كتاب نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج (اسم الجزء: 2)

الْمُصَلِّيَ يَعْسُرُ عَلَيْهِ السُّكُونُ عَلَى هَيْئَةٍ وَاحِدَةٍ فِي زَمَانٍ طَوِيلٍ، وَلَا بُدَّ مِنْ رِعَايَةِ التَّعْظِيمِ فَعُفِيَ عَنْ الْقَلِيلِ الَّذِي لَا يُخِلُّ بِهِ دُونَ الْكَثِيرِ (وَالْكَثْرَةُ) وَالْقِلَّةُ (بِالْعُرْفِ) فَمَا يَعُدُّهُ لِلنَّاسِ قَلِيلًا كَنَزْعِ خُفٍّ وَلُبْسِ ثَوْبٍ فَغَيْرُ ضَارٍّ وَيَحْرُمُ إلْقَاءُ نَحْوِ قَمْلَةٍ فِي الْمَسْجِدِ، وَإِنْ كَانَتْ حَيَّةً وَلَا يَحْرُمُ إلْقَاؤُهَا خَارِجَهُ (فَالْخُطْوَتَانِ) ، وَإِنْ اتَّسَعَتَا حَيْثُ لَا وَثْبَةَ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خِلَافًا لِلْإِمَامِ (أَوْ الضَّرْبَتَانِ قَلِيلٌ) لِمَا مَرَّ (وَالثَّلَاثُ كَثِيرٌ) مِنْ ذَلِكَ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ (إنْ تَوَالَتْ) ، وَإِنْ كَانَتْ بِقَدْرِ خُطْوَةٍ وَاحِدَةٍ مُغْتَفَرَةً، وَاضْطَرَبَ الْمُتَأَخِّرُونَ فِي تَعْرِيفِ الْخُطْوَةِ، وَاَلَّذِي أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهَا عِبَارَةٌ عَنْ نَقْلِ رِجْلٍ وَاحِدَةٍ إلَى أَيِّ جِهَةٍ كَانَتْ، فَإِنْ نَقَلَ الْأُخْرَى عُدَّتْ ثَانِيَةً سَوَاءٌ أَسَاوَى بِهَا الْأُولَى أَمْ قَدَّمَهَا عَلَيْهَا أَمْ أَخَّرَهَا عَنْهَا، إذْ الْمُعْتَبَرُ تَعَدُّدُ الْفِعْلِ، وَخَرَجَ بِأَنْ تَوَالَتْ مَا لَوْ تَفَرَّقَتْ بِحَيْثُ تُعَدُّ الثَّانِيَةُ مَثَلًا مُنْقَطِعَةً عَنْ الْأُولَى أَوْ الثَّانِيَةُ مُنْقَطِعَةً عَنْ الثَّالِثَةِ فَلَا يَضُرُّ، وَلَوْ فَعَلَ وَاحِدَةً نَاوِيًا الثَّلَاثَ الْمُتَوَالِيَةَ بَطَلَتْ كَمَا قَالَهُ الْعِمْرَانِيُّ، وَقِيَاسُهُ الْبُطْلَانُ بِحَرْفٍ وَاحِدٍ إذَا أَتَى بِهِ عَلَى قَصْدِ إتْيَانِهِ بِحَرْفَيْنِ، وَلَوْ شَكَّ فِي كَثْرَةِ فِعْلِهِ لَمْ تَبْطُلْ إذْ الْأَصْلُ عَدَمُهُ.

