كتاب نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج (اسم الجزء: 2)

وَلَوْ نَزَلَتْ نُخَامَةٌ مِنْ دِمَاغِهِ إلَى ظَاهِرِ الْفَمِ، وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ فَابْتَلَعَهَا بَطَلَتْ، فَلَوْ تَشَعَّبَتْ فِي حَلْقِهِ وَلَمْ يُمْكِنْهُ إخْرَاجُهَا إلَّا بِالتَّنَحْنُحِ وَظُهُورِ حَرْفَيْنِ وَمَتَى تَرَكَهَا نَزَلَتْ إلَى بَاطِنِهِ، وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَتَنَحْنَحَ وَيُخْرِجَهَا، وَإِنْ ظَهَرَ حَرْفَانِ قَالَهُ فِي رِسَالَةِ النُّورِ.
وَالْأَوْجَهُ شُمُولُ ذَلِكَ لِلصَّائِمِ أَيْضًا نَفْلًا كَانَ أَوْ فَرْضًا (لَا) تَعَذُّرَ (الْجَهْرَ) فَلَا يُعْذَرُ فِي التَّنَحْنُحِ وَلَوْ يَسِيرًا مِنْ أَجْلِهِ (فِي الْأَصَحِّ) إذْ هُوَ سُنَّةٌ فَلَا ضَرُورَةَ لِارْتِكَابِ التَّنَحْنُحِ لَهُ، وَفِي مَعْنَى الْجَهْرِ سَائِرُ السُّنَنِ كَقِرَاءَةِ سُورَةٍ وَقُنُوتٍ وَتَكْبِيرِ انْتِقَالٍ، وَلَوْ مِنْ مُبَلِّغٍ مُحْتَاجٍ لِإِسْمَاعِ الْمَأْمُومِينَ خِلَافًا لِلْإِسْنَوِيِّ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ أَنَّهُ عُذْرُ إقَامَةٍ لِشِعَارِ الْجَهْرِ، وَلَوْ جَهِلَ بُطْلَانَهَا بِالتَّنَحْنُحِ مَعَ عِلْمِهِ بِتَحْرِيمِ الْكَلَامِ عُذِرَ لِخَفَائِهِ عَلَى الْعَوَامّ.

