كتاب نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج (اسم الجزء: 2)

بِشَعْرٍ طَاهِرٍ مِنْ غَيْرِ آدَمِيٍّ، وَلَمْ يَأْذَنْهَا فِيهِ زَوْجٌ أَوْ سَيِّدٌ، وَيَجُوزُ رَبْطُ الشَّعْرِ بِخُيُوطِ الْحَرِيرِ الْمُلَوَّنَةِ وَنَحْوِهَا مِمَّا لَا يُشْبِهُ الشَّعْرَ. وَيَحْرُمُ أَيْضًا تَجْعِيدُ شَعْرِهَا، وَوَشْرُ أَسْنَانِهَا، وَهُوَ تَحْدِيدُهَا وَتَرْقِيقُهَا، وَالْخِضَابُ بِالسَّوَادِ وَتَحْمِيرُ الْوَجْنَةِ بِالْحِنَّاءِ وَنَحْوُهُ، وَتَطْرِيفُ الْأَصَابِعِ مَعَ السَّوَادِ، وَالتَّنْمِيصُ، وَهُوَ الْأَخْذُ مِنْ شَعْرِ الْوَجْهِ وَالْحَاجِبِ الْمُحَسِّنِ، فَإِنْ أَذِنَ لَهَا زَوْجُهَا أَوْ سَيِّدُهَا فِي ذَلِكَ جَازَ؛ لِأَنَّ لَهُ غَرَضًا فِي تَزْيِينِهَا لَهُ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ، وَأَصْلِهَا، وَهُوَ الْأَوْجَهُ، وَإِنْ جَرَى فِي التَّحْقِيقِ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ فِي الْوَصْلِ وَالْوَشْرِ فَأَلْحَقَهُمَا بِالْوَشْمِ فِي الْمَنْعِ مُطْلَقًا.
وَيُكْرَهُ أَنْ يُنْتَفَ الشَّيْبُ مِنْ الْمَحَلِّ الَّذِي لَا يُطْلَبُ مِنْهُ إزَالَةُ شَعْرِهِ، وَيُسَنُّ خَضْبُهُ بِالْحِنَّاءِ وَنَحْوِهِ. وَيُسَنُّ لِلْمَرْأَةِ الْمُزَوَّجَةِ أَوْ الْمَمْلُوكَةِ خَضْبُ كَفِّهَا وَقَدَمِهَا بِذَلِكَ تَعْمِيمًا؛ لِأَنَّهُ زِينَةٌ، وَهِيَ مَطْلُوبَةٌ مِنْهَا لِحَلِيلِهَا، أَمَّا النَّقْشُ وَالتَّطْرِيفُ فَلَا، وَخَرَجَ بِالْمُزَوَّجَةِ وَالْمَمْلُوكَةِ غَيْرُهُمَا فَيُكْرَهُ لَهُ، وَبِالْمَرْأَةِ الرَّجُلُ وَالْخُنْثَى فَيَحْرُمُ الْخِضَابُ عَلَيْهِمَا إلَّا لِعُذْرٍ.

