كتاب نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج (اسم الجزء: 2)

عَمَلًا بِالْأَصْلِ. نَعَمْ إنْ وُجِدَ سَبَبٌ يُحَالُ عَلَيْهِ كَمَسْأَلَةِ بَوْلِ الظَّبْيَةِ عُمِلَ بِالظَّنِّ كَمَا تَقَدَّمَ (وَيَخْتَلِفُ) الْمَعْفُوُّ عَنْهُ (بِالْوَقْتِ وَمَوْضِعِهِ مِنْ الثَّوْبِ وَالْبَدَنِ) فَيُعْفَى فِي الذَّيْلِ وَالرِّجْلِ عَمَّا لَا يُعْفَى عَنْهُ فِي الْكُمِّ وَالْيَدِ، وَبَحْثُ الزَّرْكَشِيّ وَغَيْرِهِ الْعَفْوُ عَنْ قَلِيلٍ مِنْهُ تَعَلَّقَ بِالْخُفِّ، وَإِنْ مَشَى فِيهِ بِلَا نَعْلٍ، وَخَرَجَ بِالطِّينِ عَيْنُ النَّجَاسَةِ إذَا بَقِيَتْ فِي الطَّرِيقِ فَلَا يُعْفَى عَنْهَا.
نَعَمْ إنْ عَمَّتْهَا فَلِلزَّرْكَشِيِّ احْتِمَالٌ بِالْعَفْوِ، وَمَيْلُ كَلَامِهِ إلَى اعْتِمَادِهِ كَمَا لَوْ عَمَّ الْجَرَادُ أَرْضَ الْحَرَمِ، وَخَرَجَ بِالْقَلِيلِ الْكَثِيرُ فَلَا يُعْفَى عَنْهُ لِعَدَمِ عُسْرِ اجْتِنَابِهِ، وَضَابِطُ الْقَلِيلِ هُنَا مَا لَا يُنْسَبُ صَاحِبُهُ لِسَقْطَةٍ عَلَى شَيْءٍ أَوْ كَبْوَةٍ عَلَى وَجْهِهِ أَوْ قِلَّةِ تَحَفُّظٍ، وَتَضْعِيفُ الزَّرْكَشِيّ لَهُ بِأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى الْعُرْفِ غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّ هَذَا ضَبْطُ الْعُرْفِ الْمُطَّرِدِ.

(وَيُعْفَى) فِي الثَّوْبِ وَالْبَدَنِ (عَنْ قَلِيلِ دَمِ الْبَرَاغِيثِ) وَالْقَمْلِ وَالْبَقِّ (وَوَنِيمِ الذُّبَابِ) وَكُلِّ مَا لَا نَفْسَ لَهُ سَائِلَةً وَعَنْ قَلِيلِ بَوْلِ الْخُفَّاشِ. وَالْقِيَاسُ أَنَّ رَوَثَهُ وَبَوْلَ الذُّبَابِ كَذَلِكَ كَمَا أَفَادَهُ الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، إذْ كُلُّ ذَلِكَ مِمَّا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى وَيَعْسُرُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ. وَالْبَقُّ هُوَ الْبَعُوضُ قَالَهُ فِي الصِّحَاحِ، وَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ شُمُولُهُ لِلْبَقِّ الْمَعْرُوفِ بِبِلَادِنَا (وَالْأَصَحُّ) أَنَّهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــSالَّتِي جَرَتْ الْعَادَةُ أَنْ تُعْمَلَ بِالرَّمَادِ.
أَمَّا مَا شُوهِدَ بِنَاؤُهُ بِالرَّمَادِ النَّجِسِ فَإِنَّهُ يُنَجِّسُ مَا أَصَابَهُ إذْ لَا أَصْلَ لِلطَّهَارَةِ يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ (قَوْلُهُ: عَمَلًا بِالْأَصْلِ) وَعَلَيْهِ فَلَا تُنَجَّسُ الثِّيَابُ الرَّطْبَةُ الَّتِي تُنْشَرُ عَلَى الْحِيطَانِ الْمَعْمُولَةِ بِالرَّمَادِ عَادَةً لِهَذِهِ الْعِلَّةِ، وَكَذَا الْيَدُ الرَّطْبَةُ إذَا مَسَّ بِهَا الْحِيطَانَ الْمَذْكُورَةَ (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ وُجِدَ سَبَبٌ) اسْتِدْرَاكٌ عَلَى قَوْلِهِ عَمَّا يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ اخْتِلَاطُهُ (قَوْلُهُ: الْعَفْوُ عَنْ قَلِيلٍ مِنْهُ) أَيْ طِينِ الشَّارِعِ، وَعِبَارَةُ حَجّ: وَإِنْ كَثُرَ كَمَا اقْتَضَاهُ قَوْلُ الشَّارِحِ الصَّغِيرِ لَا يَبْعُدُ أَنْ يُعَدَّ الْمُلَوَّثُ فِي جَمِيعِ أَسْفَلِ الْخُفِّ وَأَطْرَافِهِ قَلِيلًا خِلَافَ مِثْلِهِ فِي الثَّوْبِ وَالْبَدَنِ انْتَهَى: أَيْ أَنَّ زِيَادَةَ الْمَشَقَّةِ تُوجِبُ عَدَّ ذَلِكَ قَلِيلًا، وَإِنْ كَثُرَ عُرْفًا، فَمَا زَادَ عَلَى الْحَاجَةِ هُنَا هُوَ الضَّارُّ وَمَا لَا فَلَا مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ لِكَثْرَةٍ وَلَا قِلَّةٍ، وَإِلَّا لَعَظُمَتْ الْمَشَقَّةُ جِدًّا، فَمَنْ عَبَّرَ بِالْقَلِيلِ كَالرَّوْضَةِ أَرَادَ مَا ذَكَرْنَاهُ انْتَهَى. وَعَلَيْهِ فَلَا مُخَالَفَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْلِ الشَّارِحِ عَنْ قَلِيلٍ إلَخْ لِمَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ مُرَادَهُمْ بِالْقَلِيلِ مَا فِي تَجَنُّبِهِ زِيَادَةُ الْمَشَقَّةِ.
(قَوْلُهُ: بِلَا نَعْلٍ) وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ مِثْلُ ذَلِكَ فِي الْمَشْيِ حَافِيًا ثُمَّ رَأَيْته فِي سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: عَيْنُ النَّجَاسَةِ) وَمِنْهُ تُرَابُ الْمَقَابِرِ الْمَنْبُوشَةِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ عَمَّتْهَا) أَيْ بِحَيْثُ يَشُقُّ الِاحْتِرَازُ عَلَى الْمَشْيِ فِي غَيْرِ مَحَلِّهَا (قَوْلُهُ: بِالْعَفْوِ) أَيْ عَمَّا يَتَعَذَّرُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ غَالِبًا (قَوْلُهُ: وَمَيْلُ كَلَامِهِ إلَى اعْتِمَادِهِ) مُعْتَمَدٌ. وَعِبَارَتُهُ عَلَى الْعُبَابِ: أَمَّا لَوْ عَمَّتْ جَمِيعَ الطَّرِيقِ فَالْأَوْجَهُ الْعَفْوُ عَنْهَا، وَقَدْ خَالَفَ فِيهِ حَجّ (قَوْلُهُ: لِسَقْطَةٍ) أَيْ وَلَوْ بِسُقُوطِ مَرْكُوبِهِ وَقَوْلُهُ عَلَى شَيْءٍ فِي نُسْخَةٍ: عَلَى شِقِّهِ، وَمَا فِي الْأَصْلِ أَوْلَى.