(وَتَبْطُلُ) (بِالْوَثْبَةِ الْفَاحِشَةِ) هُوَ بَيَانٌ لِلْوَاقِعِ إذْ الْوَثْبَةُ لَا تَكُونُ إلَّا فَاحِشَةً لِمُنَافَاتِهَا الصَّلَاةَ، وَيَلْحَقُ بِهَا مَا فِي مَعْنَاهَا
ـــــــــــــــــــــــــــــSبِكَوْنِهِ فِي الصَّلَاةِ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَيَحْرُمُ إلْقَاءُ نَحْوِ قَمْلَةٍ فِي الْمَسْجِدِ) ظَاهِرُهُ، وَإِنْ كَانَ تُرَابِيًّا وَمِنْ النَّحْوِ الْبُرْغُوثُ وَالْبَقُّ، وَشَمِلَ ذَلِكَ مَا لَوْ كَانَ مَنْشَؤُهُ مِنْ الْمَسْجِدِ فَيَحْرُمُ عَلَى مَنْ وَصَلَ إلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ هَوَامِّ الْمَسْجِدِ إعَادَتُهُ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَتْ حَيَّةً) أَيْ؛ لِأَنَّهَا إمَّا أَنْ تَمُوتَ فِيهِ أَوْ تُؤْذِي مَنْ بِهِ، بِخِلَافِ إلْقَائِهَا خَارِجَهُ بِلَا أَذًى لِغَيْرِهَا، وَمِثْلُ إلْقَائِهَا مَا لَوْ وَضَعَهَا فِي نَعْلِهِ مَثَلًا وَقَدْ عَلِمَ خُرُوجَهَا مِنْهُ إلَى الْمَسْجِدِ.
(قَوْلُهُ: وَلَا يَحْرُمُ إلْقَاؤُهَا) عِبَارَةُ حَجّ: وَأَمَّا إلْقَاؤُهَا أَوْ دَفْنُهَا فِيهِ حَيَّةً فَظَاهِرُ فَتَاوَى الْمُصَنِّفِ حِلُّهُ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا جَاءَ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَمُجَاهِدٍ أَنَّهُمْ كَانُوا يَتْفُلُونَ فِي الْمَسْجِدِ وَيَدْفِنُونَ الْقَمْلَ فِي حَصَاهُ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْجَوَاهِرِ تَحْرِيمُهُ، وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ يُونُسَ، وَيُؤَيِّدُهُ الْخَبَرُ الصَّحِيحُ «إذَا وَجَدَ أَحَدُكُمْ الْقَمْلَةَ فِي الْمَسْجِدِ فَلْيَصُرَّهَا فِي ثَوْبِهِ حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ الْمَسْجِدِ» وَالْأَوَّلُ أَوْجَهُ مَدْرَكًا؛ لِأَنَّ مَوْتَهَا فِيهِ، وَإِيذَاءَهَا غَيْرُ مُتَيَقَّنٍ بَلْ وَلَا غَالِبٍ، وَلَا يُقَالُ رَمْيُهَا فِيهِ تَعْذِيبٌ لَهَا؛ لِأَنَّهَا تَعِيشُ بِالتُّرَابِ، مَعَ أَنَّ فِيهِ مَصْلَحَةً كَدَفْنِهَا، وَهُوَ الْأَمْنُ مِنْ تَوَقُّعِ إيذَائِهَا لَوْ تُرِكَتْ بِلَا رَمْيٍ أَوْ بِلَا دَفْنٍ. اهـ (قَوْلُهُ: وَاضْطَرَبَ الْمُتَأَخِّرُونَ إلَخْ) عِبَارَةُ سم عَلَى مَنْهَجٍ: قَالَ فِي الْعُبَابِ: ثُمَّ إمْرَارُ الْيَدِ وَرَدُّهَا بِالْحَكِّ مَرَّةً وَاحِدَةً، وَكَذَا رَفْعُهَا عَنْ صَدْرِهِ وَوَضْعُهَا عَلَى مَوْضِعِ الْحَكِّ. اهـ. ثُمَّ قَالَ: وَالْفَرْقُ أَنَّ شَأْنَ الرِّجْلِ إذَا وُضِعَتْ أَنْ تَبْقَى بِخِلَافِ الْيَدِ، قَالَ م ر وَقَضِيَّةُ هَذَا الْفَرْقِ أَنَّ رَفْعَ الرِّجْلِ عَنْ الْأَرْضِ ثُمَّ وَضْعَهَا عَلَيْهِ مَرَّةً وَاحِدَةً وَلَا مَانِعَ.

(قَوْلُهُ: وَتَبْطُلُ بِالْوَثْبَةِ الْفَاحِشَةِ) أَفْتَى شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بِأَنَّ حَرَكَةَ جَمِيعِ الْبَدَنِ كَالْوَثْبَةِ الْفَاحِشَةِ فَتَبْطُلُ بِهَا اهـ سم عَلَى حَجّ. وَلَيْسَ مِنْ حَرَكَةِ جَمِيعِ الْبَدَنِ مَا لَوْ مَشَى خُطْوَتَيْنِ. اهـ. قَالَ م ر فِي فَتَاوِيهِ مَا حَاصِلُهُ: وَلَيْسَ مِنْ الْوَثْبَةِ مَا لَوْ حَمَلَهُ إنْسَانٌ فَلَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ بِذَلِكَ. اهـ. وَظَاهِرُهُ، وَإِنْ طَالَ حَمْلُهُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ حَيْثُ اسْتَمَرَّتْ الشُّرُوطُ مَوْجُودَةً مِنْ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَلَيْسَ مِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ تَعَلَّقَ بِحَبْلٍ فَتَبْطُلُ صَلَاتُهُ بِذَلِكَ، أَمَّا أَوَّلًا فَلِأَنَّ مَسْأَلَةَ التَّعَلُّقِ إنَّمَا ذَكَرُوهَا فِيمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ عِوَضًا عَنْ الْقِيَامِ عَلَى قَدَمَيْهِ، وَأَمَّا ثَانِيًا فَلِأَنَّ تَعَلُّقَهُ يُنْسَبُ إلَيْهِ فَهُوَ مِنْ فِعْلِهِ. [فَرْعٌ] فَعَلَ مُبْطِلًا كَوَثْبَةٍ قَبْلَ تَمَامِ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ يَنْبَغِي الْبُطْلَانُ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ أَنَّهُ بِتَمَامِ التَّكْبِيرَةِ يَتَبَيَّنُ دُخُولُ الصَّلَاةِ مِنْ أَوَّلِ التَّكْبِيرِ وِفَاقًا لَمْ ر، وَخِلَافًا لِمَا رَأَيْت فِي فَتْوَى عَنْ الْخَطِيبِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَيَلْزَمُهُ أَنْ يَجُوزَ كَشْفُ عَوْرَتِهِ فِي أَثْنَاءِ التَّكْبِيرَةِ، وَأَنْ يَجُوزَ مُصَاحَبَةُ النَّجَاسَةِ فِي أَثْنَائِهَا. وَإِلَّا فَمَا الْفَرْقُ فَلْيُتَأَمَّلْ. اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ الضَّرَرُ، وَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَزَعًا مِنْ حَيَّةٍ مَثَلًا، وَيَنْبَغِي خِلَافُهُ، وَأَنَّهَا لَا تَبْطُلُ بِهَا صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ مَعْذُورٌ فِيهَا
ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ وَاطْمَأَنَّ بِقَرِينَةِ مَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: فَالْخُطْوَتَانِ أَوْ الضَّرْبَتَانِ) أَيْ أَوْ نَحْوُهُمَا وَإِنْ أَوْهَمَ صَنِيعُ الشَّارِحِ خِلَافَهُ

الصفحة 50