(وَيُعْفَى عَنْ) أَثَرِ (مَحَلِّ اسْتِجْمَارِهِ) لِجَوَازِ اقْتِصَارِهِ عَلَى الْحَجَرِ، وَإِنْ عَرِقَ مَحَلُّ الْأَثَرِ، وَتَلَوَّثَ بِالْأَثَرِ غَيْرُهُ لِعُسْرِ تَجَنُّبِهِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ
ـــــــــــــــــــــــــــــSالْمَوْجُودَةَ وَقْتَهُ، وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَلِأَنَّهَا صَارَتْ أَجْنَبِيَّةً عَنْهُ فَلَا نَظَرَ لِانْفِصَالِهِ فِي وَقْتٍ كَانَ يَجُوزُ لَهُ فِيهِ النَّظَرُ (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ آدَمِيٍّ) أَيْ أَمَّا الْآدَمِيُّ فَيَحْرُمُ مُطْلَقًا أَذِنَ أَوْ لَا؛ لِأَنَّهُ يَحْرُمُ الِانْتِفَاعُ بِشَيْءٍ مِنْهُ لِكَرَامَتِهِ، وَنُقِلَ بِالدَّرْسِ عَنْ م ر أَنَّهُ يَحْرُمُ ذَلِكَ عَلَى الْآدَمِيِّ وَلَوْ مِنْ نَفْسِهِ لِنَفْسِهِ. أَقُولُ: وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّهُ صَارَ مُحْتَرَمًا، وَتُطْلَبُ مُوَارَاتُهُ بِانْفِصَالِهِ أَوَّلًا، وَعَلَيْهِ فَلَا يَصِحُّ بَيْعُهُ كَبَقِيَّةِ شُعُورِ الْبَدَنِ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ. (قَوْلُهُ: أَوْ سَيِّدٌ) أَيْ أَوْ دَلَّتْ قَرِينَةٌ عَلَى الْإِذْنِ (قَوْلُهُ: رَبْطُ الشَّعْرِ بِالْخُيُوطِ الْحَرِيرِ) ظَاهِرُهُ، وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ الزَّوْجُ أَوْ السَّيِّدُ (قَوْلُهُ: مِمَّا لَا يُشْبِهُ الشَّعْرَ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا أَشْبَهَ الشَّعْرَ لَا يَجُوزُ إلَّا بِإِذْنِ الزَّوْجِ (قَوْلُهُ: مَعَ السَّوَادِ) ظَاهِرُهُ أَنَّ التَّطْرِيفَ بِنَحْوِ الْحِنَّاءِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْإِذْنِ (قَوْلُهُ: فِي ذَلِكَ) أَيْ مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ: وَيَحْرُمُ تَجْعِيدُ شَعْرِهَا وَوَشْرُ إلَخْ (قَوْلُهُ: لَا يُطْلَبُ مِنْهُ إزَالَةُ شَعْرِهِ) كَاللِّحْيَةِ وَالرَّأْسِ لِخَبَرِ «لَا تَنْتِفُوا الشَّيْبَ فَإِنَّهُ نُورُ الْمُسْلِمِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ. قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَلَوْ قِيلَ بِتَحْرِيمِهِ لَمْ يَبْعُدْ.
وَنَقَلَ ابْنُ الرِّفْعَةِ تَحْرِيمَهُ عَنْ نَصِّ الْأُمِّ: وَالنَّتْفُ لِلِحْيَةِ الْمَرْأَةِ وَشَارِبِهَا مُسْتَحَبٌّ: أَيْ وَلَوْ خَلِيَّةً؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مُثْلَةٌ فِي حَقِّهَا اهـ شَرْحُ رَوْضِ (قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ خَضْبُهُ) أَيْ الشَّيْبِ (قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ لِلْمَرْأَةِ الْمُزَوَّجَةِ) أَيْ وَلَوْ بِغَيْرِ إذْنِ الزَّوْجِ وَالسَّيِّدِ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا النَّقْشُ وَالتَّطْرِيفُ فَلَا) أَيْ فَلَا يُسَنُّ بَلْ يَحْرُمُ بِدُونِ الْإِذْنِ إنْ كَانَ بِسَوَادٍ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: فَيُكْرَهُ لَهُ) أَيْ خَضْبُ كَفِّهَا وَقَدَمِهَا بِذَلِكَ، وَبَقِيَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْوَصْلِ وَالتَّجْعِيدِ وَغَيْرِهِمَا يُكْرَهُ فِي غَيْرِ الْمُزَوَّجَةِ أَوْ يَحْرُمُ؟ فِيهِ نَظَرٌ.
وَقَضِيَّةُ قَوْلِ الشَّارِحِ فَإِنْ أَذِنَ لَهَا زَوْجُهَا أَوْ سَيِّدُهَا فِي ذَلِكَ جَازَ الثَّانِي لِتَخْصِيصِ الْجَوَازِ بِحَالَةِ الْإِذْنِ، وَهُوَ مُنْتَفٍ هُنَا وَلِأَنَّهَا تَجُرُّ بِهِ الرِّيبَةُ إلَى نَفْسِهَا (قَوْلُهُ: وَبِالْمَرْأَةِ الرَّجُلُ) أَيْ الْبَالِغُ، أَمَّا الصَّبِيُّ وَلَوْ مُرَاهِقًا فَلَا يَحْرُمُ عَلَى وَلِيِّهِ فِعْلُ ذَلِكَ بِهِ وَلَا تَمْكِينُهُ مِنْهُ، كَمَا لَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ إلْبَاسُهُ الْحَرِيرَ، نَعَمْ إنْ خِيفَ مِنْ ذَلِكَ رِيبَةٌ فِي حَقِّ الصَّبِيِّ فَلَا تَبْعُدُ الْحُرْمَةُ عَلَى الْوَلِيِّ (قَوْلُهُ: الرَّجُلُ وَالْخُنْثَى فَيَحْرُمُ الْخِضَابُ عَلَيْهِمَا) أَيْ: الْحِنَّاءُ تَعْمِيمًا (قَوْلُهُ: إلَّا) أَيْ بِأَنْ لَا يَقُومَ غَيْرُهُ فِي مُدَاوَاةِ جُرْحِهِ مَثَلًا مَقَامَهُ (قَوْلُهُ: لِعُذْرٍ) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يُبَحْ التَّيَمُّمُ.