(قَوْلُهُ: وَوَنِيمِ الذُّبَابِ) أَيْ رَوَثُهُ. انْتَهَى مَنْهَجٌ. [فَرْعٌ] قَرَّرَ م ر أَنَّهُ لَوْ غَسَلَ ثَوْبًا فِيهِ دَمُ بَرَاغِيثَ لِأَجْلِ تَنْظِيفِهِ مِنْ الْأَوْسَاخِ: أَيْ وَلَوْ نَجَّسَهُ لَمْ يَضُرَّ بَقَاءُ الدَّمِ فِيهِ وَيُعْفَى عَنْ إصَابَةِ هَذَا الْمَاءِ لَهَا فَلْيُتَأَمَّلْ. انْتَهَى سم عَلَى مَنْهَجٍ. أَيْ أَمَّا إنْ قَصَدَ غَسْلَ النَّجَاسَةِ الَّتِي هِيَ دَمُ الْبَرَاغِيثِ فَلَا بُدَّ مِنْ إزَالَةِ أَثَرِ الدَّمِ مَا لَمْ يَعْسُرْ فَيُعْفَى عَنْ اللَّوْنِ عَلَى مَا مَرَّ (قَوْلُهُ: كَذَلِكَ) رَطْبًا كَانَ أَوْ يَابِسًا فِي الثَّوْبِ وَالْبَدَنِ وَالْمَكَانِ عَلَى الْأَوْجَهِ، خِلَافًا لِمَنْ خَصَّ الْمَكَانَ بِالْجَافِّ وَعَمَّمَ فِي الْأَوَّلَيْنِ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: مِمَّا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى وَيَعْسُرُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ) بَلْ بَحْثُ الْعَفْوِ عَنْ وَنِيمٍ بِرَأْسِ كُوزٍ يَمُرُّ عَلَيْهِ مَاءٌ قَلِيلٌ فَلَا يَتَنَجَّسُ بِهِ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ مِمَّا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى. اهـ حَجّ.
وَسُئِلَ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ عَمَّا يَعْتَادُهُ النَّاسُ كَثِيرًا مِنْ تَسْخِينِ الْخُبْزِ فِي الرَّمَادِ النَّجِسِ ثُمَّ إنَّهُمْ يَفُتُّونَهُ فِي اللَّبَنِ وَنَحْوِهِ،
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَيُعْفَى فِي الذَّيْلِ وَالرِّجْلِ) هَذَا تَصْوِيرٌ لِلْمَوْضِعِ وَسَكَتَ عَنْ تَصْوِيرِ الْوَقْتِ. قَالَ غَيْرُهُ: وَيُعْفَى فِي زَمَنِ الشِّتَاءِ مَا لَا يُعْفَى عَنْهُ فِي غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِالْقَلِيلِ الْكَثِيرُ) لَمْ يَتَقَدَّمْ فِي كَلَامِهِ وَلَا كَلَامِ الْمُصَنِّفِ ذِكْرُ الْقَلِيلِ حَتَّى يَأْخُذَ هَذَا مُحْتَرَزَهُ (قَوْلُهُ: عَلَى شَيْءٍ) يَعْنِي مِنْ بَدَنِهِ، وَعِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ: عَلَى أَيِّ شَيْءٍ مِنْ بَدَنِهِ.

الصفحة 29