(وَلَوْ) (أُكْرِهَ) الْمُصَلِّي (عَلَى الْكَلَامِ) فِي صَلَاتِهِ وَلَوْ يَسِيرًا (بَطَلَتْ فِي الْأَظْهَرِ) لِنُدْرَتِهِ كَالْإِكْرَاهِ عَلَى الْحَدَثِ. وَالثَّانِي
ـــــــــــــــــــــــــــــSفِي اعْتِقَادِ الْمُقْتَدِي دُونَ الْإِمَامِ تَجِبُ مُفَارَقَتُهُ عِنْدَ انْتِقَالِهِ إلَى مَا بَعْدَهُ بِأَنَّ الْمُخَالِفَ الْغَالِبُ أَوْ الْمُحَقَّقُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ لِمَا انْتَقَلَ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ عَنْ اعْتِقَادٍ، وَالْمُوَافِقُ مَتَى تَذَكَّرَ رَجَعَ فَجَازَ انْتِظَارُهُ، وَإِنْ طَالَ جِدًّا لِاحْتِمَالِ عَوْدِهِ بِتَقْدِيرِ تَذَكَّرَهُ احْتِمَالًا قَرِيبًا (قَوْلُهُ: وَجَبَ عَلَيْهِ التَّنَحْنُحُ) أَيْ وَلَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ ظَهَرَ حَرْفَانِ) أَيْ أَوْ أَكْثَرُ بَلْ قِيَاسُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ اغْتِفَارِ التَّنَحْنُحِ الْكَثِيرِ لِتَعَذُّرِ الْقِرَاءَةِ عَدَمُ الضَّرَرِ هُنَا مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: قَالَهُ فِي رِسَالَةِ النُّورِ) هِيَ اسْمُ كِتَابٍ لِلشَّافِعِيِّ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ شُمُولُ ذَلِكَ) أَيْ وُجُوبُ التَّنَحْنُحِ وَالْإِخْرَاجِ (قَوْلُهُ: نَفْلًا كَانَ أَوْ فَرْضًا) أَيْ حَيْثُ لَمْ يُرِدْ بِبَلْعِهَا قَطْعَ النَّفْلِ مِنْ صَلَاةٍ أَوْ صَوْمٍ فَلَا يُعْذَرُ فِي التَّنَحْنُحِ.
أَيْ وَلَوْ كَانَ نَذَرَ الْقِرَاءَةَ جَهْرًا؛ لِأَنَّهَا صِفَةٌ تَابِعَةٌ، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ الْمَنْهَجِ وَتَعَذُّرُ رُكْنٍ قَوْلِيٍّ (قَوْلُهُ: لِإِسْمَاعِ الْمَأْمُومِينَ) أَيْ أَوْ إمَامِ جُمُعَةٍ. م ر اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ نَعَمْ إنْ تَوَقَّفَ عَلَى جَهْرِهِ سَمَاعُ الْمَأْمُومِينَ بِهِ عُذِرَ، ثُمَّ رَأَيْته قَالَ عَلَى حَجّ مَا نَصُّهُ: وَعَلَيْهِ يَنْبَغِي اسْتِثْنَاءُ الْجُمُعَةِ إذَا تَوَقَّفَتْ مُتَابَعَةُ الْأَرْبَعِينَ عَلَى الْجَهْرِ الْمَذْكُورِ، وَكَانَ ذَلِكَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى لِتَوَقُّفِ صِحَّةِ صَلَاتِهِ عَلَى مُتَابَعَتِهِمْ الْمُتَابَعَةَ الْوَاجِبَةَ لِاشْتِرَاطِ الْجَمَاعَةِ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى لِصِحَّتِهَا، لَكِنْ لَوْ كَانَ لَوْ اسْتَمَرُّوا فِي الرُّكُوعِ إلَى أَنْ يَبْقَى مِنْ الْوَقْتِ مَا يَسَعُ الْجُمُعَةَ زَالَ الْمَانِعُ وَاسْتَغْنَى عَنْ التَّنَحْنُحِ فَهَلْ يَجِبُ ذَلِكَ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَكَذَا يَنْبَغِي اسْتِثْنَاءُ غَيْرِ الْجُمُعَةِ إذَا تَوَقَّفَ حُصُولُ فَرْضِ الْكِفَايَةِ لِهَذِهِ الْجَمَاعَةِ عَلَى ذَلِكَ اهـ. وَقَوْلُهُ يَنْبَغِي اسْتِثْنَاءُ الْجُمُعَةِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُلْحَقَ بِهَا إمَامُ الْمُعَادَةِ وَالْمَجْمُوعَةِ جَمْعَ تَقْدِيمٍ بِالْمَطَرِ وَالْمَنْذُورِ فِعْلُهَا جَمَاعَةً، وَيَكْفِي فِي الثَّلَاثِ إسْمَاعُ وَاحِدٍ، فَمَتَى أَمْكَنَهُ إسْمَاعُهُ وَزَادَ فِي التَّنَحْنُحِ لِأَجْلِ إسْمَاعِ غَيْرِهِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ زِيَادَةٌ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَيْهَا. وَقَوْلُهُ: فِيهِ نَظَرٌ الْأَقْرَبُ عَدَمُ وُجُوبِ الِانْتِظَارِ، بِخِلَافِ الْمُبَلِّغِ؛ لِأَنَّ صِحَّةَ صَلَاتِهِ لَا تَتَوَقَّفُ عَلَى مُشَارَكَتِهِ لِغَيْرِ الْإِمَامِ فَلَا يُعْذَرُ فِي إسْمَاعِهِمْ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ أُكْرِهَ الْمُصَلِّي عَلَى الْكَلَامِ) قَالَ حَجّ: عَلَى نَحْوِ الْكَلَامِ اهـ. وَوَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ عَمَّا لَوْ جَاءَ يَهُودِيٌّ أَوْ نَصْرَانِيٌّ، وَهُوَ يُصَلِّي وَطَلَبَ مِنْهُ تَلْقِينَ الشَّهَادَتَيْنِ عَلَى وَجْهٍ يُؤَدِّي إلَى بُطْلَانِ صَلَاتِهِ هَلْ يُجِيبُهُ أَوْ لَا؟ قُلْت: الظَّاهِرُ أَنْ يُقَالَ إنْ خَشِيَ فَوَاتَ إسْلَامِهِ وَجَبَ عَلَيْهِ التَّلْقِينُ وَتَبْطُلُ بِهِ صَلَاتُهُ، وَإِنْ لَمْ يَخْشَ فَوَاتَ ذَلِكَ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ وَيُغْتَفَرُ التَّأْخِيرُ لِلْعُذْرِ بِتَلَبُّسِهِ بِالْفَرْضِ فَلَا يُقَالُ فِيهِ رِضَاهُ بِالْكُفْرِ، وَعَلَى هَذَا يَخُصُّ قَوْلُ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ فِي الرِّدَّةِ أَنَّ مِنْهَا مَا لَوْ قَالَ لِمَنْ طَلَبَ مِنْهُ تَلْقِينَ الْإِسْلَامِ اصْبِرْ سَاعَةً بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ عُذْرٌ فِي التَّأْخِيرِ كَمَا هُنَا (قَوْلُهُ: لِنُدْرَتِهِ) يُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQأَجْنَبِيًّا عُرْفًا يَبْطُلُ سَهْوُهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ.
(قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ شُمُولُ ذَلِكَ لِلصَّائِمِ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ مَا الْحَاجَةُ إلَى هَذَا، وَكَانَ اللَّائِقُ أَنْ يَقُولَ: وَالْأَوْجَهُ شُمُولُهُ لِلْمُفْطِرِ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي يُمْكِنُ التَّوَقُّفُ فِيهِ، وَأَمَّا إذَا أَثْبَتْنَا الْوُجُوبَ فِي حَقِّ الْمُفْطِرِ فَلَا يَتَوَقَّفُ فِيهِ حَقُّ الصَّائِمِ؛ لِأَنَّهُ يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ صِحَّةُ صَلَاتِهِ وَصَوْمِهِ، وَعِبَارَةُ الْإِمْدَادِ وَالزَّرْكَشِيِّ جَوَازُهُ: أَيْ وَبَحَثَ الزَّرْكَشِيُّ جَوَازَ التَّنَحْنُحِ لِلصَّائِمِ لِإِخْرَاجِ نُخَامَةٍ تُبْطِلُ صَوْمَهُ، وَالْأَقْرَبُ جَوَازُهُ لِغَيْرِ الصَّائِمِ أَيْضًا لِإِخْرَاجِ نُخَامَةٍ تُبْطِلُ صَلَاتَهُ بِأَنْ نَزَلَتْ لِحَدِّ الظَّاهِرِ وَلَمْ يُمْكِنْهُ إخْرَاجُهَا إلَّا بِهِ انْتَهَتْ. وَالْوُجُوبُ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ بِالنِّسْبَةِ لِلنَّفْلِ

الصفحة 41