَعَ انْجِبَارًا بِأَنَّ مَا هُنَا دَوَامُ وَيُغْتَفَرُ فِيهِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الِابْتِدَاءِ، وَهَلْ يَتَعَدَّى حُكْمُهُ إلَى غَيْرِهِ فَلَا يُحْكَمُ بِنَجَاسَةِ يَدِ مَنْ مَسَّهُ مَعَ الرُّطُوبَةِ. قَالَ سم عَلَى حَجّ: فِيهِ نَظَرٌ. وَقَدْ يُؤَيِّدُ عَدَمَ تَعَدِّيهِ أَنَّ مِنْ الظَّاهِرِ أَنَّهُ لَوْ مَسَّ مَعَ الرُّطُوبَةِ نَجَاسَةً مَعْفُوَّةً عَلَى غَيْرِهِ تَنَجَّسَ. وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الِاحْتِيَاجَ إلَى الْبَقَاءِ هُنَا أَتَمُّ، بَلْ هُنَا قَدْ تَتَعَذَّرُ الْإِزَالَةُ أَوْ تَمْتَنِعُ فَلْيُتَأَمَّلْ انْتَهَى.
وَقَضِيَّةُ قَوْلِ الشَّارِحِ فِيمَا مَرَّ وَعُفِيَ عَنْهُ بِالنِّسْبَةِ لَهُ وَلِغَيْرِهِ أَنَّ غَيْرَهُ مِثْلُهُ (قَوْلُهُ: وَالْأَصَحُّ لَا) مُقَابِلَ قَوْلِهِ قَبْلُ، وَإِنْ خَافَ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا قَاسَ عَلَيْهِ أَنَّهُ يُعَدُّ مُتَهَاوِنًا بِالدِّينِ حَيْثُ تَرَكَ الصَّلَاةَ بِلَا عُذْرٍ، بِخِلَافِهِ هُنَا حَيْثُ كَانَ بَقَاؤُهُ لِمَحْذُورِ التَّيَمُّمِ (قَوْلُهُ: عَنْ عَامَّةِ الْأَصْحَابِ) وَقَضِيَّةُ عَدَمِ الْوُجُوبِ صِحَّةُ غَسْلِهِ، وَإِنْ لَمْ يَسْتَتِرَ الْعَظْمُ النَّجِسُ بِاللَّحْمِ، مَعَ أَنَّهُ فِي حَالِ الْحَيَاةِ لَا يَصِحُّ غَسْلُهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لِعَدَمِ صِحَّةِ الْغَسْلِ مَعَ قِيَامِ النَّجَاسَةِ فَكَأَنَّهُمْ اغْتَفَرُوا ذَلِكَ لِضَرُورَةِ هَتْكِ حُرْمَتِهِ. انْتَهَى سم عَلَى مَنْهَجٍ. (قَوْلُهُ: بِالْعِلَّةِ الثَّانِيَةِ) هِيَ قَوْلُهُ: وَلِسُقُوطِ إلَخْ (قَوْلُهُ: لِئَلَّا يَلْقَى اللَّهَ) أَيْ مَلَائِكَتَهُ فِي الْقَبْرِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَرُدُّ عَلَيْهِ) أَيْ الثَّانِي (قَوْلُهُ: وَالْأَوْلَى تَعْلِيلُهُ) أَيْ الْقَوْلِ الثَّانِي.

(قَوْلُهُ: وَيَحْرُمُ عَلَى الْمَرْأَةِ) خَرَجَ بِالْمَرْأَةِ غَيْرُهَا مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى صَغِيرَيْنِ فَيَجُوزُ حَيْثُ كَانَ مِنْ طَاهِرٍ غَيْرِ آدَمِيٍّ، أَمَّا إذَا كَانَ مِنْ نَجِسٍ أَوْ آدَمِيٍّ فَيَحْرُمُ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: وَصْلُ شَعْرِهَا إلَخْ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ شَعْرَ نَفْسِهَا الَّذِي انْفَصَلَ مِنْهَا أَوَّلًا، وَلَيْسَ بَعِيدًا؛ لِأَنَّهُ بِانْفِصَالِهِ عَنْهَا صَارَ مُحْتَرَمًا وَيُوَافِقُهُ مَا ذَكَرْنَاهُ عَنْ م ر. [فَرْعٌ] وَقَعَ السُّؤَالُ عَمَّنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَقَدْ أُزِيلَ بَعْضُ شَعْرِ رَأْسِهَا قَبْلَ تَزَوُّجِهِ بِهَا هَلْ يَجُوزُ لَهُ النَّظَرُ إلَيْهِ الْآنَ، وَهَلْ إذَا انْفَصَلَ مِنْهَا شَعْرٌ، وَهِيَ فِي نِكَاحِهِ ثُمَّ طَلَّقَهَا هَلْ يَجُوزُ النَّظَرُ إلَيْهِ بَعْدَ الطَّلَاقِ لِانْفِصَالِهِ فِي وَقْتٍ كَانَ يَجُوزُ لَهُ النَّظَرُ إلَيْهِ فِيهِ وَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّ الظَّاهِرَ الْحُرْمَةُ فِي كُلٍّ مِنْ الصُّورَتَيْنِ، أَمَّا فِي الْأُولَى فَلِأَنَّ الْعَقْدَ إنَّمَا يَشْمَلُ الْأَجْزَاءَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الصفحة 24