(قَوْلُهُ: وَيُعْفَى عَنْ مَحَلِّ اسْتِجْمَارِهِ) أَيْ وَلَوْ كَانَ اسْتِنْجَاؤُهُ مَعَ كَوْنِهِ بِشَاطِئِ الْبَحْرِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ عَرِقَ) قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: عَرِقَ عَرَقًا مِنْ بَابِ تَعِبَ فَهُوَ عَرْقَانُ. قَالَ ابْنُ فَارِسٍ: وَلَمْ يُسْمَعْ لِلْعَرَقِ جَمْعٌ انْتَهَى. وَفِي الْقَامُوسِ: الْعَرَقُ مُحَرَّكَةٌ وَسَخُ جِلْدِ الْحَيَوَانِ وَيُسْتَعَارُ لِغَيْرِهِ: أَيْ مَجَازًا عَلَاقَتُهُ الْمُشَابَهَةُ (قَوْلُهُ: غَيْرُهُ) أَيْ الْمَحَلِّ (قَوْلُهُ: لِعُسْرِ تَجَنُّبِهِ) قَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَعْسُرْ تَجَنُّبُهُ كَالْكُمِّ وَالذَّيْلِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: بِشَعْرٍ طَاهِرٍ مِنْ غَيْرِ آدَمِيٍّ) أَيْ أَمَّا مِنْ الْآدَمِيِّ فَيَحْرُمُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ أَذِنَ فِيهِ الزَّوْجُ وَالسَّيِّدُ أَمْ لَا وَلَوْ مِنْ شَعْرِهَا كَمَا نَقَلَهُ الشِّهَابُ سم عَنْ الشَّارِحِ.

(قَوْلُهُ: وَتَلَوَّثَ بِالْأَثَرِ) إنَّمَا لَمْ يُضْمِرْ وَإِنْ كَانَ الظَّاهِرُ أَنَّ الْمَقَامَ لِلْإِضْمَارِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ رُجُوعُ الضَّمِيرِ إلَى الْعِرْقِ الْمَفْهُومِ مِنْ عِرْقٍ، وَهُوَ لَا يُفِيدُ صَرِيحًا أَنَّ التَّلَوُّثَ بِالْأَثَرِ الْمُحَقَّقِ لَا يَضُرُّ بِخِلَافِ مَا ذَكَرَهُ

الصفحة 25