كتاب نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج (اسم الجزء: 2)

وَلِهَذَا فَارَقَ حَمْلُ الْمَذْبُوحِ وَالْمَيِّتِ الطَّاهِرِ الَّذِي لَمْ يَطْهُرْ بَاطِنُهُ وَلَوْ سَمَكًا أَوْ جَرَادًا، وَالثَّانِي لَا تَبْطُلُ فِي حَقِّهِ كَالْمَحْمُولِ لِلْعَفْوِ عَنْ مَحَلِّ الِاسْتِجْمَارِ، وَيَلْحَقُ بِحَمْلِ مَا ذُكِرَ حَمْلُ حَامِلِهِ فِيمَا يَظْهَرُ، وَالْقِيَاسُ بُطْلَانُهَا أَيْضًا بِحَمْلِهِ مَاءً قَلِيلًا أَوْ مَائِعًا فِيهِ مَيْتَةٌ لَا نَفْسَ لَهَا سَائِلَةً، وَقُلْنَا لَا يُنَجَّسُ كَمَا هُوَ الْأَصَحُّ، وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحُوا بِهِ. وَلَوْ حَمَلَ الْمُصَلِّي بَيْضَةً اسْتَحَالَتْ دَمًا وَحُكِمَ بِنَجَاسَتِهَا أَوْ عُنْقُودًا اسْتَحَالَ خَمْرًا أَوْ قَارُورَةً مُصَمَّمَةَ الرَّأْسِ بِرَصَاصٍ وَنَحْوِهِ فِيهَا نَجَسٌ بَطَلَتْ. وَيُؤْخَذُ مِمَّا مَرَّ فِي قَبْضِ طَرَفِ شَيْءٍ مُتَنَجِّسٍ فِيهَا أَنَّهُ لَوْ أَمْسَكَ الْمُصَلِّي بَدَنَ مُسْتَجْمِرٍ أَوْ ثَوْبَهُ أَوْ أَمْسَكَ الْمُسْتَجْمِرُ الْمُصَلِّي أَوْ مَلْبُوسَهُ أَنَّهُ يَضُرُّ، وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَلَوْ سَقَطَ طَائِرٌ عَلَى مَنْفَذِهِ نَجَاسَةٌ فِي نَحْوِ مَائِعٍ لَمْ يُنَجِّسْهُ لِعُسْرِ صَوْنِهِ عَنْهُ، بِخِلَافِ نَحْوِ الْمُسْتَجْمَعِ فَإِنَّهُ يُنَجِّسُهُ وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ ذَلِكَ لِتَضَمُّخِهِ بِالنَّجَاسَةِ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ حُرْمَةُ مُجَامَعَةِ زَوْجَتِهِ قَبْلَ اسْتِنْجَائِهِ بِالْمَاءِ، وَأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهَا حِينَئِذٍ تَمْكِينُهُ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -.

(وَطِينُ الشَّارِعِ) أَيْ مَحَلُّ الْمُرُورِ
ـــــــــــــــــــــــــــــSإرَادَتِهِ. (قَوْلُهُ: وَالْمَيِّتُ) قَضِيَّةُ التَّعْبِيرِ بِالْمَيِّتِ أَنَّ السَّمَكَ إذَا كَانَ حَيًّا لَا تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِحَمْلِهِ، وَهُوَ مُشْكِلٌ بِأَنَّ حَرَكَتَهُ حَرَكَةُ مَذْبُوحٍ وَذَلِكَ يُلْحِقُهُ بِالْمَيْتَةِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: مَحَلُّ إلْحَاقِ مَا ذُكِرَ إذَا كَانَ وُصُولُهُ لِتِلْكَ الْحَالَةِ بِجِنَايَةٍ، أَوْ أَنَّهُ لَمَّا لَمْ يُقْطَعْ بِمَوْتِهِ لِإِمْكَانِ عَوْدِهِ لِلْمَاءِ فَتَدُومُ حَيَاتُهُ لَمْ يُلْحِقُوهُ بِالْمَيْتَةِ لِذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَيُلْحَقُ بِحَمْلِ مَا ذُكِرَ) هَلْ يُلْحَقُ بِذَلِكَ مَنْ وَصَلَ عَظْمَهُ بِنَجِسٍ مَعْذُورٌ فِيهِ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ عَدَمُ الضَّرَرِ. انْتَهَى سم عَلَى حَجّ.
(قَوْلُهُ: وَحُكِمَ بِنَجَاسَتِهَا) أَيْ بِأَنْ فَسَدَتْ وَأَيِسَ مِنْ مَجِيءِ فَرْخٍ مِنْهَا. اهـ حَجّ. (قَوْلُهُ: بَطَلَتْ) أَيْ حَالًا فِي الصُّوَرِ الْمَذْكُورَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ أَمْسَكَ الْمُسْتَجْمِرُ الْمُصَلِّي) أَيْ وَلَمْ يُتَّجَهْ حَالًا (قَوْلُهُ: وَلَوْ سَقَطَ طَائِرٌ) أَيْ أَوْ غَيْرُهُ مِنْ الْحَيَوَانَاتِ (قَوْلُهُ: عَلَى مَنْفَذِهِ نَجَاسَةٌ مُحَقَّقَةٌ) أَيْ أَوْ مِنْقَارِهِ أَوْ رِجْلِهِ أَخْذًا مِنْ الْعِلَّةِ (قَوْلُهُ: قَبْلَ اسْتِنْجَائِهِ) أَيْ أَوْ اسْتِنْجَائِهَا (قَوْلُهُ: وَأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهَا حِينَئِذٍ تَمْكِينُهُ) أَيْ بَلْ يَحْرُمُ عَلَيْهَا ذَلِكَ، وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ مَا لَمْ يَخْشَ الزِّنَا، وَإِلَّا فَيَجُوزُ كَمَا فِي وَطْءِ الْحَائِضِ عِنْدَ خَوْفِ مَا ذُكِرَ.

(قَوْلُهُ: وَطِينُ الشَّارِعِ) خَرَجَ بِهِ عَيْنُ النَّجَاسَةِ كَالْبَوْلِ الَّذِي بِالشَّوَارِعِ فَلَا يُعْفَى عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ، وَمِثْلُهُ مَا لَوْ نَزَلَ كَلْبٌ فِي حَوْضٍ مَثَلًا ثُمَّ خَرَجَ مِنْهُ وَانْتَفَضَ وَأَصَابَ الْمَارِّينَ شَيْءٌ مِنْهُ فَلَا يُعْفَى عَنْهُ، وَيُحْتَمَلُ الْعَفْوُ إلْحَاقًا لَهُ بِطِينِ الشَّوَارِعِ لِمَشَقَّةِ الِاحْتِرَازِ عَنْ ذَلِكَ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: الِابْتِلَاءُ بِمِثْلِ هَذَا لَيْسَ كَالِابْتِلَاءِ بِطِينِ الشَّوَارِعِ.
وَنُقِلَ بِالدَّرْسِ عَنْ شَيْخِنَا الشَّيْخِ سَالِمٍ الشَّبْشِيرِيِّ الْعَفْوُ عَمَّا تَطَايَرَ مِنْ طِينِ الشَّوَارِعِ عَنْ ظَهْرِ الْكَلْبِ لِمَشَقَّةِ الِاحْتِرَازِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: أَنَّهُ لَوْ أَمْسَكَ الْمُصَلِّي بَدَنَ مُسْتَجْمِرٍ أَوْ ثَوْبَهُ أَوْ أَمْسَكَ الْمُسْتَجْمِرُ الْمُصَلِّيَ إلَخْ) فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ أَنَّ مِثْلَهُ مَا لَوْ أَمْسَكَ الْمُسْتَنْجِي بِالْمَاءِ مُصَلِّيًا مُسْتَجْمِرًا بِالْأَحْجَارِ فَتَبْطُلُ صَلَاةُ الْمُصَلِّي الْمُسْتَجْمِرِ بِالْأَحْجَارِ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ أَنَّ مَنْ اتَّصَلَ بِطَاهِرٍ مُتَّصِلٍ بِنَجِسٍ غَيْرِ مَعْفُوٍّ عَنْهُ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ: أَيْ وَقَدْ صَدَقَ عَلَى هَذَا الْمُسْتَنْجِي بِالْمَاءِ الْمُمْسِكِ لِلْمُصَلِّي الْمَذْكُورِ أَنَّهُ طَاهِرٌ مُتَّصِلٌ بِنَجِسٍ غَيْرِ مَعْفُوٍّ عَنْهُ وَهُوَ بَدَنُ الْمُصَلِّي الْمَذْكُورِ،؛ لِأَنَّ الْعَفْوَ إنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ، وَقَدْ اتَّصَلَ بِالْمُصَلِّي وَهُوَ فِي غَايَةِ السُّقُوطِ كَمَا لَا يَخْفَى إذْ هُوَ مُغَالَطَةٌ، إذْ لَا خَفَاءَ أَنَّ مَعْنَى كَوْنِ الطَّاهِرِ الْمُتَّصِلِ بِالْمُصَلِّي مُتَّصِلًا بِنَجِسٍ غَيْرِ مَعْفُوٍّ عَنْهُ أَنَّهُ غَيْرُ مَعْفُوٍّ عَنْهُ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُصَلِّي، وَهَذَا النَّجِسُ مَعْفُوٌّ عَنْهُ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ فَلَا نَظَرَ لِكَوْنِهِ غَيْرَ مَعْفُوٍّ عَنْهُ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُمْسِكِ الَّذِي هُوَ مَنْشَأُ التَّوَهُّمِ، وَلِأَنَّا إذَا عَفَوْنَا عَنْ مَحَلِّ الِاسْتِجْمَارِ بِالنِّسْبَةِ لِهَذَا الْمُصَلِّي فَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَتَّصِلَ بِهِ بِالْوَاسِطَةِ أَوْ بِغَيْرِ الْوَاسِطَةِ، وَعَدَمُ الْعَفْوِ إنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ لِخُصُوصِ الْغَيْرِ بَلْ هُوَ بِالْوَاسِطَةِ أَوْلَى بِالْعَفْوِ مِنْهُ بِعَدَمِهَا الَّذِي هُوَ مَحَلُّ وِفَاقٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَيَلْزَمُ عَلَى مَا قَالَهُ أَنْ تَبْطُلَ صَلَاتُهُ بِحَمْلِهِ لِثِيَابِهِ الَّتِي لَا يَحْتَاجُ إلَى حَمْلِهَا لِصِدْقِ مَا مَرَّ عَلَيْهَا وَلَا أَحْسَبُ أَحَدًا يُوَافِقُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ سَقَطَ طَائِرٌ) أَيْ مَثَلًا وَقَدْ مَرَّ فِي الطَّهَارَةِ.

(قَوْلُهُ: أَيْ مَحَلِّ الْمُرُورِ) أَيْ الْمُعَدِّ لِذَلِكَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ

الصفحة 27